اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
احمدالمالكي
التاريخ
10/30/2008 7:01:01 AM
  أبعدوا القضايا المنظورة في المحاكم عن الإثارة الإعلامية      

أبعدوا القضايا المنظورة في المحاكم عن الإثارة الإعلامية
 
د.يوسف بن أحمد القاسم  -  01/11/1429هـ
yqasm@hotmail.com


عرفت الدول الغربية مبدأ التفريق بين السلطات الثلاث (التشريعية, والقضائية, والتنفيذية) في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي, حيث أخذت به فرنسا سنة 1791م, وانتشر بعد ذلك في الأمم الأخرى, وكان القرن التاسع عشر الميلادي مسرحاً لهذه الإصلاحات, وسببها: أن العقلاء والحكماء والمصلحين منهم, حين عانت أممهم تعسف السلطة التنفيذية, لتحكمها في كل شؤون الدولة, صغيرها وكبيرها, وفي مصالح الخلق, إذ لم يكن عندهم ما يمنع طغيان هذه السلطة التنفيذية على السلطتين الأخريين, حينذاك قرر عقلاؤهم الأخذ بمبدأ فصل السلطات الثلاث, ويرجع الفضل في إظهار هذا المبدأ إلى المفكر والفيلسوف الفرنسي مونتسكيو, الذي ألف كتابه الشهير "روح الشرائع" l,Esprit des lois وضمَّنه هذا المبدأ الجديد, مبدأ التفريق بين السلطات, فأخذت به فرنسا, فاستقبلت دول الغرب منذ مطلع القرن التاسع عشر عهداً جديداً, تنفس فيه الناس الصعداء بعد طول اضطهاد وتضييق...
ثم أخذ بهذا المبدأ معظم شراح القانون الدستوري اليوم, حيث رأوا أن الدولة لها سلطات ثلاث: السلطات التشريعية, والقضائية, والتنفيذية, ويرون
أن هذه السلطات الثلاث منفصلة بعضها عن بعض, وأن القضاء سلطة مستقلة....
والواقع أن الفصل بين السلطات, واستقلال القضاء, قد سبقت إليه الدولة الإسلامية منذ مئات السنين, وتحديداً منذ القرن الأول الهجري - السابع الميلادي - وأشار إلى ذلك العلماء في كتب القضاء, والأحكام السلطانية, وفي كتب الفقه والتاريخ..., فقد كانت السلطات الثلاث متصلة في بداية نشأة الدولة الإسلامية, حيث كان حاكمها - عليه الصلاة والسلام - هو المصدر التشريعي للدولة, وهو المصدر الرئيس لدستور القضاء, وهو القاضي في الوقت نفسه, فأرسى دعائم العدل, ورفع راية الحق, وأسس دستور القضاء, فكان قوله تشريعاً من جهة, وقواعد حقوقية, ومبادئ عامة, وسوابق قضائية تشريعية, وكان قوله من جهة ثانية قضاء, وفصلاً بين المتنازعين, ورداً للحقوق إلى أصحابها, ونصرةً للمظلوم, ومنعاً للظالم ودفعاً له عن ظلمه, ثم تتمثل السلطة الثالثة في أمره الشريف بتنفيذ موجب حكمه القضائي.
وحين بدأت تتسع الدولة الإسلامية في عهده صلى الله عليه وسلم, انفصلت السلطة التشريعية عن السلطتين الأخريين خارج المدينة النبوية, حيث أخذ يعين الولاة, ويخولهم بسلطتي القضاء والتنفيذ, كما فعل عليه الصلاة والسلام حين بعث معاذاً إلى اليمن والياً وقاضيا, وعلى هذا استمر الأمر في خلافة أبي بكر, وأول خلافة عمر رضي الله عنهما.
ثم حين انتشر الإسلام في خلافة عمر, وفتحت البلاد في الشرق والغرب والشمال, وكثرت أعمال الولاة في الولايات الكبيرة, وتضاعفت أعمال الخليفة, اقتضى الأمر أن يوفِّر الخليفة جهده لأمور الدعوة, والأمور
الخارجية, وشؤون الأقطار, والتنظيم الإداري للدولة, فأصدر عمر بن الخطاب أمره بفصل أعمال القضاة عن أعمال الولاة, وعيَّن القضاة في عاصمة الدولة, وفي المدن الإسلامية, فولى أبا الدرداء قضاء المدينة, وشريح قضاء الكوفة, وأبا موسى الأشعري قضاء البصرة, وعثمان بن قيس بن أبي عاصم قضاء مصر..., ومع أن عمر رضي الله عنه جعل سلطة القضاء منفصلة عن السلطة التنفيذية, إلا أنه جعل اختيار القضاة من صميم عمله, واهتم بإرشادهم, ومراسلتهم, ومكاتبتهم, ووضع أول دستور لسلوك القاضي في رسالته الشهيرة لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه - والتي ترجمت في بعض الدول الغربية, لتكون مرجعاً مهما لأصحاب التخصص - وقد استمر الأمر على هذا الحال في عهد باقي الخلفاء الراشدين, ثم في عهد الأمويين, ثم في أول عهد العباسيين, حتى جاء هارون الرشيد في عصر العباسيين, فعيَّن الإمام أبا يوسف قاضيا للقضاة, أي رئيساً للقضاء - بمثابة وزير العدل في عصرنا الحاضر, ورئيس مجلس القضاء الأعلى - وفوض إليه جميع أعمال القضاء, وخوله تعيين القضاة, وعزلهم, ومراقبتهم, ومحاسبتهم, والنظر في جميع شؤونهم, وتخلى الخليفة نهائياً عن النظر المباشر في شؤون القضاء والقضاة, وتم الفصل الكامل للقضاء عن السلطة التنفيذية الحاكمة, وحصل على الاستقلال الكامل عن غيره, وبهذا انفصلت السلطات الثلاث, واستمر الأمر على هذا عقودا طويلة..., وقد فصل القول في هذا عديد من فقهائنا المعاصرين, كظافر القاسمي, ومحمد الزحيلي, وغيرهما....
ومن الوقائع القضائية الدالة على استقلال القضاء, وعلى مبدأ الفصل بين السلطات ما وقع لأهل سمرقند في زمن عمر بن عبد العزيز, حين تظلموا من القائد العسكري قتيبة بن مسلم, فأرسل عمر إلى عامله بسمرقند (سليمان بن أبي السري) يأمره بأن يجلس لهم القاضي, لينظر في أمرهم, فحكم القاضي لمصلحة السمرقنديين ضد المسلمين, وهذا الحدث التاريخي له دلالات بعيدة المدى, واسعة النطاق, فهي تبرز عدل الإسلام حتى مع المخالف في باب العقيدة, كما أن هذه الواقعة توضح بجلاء استقلال القضاء, وعدم تدخل الوالي والخليفة في شأن المنازعات التي تقع بين الأطراف المختلفة, حتى لو كانت القضية مرفوعة لمصلحة أجنبي ضد قائد عسكري محنك من قادة الدولة الإسلامية, فالخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز حينما عرف مظلمة أهل سمرقند لم يبت فيها بنفسه, مع أنه كان يسعه ذلك, وهو خليفة المسلمين, والعارف بأحكام الشريعة, كما أنه لم يعهد بذلك إلى عامله على سمرقند, مخافة أن يجمح به الهوى, أو أن تأخذه العزة بالإثم, بل أمر بأن يُجلس لهم القاضي, لأن القاضي لا يتأثر بالاعتبارات السياسية, ولا العسكرية, ولا غيرها, ولا يأبه إلا لحكم الله تعالى, فلله ما أعدل الإسلام, وما أروع ما سجله تاريخنا الإسلامي من مواقف عدلية, قد سبقت الدول الحضارية اليوم بمئات السنين...! ومن هنا ندرك السر في دخول أهل سمرقند في الإسلام طائعين, وما زالوا عليه حتى اليوم....!
وينبغي أن يعلم أنه ليس المقصود بالفصل بين السلطات: الفصل الشكلي فحسب, وإنما ليكون لكل سلطة من هذه السلطات الثلاث الاستقلال الكامل عن السلطة الأخرى, بحيث لا يمارس عليها شيء من الوصاية, ولهذا فإن القضاء المستقل هو الذي لا يقع تحت تأثير سلطة ما, فلا يقع تحت أي نوع من أنواع الضغوط المختلفة, أما تسييس القضاء, أو محاولة التأثير فيه مادياً, أو نفسياً, أو إعلامياً...الخ, فهذا يتنافى مع استقلال القضاء, وسيادته.
ومن هنا ندرك خطأ بعض الجهات الإعلامية, حين تحاول أن تسلط الضوء على بعض القضايا المنظورة لدى المحاكم قبل البت فيها, وهذا بلا شك ينعكس سلباً على نظر القاضي, ويحمله أحياناً على مجاراة ما ينشر في وسائل الإعلام دون أن يشعر, أو على الأقل يمارس عليه الضوء الإعلامي نوعاً من الضغط النفسي..., مما يؤثر سلباً في مجرى العدالة.
لقد حرص الإسلام على توفير أفضل الأجواء للقاضي؛ ليقضي وهو هادئ البال, مرتاح الضمير, كي لا يضر بعدالة القضية, ولهذا نجد الشارع الحكيم - مثلاً - نهى أن يقضي القاضي وهو غضبان - كما في الصحيحين - وقاس عليه الفقهاء أي نوع من الأنواع المؤثرة في هدوء باله, وراحة ضميره, كل ذلك ضماناً لمبدأ الحياد, وتحقيقاً لعدالة القضاء, وحرصاً على نأي القاضي عن الوقوع في شَرَك الظلم, والحيف, والله
تعالى أعلم, وأحكم.

 

http://www.aleqt.com/article.php?do=show&id=11038


  محمد الشهيدى    عدد المشاركات   >>  512              التاريخ   >>  30/10/2008



  إقتباس : مشاركة احمدالمالكي


أبعدوا القضايا المنظورة في المحاكم عن الإثارة الإعلامية
 
د.يوسف بن أحمد القاسم  -  01/11/1429هـ
yqasm@hotmail.com


.
لقد حرص الإسلام على توفير أفضل الأجواء للقاضي؛ ليقضي وهو هادئ البال, مرتاح الضمير, كي لا يضر بعدالة القضية, ولهذا نجد الشارع الحكيم - مثلاً - نهى أن يقضي القاضي وهو غضبان - كما في الصحيحين - وقاس عليه الفقهاء أي نوع من الأنواع المؤثرة في هدوء باله, وراحة ضميره, كل ذلك ضماناً لمبدأ الحياد, وتحقيقاً لعدالة القضاء, وحرصاً على نأي القاضي عن الوقوع في شَرَك الظلم, والحيف, والله
تعالى أعلم, وأحكم.

 

 

 

 

سلمت يمين من كتب ويمين من نقل

تحياتى


  محمد السيد متولي    عدد المشاركات   >>  40              التاريخ   >>  2/11/2008



الصديق العزيز / أحمد المالكي

هذا الكلام جميل ججميل جدا ولكن مفيش تطبيق جيد على مستوى العالم كله

مع خاص تحياتي لكككككككككككك بالشكر والتقدير

المحامي

محمد السيد متولي

البريد الالكتروني

: mohmedalsayed2000@yahoo.com


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 3218 / عدد الاعضاء 62