اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
ابومعاذ
التاريخ
6/4/2009 7:39:24 AM
  أركان جريمة غسل الأموال في نظام مكافحة غسل الأموال السعودي      

أركان جريمة غسل الأموال في نظام مكافحة غسل الأموال السعودي

 

المقدمة
إن جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من أشد الجرائم خطراً على الأمن بشكلٍ عام والأمن الاقتصادي بشكلٍ خاص لأنها من الجرائم المنظمة  ذات الأهداف المحددة .

 

ومن المبادئ الأساسية المقررة في الفقه الجنائي الإسلامي أن لا جريمة ولا عقوبة بغـير نص شرعي أو نظامي وأن لا جريمة بغير ما ديات تبرزها إلى العالم الخارجي المحسوس.

 

ونعلم أن المنظم لا يقرر قاعدة نظامية يتقرر عند مخالفتها عقوبة  التعزير إلا وله علة من مصلحة خاصة تعود بالنفع للمجتمع حتى يستقيم أمره ويصلح حاله .

 

ونعلم أن المصالح التي تحميها قواعد التجريم في الفقه الإسلامي هي حفظ الدين والنفس و العقل والنسل والمال .

 

ولمّا كانت الشريعة الإسلامية أقرت مبدأ الشرعية  لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في جرائم الحدود والقصاص وجد المنظم أن الحاجة ملحة في جلب المنفعة ودفع المضرة للمجتمع السعودي من خطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب بأن ينشأ قواعد تجريم تهدف إلى مصلحة حفظ المال .

 

 قال الإمام أبو حامد الغزالي في المستصفى من علم الأصول :" إن جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم لكنا نعني بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع ومقصود الشرع من الخلق خمسة وهو أن يحفظ عليهم دينهم وأنفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة ".

 

ونظام مكافحة غسل الأموال السعودي هو تقنين يتمثل بتجميع القواعد الشرعية في جلب المنافع ودفع المضار للأمة تحقيقاً لمصلحة حفظ المال في صورة مكتوبة بتحديد الأفعال التي تعدم من جرائم غسل الأموال وتحديد عقوبتها التي هي مستقاه من الفقه الإسلامي لأننا نعلم أن الشريعة الاسلاميه تتسم بالمرونه في شأن جرائم التعازير وعقوباتها وجعلت لولي الأمر تحديد الافعال التي تعد من موجبات التعازير أو جرائم تعزيرية والعقوبات التي يراها ملائمة لكل منها تحقيقاً للسياسة الشرعية .

 

وإن تحديد قواعد تجريم غسل الأموال حفظ المال في المملكة هو مصلحة شرعية تقتضيها السياسة الشرعية بهدف حفظ المال .

 

ونحن نعلم أن الشريعة الاسلامية قد حددت الطرق الشرعية لاكتساب المال وانفاقه وأن من السياسة الشرعية تنظيم النشاط الإقتصادي بما يتفق  مع أحكام الشريعة الاسلامية وأن تحديد قواعد تجريم غسل الاموال يستنبط بالاستنتاج والقياس السليم من النصوص الشرعية ومنها

 

قول الله تعالى :" وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ " وقال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ " وقال تعالى :" وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ " وقال تعلى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ "وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"كل لحم نبت من حرام فالنار اولى به " وقال :"إن الله تعالى طيب لا يقبل الا طيباً". 

 

والمتتبع لنظام مكافحة غسل الأموال السعودي يعلم أن النظام  بيَّن طبيعة جريمة غسل الأموال وحدد الماديات والمعنويات الإجرامية في نصوص مواده .

 

تعريف جريمة غسل الأموال في نظام مكافحة غسل الأموال السعودي  :

 

غَسَلَ الشئَ  يعني طهر الشئ ونقاه . والمال اسم جنس لما يملكه الإنسان من متاع أو عقار أو حيوان أو منقول ونحوها .

 

وتعريف غسل الأموال في نظام مكافحة غسل الأموال السعودي :

 

هو ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافاً للشرع أو النظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر .

 

أركان جريمة غسل الأموال:

 

الركن الأول : الركن المفترض لجريمة غسل الأموال "محل جريمة غسل الأموال":

 

يقصد بمحل جريمة غسل الأموال المتحصلات أو الأموال لأي نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي وعرف النظام ذاته  الأموال بأنها الأصول أو الممتلكات أيا كان نوعها مادية أو معنوية، منقولة أو ثابتة، والمستندات القانونية أو الصكوك التي تثبت تملك الأصول أو أي حق متعلق بها ، وأن المتحصلات هي أي مال مستمد أو حصل عليه – بطريق مباشر أو غير مباشر – من ارتكاب جريمة من الجرائم المعاقب عليها وفقاً لأحكام هذا النظام.
ويجب أن يكون المال أو المتحصلات محل الغسل مكتسبة خلافاً للشرع أو النظام وحدد الاكتساب بمجرد النشاط الإجرامي أو المصدر غير المشروع أو المصدر غير النظامي أو بمــجرد العلم بأنها مكتسبة من نشاط إجرامي أو مصدر غـير المـشروع أو مصدر غير النظامي .
والمتتبع للتشريعات المقارنة حيال تحديد الجريمة الأصلية أو إطلاقها أو مصدر المال أو المتحصلات  غير القانونية يلاحظ إنها محصورة في ما يلي :

 


الأول :  أسلوب التقييد أو الحصر، ومعناه حصر جرائم محددة أو مصادر محددة  يتحصل منها المال أو المتحصلات ، وتكون محلاً لغسل الأموال، وغير هذه الجرائم أو المصادر التي يتحصل منها المال لا تكون محلاً للغسل وبالتالي غير مجرمة في تشريعاتهم .

 

الثاني : أسلوب الإطلاق ومؤداه عدم التحديد المسبق للجرائم الأصلية أو مصادر الأموال أو المتحصلات بحيث يشمل كل مصدر ناتج من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع .

 

الثالث : الأسلوب المختلط ، وجوهر هذا الاسلوب الأخذ بنوع معين من الجرائم دون تحديد اشتملات هذا النوع وفي الوقت نفسه حصر بعض الجرائم وتجريم الغسل الذي يقع على الأموال المتحصلة منها .

 

صور اكتساب المال محل الغسل في نظام مكافحة غسل الأموال السعودي:

 

أولاً : الأموال الناتجة من النشاط الإجرامي:

 

 
وعرف النظام النشاط الإجرامي بأنه أي نشاط يشكل جريمة معاقب عليها وفق الشرع أو النظام بما في ذلك تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية.

 

والنشاط الإجرامي هو المظهر الخارجي والتجسيم المادي للتصورالإجرامي وهو نوع من السلوك جرمه المشرع ووضع له جزاءً جنائياً

 

ونلاحظ من مفهوم النشاط في النظام أنه أي نشاط يشكل جريمة سواء كان هذا النشاط نوع من السلوك الإنساني هو الأفعال أو الامتناع الصادرة من العقلاء أو أنصاف العقلاء الذين يعون ويقدرون على إتيانها بإرادتهم ولكنه لا يصدر عن أناس لا يعقلون لأنهم لا يفهمون ولا يقدرون الأمور وعواقبها كالصغار غير المدركين والمعتوهين والمجانين .

 

فأي نشاط إجرامي يشكل جريمة في التشريع الجنائي الإسلامي يعد جريمة أولية إذا نتج منها مال أو متحصلات وتكون محلاً لجريمة غسل الأموال سواء كانت هذه الجرائم من جرائم الحدود أو القصاص أو التعازير .

 

وقد نصت المادة (2/3) من اللائحة التنفيذية لنظام مكافحة غسل الأموال أن من أمثلة النشاط الإجرامي أو المصدر غير المشروع أو غير النظامي التي يعتبر الاشتغال بالأموال الناتجة عنها من عمليات غسل الأموال ما يلي:-

 

أ‌-       الجرائم المنصوص عليها في المادة الأولى من اللائحة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لعام 1988م المصادق عليها بقرار مجلس الوزراء رقم (168) وتاريخ 11/8/1419هـ.

 

ب - الجرائم المنظمة الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم المنظمة عبر الوطنية (اتفاقية باليرمو) الصادرة في ديسمبر 2000م والموقع عليها بقرار مجلس الوزراء رقم (210) وتاريخ 1/9/1421هـ.

 

ج- تهريب المسكرات أو تصنيعها أو المتأخرة بها أو ترويجها.

 

د- جرائم تزييف وتقليد النقود المنصوص عليها في المرسوم الملكي رقم (12) وتاريخ 12/7/1379هـ .
هـ- جرائم التزوير المنصوص عليها في نظام مكافحة التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم (114) وتاريخ 26/11/1380هـ والمعدل بالمرسوم الملكي رقم (53) في 5/11/1382هـ.
و- جرائم الرشوة المنصوص عليها في نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (36) وتاريخ 29/12/1412هـ.

 

ز- تهريب الأسلحة والذخائر أو المتفجرات أو تصنيعها أو الاتجار فيها.

 

ح- القوادة أو إعداد أماكن الدعارة أو الاعتياد على ممارسة الفجور.

 

ط- السلب أو السطو المسلح.

 

ي- السرقات.

 

ك- النصب والاحتيال.

 

ل- الاختلاس من الأموال العامة التابعة للجهات الحكومية أو التي تساهم بها الدولة، وكذلك الخاصة كالشركات والمؤسسات التجارية ونحوها.

 

م - مزاولة الأعمال المصرفية بطريقة غير نظامية المنصوص عليها في المادة الثانية من نظام مراقبة البنوك الصادرة بالمرسوم الملكي رقم (5) وتاريخ 22/2/1386هـ .
ن- الجرائم المتعلقة بالأنشطة التجارية كالغش بالأصناف والأوزان والأسعار وتقليد السلع. والتستر التجاري المنصوص عليه في المادة الأولى من نظام مكافحة التستر التجاري الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/49) وتاريخ 16/10/1409هـ .

 

س- التهريب الجمركي الواردة في نظام الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (241) وتاريخ 26/10/1423هـ.

 

ع- جرائم التهرب الضريبي .

 

ثانياً : الأموال الناتجة من المصدر غير المشروع:

 

إن كل مال ناتج من نشاط إجرامي يكون مصدره غير مشروعاً لكن ليس كل مال ناتج من مصدر غير مشروع هو نشاطٌ إجراميٌ فالأموال الناتجة من المعاملات التجارية والمدنية غير المشروعة نذكر على سبيل البيان العقود الباطلة أو الفاسدة كعقد المراهنة حيث يتعهد بموجبه كل من المتراهنين أن يدفع للآخر إذا لم يصدق قوله في واقعة غير محققة ،سواء كان في الألعاب الرياضية أو غيرها وكعقود التأمين غير الشرعية وما ينتج عنها من أموال لصالح المؤمِن والأموال الناتجة من عدم صحة دعوى الإعسار أو الإفلاس التجاري أو الأموال الناتجة من البيوع غير المشروعة أو الأموال الناتجة من العقود الواردة على العمل بطريقة غير مشروعة أو الأموال الناتجة من كافة العقود غير المشروعة  في شتى المجالات القانونية .

 


ثالثاً : الأموال الناتجة من المصدر غير النظامي:

 

إن الأموال الناتجة من مخالفات أنظمة الضبط كالأموال الناتجة من التسول أو الأموال الناتجة من المخالفات الإدارية والمالية لموظفي الدولة والأموال الناتجة من أي مصدر غير نظامي في أنظمة المملكة العربية السعودية   ونحوها تعد من الأموال الناتجة من المصدر غير النظامي.

 

النتائج المترتبة على ما ذكر أعلاه :

 

أولاً:إن نظام مكافحة غسل الأموال السعودي أخذ بالمفهوم الموسع للركن المفترض لجريمة غسل الأموال الذي لا يحدد جريمة أو جرائم بعينها لتكون أساسا لجريمة غسل الأموال وإنما كل نشاط مخالف للشرع أو النظام نتج عنه مالاً يكون أساساً لتجريم غسل الأموال بل نذهب إلى أبعد من ذلك إذا كان مصدر المال غير ناتج من نشاط إجرامي بل ناتج من مصدر غير مشروع أو نظامي كالمعاملات المدنية أو التجارية أو المخالفات النظامية  

 

ثانياً: عدم تلازم الإدانة في الجريمة الأولية مصدر المال أو الحكم المدني أو التجاري  والإدانة في جريمة غسل الأموال في نظام مكافحة غسل الأموال السعودي  .

 

لأن محل الغسل (مصدر المال) شرط مفترض لجريمة غسل الأموال كما ذكرنا وغسل المال هو نتيجة مترتبة على محل الغسل .

 

والشرط المفترض هو وجود مال ناتج من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي (هو محل جريمة غسل الأموال ) وتكون جريمة مستقلة تماماً عن جريمة غسل الأموال.
ويترتب على هذا الاستقلال عدم تلازم الإدانة في نشاط إجرامي  (مصدر المال ) أو الحكم المدني أو التجاري والإدانة في جريمة غسل الأموال؛لأن مصادر الأموال مرتبط بجريمة غسل الأموال في المال المتحصل منها.

 


فلا يستلزم الحكم في النشاط الإجرامي المكون للجريمة أو الحكم المدني أو التجاري  حتى تتم إدانة المتهم في جريمة غسل الأموال فقد تحكم المحكمة في النشاط الإجرامي المكون للجريمة بالإدانة ولا تحكم  بالإدانة في جريمة غسل الأموال وقد تحكم المحكمة بعدم الإدانة في الجريمة الأولية وتحكم بالإدانة  في جريمة غسل الأموال والحال كذلك في المعاملات المدنية والتجارية.

 

والمتتبع لنصوص نظام مكافحة غسل الأموال السعودي لن يجد نص صريح أو ضمني بتلازم الحكم في النشاط الإجرامي المكون للجريمة والإدانة في جريمة غسل الأموال في نظام مكافحة غسل الأموال السعودي والحال كذلك في قواعد الارتباط المادي للنظام العقابي الإسلامي .
بل إن النظام اشترط أن يكون المال ناتج من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي سواء كان السلوك صادر بالفعل أو بالامتناع عن الأفعال المفروضة علية وسواء كان السلوك صادر من العقلاء المدركون أو أنصاف العقلاء كالصغار أو غير العقلاء كالمجانين .
والقواعد العامة في الشريعة الإسلامية والأنظمة العدلية من حيث ما أشير إليه تؤيد عدم تلازم الحكم في النشاط الإجرامي المكون للجريمة أو مصدر المال غير مشروع أو مصدر المال غير النظامي وثبوت الإدانة في جريمة غسل الأموال .

 

ولم ينص النظام على وجوب صدور حكم نهائي بل اشترط بأن يكون المال أو المتحصلات مكتسبةً خلافاً للشرع أو النظام كما أشير إليه في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه .

 


وهناك فرق بين وجود مال ناتج من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي وبين صدور حكم نهائي يثبت أن المال ناتج من جريمة جنائية أو مخالفة مالية أو إدارية أو مصدر غير شرعي أو غير نظامي وهذا ما لم يقصده المنظم أو يشير إليه.

 


و النشاط الإجرامي المكون للجريمة الناتج منها مال كشرط مفترض لجريمة غسل الأموال ولو لم تكن الدعوى الجنائية قد حركت فيها بسبب النشاط الإجرامي أو حركت ووجد مانع يحول دون تقرير المسؤولية الجنائية لمرتكبها كصغر السن أو الجنون أو الإكراه تكون محلاً لجريمة غسل الأموال والحال كذلك في مصدر المال غير المشروع أو النظامي .
ولو اقتصرنا على النشاط الإجرامي لعلمنا أن الدعوى الجزائية العامة قد تنقضي في الأحوال المنصوص عليها في الفقرة (2،4،3) من المادة (22) من نظام الإجراءات الجزائية ، أو تحكم المحكمة بعدم الإدانة لجود خطأ إجرائي في جمع الأدلة والمعلومات في الجريمة الأولية لا يمكن تصحيحه مما يستلزم أن تحكم المحكمة ببطلانه ، فيستحيل هنا أن نقول أن الجريمة الأولية غير متوفرة أو النشاط الإجرامي غير مكتمل .

 


وإن المحكمة إذا أسست حكمها بعدم الإدانة في الجريمة الأولية أو النشاط الإجرامي على أسباب تنفي اتصال المتهم بالجريمة أو لأسباب موضوعية مثل انتفاء أحد أركان الجريمة فإن ذلك لا ينفي وقوع الجريمة الأصلية

 

 .
والمبدأ قد استقر عند فقهاء الشريعة والقانون أن الحكم إذا أسس على عدم كفاية الأدلة لا يعني عدم وقوع الجريمة من المتهم ذاته أو متهم آخر ولا يعني عدم صحة وقوع الجريمة لأن أدلة الثبوت لم تتوافر أمام المحكمة أو أن الأدلة توافرت لكن لم تكن كافية في ضد المتهم وقد أخذ به نظام الإجراءات الجزائية السعودي بشكل عام كقاعدة عامة في مواضع منها المادة (125) والمادة (206) في النص على إعادة النظر حيث قرر إذا ظهر بعد الحكم بيّنات أو وقائع لم تكن معلومة وقت المحاكمة، وكان من شأن هذه البيّنات أو الوقائع عدم إدانة المحكوم عليه، أو تخفيف العقوبة....الخ حيث قرر ضمناً في المادتين بمفهومي الموافقة والمخالفة عدم ثبوت الإدانة لا يعني عدم صحة وقوع الجريمة من ذات المتهم أو متهم آخر

 

وقد تحكم المحكمة بعدم الإدانة وتسبب الحكم بانتفاء الركن المعنوي للجريمة الأولية فالقياس والاستنتاج السليم يؤكد أن الركن المادي للجريمة قائم وأن مصدر المال المتحصل من الجريمة يبقى غير مشروعاً وأن انتفاء الركن المعنوي كان بسبب وجود حالة ضرورة لارتكاب الجريمة الأولية أو انعدام الإرادة أو العلم مما يعني أن الجريمة بركنها المادي لا زال قائمة ويمكن للمحكمة في جريمة غسل الأموال الرجوع إليها في شأن تقدير عدم مشروعية المال محل الغسل في جريمة غسل الأموال

 

 .
لكن في حالة اختفاء الركن المادي والمعنوي للجريمة الأولية  فلا يجوز محاكمة أي شخص عن جريمة غسل الأموال المتحصلة من المال الناتج من النشاط الاجرامي لاختفاء هذه الجريمة إذ باختفائها يتخلف الشرط المفترض اللازم توافره لقيام جريمة غسل الأموال لا ختفاء النشاط الإجرامي المشار إليه في نظام مكافحة غسل الأموال

 

.
لكن إذا تبين أن ذات المتهم قد أرتكب سلوكاً أو أفعالاً بقصد إخفاء المال أو تمويه مصدره بحيث يجعلها مشروعة المصدر مع العلم أن لديه حكماً يقضي بعدم إدانته في الجريمة الأولية الناتج منها مالا نكون بصدد دعوى متعلقة بغسل أموال تختلف من حيث موضوعها وسببها عن الدعوى المتعلقة بالنشاط الإجرامي أو بالجريمة الأولية الناتج منها مالا التي صدر فيها حكم بعدم ثبوت الإدانة فمجرد قيام المتهم بارتكاب إي سلوك بقصد إخفاء المال أوتمويه مصدره لكي يجعله مشروع المصدر مع العلم أن لديه حكم بعدم الإدانة كافٍ لجعل محكمة الموضوع التي تنظر الدعوى المتعلقة بغسل الأموال لها حرية التقدير في القول بوقوع الجريمة الأولية أو النشاط الإجرامي  التي لا دليل على وجودها سوى الدلائل الكافية على محاولة المتهم إخفاء أو تموية مصدره الذي يحاول جعله مشروعا المصدر .

 

وفي المقابل من يضبط معه اموال لا يستطيع اثبات مصدرها تصبح الدلائل تشير انها ناتجة من نشاط اجرامي او مصدر غير مشروع أو غير نظامي لأن وجود المال الوفير في يد المتهم فجاة يثير الشك والاتهام ضد المتهم والقرينة التي يواجه بها ان حجم المال الموجود لا يتناسب مع وضعه الاجتماعي او الاقتصادي يقول الله تعالى :" قال يا مريم أنى لك هذا "  وهو السؤال الشرعي المحدد عن مصدر المال المجهول وهو ذات السؤال المشهور من أين لك ؟! فإن أثبت المسئول مصادر أمواله قبل قوله وإن لم يستطع إثبات مصادر أمواله فسوف يثير في النفس نوازع شتى على ارتكابه سلوكا إجراميا يقتضي القياس السليم والمنطق أن المصدر غير شرعيا أو نظاميا أو ناتج من سلوك إجرامي لأن السماء لا تمطر ذهباً وأن المعجزات خاصة بالأنبياء ومن في حكمهم والمنطق ان لا يستطيع الدفع بدفوع منطقية تدحض ما ذكر ولا يستطيع إنكـار أن مصدر أمواله ناتج من نشاط إجرامي أو مصدر مشروع أو غير نظامي .

 

ثالثاً: جواز اتحاد شخص المتهم في النشاط الإجرامي أو الشخص مصدر المال غير المشروع أو الشــخص مصدر المال غير النظامي في جريمة غسل الأموال في نظام مكافحة غسل الأموال .
لأن مرتكب النشاط الإجرامي أو مصدر المال غير المشروع أو مصدر المال غير النظامي قد يكون نفس الشخص وقد يكون شخصاً آخر غيره.

 


فمن يرتكب نشاطاً إجرامياً وينتج عنه مالاً أو يحصل على مال من مصدر غير شرعي أو غير نظامي ويقوم ذات الشخص بغسل المال بحيث يرتكب واحدا من صور السلوك الإجرامي لجريمة غسل الأموال بقصد الإخفاء والتمويه وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر يكون مرتكباً لجريمة غسل الأموال

 

.
ويعاقب الفاعل جنائياً على النشاط الإجرامي في الجريمة الأولية وعلى النشاط الإجرامي في جريمة غسل الأموال

 

.
ومثال ذلك : من يحتال على الناس ويأخذ أموالهم وينصب عليهم هنا يكون فعلاً إجرامياً واحداً استند إلى قرار إرادي واحد حيث قرر المتهم على العزم على الاحتيال على الناس وأخذ أموالهم والنصب عليهم ثم نفذ هذا القرار بأن عمد إلى تحقيق الفعل ، فإن اكتفى بهذا السلوك اكتفينا بمعاقبته على الاحتيال للنصب على الناس وأكل أموالهم بالباطل بعقوبة تعزيرية وبرد كامل المال حيث يجب رد العين أو رد القيمة أو المثل عند تعذر العين .
أما إن لم يرد العين أو القيمة أو المثل ثم قام بسلوك إجرامي آخر وأجرى عملية للمال بقصد الإخفاء أو التمويه وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر يكون هنا غاسلا للمال.
ونلاحظ أن الفعل الإجرامي في المثال المذكور قد تعدد من فاعل واحد أو شركاء ففي الجريمة الأولية كان القرار الإرادي هو الحصول على المال بالاحتيال والنصب ثم تنفيذ هذا القرار والحصول على المال ثم عزم المتهم على إجراء عمليات والعملية هي : كل تصرف في الأموال أو الممتلكات أو المتحصلات النقدية أو العينية. ويشمل على سبيل المثال: الإيداع، السحب، التحويل، البيع، الشراء، الإقراض، المبادلة أواستعمال خزائن الإيداع ونحوها مما تحدده اللائحة التنفيذية لهذا النظام" على المال بقصد الإخفاء والتمويه وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر ثم نفذ هذا القرار بإجراء أي عملية على المال بقصد الإخفاء أو التموية وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر ، هنا يكون الفاعل ارتكب عدة جرائم لا تقوم إلا إذا وقعت من فاعل أو شركاء لا يفصل بينهما حكم وهو تعدد حقيقي في جريمتين مستقلتين حيث تعدد القرار الإرادي وتعددت الحركات العضــلية التي تتحقق بها ماديات الجريمة ونكون بصدد أفعال إجرامية متعددة .
رابعاً : إن اتحاد شخص المتهم في النشاط الإجرامي لجريمة المخدرات وجريمة غسل الأموال يطبق بحقه نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية إعمالاً لنصوص مواده ولا يطبق بحقه نظام غسل الأموال

 

.
لأن الناظر في نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 39 وتاريخ 8 / 7 / 1426 هـ يجد أن النظام قد عَرَّف غسل الأموال بأي فعل مقترف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة (بوساطة) بغية اكتساب أموال أو حقوق أو ممتلكات نتيجة ارتكاب أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام، أو نقلها أو إخفاء أو تمويه حقيقتها أو مصدرها أو مكانها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها أو ملكيتها، أو المساهمة بصورة أصلية أو تبعية في هذه الأعمال بهدف إخفاء المصدر غير المشروع للأموال أو تمويهه أو بقصد مساعدة أي شخص له علاقة بهذه الجرائم لتمكنيه من غسل الأموال والإفلات من العقاب.
والمنظم في نظام المخدرات يتكلم عن وحدة المتهم في الجريمة الأولية النشاط الإجرامي (مصدر المال) وجريمة غسل الأموال والمشاركين مع المتهم (الفاعل الأصلي) "وحدة المتهم "في الجريمة الأولية وجريمة غسل الأموال. فإذا كان(الجناة ) أو الجاني قد ارتكب جريمة مخدرات وتحصل منها على مال وقام ذات الجناة  أو الجاني بغسله فيطبق بحقه نظام مكافحة المخدرات وكذلك المشاركين لهم بالمساعدة أو الاتفاق أو التحريض.والدليل على ذلك نص الفقرة (5) من المادة (3) من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية التي تنص على  :غسل

 

الأموال المحصلة نتيجة ارتكاب أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام.
هنا يشترط إرتكاب جريمة المخدرات ثم غسل الأموال المتحصلة منها .

 


أما إذا لم يتحد الجاني في الجريمة الأولية وجريمة غسل الأموال(أو اتحد في غير جرائم المخدرات ) فيطبق بحقه نظام غسل الأموال دون نظام المخدرات.

 


مثال :إذا أنتقل المال الناتج من المخدرات من شخص إلى آخر بطريق البيع أو الهبة أو العطية وعلم المنتقل إليه أن المال من متحصلات جريمة المخدرات وقام بغسل هذا المال فيطبق بحقه نظام مكافحة غسل الأموال دون نظام المخدرات

 

.
ونلاحظ إن المتهم لم يرتكب جريمة مخدرات بل تحصل على مال نتيجة جريمة مخدرات وقام بغسله وغسله للأموال ليس بسبب إراتكابه جريمة مخدرات وإنما بسبب اكتسابه للأموال المتحصله من جريمة المخدرات من الفاعل المرتكب لجريمة المخدرات فيطبق بحقه نظام مكافحة غسل الأموال لأن الفقرة (1)من المادة (1) من نظام غسل الأموال : ارتكاب فعل أو الشروع فيه يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافاً للشرع أو النظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر،عامة تشمل غاسل الأموال سواء اتحد الجاني في الجريمتين أو لم يتحد ،أما

 


نظام المخدرات فقد خصص العقوبة لغاسل الأموال المرتكب لجريمة المخدرات أو المشاركين له عند إتحاد الجاني أو الجناة في الجريمتين بحيث أصبح نشاطهما في جريمة غسل الأموال مكمل لجريمة المخدرات.

 

الركن الثاني: الركن المادي في جريمة غسل الأموال

 

 صور السلوك الإجرامي

 


حصر النظام صور السلوك الإجرامي في المادة الثانية من النظام حيث نص على:
يعد مرتكبا جريمة غسل الأموال كل من فعل أية من الأفعال الآتية :

 

(أ‌)    إجراء أى عملية لأموال أو متحصلات مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي

 


(ب)نقل أموال أو متحصلات أو اكتسابها أو استخدامها أو حفظها أو تلقيها أو تحويلها مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي .
(ج)إخفاء أو تمويه طبيعة الأموال أو المتحصلات ، أو مصدرها أو تحركاتها أو ملكيتها أو مكانها أو طريقة التصرف بها ، مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي.

 


(د) تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية

 

 .
(هـ) الاشتراك بطريقة الاتفاق أو المساعدة أو التحريض أو تقديم المشورة أو النصح أو التسهيل أو التواطؤ أو التستر أو الشروع في ارتكاب أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في هذه المادة

 

.
أولاً: إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي

 

:
أدخل المنظم في عداد السلوك الإجرامي إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي

 

 .
وقد حددت اللائحة تعريف العملية:بأنها كل تصرف في الأموال أو الممتلكات أو المتحصلات النقدية أو العينية ويشمل على سبيل

 

المثال:الإيداع،السحب،التحويل،البيع،الشراء،الإقراض،المبادلة ،أو استعمال خزائن الإيداع ونحوها.

 


والأموال هي: الأصول أو الممتلكات أيا كان نوعها مادية كانت أو معنوية، منقولة أو ثابتة، والمستندات القانونية أو الصكوك التي تثبت تملك الأصول أو أي حق متعلق بها.
والمتحصلات هي : أي مال مستمد أو حصل عليه – بطريق مباشر أو غير مباشر – من ارتكاب جريمة من الجرائم المعاقب عليها وفقاً لأحكام هذا النظام .
فأي أموال أو متحصلات مستمدة من نشاط إجرامي أو مصدر غير شرعي أو نظامي ثم القيام بإجراء أي عملية لهذه الأموال أو المتحصلات سواء كانت العملية بالإيداع أو السحب أو التحويل أو البيع أو الشراء أو الإقراض أو المبادلة ونحوها بقصد الإخفاء أو التمويه للأموال أو المتحصلات وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر يكون الفاعل أو الشريك مرتكباً لجريمة غسل الأموال

 

.
ثانياً : نقل أموال أو متحصلات أو اكتسابها أو استخدامها أو حفظها أو تلقيها أو تحويلها مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي :
إن الأموال أو المتحصلات المستمدة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي ثم القيام بنقلها أو اكتسابها من شخص آخر أو استخدامها أو حفظها أو تلقيها أو تحويلها بقصد الإخفاء أو التمويه حتى تبدو كأنها مشروعة المصدر يكون الفاعل أو الشريك مرتكباً لجريمة غسل الأموال

 

.
ومفهوم النقل يعني انتقال ذات الأموال أو المتحصلات من مكان لآخر بأسلوب يقصد من وراءه إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال المكتسبة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر

 

.
ومفهوم النقل يكون بنقل الأموال أو المتحصلات من دولة إلى دولة أخرى أو من مدينة إلى مدينة أخرى بسبب وجود أنظمة رقابية صارمة على التعاملات المالية في هذه الدول أو المدن سواء كان النقل عن طريق نقل التقليدي كالنقل بالسيارات أو بمؤسسات البريد الحكومية أو الخاصة أو كان النقل تقنيا عن طريق النقل بوسائل التقنية الحديثة ونحوها .
ونلاحظ في المطارات أن أجهزة الدولة كالجمارك في المطارات أو المواني مثلاً تضبط مبالغ نقدية ضخمة يتم الشروع في نقلها إلى خارج المملكة أو دخولها إلى المملكة بقصد غسل هذه الأموال. مفهوم الاكتساب بالتكسب أو التربح من الأموال أو المتحصلات الناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي ولا يشترط أن يكون الحصول على الأموال أو المتحصلات من الجريمة بطريق مباشر بل يمكن أن يكون الحصول عليه بطريق غير مباشر كالإرباح الناتجة من الأموال المتحصلة من الجريمة .

 


ومفهوم التلقي بالاستلام على سبيل التملك أو التصرف بها سواء كان المستلم أشخاص طبيعيين أو أشخاص اعتباريين كالبنوك والمصارف والمؤسسات أو الشركات المختلفة.
مفهوم الاستخدام بالانتفاع بها على أي وجه. ومفهوم الحفظ بإيداعها على سبيل الأمانة في خزائن الإيداع ونحوها أو بالحفظ التقليدي لدى الأشخاص.

 


مفهوم التحويل:

 

ويقصد بالتحويل هو التحويل المصرفي من حساب إلى حساب آخر ونحو ذلك أو تغيير العملات بعملات أخرى أو تحويل الأموال إلى شيكات سياحية أو خطابات اعتماد ونحوها أو تحويل الأموال من عن طريق مكاتب الصرافة أو الأشخاص ونحو ذلك أو يكون التحويل بطريقة غير مصرفية وذلك بتغيير شكل الأموال من نقود إلى ذهب أو لوحات فنية ونحو ذلك .

 


ثالثاً :إخفاء أو تمويه طبيعة الأموال أو المتحصلات ، أو مصدرها أو تحركاتها أو ملكيتها أو مكانها أو طريقة التصرف بها ، مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي.

 

إن سلوك إخفاء طبيعة الأموال أو المتحصلات يقصد به الحيازة المستترة للمال أو المتحصلات يهدف إلى منع كشف مصدر المال أو الحد من تتبع مصدره وإمكانية الوصول إليه بصور متعددة يفهم من طريق الاستدلال والاستنتاج أن المتهم يحاول إخفاء طبيعة المال سواء كان سلوك الإخفاء

 

أما سلوك التمويه فإنه يقصد به اصطناع مصدر مشروع غير حقيقي للأموال أو المتحصلات غير المشروعة .

 

ونلاحظ أن المنظم قد جعل بعض صور السلوك غسلاً للمال لمجرد الاتصال بالمال دون التعامل معه كالحفظ ونحوها وجعل بعض صور السلوك غسلاً للمال لمجرد الاتصال بالمال التعامل معه.

 

رابعاً: تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية.

 

إن المنظم أدخل سلوك تمويل الإرهاب والإعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية من جرائم غسل الأموال سواء كان مصدر المال أو المتحصلات من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي أو كانت أو الأموال أو المتحصلات من مصدر شرعي .خامساً: الاشتراك بطريقة الاتفاق أو المساعدة أو التحريض أو تقديم المشورة أو النصح أو التسهيل أو التواطؤ أو التستر أو الشروع في ارتكاب أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في هذه المادة.
إن المنظم وسع صور الاشتراك بالتسبب إلى صوراً عدة وهي الاتفاق والمساعدة والتحريض وهي الصورة المعروفة في القانون الوضعي بالمساهمة الجنائية وزاد عليها تقديم المشورة أو النصح أو التسهيل أو التواطؤ أو التستر أو الشروع.

 

الركن الثالث : الركن المعنوي :

 

إن القصد الجنائي العام في جريمة غسل الأموال قد نص عليه صراحة في الفقرة (أ،ب،ج) من المادة الثانية من نظام مكافحة غسل الأموال السعودي عندما تكلم عن صور السلوك الإجرامي وحدد العبارة التالية :" مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي ."

 

حيث نصت المادة الثانية من النظام على :

 

 يعد مرتكبا جريمة غسل الأموال كل من فعل أي من الأفعال الآتية :

 

(أ‌)    إجراء أى عملية لأموال أو متحصلات مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي .

 

(ب)نقل أموال أو متحصلات أو اكتسابها أو استخدامها أو حفظها أو تلقيها أو تحويلها مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي .

 

(ج)إخفاء أو تمويه طبيعة الأموال أو المتحصلات ، أو مصدرها أو تحركاتها أو ملكيتها أو مكانها أو طريقة التصرف بها ، مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي.

 

وقد نص في الفقرة (1) من المادة الأولى من النظام على القصد الجنائي الخاص عندما نص على تعريف غسل الأموال حيث بين أن يكون قصد المتهم منصباً على أخفاء أو تمويه أصل الأموال المكتسبة خلافاً للشرع أو النظام وجعلها تبدوا كأنها مشروعة المصدر .

 

حيث نصت الفقرة (1) من المادة الأولى من النظام  : ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافاً للشرع أو النظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر .

 

ويمكن أن يستدل على القصد الجنائي العام والخاص من الظروف والملابسات الموضوعية والواقعية  وكذلك الأمارات والدلائل والتي تظهرها جهات التحقيق .

 

وقد نصت الفقرة (2/2) من اللئحة التنفيذية  لنظام مكافحة غسل الاموال على : يستدل على وجود العلم من الظروف والملابسات الموضوعية والواقعية ليكون عنصرا من عناصر القصد الجنائي المكون لجريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة .


  محمد محمد    عدد المشاركات   >>  185              التاريخ   >>  14/6/2009



نظام مكافحة غسل الأموال السعودي أخذ بالمفهوم الموسع للركن المفترض لجريمة غسل الأموال الذي لا يحدد جريمة أو جرائم بعينها لتكون أساسا لجريمة غسل الأموال وإنما كل نشاط مخالف للشرع أو النظام نتج عنه مالاً يكون أساساً لتجريم غسل الأموال بل نذهب إلى أبعد من ذلك إذا كان مصدر المال غير ناتج من نشاط إجرامي بل ناتج من مصدر غير مشروع أو نظامي كالمعاملات المدنية أو التجارية أو المخالفات النظامية 

أستاذي العزيز أبو معاذ                       حفظك الله.

استوقفتني الفقرة أعلاه، وتأملت فيها كثيراً، وتبادر إلى ذهني تساؤل هام .. ألا وهو: هل من الملاءم التوسع في النطاق التجريمي، لاسيما وأن المفهوم الموسع سيجعلنا أمام عدد لا نهائي من جرائم غسيل الأموال، وجريمة غسيل الأموال كما ورد بمقدمة هذا البحث، تعتبر من الجرائم الخطيرة بل هي من "أشد الجرائم خطراً على الأمن بشكلٍ عام والأمن الاقتصادي بشكلٍ خاص لأنها من الجرائم المنظمة  ذات الأهداف المحددة" .. ويبدو لي ثمة تعارض بين الأخذ بالمفهوم الموسع، بين ما سلف ذكره بشأن كونها من الجرائم المنظمة ذات الأهداف المحددة ..

لذا

أرجو التوضيح والإفادة..

وفي جميع الأحوال، أدين لك بالشكر على هذه البحث الماتع، الذي لم يسبق لي أن وقفت على مثله، وهذا عهدنا بك. 


  ابومعاذ    عدد المشاركات   >>  21              التاريخ   >>  14/6/2009



كما تعلم أخي الفاضل أن كثرة مشاكل البسيط يؤدي إلى الخطر الجسيم .

ونحن في المملكة لدينا تجارب في هذا الموضوع لم يغب عن مقترحي نظام مكافحة غسل الأموال أن هناك جرائماً بسيطة في المملكة أو مصادر غير شرعية أو نظامية  للأموال تؤدي إلى الخطر الجسيم بجموعها مما قد تضر باقتصاد المملكة .

وسأضرب لك مثالاً:

 أن تعلم أن أغلب المشاريع البسيطة في المملكة قائمة على مخالفة أحكام نظام مكافحة التستر كبعض البقالات أو محلات الخضار والفواكة لأن البعض منها يفتح باسم المواطن ولكن الذي يمارس النشاط التجاري لصالحه هوالمكفول الذي خالف عقده وذمته وآمانته عند دخوله للمملكة ويشاركه المواطن وذلك استناداً  لقول الله تعالى :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ" مما حدث أن أغلب الأموال تهاجر خارج أرض المملكة بطريقة غير شرعية حيث تجد أن رأس مال البعض هو مبلغ بسيط لكن بمجموعه يشكل ًخطراً على الأمن بشكلٍ عام والأمن الاقتصادي بشكلٍ خاص لأنها أصبحت ظاهرة منظمة ذات أهداف محددة كما أسلفت سابقاً في مقدمتي وكانت محل إعتراض سعادتكم .

وقس على ذلك باقي مصادر الأموال الناتجة من مصدر غير شرعي أو نظامي بمجموعها ومنها ظاهرة التسول في المملكة .



 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2507 / عدد الاعضاء 62