"مدي جواز حلول المؤمن محل المؤمن له في الرجوع بالتعويض"
تمهيد
"لنفرض أن الخطر المؤمن منه قد تحقق بخطأ الغير ولم يكن هذا الخطأ مستبعداً من نطاق التأمين بشرطة صريح في الوثيقة ففي حال تحقق هذا الفرض يحق للمؤمن له الرجوع علي المؤمن بمبلغ التأمين وعلي الغير المسئول عن تحقق الخطر المؤمن منه بالتعويض فهل يجوز للمؤمن الرجوع علي الغير المتسبب في وقوع الخطر والذي نتج عنه ضرر للمؤمن يتمثل في التزامه بالوفاء بمبلغ التأمين وذلك إعمالاً لقواعد المسئولية التقصيرية ؟ ، والمنصوص عليها بالمادة 163 من القانون المدني والذي قضي بالتالي " كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض".
قاعدة عامة
رأي الفقه القانوني . ومن المعروف قانوناً أن للمسئولية التقصيرية أركان ثلاثة هي وكما عبرت عنها محكمة النقص بقولها " أن المسئولية التقصيرية لا تقوم إلا بتوافر أركانها الثلاثة من خطأ ثابت في جانب المسئول إلي ضرر واقع في حق المضرور وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث يثبت أن الضرر قد نشأ عن ذلك الخطأ ونتيجة لحدوثه"
(الطعن رقم 533 لسنة 68 ق جلسة 5/1/1939 م.ف 2 ع ص 452)
لذا ذهب اتجاه في بداية الأمر إلي أن المؤمن يستطيع الرجوع علي الغير المسئول بدعوى شخصية استناداً إلي قواعد المسئولية التقصيريه إلا أن هذا الرأي سرعان ما هجر لعدم اكتمال عناصر المسئولية التقصيريه ( أحكام قانون التأمين د/ محمد حسين منصور ص 259 ).
رأي القضاء المصري . جاءت أحكام محكمة النقص المصرية بإجابة صريحة علي هذا التساؤل في العديد من أحكامها التالي ذكرها :
¨ "التزام المؤمن بدفع قيمة التأمين للمؤمن له المضرور سببه عقد التأمين وليس خطأ الغير المسئول عن الحادث مؤداه عدم وجود علاقة سببية مباشرة بين خطأ الغير وبين الضرر الذي تحمله المؤمن بدفعة التعويض أثره عدم جواز تأسيس رجوع المؤمن علي المسئول علي قواعد المسئولية التقصيرية . "
(الطعنان رقما 1622، 3639 لسنة 60 ق – جلسة 11/12/1997)
¨ " ليس للمؤمن أن يرجع علي فاعل الضرر في التأمين علي الأشياء إذا كان المسئول عن الحادث غير المؤمن له،إلا اذا اتفق في عقد التأمين علي أن يحل المؤمن محل المؤمن له في حقوقه ودعواه قبل المسئول عن الحادث المــــؤمن منه ".
(روض الفرج 25 مايو 1975 المحاماة 37 رقم 560 ص 1338)
¨ "خطا الغير المسئول عن وقوع الحادث – وعلي ما جري به قضاء محكمة النقض – ليس هو السبب المباشر لالتزام المؤمن بدفع قيمة التأمين ، للمؤمن له المضرور من هذا الحادث حتى يمكن القول بأن رجوع المؤمن علي المسئول مؤسس علي المسئولية التقصيرية باعتبار أن المسئول قد سبب التزام المؤمن بدفع قيمة التأمين إلي المؤمن له هو عقد التأمين ذاته فلولا قيام هذا العقد لما التزام بدفع مبلغ التأمين رغم وقـوع الحادث ".
(جلسة 11/12/1997 الطعون رقم 1622 ، 3639 لسنة 60 ق)
ومن هنا تتضح لنا القاعدة العامة في هذا الشأن هي "عدم جواز ذلك لعدم اكتمال عناصر المسئولية التقصيرية ولعدم وجود علاقة سببية مباشرة بين الخطأ المرتكب وبين الضرر الذي تحمله المؤمن".
استثناءات
الاتفاق علي خلاف ذلك . حيث أنه يجوز الاتفاق علي خلاف ذلك وفقاً لنظرية الحلول "الاتفاقي" لذا درجت شركات التأمين تضمين الوثائق شرطاً يخولها وحدها الحق في الرجوع علي الغير المسئول ، وهذا ما يطلق عليه شرط الحلول .
نص القانون علي خلاف ذلك . كما أنه قد يرد ضمن نصوص المواد القانونية ما يجيز الحلول القانوني في بعض الحالات مثل :
¨ نص المادة 771 من القانون المدني والذي قضي بأن "يحل المؤمن قانونا بما دفعه من تعويض عن الحريق في الدعاوى التي تكون للمؤمن له قبل من تسبب بفعله فى الضرر الذى نجمت عنه مسئولية المؤمن ، ما لم يكن من أحدث الضرر قريباً أو صهرا للمؤمن له ممن يكونون معه فى معيشة واحدة ، أو شخصا يكون المؤمن له مسئولا عن أفعاله".
ومن هنا يتبين لنا أنه لا يجوز للمؤمن أن يحل محل المؤمن له استناداً للمسئولية التقصيريه إلا بمقتضي نص اتفاقي أو قانوني يقضي بخلاف ذلك .
وهذا ما أكدته حرصت علي تأكيده محكمة النقض في العديد من أحكامها :
¨ " وبالتالي فلم يكن سبيل لأن يحل المؤمن محل المؤمن له قبل المسئول إلا عن طريق الحوالة أو الحلول الأتفاقي"
(جلسة 11/12/1997 الطعنان رقما 1622 ، 3639 لسنة 60 ق)
¨ " حلول المؤمن محل المؤمن له لا يكون إلا بالحوالة أو بالحلول"
(الطعنان رقما 1622، 3639 لسنة 60 ق – جلسة 11/12/1997)