اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
عمر سكينجو
التاريخ
6/14/2002 8:08:00 AM
  قبول البينة الظرفيةفى الاثبات .نموذج من احكام الفضاء فى السودان .      

الزملاء الاعزاء
فى اطار تحقيق اهداف المنتدى والتى منها تبادل المعلومات حول القوانين السارية فى دول المنطقة العربية والنظم القضائية فى هذه الدول .يسرنا المشاركة فى نشر نماذج لاحكام صلدرة من القضاء فى السودان . تناقش هذه الاحكام عدد من المبادى والقواعد المعمول بها . ويتم عادة نشر هذه الاحكام فى مجلة الاحكام القضائية السودانية . وهى مجلة تصدر سنويا تحتوى على اهم الاحكام الصادرة من محاكم الاستئناف والمحكمة العليا خلال العام . والنموذج الاول الذى نتناوله ما جرى عليه العمل فى السودان بشان البنة الظرفية وشروط الاخذ بها وتاسييس الادانة عليها .وحتى تكتمل الصورة ننقل ماجاء فى هذا الحكم بالنص وقد تم نشره فى مجلة الاحكام القضائية لسنة 1980 صفحة 85 .والا ن الى الحكم .


المحكمة العليا
القضاة
سعادة السيد محمد الفضل شوقى قاضى المحكمة العليا رئيسا
سعادة السيد الامين محمد تاتاى قاضى المحكمة العليا عضوا
سعادة السيد زكى عبدالرحمن قاضى المحكمة العليا عضوا

حكومة السودان ضد عبددالله حسن على
الرقم م ع / م ك/ 31 /1980
المبادى :
1/ لقبول البينة الظرفبة فى الاثبات فى القضايا الخطيرة كالقتل يجب ان يتوفر شرطان لللادانة ::
ا/يجب ان تكون الوقائع الؤدية للتجريم متعارضة مع براءة المتهم او ادانة اى شخص اخر وان تكون غير قابلة لاى تفسير يستند الى افتراض معقول مما يغاير الادانة والا فيلزم ان يفسر الشك لصالح المنهم .
ب/ يجب ان تثبت الظروف التى يراد بها استخلاص استنتاج منها ضد المتهم بدون شك معقول كما يجب ان تكون تلك الظروف متصلة بالواقعة التى يراد استخلاصها منها .
2/جرى العمل على ضرورة تلييد اقوال قصاصى الاثر ببينة اخرى فى الجرائم الخطيرة كما قررت الفقرة الثانية من المنشور الجنائى رقم 38 اذ لابد من ثبوت جرم المتهم ببينة واضحة وقائمة على اليقين التام .
المحامون :-
الاستاذ عبد الصادق محمد عبد الصادق

( الحكم )
الراى الاول :القاضى فضل شوقى 4/8/1980 اصدرت المحكمة الكبرى فى مدينة الكاملين قرارها بادانة المتهم عبد الله حسن على بجريمة القتل العمد تحت المادة 251 من قانون العقوبات وحكمت عليه بلاعدام شنقا حتى الموت فتقدم الينا محامى الدفاع بطعن مستفيض يعترض فيه على الادانة ويرى ان القرار جا ضد الوزن الصحييح للبينات وان القرائن التى استندت عليها المجكمة غير مترابطة واهمها بينة قصاص الاثر التى جاءت مفتقرة للاسس الصحبحة التى كان يجدر ان تتبع قبل ان يعطى هذه الشهادة اى وزن باسقاط هذه الشهادة يرى مقدم الطعن ان الشهادات الاخرى تنهار على اثرها ويطلب من اجل ذلك اسقاط الحكم .
وباستقرا المحضر نجد ان الوقائع الجوهرية التى اقتنعت المحكمة الاولى بثبوتها ننلخص فى ان الشرطى شاهد الاتهام الثانى عثر عن طريق الصدفة على جثة فى الطريق العام وهو فى طريقه بعربة لمهمة رسمية .وتم اخطار الشرطة وقادت التحريات الاولية الى القبض على المتهم واستعانت الشرطة بقصاص الاثر شاهد الانهام الثالث والذى تعرف على التى كانت فى محل الجادث وما ان عرضت عليه اثار اقدام المنهم وسط اثار اخرى لمجموعة من الا شخاص حتى استدل عليها .. وكذلك قد ثبت ان المتهم بعد وقت قصير من الحادث النقى بجماعة فراوا دما فى ثيابه وكان كذلك ينتعل فردة واحدة لحذاء بقدمه اليمين . وقد اعطى للذين قابلوه تبريرا . وقد عثر على فردة حذائه الاخرى على مقربة من مكان الحادث واعترف انها تخصه .. وهناك شاهد الاتهام الحامس ذكر انه فى يوم الحادث راى من على بعد شخصين متماسكين وبالقرب منهما حمارين اتضح ان اوصاف احدهما تنطبق على حمار المتهم والاخر كان حمار القتيل اما المتهم فقد انكر التهمة واسفر تشريح الجثة عن الوفاة كانت نتيجة لطعنة اصابن صدر المتهم فادت الى نزيف وهبوط فى القلب .
تسالت المحكمة اول ما تسالت من هو الذى طعن المرحوم ؟ وهل الادلة كافية لاثبات ان الفاعل هو المتهم ؟ فاجابت بنعم عن ثقة ويقين اتفق معها فى ذلك اذ ان البينات الظرفية التى التى توفرت لهى من النرابط والمنعة بحيث لايجد الشك المعقول منفذا من خلالها فهناك اولا شهادة شهادة قصاص الاثر وهو خبير عريق فى مهمته وله برة ثلاثون عام وقد استطاع ان يتعرف على اثار المتهم ويفرزها من بين عدد من اثار اقدام اشخاص اخرين .عرضت عليه مرتين واكد انها نفس اثار الشخص الى تعارك مع الفتيل .وصحيح ان الاجراءت التى اتبعت لاختيار صحة شهادة هذا الخبير ليس هى حرفيا المفصلة فى المنشور 38 ولكنها بشكل عام كافبة فى رايتا للاطمئنان اليها والتعوبل عليها وهذا نفسه جا بالفقرة 4 من المنشور 38 .
بعد هذا تجى قصة فردة الحذاء الدى اعترف المتهم انها تخصه وقد وجدت على مقربة من مكان الحادث ويقول المتهم انه سقط من على ظهر حماره ناسيا ان من يسقط وتخرج فردة حذائه من رجله فى الظروف العادية لا يواصل سيره من دون ان يلتقطها وان الدى يتركها لابد ان يكون فى عجلة مريبة من امره .وهذا ينطبف غلى الحالة التى كان علبها المنهم بعد ارتكابه الحادث من نجد بعد ذلك اثار الدماء التى راها الشهود على ملبس المتهم بعد الحادث بقليل وكيف لجا الى تبريرها بالكدب وادعى انها دماء بهيمة ذبحها وقد اختفت الملابس الملوثة بعد ..0انصراف المتهم الى منزله ولم تغثر علبها الشرطة وفى هذا رد على محامى الدفاع الدى يسال عن لمادا لم يتم الكشف على اثار الدما ء لمرفة ان كاتن فعلا دماء بشر ام حيوانات .
ويستمر ورود القرائن فنجد فنجد امامنا اقوال الشاهد الدى ابصر من بعيد شخصين يتعاركان فى مكان الحادث وبجانبهما حمارين ارتبطت اوصاف احدهما على حمار المتهم .فهل يمكن انيساورنا بعد كل هدا شك فى موضوع الشخص الذى طعن المرحوم وتسبب فى وفاته ؟ ان القاعدة الاصولية فى شان البينات الظرفية هى انها ينبغى ان تكون مترابطة ةلا تحمل الا تفسيرا واحدا ادا ارادت المحكمة ان تجعلها اساسا للادانة ... فهل هناك اى تفسير هناك اى تفسير اخر لحالة شخص وجدت اثار قدميه فى محل الحادث وبالقرب من جثة القتيل ثم عثر على فردة حذائه فى الطريق الممتد فى دلك المكان والدى يمكن ان يكون اتبعه وهو يبتعد عن المكان بعد ارتكابه الجريمه وقد شاهده اناس بعد ذلك وملابسه ملطخة بالدماء وثبت اخيرا ان حمارا تنطبق اوصافه على حماره كان فى محل الحادث ... هل يمكن ان تتحمل هده القرائن اى تفسير سوى ان هدا الشخص هو الدى طعن القتيل ؟ الاجابة طبعا بالنفى . والخلاف بيننا والمحكمة الاولى ينحصر فى الظروف الاستثنائية التى وقع تحت ظلها الحادث ويهمنا منها ظروف المعركة المفاجئة . فان البينات تشير الى ان الحادث وقع خلال مشاجرة وان الطرفين تماسكا وتجاذبا وتشاددا وتركا اثار عراك عنيف فى محل الحادث .تحدث عن هذا المتجرى وشاهد الاتهام الدى راء الطرفين متعاركين وحماريهما الى جوارهما وتحدث ايضا قصاص الاثر الدى اكد ان موقع الجربمة يخبر عن ذلك وليس لديتا نفاصيل عن مدى المعركة وشكلها وما حدث على وجه التحديد ولكننا ملزمين بان ناخذ الاحتمالات التى فى صالح المتهم مادامت لا تتعارض مع البينات الاخرى المتوفرة ومن اجل هدا علينا ان نعتبر بانها معركة مفاجئة نشبت حينما التقى الطرفان فى الطريق العام وق جات الطعنة من الامام حسب افادة الطبيب مما ينفى انها كانت بغدر وكانت طعتة واحدة وهدا ينفى الوحسية او الشراسة ومادام اقتنعنا ان المعركة مفاجئة ودون سابق تدبير نصل الى ان المعركة مفاجئة مما يتعين معه تعديل الادانة الى المادة 253 عقوبات ونعدل العقوبة الى السجن اربعة عشر عاما ابتدا من بداية الحبس من 11/2/1979 اخذين فى الاعتبار الظروف التى تمت فيها الاحداث والظروف الخاصة بالطرفين .

الراى الثانى :القاضى زكى عبدالرحمن
الوقائع الجوهرية للقضية المعروضة هى كما لخصها زميلى المحترم مولانا شوقى الا نقطة واحدة هى اننا وخلافا لمذهب الزمبل المحترم ارى انه ليست هناك ادلة مقبولة تثبت ان المتهم شوهد بعد الحادث ينتعل فردة واحدة لحذاء .
ولاخلاف قبل هدا وبعده على ان المجنى عليه قد مات مقتولا ولا انه ليست هناك ادلة مباشرة يستدل بها على الجانى .ولا يتعدى المتاح من الادلة بعض الفرائن التى ابرزها الزميل محمد الفضل شوقى فى مدكرته .
بيد ان الاختلاف - مع الاحترام اللازم - انما حول كفاية تلك القرائن لادانة المتهم بجريمة القتل العمد وهى من الجرائم الخطيرة ان لم تكن اخطرها على الاطلاق .
ولغله من المناسب تستعيد هنا نظرة محاكمنا لما يسمى بالبينات الظرفية فى اثبات الجرائم عموما .
زونحن حين نفعل ذلك ببتغى تحقيق استقرار المبادى اما تمسكا بما سار عليه العمل او خروجا صريحا على ذلك وبذلك يستبين الكافة حقوقهم وواجباتهم .
ولما كان الرجوع الى المبادى المستقرة بشان ادلة القرائن ضرورية فانه يطالعنا فى هذا ما جاء فى حكم المحكمة العليا فى قضية حكومة السودان ضد محمد بحر المنشورة بمجلة الاحكام القضائية لسنة 1973 على صفحة 373 جاء مايلى ( فمن المسلم به وجود مبداء اساسى يلاقى اجماعا على النطاق العالمى بان القضاياء الجنائية التى يقوم فيها الاثبات على البينات الظرفية يلزم ان يتوافر شرطان للاعتماد عليها كدليل لادانة المتهم :-
فأولا:- يجب ان تكون الوقائع الؤدية الى التجريم متعارضة مع برأة المتهم او ادانة اى شخص اخر وان تكون غير قابلة لاى تفسير يستند الى افتراض معقول بما يغير الادانة والا فيلزم ان يفسر الشك لصالح المتهم .
ثاتيا :- يجب ان تثبت الظروف التى يراد استخلاص استنتاج منها ضد المتهم بدون شك معقول كما يجب ان تكون تلك الظروف متصلة بالواقعة التى يراد استخلاصها منها .
وبشان بيتة قصاص الاثر ورد فى سابقة على فضل الله المتشورة بنشرة الاحكام يونيو1977 على صفحة 35 مايلى (ان العمل جرى على تلييد اقوال قصاص الاثر ببينة اخرى كما قررت الفقرة الثانبة من المنشور الجنائى 39 وهذا حق وعدل خصوصا فى مثل هذه الجرائم الخطيرة اد لابد من ثبوت جرم المتهم ببينة واضحة وقائمة على اليقين التام )
ولستا بصدد الدخول فى جدل فقهى حول مدى الزامية هذه المبادى لنا فى ضو النتائج المحددة التى توصلت اليها المحكمة فى تلك القضاباء او فى ضو اى اعتبار اخر , حيث اننا نكون فى غنى عن ذلك متى ما كانت تلك المبادى مقبولة لديتا من حيث المبدا .
ولاننى لاارى مايحملنى على الاعتقاد بان هذه المحكمة قد تخلت عن تلك المبادى أمضى الى تطبيقها فى القضية المعروضة .
وهنا فان البينة التى اعتمدت عليها ادانة المتهم هى ان المتحرى وقصاص الاثر قد لاحظا وجود اثار اقدام فى ساحة الجريمة تبين منها ان احد الاشخاص كان ينتعل حذاء فى قدم بينما كانت القدم الاخرى حافية وقد تعرف قصاص الاثر فيما بعد على اثر المتهم باعتباره هو الاثر الذى وجد فى ساحة الجريمة .
وبمراجعة الاجراءت فى مراحلها المختلفة تبرز الملاحظات الاتبة بشان هذه البينة الظرفية :-
(أ) رغم ان كلا الشاهدين -المتحرى وقصاص الاثر- قد زارا مكان الحادث فانهما اختلفا حول القدم الحافية التى وجد اثرها فى مكان الحادث ,فبيتما يقول المتحرى ان القدم اليسرى هى التى كانت حافية يصر قصاص الاثر على ان القدم الحفية كانت اليمنى .ومن اول وهلة قد تكون الملاحظة تافهة مادام طابور الشخصية شمل القدمين حافيتين .غير ان من الواضح ان تركيز قصاص الاثر لابد قد انصب على قدم دون اخرى ومن الطبيعى ان يكون تركيزه قد انصب على ما اعتقده هو القدم التى راى اثرها وهى حافية فاذا ما كان هناك شك حول اى القدمين كانت حافية فلا ريب فى ان ذلك الشك يمتد بالضرورة ايضا الى نتيجة الطابور وذلك بحكم حقيقة هامة سافصلها فيما بعد هى ان التعرف على الاثر لا تحكمه معايير علمية .
(ب) وقع الحادث فى 10/2/1979 وزار قصاص الاثر المكان فى نفس اليوم ولما كان مواعيد البلاغ الساعة الخامسة والنصف مساء فلابد ان الزيارة كانت بعد مغيب الشمس او قبله بقليل واجرى طابور الاثر فى العاشرة من صباح يوم 13/2/1979 . ومع ذلك جزم قصاص الاثر ان تعرف على اثر المتهم .
واذا علمنا ان المتحرى قد اكد ان الاثار لم تحفظ ( بتغطيتها مثلا )وان الذين عثروا على الجثة ثم حملوها بعد ذلك لابد قد تركوا اثارهم على الساحة فانه يصبح من غير المقبول الاطمئنان الى افادة قصاص الاثر بان ماراه مساء يوم 10/2 ظل مطبعا فى ذهنه حتى يوم 13/2 ..
اننى لا استهين بفراسة قصاصى الاثر واؤمن بانهم رجال موهوبون على اننى لا اعتقد ان امنشور الجنائى 38 يسبغ على بينة قصاص الاثر وزنا يعلو على طبيعة تلك البينة تماما كما لاينقص من وزنها اذا خالفت بعض الاجرات الا انه من الخطورة بمكان ان تكون موهبة لا ترضخ لمعير علمية ولانسان يحتمل اغراءت البشر واهوائه ومزالقه اساسا للادانة فى جريمة خطيرة كهذه خاصة اذا ما احاطت بها اوجه ( القصور )التى اشرت اليها .
والقرينة الثانية التى اخذت على المتهم هى ان فردة من حذائه وجدت فى مكان ليس بالقريب كما ذكر انما غلى بعد اثنين من الكيلومترات وقد اخذ هذا قرينة دالة على امرين هما :-
اولا :- ان الاثر فى مكان الجادث هو اثر المتهم .
ثانيا :- ان المتهم لابد كان فى عجلة من املره والا لما مضى فى طريقه تاركا فردة الحذا وراءه .
ولو ان فردة الحذاء وجدة فى مكان الحادث نفسه لصحت القرينة بعض الشئ الا ان ثبوت واقعة وجود فردة حذاء المتهم وان صادفت وقتا وقع فيه حادث قتل ليس قرينة تربط المتهم بتلك الجريمة وليس غريبا ان يكون الامر محض صدفة .
لفد لاحظت ان العثور على فردة الحذاء كان بمثابة المفتاح فتح لسلطات التحرى بابا حتى ان المتحرى دون فى يومية التحرى انه يعرف صاحب الحذاء فكان ان اتجهت اصابع الاتهام كلية نحو المتهم وكانت هذه اللهفة لجمع كل قرينة من شانها ان تقوى الشك على المتهم ومن ذلك ان شخصا شاهد رجلين احدهما حماره ابيض ولان للمتهم حمارا ابيض اصبحت هذه قرينة عليه .هذا مع ان يقينى ان الحمير البضاء فى تلك المنطقة قد تكون بعدد ساكنيها من البشر وق تزيد .
وقد كان تفسير المتهم لوجود فردة من حذائه فى المكان الذى وجد فيه تفسيرا مقبولا ومعقولا فى رائ فقد ذكر انه حين لم يوفق فى بيع كل مالديه من لحوم فى الكامبو اتجه نحو محطة السكة حديد وهناك قابلته عربة مجروس جفلت على اثر صوتها دابته فوقع على الارض فانزلقت فردة حذائه فحملها معه ولكنها وقعت فى الطريق .
ويؤيد هذه الرواية ان الكشف الطبى علىالمتهم اثبت وجود خدوش على صدر المتهم وايليته وقد اشار التقرير الطبى ان ذلك لابد كان نتيجة لركوب دابة .كما يؤيدها ان المجريات ان المجريات الطبيعية للامور تسند هذه الروابة اكثر مما تسند ربط المتهم بحادث القتل وذلك لانه كانت فردة الحذاء قد عثر عليها على هذا البعد من مكان الحادث فان القول بان المتهم هو الشخص الذى وجد اثره حافى احدى القدمين فى مكان الحادث لا يستقيم عقلا اذ انه يعنى ان المتهم ورغم ما اتهم به من عجلة ورغم رهبة الموقف حمل فردة الحذاء دون ان ينتعلها ليلفى بها قصدا او سهوا على بعد اثنين كيلو متر من مكان الحادث . ولو ان المتهم كان حقا فى عجلة من امره او كان يحس برهبة لما تصرف على هذا الوجه :ولترك الحذاء فى مكان الحادث او انعلها فى الطريق وهو يبتعد منه . اما الاحتمال الاخر فهو ان المتهم قد ذهب الى مكان الحادث وبعد ان وقعت منه فردة الحذاء قبل ذلك وهذا ينفى اى احتمال لوجود ما يدعوه للعجلة كما انه اصلا تفسير غير مستساغ ولا يمكن ان يحدث فى الظروف العادية دون تفسير
وبهذا نجد امامنا قرينة اخيرة هى ان المتهم شوهد ليلة الحادث وعلى ملابسه دماء وفسر ذلك عند استفسار بعض الشهود بانه قادم من ( الجزارة ) وقد اخذ هذا قرينة لان الذبيح عادة يكون فى الصباح البكر .
وهنا شواهد كثيرة تضعف هذه القرينة :::
اولا ::- ان المتهم قصاب وقد ثبت انه قضى يومه فى محاولة لبيع ما لديه من لحوم وعليه فليس غريبا ان تبقى بقع الدم التى علقت بملابسه فى اى وقت فى ذلك اليوم الى حين عودته الى منزله .
ثانيا ::- هناك احتمال ان تكون بقع الدم من اثار الخدوش الناتجة من وقوعه من على الدابة . ثالثا ::- لم يثبت باى وسيلة ان الدماء التى كانت على ملابس المتهم كانت دماء بشرية ناهيك عن ان تكون من دماء المجنى عليه بل وليس هناك مايشير الى انها دماء بشرية او دماء حيوان ولقد تم تفتيش منزل المتهم وصحيح انه لم يعثر على اى ملابس ملطخة بالدماء وفضلا عن هذا ليس محسوبا على المتهم اذ ان الاثبات هنا يجب ان يكون بالايجاب لا بالسلب .فانه ليس غريبا ان تصبح ملابس المتهم او اى شخص اخر نظيفة بين عشية وضحاها حتى وان كانت ملطخة كلها بالدماء قبل ذلك , ذلك لانه لا يلزم ان تبقى الملابس على حال بعينه لاى فترة معينة بل على النقيض من ذلك فان الامر الطبيعى هو ان تغسل الملابس اول باول .
ومما تقدم يتضح انه ليس من قرينة واحدة تستوفى شرط قبول البينة الظرفية وفق مانقلته فى بداية هذه المذكرة من احكام هده المحكمة . وغنى عن القول انه حتى اذا قويت قرينة فان ماهو مطلوب لها من تاييد لا يتحقق بالقرائن الاخرى لفرط ما تعانيه من وهن .
وعلى هذا فان ما اراه هو ان ما استقر من قضاء هذه المحكمة لا يترك مجالا لادانة المتهم فى ظروف الادلة المتوفرة امامنا على الرغم من ان المرحوم عبدالله حسن عبد الرحمن لابد قد مات مقتولا وعلى الرغم من ان اصابع الاتهام تشير الى شخص واحد هو المتهم عبد الله حسن عبد الجبار والعلم عند الله وحده ..
لما سبق فاننى ارى الغاء قرار الادانة وطلاق سراح المتهم فورا .
الراى الثالث :-
الفاضى الامين محمد الامين
مع احترامى لراى الزميل محمد الفضل الا اننى اتفق مع الزميل زكى عبد الرحمن فيما توصل اليه وذلك بتفسير الشك الذى صاحب ظروف هذه القضية لصالح المتهم .
الراى النهائى :-
الغاء قرار قرار الادانة وطلاق سراح المتهم فورا .
محمد الفضل شوقى .قاضى المحكمة العليا ورئيس الدائرة


  طارق زياده     عدد المشاركات   >>  0              التاريخ   >>  25/6/2002



الاستاذ عمر
اولا فكرة نشر نصوص الاحكام القضائية الصادرة من القضاء فى الدول العربية فكرة صائبة واعطت المنتدى نكهة جديدة .كذلك فى نشر الاحكام تواصل معرفة والمام حقيقى بالانظمة القضائية للدول.
ثانيا الحكم المنشور يوضح المقدرة القانونية الجيدة للفضاء فى السودان وحقيقة ذهلت من المستوى الراقى للتسبيب الذى صاحب الحكم واكثر ما اعجبنى اختلاف الاراء وطريقة كل قاضى فى كتابة رايه .ثم القرار النهائى الذى صدر بالاغلبية . وارى ان نظام الدائرة التى تتكون من اكثر من قاضى فى المحاكم الاعلى يمثل ضمانة قوية باصدار احكام صحيحة ولا اعلم اى الدول العربية تاخذ بهذا النظام ؟
كذلك فان هذا الحكم اعادنى الى ارشيف المحور العام الشاركة رقم 143 الطروحة من الاستاذ احمد زكى حول المدرسة القانونية فى السودان ومصر وكانت تحوى مداخلات ممتازة من الزملاء وخاصة الاستاذ موسى هاشم شانى .وكتب الاستاذ نصرالدين فى مداخلته ان الاحكام فى محاكم الاستئناف السودانية تصدر غير مسببة .ولكن مانقراه فى الحكم المنشور ينفى هذا القول .بل ان الحكم صادر منذ 1980 .وتضح منه ان المحاكم السودانية تصدر احكاما مسببة بل تسبيب راقى وعلمى وعادل .ولا ادرى من اين اتى الاستاذ بتلك المعلومة التى نشرت .ونتمنى من الاساتذة المتداخلين فى الموضوع السابق المداخلة الان لاثراء المزيد من النقاش حول تسبيب ونشر الاحكام .وخصوصا الاخ نصر الدين المشار اليه بعاليه .والاستاذ موسى ليتك تكتب حول نظام الدوائر التى تتكون من اكثر من قاضىكما قرانافى الحكم المنشورفى السودانوذلك فى القضاء السورى والاخوة فى مصر والسعودية وبقية الدول العربية .
طارق

  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  9/7/2002



الأخ عمر المحترم :
شكرا لك على هذه الفكرة المفيدة ،
بالنسبة للحكم ، فإن مناقشته ستكون وفق محورين : الأول يتعلق باًلأصول ( إجراءات صدوره ومناقشة القضية .. ) والثاني يتعلق بالموضوع من حيث ترجيح الأدلة والقرائن الواردة في القضية نفسها وطريقة مناقشتها .
في المحور الأول :
لاشك أن نظام الدوائر والمحاكم الجماعية يتيح مساحة أكبر لمناقشة القضية وتقليبها على وجوهها وتبادل الرأي حولها بين القضاة الثلاثة الذين يشكلون المحكمة .
وقد أجاز القانون في هذه المحاكم إصدار الحكم بالأكثرية . ومن ثم أعطى القانون الحق للمستشار المخالف بأن يعارض رأي زميليه في المحكمة ، وأن يتقدم بمخالفة مستقلة للحكم الصادر عن الأكثرية ، يبين فيها أوجه الخلاف وأسبابه ووجهة النظر الخاصة به مع الأسانيد القانونية .
ولكن الاجتهاد القضائي في سوريا ، أوجب على الأكثرية أن ترد على مخالفة المستشار وأن تبرر سبب عدم الأخذ بها ، سواء بشكل مستقل ، أو من خلال حيثيات قرارها ، بأن تذكر أوجه المخالفة والرد عليها . وهذا ما لم نجده في الحكم المنشور هنا .
وهذه النواحي شكلية وأصولية يحق لمحكمة النقض التعرض لها من تلقاء نفسها كونها تتعلق بالنظام العام وبضمان سير العدالة الجزائية وباحترام المبدأ العام القاضي بضرورة تعليل الأحكام تعليلا قانونيا شافيا يدل على أن المحكمة اطلعت على كل الدفوع وفهمتها وناقشتها المناقشة القانونية الوافية ، وينطبق ذلك على رأي المستشار المخالف أيضا .
أما بالنسبة للموضوع :
فإن تقدير رجاحة البينة وقوتها في الإثبات وتقدير كفايتها للتجريم ، لاسيما بجرم خطير كالقتل ، إنما يعود لمحكمة الموضوع نفسها التي وقفت على ظروف القضية ودرستها وسمعت الشهود فيها وقامت بالتحقيقات اللازمة للوقوف على الحقيقة .
علما أن القرائن الواردة في الحكم أعلاه لا تكفي للإدانة ، وإن كان القاضي مقتنعا بأن المتهم الماثل أمامه هو المجرم الحقيقي !.
ذلك أن القانون منع القاضي من الحكم وفق قناعته الشخصية ، وإنماوفق الأدلة والتحقيقات المطروحة بالقضية فقط .
والحقيقة أن العدالة الجزائية يجب أن تقوم على الجزم واليقين ، لا على الشك والتخمين ، والافتراض ممنوع في القضايا الجزائية .
وباستعراض القرائن الواردة في القضية ، فإنها ما تزال قاصرة عن حمل حكم الإدانة ، وإن كانت ترجح كفة الاتهام بحق المدعى عليه
ولكن قد يكون هناك تقصير في التحقيق الأولى الذي تولته الشرطة ، ومن ثم قاضي التحقيق .
ولكن إذا ما استطاع القاضي ربط تلك القرائن ببعضها في وحدة إثبات متماسكة تؤدي إلى نتيجة واحدة وهي إدانة المتهم بجرم القتل ، فإن الأخذ بتلك القرائن يكون مقبولا ومشروعا .
أما عن عنصر العمد ، فلا شك أنه منتف في القضية ولا دليل عليه ولا قرينة ، وقد أحسنت المحكمة باستبعاده .
هذا تعليقنا عسى أن يكون صائبا .
موسى شناني

 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 3506 / عدد الاعضاء 62