samadv عدد المشاركات >> 25 التاريخ >> 9/4/2009
|
الأستاذ المحترم/ الديب المحامى
الأخوة أعضاء المنتدى الكرام
نوضح شروط حالة الضرورة طبقاً لنص المادة 61 عقوبات باختصار:
امتناع مسئولية الجانى فى حالة الضرورة نظرية قديمة فمنذ قرون طويلة كان يقال بأن الإنسان لا يعد سارقاً إذا سرق فى مجاعة رغيفاً من الخبز يدفع به عن نفسه خطر الموت جوعاً وكان البعض يعلل امتناع المسئولية هنا بنظرية العقد الاجتماعى فيقول أن من شروط هذا العقد العودة عند الحاجة الشديدة إلى نظام الملك الشائع فيصبح الجميع شركاء فى الخبز الذى يملكه أحدهم وحده وكان الفقيه جروسيوس يشترط لذلك عدم حاجة صاحب الخبز إلى ما أخذ منه وأن يرد السارق ما أخذه عند المقدرة ولم يكن الفقيه بافندروف يشترط ذلك.
وتتميز حالة الضرورة عن حالة الإكراه المعنوى من ناحيتين أولاهما أن حالة الضرورة بالمعنى الدقيق تنجم عن فعل الطبيعة أو عن فعل السلطة العامة وثانيتهما أن حالة الضرورة لا تسلب الشخص حريته فى الاختيار سلباً كلياً أو جزئياً بل قد تقتضى فحسب موازنة عاقلة – لها ما يبررها – بين طريقين فيقبل الإنسان على أقلهما ضرراً بدافع من إحساس طبيعى لا يصح أن يعد آثماً من الناحية الجنائية. فالإنسان الذى يعطى حقنة لمريض بحاجة إلى إسعاف عاجل – وهو غير مرخص له بإعطاء الحقن – بدلاً من انتظار حضور الطبيب الذى قد يجئ بعد فوات الأوان يختار فى الواقع بين طريقين هما: إما إنقاذ المريض ولو بمخالفة القانون الذى يمنعه من حقنه وإما الامتناع عن إنقاذه احتراماً للقانون فيختار الطريق الأول غير مسلوب الإرادة فى حقيقة الأمر بل مدفوعاً فحسب بشعور إنسانى قوى بباعث من تصرف حكيم.
ولابد لكى تتوافر حالة الضرورة المتمثلة فى المادة (61) عقوبات من توافر اجتماع أركان ثلاثة:
أولاً : حلول خطر جسيم وشيك الوقوع يتهدد نفس مرتكب الجريمة أو نفس غيره:
وهذا الخطر شبيه فى بعض شروطه الخطر الذى يبيح للمدافع استعمال القوة المادية فى دفعه بمقتضى حق الدفاع الشرعى وهذا الخطر فى حالة الضرورة لابد أن يكون جسيماً ولابد أن يكون الخطر يتهدد نفس الجانى أو نفس غيره وكذلك لا يلزم أن يكون الخطر ناشئاً عن جريمة فقط بل قد يكون ناشئاً عن فعل الطبيعة أو عن فعل الغير ومن أمثلة هذه الأخطار أن يتدافع رواد ملهى تلتهمه النيران فيحدث أثناء التدافع وبسببه اعتداء من قوى على ضعيف.
ثانياً : ألا يكون لإرادة مرتكبها دخل فى حلول هذا الخطر:
فإذا كان الخطر الجسيم الذى هدد نفس مرتكب الجريمة أو نفس غيره قد نجم عن فعل عمدى صادر منه فلا محل أن يتذرع بعد ذلك بحالة الضرورة. لذا قضى بأنه ليس للإنسان أن يرتكب أمراً مجرماً ثم يقارف جريمة فى سبيل النجاة مما أحدثه بيده.
ثالثاً : أن تكون الجريمة التى ارتكبت هى الطريقة الوحيدة لدفع هذا الخطر:
استلزمت المادة (61) عقوبات لتوافر حالة الضرورة ألا يكون فى قدرة الجانى منع الخطر الجسيم بطريقة أخرى غير الجريمة التى ارتكبها وهذه مسألة موضوعية تتوقف على ظروف الخطر الجسيم والجريمة التى ارتكبت لدفعه فإذا تبين للقاضى أنه كان أمام الجانى سبيل آخر لدفع الخطر لا يعد جريمة كالاحتماء فى الوقت المناسب برجال السلطة العامة ولكنه آثر عليه تصرفه الإجرامى فلا محل لتطبيق المادة (61) عقوبات وبعبارة أخرى أنه كلما أمكن دفع الخطر بوسيلة مشروعة أو أقل ضرراً من تلك التى استعملها من قام بدفعه كلما انتفى الإكراه الذى يسلب الجانى اختياره.
فإذا أوشك قارب على الغرق لثقل حمولته وأريد تضحية بعض هذه الحمولة ينبغى أن تضحى البضائع لإنقاذ الأشخاص لا أن يضحى شخص من الأشخاص لإنقاذ البضائع.
سامح أحمد صالح المحامى
|