الأخت الفاضلة
صحيح أننا نحتاج لتقريب النظرة الأخلاقية والسياسية في مجتمعاتنا الإسلامية لإمكان التخفيف من القيود والاستثناءات التي تذهب بالعدالة وتطيح بالحقوق التي أرادها الله تعالى لنا؛ ولأننا أمة الإسلام الأقرب للحق والعدل والمثاليات التي يبحث عنها الجميع لتحقيق الاستقرار الإجتماعي والأمن العام في مجتمعاتنا؛ كما أن جميع أو معظم الدساتير في دولنا تنص على أن الشريعة الإسلامية هي جزء أساسي لا يتجزأ من القوانين الوضعية الأخرى التي قام البعض بالإجتهاد لنقلها من الشرق والغرب دون نظرات كافية للحفاظ على الأولويات المنطقية والشرعية؛ وللأسف الشديد وجدنا أنفسنا نبتعد شيئا فشيئا عن جذور ديننا وحضارتنا وأصولنا التي حفظتنا طويلا بعيدا عن الشتات الذي نعيش فيه..
المشكلة ليست دائما العدد الكافي للرقابة ولا بكثرة النصوص والقوانين بقدر ما يجب أن يكون هناك إنتماء داخلي أولا لكل فرد في المجتمع ولكل جماعة في الدولة ولكل دولة في الأمة - وبقدر حجم توحيد الإنتماء لأفراد المجتمع بقدر ما يمكن أن يتحقق الاستقرار القانوني والأمني والإجتماعي وتقل القضايا المنظورة أمام القضاء لوجود مراجع أخرى مثل الدين والضمير والعيب وغيرها من القيم التي يجب أن نتربى عليها ويتربى عليها أبناؤنا وأحفادنا والأجيال القادمة لو كان هناك أملا في الإصلاح الحقيقي
الحقيقة أن مشكلتنا قد تستند لكثرة الدساتير والقوانين المناقضة لبعضها ولجذورنا أولا - ثم تأتي مشكلة عجزنا عن تطبيق وتنفيذ ما ارتضاه كبراؤنا من قوانين وضعية أيضا لأسباب أهمها عدم رغبتنا في تطبيق القانون والحق والعدل على أنفسنا أولا؛ وبالتالي نهبط لأدنى درجات الإسلام الذي يمنع الظلم في مجتمعه ويعارض أن نقيم الحدود فقط على الضعيف في الوقت الذي نترك الشريف والقوي والغني دون مساءلة ومحاسبة كافية.
هناك في الكثير من مجتمعاتنا معايير مزدوجة تمنع الحق والعدل والإنصاف - كما نزعم أن مجلس الظلم الدولي (أقصد الأمن الدولي طبعا) يتبع معايير مزدوجة مع دولنا أيضا؛ ومن الأمثلة على ذلك غزو العراق دون تخويل ولا تفويض ومحاكمة رئيسه الشرعي؛ ثم الزعم بأنه هو الإرهابي الذي انتهك حقوق شعبه حتى إذا أعلنت محاكمته العلنية وجدناه من داخل القفص يحاكم الإحتلال ويقارن عهده بالعهد الجديد الذي تضاعفت فيه الجرائم
وهذه إيران التي وافقت على التفتيش على معاملها النوووية أيضا وتطالب بحقوقها في استغلال العلم الحديث والطاقة النووية في الأغراض السلمية رغم أن إسرائيل العدو الطبيعي لبلادنا تمتلك مئات القنابل الذرية والنووية كما أعلنوا - ولمن أهل الكفر والظلم يتركوا المعتدي بأسلحته لينزعوا عن الضعفاء أي أسباب للقوة المحتملة أيضا..
نفس المعايير المزدوجة وجدناها عند نجاح حركة حماس الشعبية - فدول الكفر والظلم العالمي تعطي إسرائيل المحتلة المعتدية الحق في هدم البيوت على سكانها الأبرياء وتمنع حق مقاومة الإحتلال والاستعمار الذي نصت عليه جميع شرائع السماء وقوانين الأرض زعما بأن الإرهاب الصهيوني دفاع وأن الدفاع الإسلامي إرهاب - هكذا دون حياء
المشكلة الأكبر من ذلك هي وجود البعض ضمن صفوفنا ممن لا ينتمي لأمة الحق والعدل ويزعمون أيضا أن الصهاينة مسالمون ويجب إعطائهم الحق في قتلنا وسلبنا ونهبنا - وأن المقاومة إرهاب يجب البراءة منه لإرضاء أمريكا ولو على حساب غضب الله تعالى الذي يسمع ويرى
هناك عدل أمر به الله تعالى - وهناك ظلم نستثيغه لمصالح شخصية مؤقتة جاهلين حجم الذنب والإثم عند الله تعالى - وهذه هي المشكلة الحقيقية لدينا - الإنتماء الحقيقي الواجب توفيره في مجتمعاتنا التي نرغب أن يرضى الله تعالى عنها وأن ينصرها الله تعالى على أعدائها الداخليين والخارجيين أيضا عملا بقوله تعالى: إن تنصروا الله ينصركم ..
فهل ننصر الله تعالى في شرائعنا وقوانيننا وحياتنا وانتماؤنا حتى ينصرنا على من عادانا؟ وشكرا جزيلا لطرح هذا الموضوع الذي يحتاج للمزيد من التفكر والدرس والتحليل