اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
abdoullahali
التاريخ
9/14/2005 8:55:52 PM
  التحديات أمام القضاء اللبناني في قضية اغتيال الحريري      

التحديات أمام القضاء اللبناني

في قضية اغتيال الحريري

 

تعتبر الدعوى المنظورة أمام القضاء اللبناني بخصوص التحقيق في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ، من أهم الدعاوى التي يمكن أن ينظر فيها القضاء اللبناني في كل تاريخه القديم والحديث .

وتأتي أهمية هذه الدعوى من عناصر كثيرة ، نذكر منها :

- إن جريمة الاغتيال بحد ذاتها تعتبر من أضخم جرائم الاغتيال التي يعرفها العالم . سواء من حيث الأموال التي رصدت لها حيث تتحدث بعض المصادر عن ملايين الدولارات أو من حيث التقنية العالية التي استخدمها الجناة في ارتكاب جريمتهم أو من حيث الظروف والملابسات السياسية والأمنية والإقليمية والدولية (ولاسيما قرار تعديل الدستور اللبناني بهدف التمديد للرئيس إميل لحود والقرار  1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي)  التي ارتكبت أثناءها جريمة الاغتيال وأخيراً من حيث أهمية المغدور في هذه الجريمة وهو الرئيس رفيق الحريري الذي كان رجلاً من وزن الجبال سواء على المستوى الوطني اللبناني أو على المستوى العربي والدولي .

- الهزة الارتدادية الحادة التي خلفها اغتيال الحريري على الساحتين اللبنانية والدولية . فقد شهد لبنان انقلاباً سياسياً وأمنياً أدى في بعض نتائجه إلى خروج القوات السورية من لبنان بعد حوالي ثلاثين عاماً من دخولها إليه . وإلى فوز قوى المعارضة بأغلبية مقاعد البرلمان . وإلى سلسلة تفجيرات واغتيالات أودت بحياة رموز هامة في الحياة الصحفية والسياسية اللبنانية .

- الاهتمام الدولي السريع بجريمة الاغتيال حيث تم بعد أيام معدودة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق برئاسة الضابط الايرلندي فيتزجيرالد ومن ثم لجنة تحقيق دولية برئاسة القاضي الألماني ميليس . وممارسة الكثير من الدول رقابة صارمة على مجريات التحقيق في هذه الجريمة .

- إن القرار الفاصل في هذه الدعوى ، سوف تترتب عليه نتائج بالغة الأهمية على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والقانونية في لبنان إلى درجة يمكن معها القول أن مصير دولة لبنان سوف يتحدد بناء على هذا القرار .

وبما أن القرار الصادر في هذه القضية يتوقف عليه مصير وطن كامل لذلك لا بد أن تكون الجهة التي تقوم بإصداره على درجة عالية من الكفاءة والاستقلال والحياد وأن تتوافر لها الإمكانيات المالية والتقنية والعلمية والقانونية التي تمكنها من الاستقصاء عن وقائع الجريمة وجمع الأدلة المتعلقة بها ودراستها وتحليلها واستخلاص الحقائق منها بروية وتمعن على نحو يتيح لها تكوين قناعتها الوجدانية التي سيصدر بناء عليها القرار الحاسم في هذه الدعوى .

لكن يبدو أن القضاء اللبناني قد عجز  عن تجاوز التحدي الأول الذي واجهه في هذه القضية ، فلم يستطع أن يفرض نفسه كجهة مناسبة للتحقيق في قضية الاغتيال  لعدم توافر اعتبارات الكفاءة والحياد والاستقلال . نستخلص ذلك من مجمل تصريحات أهل الحكم والمعارضة في لبنان التي تضمنت الكثير من الشكوك بقدرة القضاء على التحقيق في هذه القضية وكشف ملابساتها وإدانة فاعليها . ونتيجة ذلك فقد تتالت بعد ساعات قليلة من عملية الاغتيال الدعوات ، من قبل السلطة ، للاستعانة بخبراء أجانب (سويسريين) ، ومن قبل المعارضة لتشكيل لجنة تحقيق دولية تتولى مهمة الكشف عن حقيقة هذه القضية . ولا يمكننا هنا سوى تسجيل فشل السلطة القضائية اللبنانية في كسب ثقة المواطنين وإقناعهم بقدراتها وإمكانياتها على القيام بالمهام المنوطة بها ، وهو فشل سوف يضطر المواطنون اللبنانيون إلى دفع ثمنه غالياً . كما سوف تمر سنوات طويلة قبل أن تتمكن السلطة القضائية من استعادة الثقة المفقودة بها . ومن المفارقات هنا أن بعض الحقائق التي خلص إليها تحقيق القضاء اللبناني بعد أيام من جريمة الاغتيال ورفضت من قبل شريحة واسعة من المجتمع اللبناني وطبقته السياسية كتحديد سبب الاغتيال وأنه جرى من فوق الأرض والاشتباه بسيارة بيك آب بيضاء ، هذه الحقائق التي رفضت عندما أعلن عنها القضاء اللبناني لاقت الكثير من القبول والرضا والحماس عندما أعلن عنها رئيس لجنة التحقيق الدولية ميليس . ويبدو أن السبب في ذلك هو أن القضاء اللبناني عندما توصل إلى هذه الحقائق كانت تناقض رأي الجهة التي كانت تحمل قميص الحريري وتنادي بالثأر لدمه , فاعتبر البعض ، من أولي دمه ، ذلك إشارة إلى أن التحقيق يسير على غير ما يشتهي هؤلاء فقوبل بالرفض الحازم . أما عندما أعلن عنها رئيس لجنة التحقيق الدولية مع الإيحاء بأن الشبهة تحوم حول قادة الأجهزة الأمنية المطلوبة إدانتهم بإلحاح من قبل أولياء الدم  جرى القبول بها والتعامل معها على أنها حقائق ثابتة لا لبس فيها . ونحن نذكر كيف حاولت جهة المعارضة اللبنانية أن تسوق بكافة السبل لنظرية أن الانفجار وقع تحت الأرض وليس فوقها وقدمت أدلة وخرائط لإثبات وجود نفق تحت الأرض استعمل في زرع المتفجرات . وكان مجرد الحديث عن إمكانية وقوع التفجير فوق الأرض يستفز هذه المعارضة ويدفعها إلى اتهام القائلين به بمحاولة تضليل التحقيق وطمس الحقيقة . وقد انطلقت المعارضة في ذلك من واقعة أن بعض أعمال الترميم جرت في مكان التفجير قبل أيام من حدوثه فحاولت الاستفادة من هذه الواقعة لإلصاق التهمة بالسلطة الأمنية اللبنانية على أساس أن زرع المتفجرات تم أثناء القيام بأعمال الترميم وهذا كافٍ باعتقادها لإدانة الجهة التي تريدها أي السلطة اللبنانية .

والتحدي الثاني الذي عجز القضاء اللبناني عن تجاوزه ، هو رسم حدود واضحة بين مهمة لجنة التحقيق الدولية التي تتمثل بالاستقصاء والبحث وجمع الأدلة واستخلاص النتائج منها وبين مهمته المتمثلة بمحاكمة المشتبه بهم وفق الضمانات القانونية والدستورية وإعلان براءتهم أو إدانتهم . إذ أنه على الرغم من أن التحقيق القضائي في هذه القضية مازال في مرحلته الأولى ، إلا أن سلوك القضاة اللبنانيين الناظرين لهذه الدعوى ترك انطباعاً قوياً بتبعيتهم المطلقة للجنة التحقيق الدولية وعدم تمسكهم بالخطوط الفاصلة التي تميز عمل لجنة التحقيق ، وهو عمل تمهيدي يهدف فقط إلى جمع الأدلة والاستقصاء عنها كعمل الضابطة العدلية وبين عمل القضاء الذي يهدف إلى التأكد من كفاية الأدلة التي جمعتها لجنة التحقيق من أجل الإدانة . ويدل على ذلك أن القضاء اللبناني لم يُسمح له بالإطلاع على جميع الأدلة التي تملكها لجنة التحقيق ، إذ أن بعض الشهادات مازالت طي الكتمان خشية – كما يعلن – من تعرض هؤلاء الشهود لاعتداء معين . ويدل على ذلك أيضاً تلك التوصية التي رفعها المحقق الدولي ميليس إلى قاضي التحقيق اللبناني بتوقيف المشتبه بهم الأربعة إذ أن هذه التوصية تثير الكثير من التساؤلات حول استقلال القضاء اللبناني عن لجنة التحقيق ولاسيما أن مثل هذه التوصية تخرج عن اختصاص المحقق الدولي . وكذلك فإن هناك نقطة في غاية الأهمية كما نعتقد وهي أنه طالما أن لجنة التحقيق الدولية رفعت ملف الدعوى إلى القضاء اللبناني الذي حرك دعوى الحق العام ضد الأشخاص الذين اشتبهت بهم هذه اللجنة وباشر إجراءاته بشأنهم ، فهل يجوز بعد ذلك أن تتابع لجنة التحقيق عملها وأن تعيد استجواب المشتبه بهم وهم بين يدي القضاء المختص بمحاكمتهم ؟؟؟ ألا يوحي قيام لجنة التحقيق بإعادة استجواب المشتبه بهم ، أنها تسرعت بإحالتهم إلى القضاء المختص ؟؟؟ وأن قيام القضاء اللبناني بتوقيفهم بناء على توصية لجنة التحقيق كان أكثر تسرعاً ؟؟؟ إعادة الاستجواب تعني أن هناك حقائق مازال بالإمكان التقصي عنها وأن هناك أدلة يتعين التأكد منها مما يدل بشكل أكيد على أن أعمال المرحلة الأولية للتحقيق لم تنتهِ بعد فلماذا كان الاستعجال والانتقال إلى المرحلة التالية أي مرحلة التحقيق القضائي قبل انتهاء المرحلة الأولى ؟

 

يتبع

المحامي عبدالله علي

خاص سوريا للقضاء والمحاماة 

11/9/2005

www.alnazaha.net


  abdoullahali    عدد المشاركات   >>  9              التاريخ   >>  14/9/2005



يمكنكم قراءة مواضيع متعلقة من

خلال زيارة هذا الموقع

www.alnazaha.net



  abdoullahali    عدد المشاركات   >>  9              التاريخ   >>  15/9/2005



أ



  abdoullahali    عدد المشاركات   >>  9              التاريخ   >>  25/9/2005



أرجو من إدارة المنتدى حذف هذه المشاركة


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2047 / عدد الاعضاء 62