اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
بلطيفا
التاريخ
2/1/2008 11:24:26 AM
  لمحة عن إشكاليات الطلاق بين الأزواج من ذوي الجنسيات المختلفة      

لمحة عن إشكاليات الطلاق بين الأزواج من ذوي الجنسيات المختلفة

 

زملائي الكرام

 

يشرفني مشاركتكم بهذه المداخلة البسيطة والتي أتعرض فيها لبعض النقاط الساخنة والمستمدة من واقع ممارستنا القانونية والتي تتعلق بحالات الطلاق بين الأزواج من بني الجنسيات المختلفة أو ما يسمى بالطلاق الدولي وهنا أخص بالذكر الزواج فيما بين الأفراد من البلدان العربية وذوي الجنسيات من البلدان الأوروبية.

 

وسوف تكون مداخلتي في شكل إثارة بعض النقاط الحساسة التي تستوجب من المحامي أو الباحث القانوني الإلتفات لها والإنتباه إلى وجودها والإحتياط لآثارها القانونية وأيضا الإجتماعية.

 

وكما هو معلوم فالعديد من شباننا وشاباتنا العرب هم اليوم على ارتباط زوجي مع قرنائهم من البلدان الأوروبية وهذه الظاهرة أي ظاهرة الزواج المختلط منتشرة لأسباب مختلفة بعضها شخصي ومرتبط بإرادة ومودة مشتركة بين القرينين من ذوي الجنسية المختلفة وعزمهما على إنشاء عائلة مستقرة وحياة هادئة، وبعضها متصل بأسباب "إدارية" وهي التحصيل على وضعية مستقرة بأوروبا مما يسهل تكوين ملف الهجرة أو الإقامة بالبلاد الأوروبية التي نعلم جميعا أنها أصبحت غير متاحة بسهولة.

 

وهذا لا يتعلق بمداخلتنا اليوم، إذ سوف نتحدث فقط عن بعض النقاط المتعلقة بإجراءات إيقاع الطلاق في حالة الفراق بقطع النظر عن الجوانب الثانوية أو المضاحبة والتي سوف نتعرض لها في مقال آخر.

 

النقطة الأولى التي تسترعي الإهتمام في الطلاق الدولي هي الإختصاص الدولي للمحكمة أو الجهة القضائية التي سوف تنظر في القضية:

إذ لا بد هنا من التفريق بين الإختصاص الدولي للمحكمة التي تباشر النظر بالقضية وبين القانون المختص أو القانون المنطبق على قضية الحال.

 

ففي حالة تنازع الإختصاص فيما بين المحاكم التي تباشر القضية فإن القانون يمكن محكمة كل من الدولتين أو الدول التي ينتمي إليها الطرفان إختصاص النظر بطلاق أحد رعايا تلك الدولة بقطع النظر عن جنسية الطرف الآخر، وبالتالي فإن قضية الطلاق لو قدمت من طرف أحد الطرفين أمام محكمة وفي نفس الوقت قدم الزوج الآخر قضيته للطلاق أمام محكمة دولته فإن كلتا المحكمتين سوف تعلن إختصاصها للنظر في الموصوع .

 

أما حالة تنازع القوانين فإنها تتجاوز تنازع الإختصاص إذ ان الطرفان قد يكونا ارتضيا محكمة معينة للنظر في قضية الطلاق إلا أن المحكمة المذكورة تقع أمام إشكالية هي المتعلقة بأي قانون من القوانين الشخصية للطرفين يقع تطبيقه لإيقاع الطلاق وخاصة عند النظر في الأحكام التي تنظم الولاية على الأبناء والحضانة ونفقة كل من المطلقة ومن الأبناء علاوة عن تقدير الأضرار الناتجة عن الطلاق ومنها الأضرار المعنوية الحاصلة للزوجة أو الزوج إثر الطلاق.

 

وبعبارة أخرى فمثلا إذا ارتضت محكمة فرنسية النظر في قضية طلاق بين زوجة فرنسية وزوج ليبي أو أردني أو عراقي فليس من الضروري أن يكون القانون المنطبق هو القانون الفرنسي بل إن من قواعد القانون الدولي الخاص أن يطبق القاضي الفرنسي قاعدة تنازع القوانين والنظر في إمكانية تطبيق القواعد القانونية الخاصة بالزوج العربي إن كانت هذه القوانين تتبع النظام العام في تلك البلدان العربية وإن كان مقر إقامة الزوجين الفعلي يقع بأحد تلك البلدان العربية.

 

ويستثنى بطبيعة الحال من هذه القاعدة عدة حالات منها أن يكون كل من الزوجان اختارا مقر الزوجية بالبلاد الأوروبية مما يستوجب تطبيق قانون محل الزوجية وحالة ما إذا كان كلا من الزوجين لا ينتميان للدولة التي توجد بها المحكمة المتعهدة بالنظر وهنا يطبق قانون الزوج إذا نص القانون الشخصي لهذا الأخير على ذلك.

 

كما تستثنى أيضا حالات الأعمال التحضيرية للحكم والأحكام الخاصة بالأعمال الإستقرائية وسير القضية داخل المحكمة وكافة ما يتخذ من قبل القاضي الفرنسي من تدابير إحتياطية نظرا لأن هذه الأخيرة من الإختصاص المطلق للقاضي الفرنسي وفقا للقانون المدني.

 

والحقيقة أن قاعدة إلزامية القانون المنطبق بالنسبة للأعمال افستقرائية والتحضيرية والأعمال الإختياطية للمحكمة المتعهدة بالقضية هي قاعدة عامة من قواعد القانون الدولي الخاص ونجد لها أثرا تقريبا في جميع القوانين الأوروبية كالقانون الألماني والبلجيكي والإيطالي والفرنسي وكذلك بالقوانين العربية كالقانون اللبناني والتونسي والكويتي والليبي والأردني.

 

النقطة التطبيقية التالية هي المتعلقة بإتخاذ الزوج العربي لجنسية من جنسيات أحد الدول الأوروبية التي تنتمي إليها الزوجة.

 

وهنا يطرح إشكال قوانين الجنسية المطبقة بالبلاد التي ينتمي إليها الزوج العربي. حيث يمكن أن تنص أخد قوانين الجنسية لهذه البلدان على أن إكتساب جنسية أخرى يسقط الحق في الجنسية الأصلية بشكل لا يسمح بالتالي بوجود حالة ازدواج في الجنسية وهنا يصبح الزوج فرنسيا أو بلجيكيا أو هولنديا أو سويسريا مثلا ويتنازل عن جنسيته الأصلية بشكل لا يسمح بعده بإمكانية مطالبته بتطبيق قانون تلك البلاد العربية الأصلية أمام المحكمة المتعهدة بالنظر في قضية طلاقه من مفارقته الأوروبية.

 

وبعض القوانين العربية مثل القانون التونسي غيرت في أحكامها من أجل حل هذه الإشكالية فأصبحت احكامها تنص على أن اكتساب المواطن لجنسية أخرى مغايرة لجنسيته الأصلية لا يفقده الحق في هذه الأخيرة باعتبار أن الجنسية التونسية لا تفقد إلا بأمر. وهذا الحل ناجع في رأيي لحل عدة إشكالات تطبيقية عند الطلاق المختلط.

 

النقطة التطبيقية الثالثة والتي تستوجب الإنتباه هي نظام الأملاك المشتركة المنطبق زمن إيقاع الطلاق:

 

وكما هو معلوم فأغلبية القوانين الأوروبية تتبنى نظام أملاك مشتركة بين الزوجين بحيث تكون كافة الأملاك المقتناة من قبل احد الزوجين إثر الزواج  أملاكا مشتركة بينهما يتحاصصانها مثل تحاصص الشركاء ويكون النظام المالي للزوجين اشبه منه بالنظام الخاص بشركة المحاصة.

 

وعند إيقاع الطلاق وفي حالة الأملاك المشتركة يقع عادة تقاسم تلك الملاك أنصافا بين الزوجين حتى وإن كان أحدهما قد اشترى أغلب الأملاك والأشياء لضرورة الحياة الزوجية وغيرها كالمنزل المشترك والمنازل الثانوية والشاليهات وغير ذلك.

 

وعلى سبيل المثال فإن تطبيقات هذه الأحكام بالقانون الفرنسي تختلف حسب الزمان الذي وقع فيه عقد قران الزوجين فإذا كان هذا الخير قبل 1 سبتمبر 1992 وهو تاريخ دخول معاهدة لآهاي حيز التطبيق فإن القانون الذي سوف يطبقه القاضي في الغالب هو قانون محل الزوجية تاريخ الزواج. أما إذا كان عقد القران مبرما بعد 1 سبتمبر 1992 فإن معاهدة لآماي المذكورة آنفا تنص على أحد الإمكانيات التالية:

إما تطبيق القانون الذي ينتمي  أحد الزوجين زمن إبرام العقد

أو تطبيق قانون أول مقر للزوجية والذي اختاره الزوجان تاريخ إبرام العقد

أو مكان إقامة أحد الزوجين تاريخ إقامة الدعوى

وبالتالي ففي كل الحالات وإذا إختار الزوجان فرنسا يكون من الصعب على القاضي عدم تطبيق القانون الفرنسي.

 

ومن الملاحظ أن إتفاقية لاهاي رغم عدم توقيعها إلا من بعض البلدان الأوروبية فقط إلا أنه يقع تطبيق أحكامها بحذافيرها من القضاة الفرنسيين نظرا لطابعها المفتوح باعتبارها معاهدة "دولية مفتوحة للتوقيع عليها من قبل كافة الدول"

 

النقطة التطبيقية الرابعة والتي تتطلب الإنتباه هي تطبيق الحكام الصادرة عن محاكم أجنبية (عربية مثلا) بالدول الأوروبية:

 

من الناحية النظرية فإن كل طلاق مصرح به بالبلدان الأجنبية يقع تطبيقه بالبلدان الوروبية وبالتالي يمكن صاحبه من الزواج مرة أخرى نظريا. إلا أن ذلك غير ممكن من الناحية التطبيقية. فحتى وإن صدر الحكم بالبلاد الغير أوروبية بالطلاق ثم وقع الإدلاء به إلى المصالح الديبلوماسية لتلك البلاد الأوروبية لا يمكن أن يعطي نتيجة إلا عند نظر الهيآت القضائية للبلدان المستهدفة في أحكام الطلاق تلك وإعطاء رأيها فيها.

 

ذلك أن الهيآت الدبلوماسية لا سلطة لها في ترسيم أحكام الطلاق الجنبية بسجلات الحالة المدنية للأطراف التابعين لبلادها وسلطة النظر في ذلك هي من الإختصاص المطلق للهيآت القضائية دون غيرها.

 

وفي هذه الحالة يستوجب الإلتجاء للهيأة القضائية الموجودة بالبلاد الوروبية المستهدفة قصد طلب إنفاذ العمل بحكم الطلاق الصادر بالبلاد العربية. ويقوم على إثر ذلك قاضي محكمة التطبيق بمراقبة جواز حكم الطلاق الأجنبي الصادر من حيث إحترامه لحقوق الدفاع وكافة الأحكام المتعلقة بالنظام العام بالبلاد الأوروبية المستهدفة. ثم يصدر اعترافه بذلك الحكم في شكل صيغة تنفيذية مما يجعله نافذا كأي حكم داخلي بالبلاد المستهدفة.

 

كل هذه الملاحظات تسوجب التفكير فيها والإهتمام بجوانبها العديدة والتي تكون معقدة في أغلب الأحيان مما يتطلب من المحامي أو الباحث القانوني إلفات نظر حريفه إلى طولها من الناحية الزمنية والإجرائية.

 

والله ولي التوفيق

 

د. إلياس بلطيفا

محامي دولي

مجموعة جوريس الدولية للمحاماة

باريس

http://www.juris-international.com

 


  fanas    عدد المشاركات   >>  7              التاريخ   >>  1/2/2008



 

الزميل العزيز د. إلياس ومضات رائعة تستوجبنا الوقوف بخصوصها مطولاً في المستقبل .

fanas

 



  بلطيفا    عدد المشاركات   >>  5              التاريخ   >>  3/2/2008



الأستاذ العزيز ضياء فنس

أنا أيضا في إنتظار ملاحظاتكم الرشيقة والتي عهدتكم عليها دوما وللنقاش في هذا الموضوع بقية...

ويمكنكم دائما مراسلتي على الإيميل juridicom@gmail.com

مع خالص تحياتي...

د. إلياس بلطيفا

محامي دولي
باريس

http://www.juris-international.com

 


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2200 / عدد الاعضاء 62