اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
التاريخ
12/13/2008 10:18:21 AM
  سليم عزوز يكتب:نقابة المحامين.. قلعة الحريات سابقا!      

سليم عزوز يكتب:

 

نقابة المحامين.. قلعة الحريات سابقا!

 

 

- الهجوم علي الإخوان المسلمين هو "سبوبة" النقيب سامح الوحيدة التي ستمكنه من دورة ثالثة، ورابعة، إلي أن يموت ويكتب في نعيه: مات نقيب المحامين!

 

-        تأمل: الناصريون يؤيدون رجائي عطية.. والحزب الحاكم يؤيد سامح عاشور!

 

-    فالإخوان يريدون تنظيما يعلو علي الأفراد، ولهذا نادرا ما تجد داخل الجماعة مبدعا في أي مجال، لا في الكتابة، ولا في السياسة، ولا في المحاماة، ولا في الفقه، او في الطب، هل رأيت طبيبا اخوانيا متفوقا في مجاله، او محاميا مترافعا يدهشك بمرافعته، أو كاتبا يستولي عليك بالأسلوب او بالمعلومة، انه تنظيم موظفين، تشعر ان وزارة القوي العاملة هي التي دفعت بأعضائه للالتحاق به، او أنهم التحقوا وفق المجموع، وعبر مكتب التنسيق!.

 

-    كانت نقابة المحامين تثور وتمور، في وقت كان الوطن كامنا، والشارع هادئا، وعندما استيقظ الشعب، نامت نقابة المحامين، فالنقيب مشغول بحربه علي الإخوان!.

 

 

عندما قدمت من مسقط رأسي بالصعيد الاقصي، ملتحقا بالعمل في بلاط صاحبة الجلالة، كان أهم ما يميز القاهرة، من وجهة نظري، هو وجود نقابة المحامين بها!.

 

كان ذلك في يونيه 1987، وكان نقيب المحامين وقتها هو الراحل احمد الخواجة، وكان معارضوه يتهمونه بأنه مستأنس، وذلك بالمقارنة بالنقيب عبد العزيز الشوريجي، وكان هو ينفي التهمة، ويعلن انتماءه لحزب الوفد، بينما يقول خصومه انه عضو في الحزب الوطني، فيرد عليهم: أتحداكم أن تظهروا استمارة عضويتي للناس!.

 

(1)

 

وقتها كان الانتماء للحزب الحاكم يفقد الثقة والاعتبار، ومن المؤكد أن الخواجة لم يكن في شموخ الشوربجي ( رحمة الله علي الجميع)، لكن هناك أصول كانت تراع في الأداء، لاسيما إذا كان الأمر متعلقا بمنصب نقيب المحامين، حتي وان كان المؤدي ليس من الصقور في مواجهة السلطة، وهو تماما الفرق بين رؤساء الأحزاب القدامي، ورؤساء الأحزاب الجدد فرقة موسي مصطفي موسي وتابعه رجب، وفرقة صديقنا الذي "تشحتف" من اجل ان يدعوه جمال مبارك علي فنجان قهوة، أو حتي يكلمه في التليفون!.

 

انه الفرق بين المستأنس للنظام، وصنيعة الأجهزة الأمنية، وقد كان الخواجة من الفريق الأول، ولهذا فلم يلاحظ واحد مثلي قادم من الصعيد بشوكه، ان الرجل يمكن ان يكون من رجال السلطة، وهو الذي كانت النقابة قبله، قلعة للحريات، واستمرت علي هذا النحو في عهده!.

 

في كل ليلة جمعة، كنا علي موعد مع مؤتمر حاشد، تدعي إليه قيادات العمل النضالي في مصر، ومن كل ألوان الطيف، ولهذا فعندما التحقت بقسم الأخبار بجريدة " الأحرار"، اخترت تغطية النقابات المهنية، ولم تكن النقابات تعني بالنسبة لي سوي نقابة المحامين، قلعة الحريات، التي من داخلها كانت تنطلق الأصوات المعارضة للنظام، وكانت الهتافات ترتفع بسقوط أسوأ وزير داخلية عرفته مصر، هو زكي بدر.. يقولون ان أنجب لم يمت، وهذا صحيح!.

 

كانت نقابة المحامين بحق هي قلعة الحريات، وكان الدور السياسي لنقابة الأطباء هو إنساني في المقام الأول، حتي بعد ان سيطر الإخوان علي مجلسها ، وكذلك الحال بالنسبة لنقابة المهندسين، أما نقابة الصحفيين، فقد كان الإجماع يكاد يكون منعقدا علي أنها نقابة مهنية، تدافع عن حقوق أعضاءها ولو في المعارضة للنظام، لكن لا تنغمس هي في أداء دور سياسي، وكنا وقتها ننظر إلي نقابة المحامين بإعجاب!.

 

ومن كانوا يطمحون ان تكون نقابة الصحفيين مثل نقابة المحامين، كانوا يرون فيما تقوم به الثانية فرض كفاية، أسقط الواجب عنهم!.

 

ولان النية كانت تتجه لتأميم الأرض ومن عليها، حتي تعن الوجوه لأهل الحكم فلا يسمعوا حتي همسا، فقد فرضوا الحراسة علي نقابة المحامين، بحجة إجلاء الإخوان منها، ولم يكن الحكم بفرضها في البداية مزعجا، فقد ابقي علي احمد الخواجة رئيسا للحراسة، يعاونه اثنين احدهما هو الدكتور محمد سليم العوا، لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، وانتهي المطاف بالتأميم الكامل للنقابة برحيل الخواجة، وسيطرة الحارس رضا الغتوري!.

 

وناضل المحامون، من اجل استرداد نقابتهم، ونضالنا معهم، وكنت لا آمل حين يملوا، وما كتبته دفاعا عن النقابة يصلح إذا ما تم جمعه، كتابا من الحجم الكبير.. لا أقول هذا من باب المن الذي يتبعه أذي، لكن اذكره للتدليل علي انني أقف غير بعيد  مما يجري في هذه النقابة العريقة!.

 

(2)

 

بحكم قضائي، لم يجد فارضوا حياله صدا ولا ردا، تم إجلاء الحراسة، ليوسد الأمر إلي لجنة قضائية برئاسة أقدم رئيس محكمة استئناف بالقاهرة، كانت المكلفة به قضاء في البند أولا ترتيب الملفات لإجراء الانتخابات، في غضون ستة اشهر، وكان رئيس اللجنة الإدارية المشرفة علي الانتخابات، قد أدخلنا والحارس في دوامة كشوف الجمعية العمومية، والبيضة أم الكتكوت، فاللجنة تقول ان علي الحارس ان يسلمها الكشوف لتعلن هي موعد فتح باب الترشيح، وإجراء الانتخابات، ويقول الحارس ان اللجنة عليها ان تحدد أولا مواعيد الفتح والإغلاق والإجراء، حتي يسلمها كشوف الجمعية العمومية!.

 

فقد كنا أمام فيلما هابطا من أفلام المقاولات، ونعلم ان الذين يتصدرون المشهد فيه ليسوا أبطاله، فالحكومة بأجهزتها الأمنية هي البطل، وهي التي تحرك الأمور من وراء حجاب، وان كنا لا نري أمامنا سوي رئيس اللجنة، والحارس، وكان الهدف ان تظل الحراسة مفروضة علي نقابة المحامين، إلي يوم القيامة، لتصبح وهي الإجراء المؤقت أمرا طبيعيا، علي النحو الذي تمثله حالة الطوارئ في حياتنا!.

 

وعندما لم تصبح هناك مندوحة من إجراء الانتخابات، كان القرار باستمرار عملية التأميم، وبشكل آخر، ومن خلال نقيب منتخب، ولما لم يكن الحزب الحاكم بمقدوره ان يسيطر من خلال رجاله علي نقابة المحامين، فقد كان لابد من العبث، وقد كان!.

 

ترشح سامح عاشور الناصري العتويل، منافسا لرجائي عطية، الحائز علي صفة محامي أبناء الرئيس، إذ كان هو محاميهم المختار، في القضية المرفوعة منهم ضد جريدة " الشرق الأوسط" السعودية، وقيل ان الرئيس كان يبارك ترشيحه، ولهذا فقد تم الإعلان عن انه هو مرشح الحزب الوطني، في سابقة هي الأولي من نوعها في تاريخ النقابات المهنية!.

 

ورأيت ان ما يجري يمثل خلطا بين ما هو حزبي، وما هو مهني، ويعد سُنة لو سكتنا عليها لصارت النقابات فروعا للأحزاب السياسية، ولجانا تابعة للحزب الحاكم، وقررت وقتها الوقوف ضد رجائي عطية!.

 

ثمة أمرا آخرا كان هو المحرك لان أقف بجانب سامح عاشور، فأولا: هو معارض، والمعارضون تتكافأ مواقفهم، ويسعي في ذمتهم أدناهم، حتي وان كان عاشور ناصريا، وكنت أنا أتمني الي الليبرالية الوطنية ( وليس ليبرالية كونداليزا رايس وخدمها)، وكنت أيضا ممن يرون ان كل الإنجازات الهائلة لعبد الناصر، تتضاءل بجانب ما جري من قمع وتعذيب لمعارضيه، حتي لا تكاد تُري بالعين المجردة.

 

أما ثانيا، فان سامح عاشور بلدياتي، فانا وهو من سوهاج، هو من مركز ساقلتة، وأنا من مركز جهينة، وفي انتخابات مجلس الشورى، تصبح جهينة وساقلتة ومعهما مركز المراغة دائرة واحدة، وداخل كل صعيدي بعض ذرات القبلية تزيد وتنقص، وان تمدين، أو ادعي انه كائن أممي!.

 

(3)

 

كنت اكتب في جريدة " الأحرار" زاوية يومية، خصصتها قبيل الانتخابات لهذا الهدف، وكان أنصار عاشور يقومون بتصوير ما اكتب ويوزعونه كمنشورات!.

 

وفي يوم الانتخابات، وقفت ساعات في بهو محكمة جنوب القاهرة، انتظارا لإعلان النتيجة، وكنا جمعا غفيرا، اذكر من غير المحامين، احمد حسن الأمين العام للحزب الناصري، الذي كان يقف قلقا، يغدو ويروح، مخافة ان يسقط سامح عاشور، ومؤخرا رد سامح إليه الجميل بأن كاد أن يفترسه وينحيه من موقعه الحزبي، لولا احتشاد أنصار حسن!.

 

وأعلنت النتيجة، وغادرت الموقع إلي منزلي، ونمت قرير العين، كمحارب تحقق له النصر بعد طول عناء.

 

كنا في مثل هذه الأيام تقريبا، وعلي أعتاب أيام مفترجة، إذ كان عيد الاضحي المبارك علي الأبواب، فلما جاء تلقيت اتصالا هاتفيا من قيادة أمنية، مهنئا بالعيد، كتصرف إنساني روتيني!.

 

-         كل سنة وأنت والعائلة الكريمة بخير

 

-           وأنت بخير وسلام وأحياك الله وأبقاك!.

 

ثم فوجئت به يشكرني علي دوري " الرائد " في انتخابات نقابة المحامين، وكيف انه كان مؤثرا!.

 

كلام يحمل من المجاملة الكثير، هكذا اعتبرته وقتها، ولكني شعرت بزهوة الانتصار، فقد ساهمت في إسقاط مرشح الأجهزة الأمنية، ومرشح الرئاسة، ومرشح الحزب الحاكم، رجائي عطية.

 

قلت له فخورا: تعجبني هذه الروح الرياضية، لأنك تشكرني علي إسقاط رجلكم!.

 

رد: والثاني رجلنا أيضا!.

 

ولم أقف عند ما قاله: كل مصر رجالكم يا باشا!.

 

 فلو قلت لرجل امن ان لديك معلومات تفيد ان صلاح الدين الأيوبي من رجالكم فسوف يقهقه، ولو قلت له إنني اعلم ان هوجو شافيز زعيم فنزويلا  عميل لكم فسوف يطلق قهقة باسلة أيضا، ليس سخرية ، ولكن لتثبيت ما تقول والتامين عليه، والتأكيد علي انك شخصية خطرة لأنك نجحت في اكتشاف هذه الأسرار، والهدف هو ان يستقر في أذهان الناس ان الأرض ومن عليها تبعهم!.

 

(4)

 

لكن المتابع مثلي لابد وانه قد راعه ان سامح عاشور بأدائه كان امتدادا لفترة الحراسة، وليس مستلهما لتراث النقباء الذين سبقوه، فيما يختص بكون نقابة المحامين هي قلعة الحريات، ولو في الحد الادني الذي كان يمثله احمد الخواجة!.

 

عندها كان لابد من الوقوف علي حقيقة الأمر، باعتبار ان المعلومة ضالة الصحفي، وكان ما وقفنا عليه كاشفا، وليس منشئنا لما جري قبل الانتخابات، حتي وأنا أتعامل مع عاشور علي انه مرشح القوي الوطنية في مواجهة مرشح السلطة رجائي عطية!.

 

رجائي ربما كان قريبا من الرئيس، لكنه ليس قريبا من أصحاب النفوذ المسئولون في السلطة عن ملف نقابة المحامين، وهم وقتها الثلاثي المعروف: فتحي سرور رئيس مجلس الشعب، وكمال الشاذلي الرجل القوي في الحزب الحاكم، وفاروق سيف النصر وزير العدل!.

 

وهؤلاء كانوا مع سامح عاشور، ولم يكونوا مع نجاح رجائي، الذي سيعاملهم رأسا برأس عندما يكون الأمر خاصا بالعلاقة بين الدولة والنقابة، فهو يملك قناة اتصال برئيس الدولة ومؤكد انه سيتجاوزهم!.

 

ما جري في نقابة الصحفيين بعد ذلك ربما يمثل تفسيرا أكثر، لمن يستغلق عليهم فهم هذه الأمور المركبة، فقد كان وزير الإعلام صفوت الشريف يري انه وزير منزوع الدسم ما دامت نقابة الصحفيين خارج وصايته، وقد بذل جهودا خارقة للسيطرة عن طريق اختراق جدول القيد، والزج بالإعلاميين باتحاد الإذاعة والتليفزيون للانضمام للنقابة، وهو ما فشل فيه!

 

كان إبراهيم نافع هو رجل السلطة، ومرشحها، ومع هذا فقد حافظ علي استقلال النقابة بعيدا عن نفوذ وزير الإعلام، والذي كان عندما يدعي الي احتفالية بالنقابة يعامل معاملة غيره من الوزراء المدعويين، ولعله لم يصعد الي منصة النقابة إلا في عهد النقيب المستقل جلال عارف، وبعد انهيار دولة نافع، وكان الشريف وقتها قد انتقل من وزارة الإعلام لرئاسة مجلس الشورى!.

 

(5)

 

في الانتخابات النقابية، ينحاز الإخوان لمرشح الحكومة، ولهذا فقد انحازوا لرجائي عطية، ولدفع تحالفه معهم للانهيار، جري القبض علي الاخواني مختار نوح، في قضية " مزيكا"، وهي انه يخطط، والذين معه، لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة.. لأول مرة يتم التعامل مع التخطيط لخوض الانتخابات علي أنها تهمة، تشبه الاتهام بالعمل علي قلب نظام الحكم بالقوة، وتم تقديمه للمحكمة العسكرية، والتي " هبدته" ثلاث سنوات سجنا، وبدا رجائي عاجزا عن وقف ما يجري، وكان القبض علي حليفه وعجزه، رسالة لا تخطئ العين دلالتها!.

 

ودفع الإخوان بعدد من مرشحيهم غير مختار نوح لتولي زعامة الموقف، علي رأسهم جمال تاج، و"الرجل البركة" محمد طوسون، ومعهم "بركة" آخر هو سيف الإسلام البنا، ولا يوجد من بينهم من يملك مهارة نوح، او ذكاؤه، أو حنكته، ولهذا استغنوا عن خدماته عقب خروجه من السجن، فالإخوان يريدون تنظيما يعلو علي الأفراد، ولهذا نادرا ما تجد داخل الجماعة مبدعا في أي مجال، لا في الكتابة، ولا في السياسة، ولا في المحاماة، ولا في الفقه، او في الطب، هل رأيت طبيبا اخوانيا متفوقا في مجاله، او محاميا مترافعا يدهشك بمرافعته، او كاتبا يستولي عليك بالأسلوب او بالمعلومة، انه تنظيم موظفين، تشعر ان وزارة القوي العاملة هي التي دفعت بأعضائه للالتحاق به، او أنهم التحقوا  وفق المجموع، وعبر مكتب التنسيق!.

 

وكان مختار نوح استثناء، تماما مثل عصام العريان، الذي هو رجل سياسة وفكر ومناورة، وهو مبدع هنا، ولم نسمع عن إبداعاته كطبيب!

 

و" تبرجل" الإخوان، صحيح أنهم لم يكونوا مع سامح، لكن المؤكد انه لم يستمروا علي نهجهم المتحالف مع رجائي، ربما علي غير رغبة مختار نوح، الذي ود ان يستمر تحالفهم معه، لكن لا ولاية لأسير، والذين جاءوا من بعده لم تكن لديهم رغبة لان يحتكموا إليه، حسدا من عند أنفسهم، فقد انتهت مرحلته للأبد، هكذا أرادوا وهكذا كان!.

 

والذين سعوا الي إنهاء هذا التحالف بالقبض علي مختار نوح، قاموا بارسال رسالة إلي عناصر الإخوان، والمؤلفة قلوبهم، وهم الأكثر عددا، بأن الدرس انتهي، حيث تعرضت زنزانة صاحبنا للإغراق بدون مبرر معروف، ليذهب إليه سامح عاشور و" يأمر" بحسن معاملته، فيكون له ما " أمر" به في التو واللحظة، وتنفيذ الأمر كان أسرع من لو كان من أصدره هو وزير الداخلية رأسا!.

 

ولم يكن هذا دافعا لان يبايعه نوح، لكنه المستهدف هم الإخوان بالخارج، والمؤلفة قلوبهم من متعاطفين ومعجبين، وغيرهما!.

 

لقد سقط رجائي عطية في هذه الانتخابات، كما سقط في الانتخابات التالية لها، ونجح فيهما سامح عاشور نقيبا للمحامين، لدورتين متتاليين، ولثماني سنوات عجاف!.

 

(6)

 

 

كنت انتظر ان تسترد نقابة المحامين عافيتها، بعد ليل الحراسة، لكن هذا لم يحدث، فلم تعد قلعة للحريات كما وقفت علي هذا بنفسي عندما قدمت من الصعيد!.

 

كانت خطة أهل الحكم ان يحاصروا الإخوان، وصار من يريد ان يتقرب إليهم بالنوافل عليه ان يبدو انه ضد الإخوان، وهو الدور الوحيد الذي أداه صاحبنا بامتياز، جعل القوم ينظرون إليه علي انه الأمل والمني، ويعتبرونه " فرخة بكشك"!.

 

بعبع صنعه سامح عاشور اسمه الإخوان، وظل الليل والنهار يعمل علي محاربته، ونظرت السلطة إليه علي انه يقوم علي ثغرة من ثغور الحزب الوطني!.

 

كانت نقابة المحامين تثور وتمور، في وقت كان الوطن كامنا، والشارع هادئا، وعندما استيقظ الشعب، نامت نقابة المحامين، فالنقيب مشغول بحربه علي الإخوان!.

 

ظهرت حركات احتجاجية جديدة، كفاية، وأخواتها، انتفضت ، بينما النقيب مشغول بمحاصرة الإخوان!.

 

كانت نقابة المحامين تبدو كما لو كانت نقابة المهن التمثيلية، وانتقلت صفة قلعة الحريات الي نقابة الصحفيين، وتحولت سلالمها إلي رمز للنضال، ولم يهتم سامح عاشور، فقد كان يقضي كل وقته يهاجم الإخوان، ويعاكس الإخوان، ويتفنن في التقرب الي أهل الحكم بالهجوم علي الإخوان باعا، لعلهم يتقربون إليه ذراعا!.

 

ثم كانت انتفاضة القضاة، الذين احتشدوا في موقف تاريخي دفاعا عن استقلالهم، وعلي الرغم من أن المحامين يمثلون القضاء الواقف، وهم اقرب إلي القضاء الجالس من حب الوريد، إلا أن نقيب المحامين كان مشغولا بالنضال ضد الإخوان المسلمين، وعندما علم كل أناس مشربهم، وظهر في المشهد نادي القضاة مطالبا بالاستقلال الكامل للقضاة ، بينما رئيس المجلس الاعلي للقضاة منحازا للسلطة، وأحال اثنان من قضاة المعركة الي المحاكمة، خرجت مصر منحازة لهما، في صباح أغلقت فيه نقابة المحامين، وانحاز سامح عاشور إلي الطرف الآخر!.

 

نضال في الاتجاه المعاكس، مع ان إخوان نقابة المحامين، غلابة، يمكن لمثلي ان يجلس معهم ويأكل أكلهم، كما يقول أهلنا في الصعيد، في حين لو كان مختار نوح هناك لكان الأمر مختلف!.

 

لكن الهجوم علي الإخوان هو "سبوبة" سامح عاشور، وقام الحزب الحاكم بتثمين نضاله، ودفع له الثمن!

 

(6)

 

سامح اعد مشروع قانون، فتبناه الحزب الحاكم، في مجلس الشعب، مع أن مشاريع القوانين هي من اختصاص الحكومة او اللجنة التشريعية بالحزب، ومجلس الشعب لا يقبل قوانين من النقابات، وقد رفض قانون للصحافة من نقابة الصحفيين، كما رفض مشروع قانون السلطة القضائية من نادي القضاة، بل ورفض أن يستمع لوجهة نظرهم في مشروع الحكومة، باعتباره – أي المجلس – هو المشرع!.

 

كان المفروض ألا يترشح سامح عاشور لدورة ثالثة، فقانون النقابة ينص علي ان شغل موقع النقيب لا يكون إلا لدورتين، لكنهم مكنوه من دورة ثالثة، سيقضيها أيضا في النضال ضد الإخوان، ليحصل علي رابعة، فخامسة، حتي يكتب في نعيه، بعد عمر طويل، مات نقيب المحامين سامح عاشور، وربما تتقدم جنازته عربة مدفع جزاء وفاقا لما قدمه للحزب الوطني في ساحات الوغي!.

 

وقد شاهدنا وضعا مضحكا، رموز الناصريين من المحامين يؤيدون رجائي عطية، بينما الحزب الوطني يؤيد سامح عاشور، مع ان عطية محسوب علي النظام، بينما سامح محسوب علي المعارضة!.

 

وقد غضب عاشور لان الحزب الوطني أعلن تأييده له، والإعلان هو تصرف ارعن، فالقوم من فرط محبته لهم لم يستطيعوا ان يكتموا حبه بين الضلوع، لعل غضبه بسبب حرصه علي أن يكتم شيئا الله مبديه!.

 

ولم يكن الإعلان عن ان محاميي الحزب الحاكم يؤيدون سامح تم في " قعدة"، او عبر صحيفة من صحف الأعداء، ومنشورا في صحيفة من صحف الإثارة، ولكن الإعلان تم في صحيفة " الوطني اليوم" لسان حال الحزب الحاكم!.

 

لقد تم الطعن في نتيجة الانتخابات، التي أنتجت سامح عاشور نقيبا لدورة ثانية، وظلت الجهة الإدارية المشرفة علي الانتخابات تتقاعس عن تقديم الأوراق، ليكسب النقيب اكبر فترة ممكنة في موقعه، ثم لم تقم بتقديم ست صناديق، الي المحكمة بعد ان أمرت بذلك، وهي جهة لا تنطق عن الهوي!.

 

ولم يكن في هذه الصناديق ما يبطل الانتخابات، فقد تمت تسويتها اتقاء للطعن فيها منذ البداية، وكان الإجراء الوحيد الذي يضمن صدور الحكم بالبطلان هو رفض تسليم الصناديق، ليصدر حكم محكمة القضاء الإداري ببطلانها، ليتمكن سامح من الترشيح لدورة ثالثة، علي أساس ان الدورة الثانية والأخيرة قانونا، باطلة قضاء!.

 

لعبة ممجوجة ومعروفة، لكن جماعتنا سعوا من ناحية لرد الجميل إليه، ومن ناحية ثانية لأنهم يعتقدون انه وحده القادر علي محاصرة الإخوان، وعلي تأميم نقابة المحامين، استمرارا لدور الحراسة.

 

يا حسرة علي نقابة المحامين، قلعة الحريات سابقا!.  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

 

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  

 

 


  abdella    عدد المشاركات   >>  92              التاريخ   >>  16/12/2008



رغم ان المقالة لم تتعرض للجانب المهنى للمرشح المنافس لسامح عاشور ومدى صلاحيتة الفعلية لمنصب النقيب الا انها تعتبر رسالة للمحامين اصحاب الفكر لكى يفيقوا قبل فوات الاوان

مع تحياتى للكاتب الذى جمع معلومات بحس رائع عن نقابة المحامين قلعة الحريات سابقا وان شاء الله سيكتب لها العودة على يد ابنائها

عبدالله النجار

المحامى

الشرقية




 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2791 / عدد الاعضاء 62