البدع في اللغة:
- قال ابن منظور:(( بدع الشيء يبدعه بدعاً وابتدعه : أنشأه وبدأه)) .
وبدّعه : نسبة إلى البدعةِ .
2ـ البدعة في الاصطلاح :
- اختلف العلماء في تحديد معنى البدعة في الاصطلاح على قولين:-
القول الأول :
ـ أن كل ما حدث بعد عصر الرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو بدعة ، سواء كان محموداً أو مذموماً . وقال به الشافعي ، والعز بن عبد السلام ، والقرافي ، والغزالي في الإحياء ، وابن الأثير.
-قال الإمام الشافعي:(البدعة بدعتان : بدعة محمود وبدعة مذمومة،فما وافق السنة فهو محمود وما خالف السنة فهو مذموم ).
-وقال العز بن عبد السلام في تعريف البدعة هي: ( فعل ما لم يعهد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
- وقد اعتمدوا في ذلك على ما ورد عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حيث قال في صلاة التراويح : ((نعم البدعة هذه ))..
القول الثاني :
أن البدعة تطلق على ما خالف السنة
-و به قال الشاطبي ،وابن حجر العسقلاني ،وابن حجر الهيتمي ، وابن رجب الحنبلي ، وشيخ الإسلام ابن تيميه ، والزركشي.
-قال شيخ الإسلام ابن تيميه:( أن البدعة في الدين هي ما لم يشرعه الله ورسوله ، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب ، فأما ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب ، وعلم الأمر به بالأدلة الشرعية : فهو من الدين الذي شرعه الله.... ،وسواء كان هذا مفعولاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يكن . وقال الشاطبي في تعريف البدعة:( البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ) .وهذا على رأي من لا يدخل العادات في معنى البدعة ، وإنَّما يخصّها بالعبادات . وأما على رأي من أدخل الأعمال العادية في معنى البدعة فيقول : ( البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية) ' البدع الحولية لـ عبد الله بن عبد العزيز بن أحمد التويجري،وهي رسالة علمية'.
من آداب قراءة القرآن أن يقول القارئ بعد الإنتهاء من القراءة ' صدق الله العظيم ' فهو إقرار بصدق كل ما قرأه وليس في ذلك شبهة أن يظن أن هذه الكلمة جزء من القرآن الكريم وفي استخدام هذه العبارة إشعار للسامع بإنتهاء القراءة فلو أم السامع قال أيضا : صدق الله العظيم , وبلغ رسوله الكريم أو نحو ذلك فهذا حسن أيضا , ويؤيد صحة هذه العبارة , قول الله تعالى لرسوله في القرآن الكريم ' *قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا , وما كان من المشركين * , أي قل يا محمد صدق الله فيما أخبر به , وفيما شرعه في القرآن الكريم . قال الإمام القرطبي في بيان آداب قراءة القرآن ومن حرمته إذا انتهت قراءته أن يصدق ربه ويشهد بالبلاغ لرسوله صلى الله عليه وسلم ويشهد على ذلك أنه حق : فيقول : صدقت ربنا وبلغت رسولك ونحن على ذلك من الشاهدين: اللهم اجعلنا من شهداء الحق , القائمين بالقسط ثم يدعو بدعوات , ومن هنا يتبين جواز قول صدق الله العظيم بعد الإنتهاء من تلاوة القرآن الكريم , وأن هذا أمر حسن وليس هو من البدعة في شئ.' فتوة الأستاذ الدكتور عجيل النشمي'
الرد على هذه الحجة
-لا شك أن كل الناس يؤخذ من قوله ويرد إلا الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم،فمما اتفقت عليه الأمة أن للعبادة شروط:-
الشرط الأول: الإخلاص.
الشرط الثاني:المتابعة بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أن قراءة القرآن من أنواع العبادة التي حث الله عليها ، ورتب على فعلها الأجر الكبير.
فحينما يقول القارئ بعد قراءته للقرآن 'صدق الله العظيم' نقول له صدقت يقول الله(( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً )) ويقول (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً)) ،وهذا لا شك فيه ألبته،لكن تقيد هذه القولة بزمن من الأزمنة أو حال من الأحوال ، لا بد من دليل عليه ، لأن الأذكار والأوردة لها عدة حالات:-
الحالة الأولى: الذكر المطلق وهذا لا شيء فيه يذكر الإنسان الله في كل وقت وكل حين من غير تحديد عدد معين أو وقت مخصص.
الحالة الثاني: الذكر المقيد ، مثل الأذكار بعد الصلاة وأذكار النهار وأذكار المساء وأذكار الخوف وركوب الدابة والسفر وغيرها ...فهذه تسمى أذكارا مقيدة وكل هذه جاء بذكرها وبيانها أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مما هو مشهور في كتب الصحاح والمسانيد، فقول القائل بعد قراءة القرآن 'صدق الله' هذا من الأذكار وهو تقيد بحال وهيئة مخصصة ، ولم يرد بوصف هذه الحال حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ونقول لمن يجوز مثل هذا الذكر من غير دليل شرعي
هل علم النبي صلى الله عليه وآله سلم وصحابته الكرام هذا الذكر أم لم يعلموه ؟
إن قال : لم يعلموه.
نقول: أأنت تعلم ما لا يعلمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما لا يعلمه الصحابة الكرام ..وهذا فيه من الجرأة ما فيه.
وإن قال: علموه.
قلنا : وهل فعلوه؟
إن قال: نعم فعلوه
قلنا :إلينا بالدليل وهات أثرا واحدا يدل على هذا ونحن نفعله معك
وإن قال: لم يفعلوه.
قلنا:لماذا لا يسعك ما وسع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته الكرام فإنه وسعهم عدم فعله أفلا يسعك أنت.
ب) ـ تفسير قوله عز وجل:( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ) في كتب التفاسير:-
1-تفسير القرطبي ص1379:1378الجزء الثاني،طبعة دار الريان:-
((أي قل يا محمد-صلى الله عليه وسلم- صدق الله انه لم يكن ذلك في التوراة 'فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا' أمر باتباع دينه 'وما كان من المشركين'رد عليهم في دعواهم الباطل.
2-تيسر الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لـ عبد الرحمن السعدي ص138 طبعة مكتبة الرشيد/الرياض:-
((أي فيما أضربه وحكم،وهذا أمر من الله لرسوله-صلى الله عليه وسلم- ولمن يتبعه أن يقولوا بألسنتهم:صدق الله،معتقدين بذلك في قلوبهم عن أدلة يقينية مقيمين هذه الشهادة علي من أنكرها.
3- مختصر تفسير الطبري لـ الصابوني ص115الجزء الأول،طبعة دار التراث العربي:
((قل يا محمد-صلى الله عليه وسلم-صدق الله فيما أخبرنا به)).
4-تفسير الجلالين ص70ط مكتبة الصفا:((في هذا كجميع ما أخبر به))
5- المنتخب في تفسير القران الكريم ص86،طبعة وزارة الأوقاف :-
((وبعد تعجيزهم أمر الله النبي-صلى الله عليه وسلم-أن يبين لهم أنه بعد إفحامهم ثبت صدق الله فيما أخبر،فاتبعوا شريعة إبراهيم)).
ـ ومن هذا نجد أنها لا يوجد في أي تفسير خبرا أو دليلا على أن تفسير هذه الآية أن يقول المتعبد بتلاوة القران داخل الصلاة أو خارجها عند الانتهاء صدق الله العظيم.
ـ كما لم نقف علي دليل واحد استند إليه القائلون بهذا القول-صدق الله العظيم - من سنة النبي العدنان -أحاديث-محمد صلى الله عليه وسلم،وهذا في حد ذاته دليل علي بدعية ذلك القول-علي التخصيص بانتهاء قراءة القران الكريم-،وذلك يوافق القاعدة الفقهية(الدليل عدم وجود دليل) أي( أن عدم وجود دليل علي سنية هذا الفعل-أي أن هذا الفعل أو القول من سنة النبي صلى الله عليه وسلم-هو في حد ذاته دليل علي بدعية هذا الفعل أو القول).
فتــــاوى