samadv عدد المشاركات >> 25 التاريخ >> 2/9/2009
|
إقتباس : مشاركة محمد راضى مسعود
معنى ذلك ان المحامى لايصنع اويزرع ولكنه يولد محاميا كما يعنى ذلك ايضا ان العلم وحده والتفقه مهما علت درجتهما لايوجدان المحامى النابه ولكن ليس معنى ذلك ان العلم والفقه ليس لهما ضرورة فى مقومات ومكونات المحامى فهما بالقطع الاساس الاول ولكن المحامى الحرفى دائما مايستطيع قراءة المحكمه فقد يكون السكوت احيانا هو الوسيله لكسب القضيه لان القاضى فى النهايه بشر يحب ويكره ويستلطف بل ويتعاطف والمحامى الجيد يستطيع ان يقرأ القاضى بسرعه ويدخل له من مدخله فهذا مدخله حقوق الانسان والاخر مدخله سيدنا عمر والثالث مدخله مداعبة او طرفه واخر مدخله الاطراء والثناء وغيرهم لامدخل له ولامحل له من الاعراب فهو يركب رأسه ولايعطى لغير عقله ادنى اهتمام مهما كان شخص المترافع امامه لأنه مؤمن بنفسه وبقدسيتها وعلمها الغزير فهذا اذا ساقك قدرك امامه فقل حسبى الله
الأخوة الزملاء الأعزاء:
كل عام وأنتم جميعاً بخير
وتكملة لما ذكره العمدة الذى أحببته قبل أن أراه:
ماذا لو كان القاضى الذى سأمثل أمامه يحب أن "يهدى إليه" فهل أذهب له بما يحبه لأرتكب جريمة من أجل أن أكون المحامى "المرن .. السالك .. الذى يتلون على كل لون لكسب قضيته .. الذكى الذى يعرف من أين تكسب القضية ......إلى آخر هذه العبارات التى تجسد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة".
لا يمكن أيها السادة أن تكون الغاية تبرر الوسيلة وذلك لأنه من منظور دينى فهذه المقولة خاطئة تماماً ذلك أننا فى كل صلاة نقرأ "اهدنا الصراط المستقيم" فلابد أن يكون طريقنا مستقيماً كى نفوز بالجنة. ومن منظور قانونى .. فإن مبدأ كمبدأ المشروعية فى قانون الإجراءات الجنائية يستلزم أن يكون الإجراء مشروعاً كى ينتج عنه دليل لا يشوبه البطلان فالبطلان هو جزاء الإجراء غير المشروع أى أن الإجراء غير المشروع من ناحية أخرى هو إجراء منعدم.
فإذا كانت الغاية لا تبرر الوسيلة .. فما هى الوسيلة المشروعة لبلوغ الهدف المشروع ؟؟ أظننا نتفق جميعاً -دون الدخول فى مدى شرعية القوانين الوضعية من الجهة الشرعية- أن القانون ومن فوقه الدستور وبالطبع فوق الكل شرع الله -رغم أن الشريعة ليست هى المطبقة فى قوانيننا الوضعية فسوف نتكلم عن الدستور والقانون- هم الطريقة الوحيدة لبلوغ الغاية المشروعة وهى الدفاع عن الموكل الذى تأكدنا من قبل أنه على حق.
فالقاضى والمحامى من وجهة نظرى طريقة التعامل الوحيدة بينهم هى القانون وليس المجاملة أو المداهنة أو التسول .. ذلك أن قوانيننا تزخر بالنصوص التى تحدد طريقة تصرف القاضى مع المحامى وكذلك طريقة تصرف المحامى مع القاضى وليس ذلك مجاله لنعدد تلك النصوص خصوصاً أن المنتدى ثرياً بالأساتذة الأجلاء الذين يعلمون ذلك جيداً.
سيقول قائل أن ذلك مجاله القانون من وجهة نظر أكاديمية نظرية بحتة لكن ما يحدث هو شئ آخر ... نعم سيدى ما يحدث هو شئ آخر تماماً ولكن من المسئول عن ذلك المحامى؟؟ أم القاضى؟؟ من المسئول عن تدنى مهنة المحاماة وتدنى نظرة المجتمع للمحامى؟؟؟ فى نظرى المسئول ليست نقابة المحامين ولا النقيب ولا تدنى الأخلاق فى المجتمع كله ... المسئول يا إخوانى هو المحامى نفسه ... نعم نحن المسئولين عن ذلك .. أصبحنا نتسول من القضاه الأحكام والقرارات .. ونعظم للباشا القاضى حتى ولو خالف القانون ... وعندما يتمسك محامى بموقفه القانونى أمام قاضى من القضاه نرى جمعاً يتملق القاضى وينهرون المحامى عسى أن يراهم القاضى وهم يدافعون عنه فيكون معهم رحيماً ويبرئ موكلهم ... عذراً هذا ما يحدث ... حتى أن هناك من يتسول الأعمال الإدارية من الكتبة والمحضرين والموظفين ... فنرى محامياً يأخذ المشورة القانونية من الكاتب "السكرتير" ... ونرى محضراً ينهر محامى والمحامى ممتثل لذلك ... وهناك من الأمثلة الكثير والكثير.
فلابد أولاً أن يعلم المحامى القانون جيداً لأنه بالقانون يستطيع التصرف مع كل فئات القضاة والموظفين ... وبدون معرفة القانون سيكون عرضة لهذا أو ذاك ولا يلومن حينئذ إلا نفسه. فالأساتذة العظام الذين لم أراهم ولكن تعلم على أيديهم والدى وأستاذى الأستاذ/ أحمد صالح المحامى والذى نقل لى مقولتهم قد قالوا أن المحامى الجيد هو الذى يصنع القاضى الجيد. وإذا تمعنتم قليلاً فى تلك المقولة لوجدتم أنها حق وأن القاضى -وحتى فى هذه الأيام- يعمل ألف حساب للمحامى الجيد الذى يبدى طلباته ودفوعه فى أدب ولكن يعلم القاضى أنه إذا تجاوز الحد سيجد أسداً شرساً -بالقانون بالطبع وليس بالضرب- يضعه فى مكانه ويعلمه حدوده بالقانون بالطبع.
أضرب لكم أيها الأفاضل مثلاً على أن المحامى الجيد يصنع قاضياً جيداً:
فى قضية الجمارك الشهيرة المتهم فيها الرواس فى السبعينات من القرن الماضى كان والدى محامياً يافعاً موكلاً عن متهم فى هذه القضية وكان معه فى هيئة الدفاع فى هذه القضية أساطين المحامين كان منهم عبد العزيز باشا حسن وهو الغنى عن التعريف فحدث أن المحكمة استدعت شاهداً لسؤاله وهو وكيل وزارة المالية حينئذ فكان والدى يسأله بطريقة مستفزة بعض الشئ فقال الشاهد للقاضى "الدفاع يرهبنى" فقال القاضى لوالدى "لا ترهب الشاهد" وعندئذ سمع والدى أصوات زمجرة بالخلف ووقف عبد الفتاح باشا حسن قائلاً للقاضى "ومنذ متى يا سيدى والدفاع يوجه فى جلسة علنية ؟ ألم تعلم أن الدفاع نور إن أنت وجهته انطفأ" ثم أعلن انسحاب هيئة الدفاع جميعاً من الجلسة وذهبوا لغرفة المحامين ووجه عبد العزيز باشا حسن اللوم لوالدى وقال له "كيف تسمح بتلك الإهانة" وجاء الحاجب لغرفة المحامين ليعلن أن الدائرة فى طريقها لغرفة المحامين فقال عبد الفتاح باشا حسن "لا القضاء لا يأتى لأحد ... وإنما نأتى نحن إليه" وذهب المحامون جميعاً فى طريقهم لقاعة المحكمة فقابلوا الدائرة وهى فى طريقها إليهم فقال رئيس الدائرة لعبد الفتاح باشا حسن "نحن نأتى لنعتذر..." فقاطعه عبد الفتاح باشا حسن قائلاً "لا يا سيدى إن المحكمة إن اعتذرت فقدت ولايتها" ودخلوا القاعة جميعاً لتبدأ الجلسة.
وكذلك فى العام الماضى ساقنى حظى إلى كاتب جلسة لأدفع أمانة خبير أمام محكمة الجنح فوجدت الكاتب يقول لى "لسة فاكر يا أستاذ تدفع النهاردة قبل الجلسة بيومين ما كان أدامك ثلاث أسابيع .. أنا آسف أنا رولت القضية وما أقدرش أخليك تدفع دلوقتى ... احضر الجلسة واطلب أجل من القاضى لدفع الأمانة" فاشتكيته لرئيس القلم الذى كان جالساً بجواره وقلت له إن القانون وقرار المحكمة يسمحوا لى بالدفع فى أى وقت حتى فى اليوم السابق على الجلسة فقال لى "كلامه صح يا أستاذ انت كنت فين قبل كدة" قال لى المحامين الزملاء المتواجدين "خلاص يا أستاذ وبعدين ما هو انت الغلطان اتحمل بأه نتيجة غلطك". أتدرون يا إخوانى ماذا فعلت؟ أخذت ورقة وقلماً وكتبت "إنذار عرض أمانة" قلت فيه أن الكاتب رفض استلام الأمانة التى قررتها المحكمة بجلسة / / وأن رئيس القلم رفض أيضاً شكواى من الكاتب" واختصمت فى الإنذار الكاتب ورئيس القلم وذكرت أنه "فى حالة رفضهم استلام الأمانة تودع فى خزينة المحكمة لتصرف لهم دون قيد أو شرط" ثم أخذت المحضر لإعلانهم فذهلوا من رد فعلى وقال لى الكاتب ورئيس القلم خلاص يا أستاذ حناخد منك الأمانة ومالوش لزوم الإنذار فقلت لهم "الإنذار أمامكم إما الاستلام أو الرفض" فاستلموا الأمانة وأخذت الإنذار وقدمته للقاضى فى الجلسة وكان من القضاة الذين يقال عنهم أنهم "بيتخانقوا مع دبان وشهم" فأول ما أخذ الإنذار قال لى "إيه ده يا أستاذ" قلت له "الكاتب رفض استلام الأمانة فسلمتهاله بإنذار" قال لى "ممكن نشوف الموضوع ده آخر الجلسة" فقلت له "ممكن" وفى آخر الجلسة دخلت له فى غرفة المداولة فقال لى "احكى لى بالضبط اللى حصل" فحكيت له فقال للكاتب "لما تلاقى أستاذ محامى فاهم ما تعملش معاه مشاكل أحسن يعمل لك مصيبة زى الأستاذ" وقال لى إن دى أول مرة يرى فيها محامى بيسلم أمانه بإنذار ولكن هو إجراء قانونى سليم ما حدش يقدر يقول فيه حاجة وجازى كاتب الجلسة ومن يومها وكاتب الجلسة بيعمل لى ألف حساب.
الأخوة الأعزاء
أعتذر على الإطالة ولكنى أغضب غضباً شديداً عندما أرى إخوانى وزملائى بل وبعض ممن أعدهم من أساتذتى بهذه السلبية التى تضر مهنتنا وتضرنا نحن شخصياً كمحامين يفترض فيهم فهم القانون وتطبيقه ولذلك فإنى قد وجدت فى هذه المشاركة متنفساً لى لأنفس عن بعض همومى الخاصة بالمهنة ... وتقبلوا عذرى وتحياتى لكم جميعاً.
سامح أحمد صالح المحامى
|