اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
عبد الله
التاريخ
4/1/2002 9:19:00 PM
  القانون الدولي العام الإسلامي وحقوق الدول وواجباتها      

القانون الدولي العام الإسلامي وحقوق الدول وواجباتها
لقد أناط التشريع الإسلامي تحقيق المصالح العامة بالدولة، وسلطاتها، ومؤسساتها، ممثلة في جهاز الحكومة وموظفيها على اختلاف مراتبهم وتنوع اختصاصاتهم، وكفاءاتهم، إقامة، وتنمية، وحفظاً.‏
وهناك مصالح ضرورية، أو مقاصد عامة أساسية، تعتبر "مفاهيم دستورية" ومباني تشريعية تتفرع عنها أحكام تفصيلية، نصاً أو دلالة، تنزل بتلك المفاهيم الكلية من أفقها التجريدي إلى مواقع الوجود عملاً، وهي راجعة إلى مصالح الأمة، أفراداً وجماعات، بحيث تغطي كافة حاجاتهم ومطالبهم الأساسية. وهذه المقاصد العامة الأساسية هي: الدين، والنفس، والمال، والعقل والنسل، ونوجزها فيما يلي:‏
1- المحافظة على الدين:‏
ويتم ذلك بأن تحمى الحقائق الدينية ممن يتعرض لها بالطعن، وقد روى البخاري وأبو داوود أن النبي ص) قال: من بدّل دينه فاقتلوه)، كما روى الجماعة أن النبي ص) قال: لا يحل دم امرئ مسلم إلا باحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) وهو متفق عليه. ويتبع المحافظة على الدين المحافظة على حرية التدين، وحماية الشعائر الدينية، وألا يتطاول أهل دين على دين آخر بالأذى. وكما منع الإسلام الاعتداء على الذين لا يدينون به من رعايا الدول الإسلامية فإنه يمنع أيضاً أولئك الذين يعتدون على حرية التدين الإسلامي للذين يقيمون في دولة غير إسلامية.‏
والمقصود هو المحافظة على الدين الإسلامي على أصوله المستقرة، لأنه قوام مُثُل المسلمين العليا، وفضائلهم الخلقية التي يمتازون بها إنسانياً وحضارياً، ويستهدفها سعيهم في حياتهم الدنيا، تلبية لحاجة روحية فطرية في الإنسان، وهي "فطرة التدين" وتحقيقاً لأصالتهم في وجودهم المعنوي داخلياً وعلى الصعيد الدولي، كأمة ذات خصائص ومقومات، فالدين والمثل العليا، من مستلزمات الوجود الإنساني أو مقوماته على الأصح . وقد جهد الإسلام في تشريعه أن يحقق الوجود المعنوي للفرد، والأمة، والدولة على السواء، إذ هو المقصود من الوجود المادي، وقوام الوجود المعنوي للفرد والأمة يتمثل في العزّة والكرامة الإنسانية والحرية الإنسانية.‏
2- المحافظة على الحق في الحياة وعصمة النفس:‏
قال تعالى: "من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس" أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً سورة المائدة: الآية 32) وقال تعالى: "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص، فمن تصدق به فهو كفارة له، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" سورة المائدة: الآية 45).‏
وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنو كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالأنثى" سورة البقرة: الآية 178)‏
وقال تعالى: "ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" سورة الأنعام: الآية 151)‏
وقال تعالى: "ولا تقربوا الزنى أنه كان فاحشة وساء سبيلا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" سورة الإسراء: الآية 32، 33)‏
وقال تعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون". سورة الفرقان: الآية 68).‏
ويتبع المحافظة على النفس، المحافظة على الكرامة، وعلى الحرية وغيرها من مقومات الشخصية الإنسانية، وذلك أداء لأمانة التكليف، وعمارة الدنيا والاصلاح في الأرض. قال تعالى:‏
"الذين إن مكناهم في الأرض، أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر" وهذا تجنيد للأمة كلها للقيام بمهمة الاصلاح في الأرض بجميع وجوهه مادياً ومعنوياً، وهو أساس الحضارة الإنسانية.‏
وفي الحقيقة، فإن حق الحياة في الإسلام مقدس وهو حق وواجب معاً.‏
3- المحافظة على المال:‏
قال تعالى: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا" سورة المائدة: الآية 38)‏
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان رسول الله ص) يقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً) رواه الجماعة إلا ابن ماجة.‏
وعن عائشة رضي الله عنها: إن قريشاً أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا من يكلم فيها رسول الله ص)، ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم )، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال: أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فخطب فقال: يا أيها الناس، إنما ضلّ من كان قبلكم، إنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها.‏
وهذا النوع من المحافظة يعم رعايا المسلمين ورعايا غيرهم، فاتلافه لا يجوز في الأرض الإسلامية وغيرها، لأن إفساد خيرات الأرض يتجافى عن خلافة الإنسان في هذه الأرض. كما أنه يتوجب استثمار هذه الأموال وتيسير السبل إلى ذلك بالطرق المشروعة، والتصرف فيها حسبما سنّ الشارع ورسم خشية أن تفنى أو لا تفي.‏
4- المحافظة على العقل:‏
قال تعالى: "إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه" سورة المائدة الآية 90).‏
فعقول المسلمين جوهر فطرتهم الباطنية، وأساس إنسانيتهم ومناط التكليف والمسؤولية، وسبب التقدم الإنساني والحضاري، ثقافة وعلماً، وإبداعاً، وتدبيراً سياسياً بوجه خاص.‏
ويكون حفظ العقول بتحصينها من كل ما يشل طاقاتها الفكرية المتجددة، وغير المحدودة، وذلك بتحريم ومنع السكر والمخدر من جهة، ويمنع التضليل الفكري بالنسبة للمستويات العقلية المحدودة عن طريق المجلات والكتب الوافدة الخ... بما تحمل من تيارات فكرية مضللة من جهة أخرى.‏
5- المحافظة على النسل:‏
والنسل مطلب تقتضيه الفطرة الإنسانية السليمة، من الأبوة والأمومة، ولذلك حرم الإسلام الزنى، وعمل على منع إشاعة الفاحشة، وأن هذا النوع من الحماية يكون على رعايا الدولة الإسلامية من مسلمين وغير مسلمين.
وإذا عدنا إلى الآيات القرآنية التي استشهدنا بها تحت عنوان المحافظة على الحق في الحياة على النحو المذكور أعلاه نجد أن كثيراً منها يقرن النهي عن قتل النفس بالنهي عن الزنى، ذلك أن بين الزنى وقتل النفس جهة جامعة، لان في الزنى قتلاً للنسل، وفي جريمة القتل قتل نفس واحدة، فإذا كانت جريمة القتل اعتداء على شخص واحد، فجريمة الزنى اعتداء على أنفس كثيرة، كانت تريد حياة كريمة فلم تنل الحياة، أو نالتها ذليلة مهينه.‏
هذه هي خلاصة المقاصد العامة الأساسية التي أناط التشريع الإسلامي تحقيقها بالدولة الإسلامية، سواء على النطاق الداخلي أم على النطاق الدولي.‏
وفي الحقيقة، فإن قواعد وأحكام القانون الدولي العام الإسلامي لا تخرج عن هذه المقاصد، سواء فيما تتمتع به الدولة الإسلامية من حقوق أم فيما يترتب عليها من واجبات في علاقاتها مع الدول الأخرى.‏
وسوف نكتفي هنا ببحث الحقوق الطبيعية الأساسية للدولة الإسلامية دون الحقوق المكتسبة الثانوية التي تخضع في حكمها للمعاهدات أو العرف، لننتقل بعدها إلى بحث واجبات الدولة الإسلامية.‏
الحقوق الطبيعية الأساسية للدولة الإسلامية‏
حق الدولة في البقاء:‏
يكون للدولة الإسلامية بل عليها أن تدفع ما يقع عليها من اعتداء عملاً بقوله تعالى:‏
"أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير".‏ سورة الحج/ 39/)‏
ولكن رد الاعتداء محدود بقدره التزاماً بقوله تعالى:‏
"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم".‏ سورة البقرة /149/).‏
والدولة الإسلامية لا تدع مجالاً للقول بنظرية المجال الحيوي التي نادى بها الفقهاء الألمان لتبرير توسيع دولتهم على حساب جيرانها بزعم أن الدول المتقدمة يتعذر عليها الاستمرار في التقدم والاستفادة من حيويتها إذا ظلت حبيسة حدودها ومقيدة تجاه جيرانها بقيود قانونية تحول دون انطلاقها خارج اقليمها، تنمية لنشاطها الاقتصادي وبحثاً عن المواد الأولية. وواضح أن الإسلام يرفض الأساس النظري لهذه النظرية لأنها تقوم على العدوان، كما أنه لا يترك لها مبرراً من الوجهة العملية لما يدعو إليه من حرية التجارة وتبادل المنافع والانتفاع بالموارد العامة.
حق الدولة في الحرية الاستقلال :‏
وهو حق أصيل للدولة الإسلامية، ولكن ترد عليه قيود من طبيعة الشريعة الإسلامية التي تحكمها، وللاستقلال مظهران في الفكر الإسلامي استقلال داخلي واستقلال خارجي.‏
أولاً- الاستقلال الداخلي:‏
يقتضي الاستقلال الداخلي هنا أيضاً، أن تكون للدولة الإسلامية حرية العمل السياسي والتشريعي والقضائي ضمن حدود اقليمها، وتفصيل ذلك كما يلي:‏
1- حرية العمل السياسي:‏
الدولة الإسلامية حرّة في اختيار نظامها السياسي، إلا أن تلك الحرية مقيدة بعدم خروج هذا النظام على الأسس العامة للتنظيم السياسي التي ورد بها نص قرآن أو سنة. وهي التي تملك وحدها تحدد علاقتها بشعبها فلا يجوز لغيرها التدخل في ذلك. وهي تحديد هذه العلاقة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية التي تتيح ترك الحرية لغير المسلمين من الشعب إلى ما يدينون في شأن أحوالهم الشخصية، غير أن ذلك رخصة لا امتياز، فإذا انقلب إلى هذه الصورة على نحو ينتقص من سيادة الدولة كان لها الغاء هذه الرخصة.
وعلى ذلك فإن للدولة الهيمنة التامة ضمن حدود الشرع ويخضع الحاكم لرقابة الأمة ضمن أوامر الشرع، قال الله تعالى:‏ "يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".‏ سورة النساء /59)‏
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :‏ "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إنما الطاعة في المعروف" وطاعة الحاكم إذاً ضمن حدود الشرع، لا لشخصه، وإنما لما يتمثل فيه من تطبيق أحكام الشريعة، واحترام قواعدها، وتنفيذ حدودها وتحقيق أهدافها، لأن المعوّل عليه في الإسلام هو سيادة الشريعة الالهية المستمدة من الوحي الالهي المتمثل في القرآن الكريم والسنة، وما يؤول إليها من إجماع الفقهاء أولي الحل والعقد، واجتهاداتهم وفق مبادئ الشرع وقواعده وروحه التشريعية العامة.
2-الاستقلال التشريعي:‏
والدولة الاسلامية هي وحدها التي تملك التشريع على اقليمها ليسري على كافة رعاياها مسلمين وذميين ومستأمنين، غير أنها مقيدة في ذلك بالتزام الأسس العامة التي ورد بها قرآن أو سنة، وذلك لأن الدولة الإسلامية تقوم أساساً كدولة تحمل فكرة ورسالة يلتزم المسلمون باعتناقها وتطبيقها وتبليغها. التزاماً لقوله عز وجل:‏ "وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون".‏ سورة الأنعام/ 153/) .‏
"إن الحكم إلاّ لله" سورة يوسف/ 40/و/67)‏
"إن الأمر كله لله" سورة آل عمران/172/)‏
"فالحكم لله العلي الكبير" سورة غافر/ 12/)‏
"وهو خير الحاكمين" سورة الأعراف /87/، سورة يوسف /80/‏ سورة يونس /109/)‏
"وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب، ومهيمناً عليه، فاحكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق" سورة المائدة /48/)‏
"أفحكم الجاهلية يبغون، ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون" سورة المائدة /50/)‏
"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" أو "الكافرون"أو "الفاسقون" سورة المائدة /44/و45/و47/)‏
"وأن احكم بينهم بما أنزل الله لا تتبع أهواءهم"‏ سورة المائدة /49/)‏
وكما تحرص الدولة الإسلامية على سيادتها في مجال التشريع، فإنها لا تعتدي على سيادة الدول الأخرى في هذا المجال فيذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل جميعاً إلى أن الشريعة الإسلامية لا تطبق على غير المسلم من مواطني الدولة غير الإسلامية في الوقائع التي تحدث خارج الدولة الإسلامية فلا تمتد ولاية التشريع الإسلامي إلى هذا الأجنبي حتى ولو دخل الدولة الإسلامية مستأمناً، بل يذهب أبو حنيفة ملتزماً حرفية نظرية اقليمية التشريع إلى أن التشريع الإسلامي لا يتناول رعايا الدولة الإسلامية فيما يرتكبون خارج الدولة الإسلامية .
3- الاستقلال القضائي:‏
كذلك تنفرد الدولة الإسلامية بسلطة القضاء فلا يجوز أن يتولى القضاء إلا من توليه ذلك ويلاحظ أن ما أباحه الفكر الإسلامي للذميين من الترافع إلى محاكم خاصة من بينهم في شأن الأحوال الشخصية لا ينتقص من سيادتها. إذ فضلاً عن أن ذلك لا يعدو الرخصة، فإن هذه المحاكم إنما تستند في قضائها إلى سيادة الدولة الإسلامية التي مكنتها بإرادتها وحدها من تولي القضاء، كما تقوم بسلطاتها على تنفيذه، ومن ثم فهي تملك العدول عنه إذا ما خيف أن ينقلب إلى امتياز تحميه دول أجنبية بما ينتقص من السيادة.
ثانياً- الاستقلال الخارجي:‏
يتضح مظهر الاستقلال الخارجي بما يقره القرآن الكريم من مبدأ توفير العزة والاستقلال للدولة الإسلامية، دون السماح لأية سلطة أخرى بانتقاص هذا الاستقلال أو محاولة التسلط على الدولة الإسلامية، قال الله تعالى:‏
"ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا"‏ سورة النساء /141/)‏
"ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين"المنافقون /8/)‏
والعزة تقتضي الاستقلال والمنعة والقوة في مواجهة الدول الأخرى فليس لأي دولة أخرى الحق في التدخل في شؤون الدولة الإسلامية، وبالمقابل فإن الدولة الإسلامية لا تمس سيادة الدول الأخرى إلا بمسوّغٍ كوجود حرب مشروعة لصد العدوان.
حق الدولة في المساواة:‏
جاء القرآن يعلن مساواة جميع الشعوب في قوله تعالى:‏
"يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم"‏ سورة الحجرات/13/)‏
"ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"‏ سورة فصلت/34/)‏
ويقول النبي عليه الصلاة والسلام:‏ " ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية " .‏
وبذلك حطم الإسلام كل دوافع الإخلال بالمساواة، ولقد شهد بعض الكتاب غير المسلمين بهذا ومنهم "المسترجب" في كتابه" حينما يكون الإسلام" والذي جاء فيه:‏
"الإسلام ما زال في قدرته أن يقدم للإنسانية خدمة سامية جليلة، فليس هناك أية هيئة سواه يمكن أن تنجح نجاحاً باهراً في تأليف الأجناس البشرية المتنافرة في جبهة واحدة أساسها المساواة " .
وهكذا يمكن القول بأن القانون الدولي العام الإسلامي يقبل الوحدات السياسية المختلفة ضمن جماعة دولية تقوم على أساس الإقرار لها بحق المساواة " .‏
حق الاحترام المتبادل :‏
العلاقات الدولية في الإسلام، الأصل فيها "السلم" على الأصح، بل البر والإقساط والتعاون والرحمة، بالنسبة للأمم الأخرى، لقوله تعالى:‏ " يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين" سورة البقرة /208/)‏
والأصل أيضاً في العلاقات الدولية في الإسلام تحريم البغي والعدوان، أو التعاون والتحالف على العمل على ارتكابه، لأنه تعاون على الإثم، وهذا محرم بالنص، لقوله تعالى:‏
"ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" سورة المائدة /2/)‏
"ولا تعتدوا إنه لا يحب المعتدين" سورة البقرة /190/)‏
هذا ومن مقتضى كون الأصل في العلاقات الدولية -في الإسلام- هو السلم، أن التضامن الدولي واجب، وهو ما أشار إليه القرآن الكريم بالتعارف خطاباً موجهاً للناس كافة، لا إلى المسلمين فحسب، بدليل صدر الآية الكريمة:‏
"يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، أن أكرمكم عند الله أتقاكم" سورة الحجرات /13/)‏
هذا بقطع النظر عن اختلاف الأصل أو الدين، وليس المقصود بالتعارف إلا التعاون، وهذا هو التواصل الحضاري الذي يؤكد تحقيق مبدأ السلم العالمي عملاً لقوله تعالى:‏
"وتعاونوا على البر والتقوى" سورة المائدة /2/)‏
والبر كلمة جامعة يندرج في مفهومها الكلي، كافة ضروب "التعاون" في سبيل الخير الإنساني العام، وفي مقدمتها المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات بين الدول، في جميع مجالات الحياة، السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية والعلمية، شريطة ألا تصادم أمراً قاطعاً أو تمس العقيدة أو المقاصد الأساسية لهذا التشريع .
يتبين مما تقدم أن الدولة الإسلامية تحترم الكيان المادي والمركز السياسي للدول الأخرى، كما وتحترم مركزها الأدبي، وبالمقابل فإن من حقها أن تطالب الدول الأخرى بمثل هذا الاحترام.‏
‏ واجبات الدولة الإسلامية :‏
يمكن القول هنا أيضاً بأن الواجبات القانونية للدولة الإسلامية تتلخص في:‏
احترام الحقوق الأساسية المقررة للدول الأخرى.‏
مراعاة دعائم العلاقات الإنسانية المستمدة من النصوص القرآنية والسنة النبوية.‏
احترام العهود التي ارتبطت بها وتنفيذ تعهداتها بحسن نية.‏
احترام العرف الصحيح في نطاق العلاقات الدولية.‏
وقد سابقاً وعند الحديث عن الحقوق الطبيعية الأساسية للدولة الإسلامية إلى ما يتفرع عن الالتزام الأول من واجبات، وسنعطي فكرة موجزة عن مؤدى بقية الالتزامات.‏
واجب مراعاة دعائم العلاقات الإنسانية المستمدة من القرآن والسنة :‏
اعتبر الإسلام الناس جميعاً امة واحدة، تجمعها الإنسانية، وإذا كانت الإنسانية واحدة، واختلافها من اختلاف رغبات الناس بحكم الغرائز، والاستجابة لها، فإن الإسلام ينظم العلاقات على أساس من وحدتها الجامعة، لا من مظاهرها المفرقة، وعلى هذا الأساس، قامت النظم الدولية في الإسلام: فلا تفرقة بالعنصرية، ولا بالغنى والفقر، ولا بالعلم والجهل، بل على أساس الحكم العادل بين الناس على سواء، وكل تفرقة بغير الحق تكون باطلة، ولا تصلح لقيام علاقة إنسانية صالحة للبقاء، وإنما يصلح للبقاء ما يكون نابعاً من الوحدة الإنسانية، فهي أساس العلاقات الدولية في الإسلام، قال تعالى:‏ " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا "‏ .
هذا النص القرآني الكريم هو أساس العلاقات الدولية كما نظمها القرآن وبينتها السنة، وقام عليها عمل النبي صلى الله عليه وسلم) وصحابته رضي الله عنهم) من بعده في الحرب والسلم على السواء. وهذا النص يقيم العلاقة على التعاون، وينفي أن يكون اختلاف العرق أو اللون دالاً على التباين في الحكم، فهم أن اختلفوا، فإن الأصل واحد، والحقوق والواجبات توجب التعاون والتلاقي عندها، ولا يتحقق هذا التعاون إلا بتحقيق ما بينه الإسلام من مبادئ نسلط عليها بعض الضوء فيما يلي :
أولاً- مبدأ التعاون الإنساني:‏
التعاون في الإسلام مبدأ عام في كل الجماعات الإنسانية كما قرره القرآن، قال الله تعالى:‏ "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" سورة المائدة /2/)‏
وإن التعاون قوام الاسرة وقوام الأمة، وقد جاءت النصوص الدينية الإسلامية بتعميم التعاون في داخل الاقليم الواحد وفي نطاق الإنسانية.‏
ويعلن النبي صلى الله عليه وسلم) إن الله يمد بالقوة كل من يعاون أخاه الإنسان في أي اقليم وفي أي موطن، فيقول عليه السلام:‏ "الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه"‏
ثانياً- مبدأ الكرامة:‏
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ومعه الكرامة، بأصل الفطرة، ولا يمكن أن يتحقق التعارف الذي دعا إليه القرآن الكريم إلا إذا كان كلا المتعارفين كريماً غير مهين، وعزيزاً غير ذليل. ولقد أمر الله بتكريم الإنسان في أصل الخلق والتكوين، ولذلك أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم أبي الخليقة الإنسانية. قال تعالى:‏
"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا ولآدم فسجدوا إلا ابليس أبى واستكبر وكان من الكافرين". سورة البقرة /33/)‏
"ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" سورة الإسراء /70/)‏ . وإن هذه الكرامة يستحقها الإنسان لأنه إنسان، بقطع النظر عن أي اعتبار آخر.‏
ثالثاً- مبدأ التسامح:‏
دعا الإسلام إلى التسامح غير الذليل، فهو يبني العلاقات الإنسانية سواء أكانت بين الآحاد أم كانت بين الجماعات، على التسامح من غير استسلام للشر أو تمكين للأشرار، قال تعالى:‏
"ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" سورة فصلت /34/)‏
"فأفصح الصفح جميل" سورة الحِجْر /85/)‏
والصفح الجميل أبرز ما يكون عند هزيمة الأعداء، فما كانت الحرب للثأر والانتقام بل لاعلاء كلمة الحق ودفع عدوان الباطل.‏
رابعاً- مبدأ الفضيلة:‏
التمسك بالفضيلة من أساس العلاقات الإنسانية في الإسلام، سواء أكانت بين الآحاد أم كانت بين الجماعات، وسواء أكانت العلاقة في حال الحرب أم في حال السلم، لأن قانون الأخلاق قانون عام والفضيلة حق لكل إنسان يستحقها بمقتضى إنسانيته، وقد تقرر ذلك في المبادئ الإسلامية التي تطبق على جميع أهل الأرض.‏
قال الله تعالى:‏ "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" سورة الحجرات /13/)‏
وأشد ما كان يدعو إليه القرآن في الأمر بالفضيلة هو ما يقترن بالجهاد خشية أن تندفع النفوس في ؼscript> ال احتدام القتال إلى ما يخالف ذلك المبدأ العام، قال عز وجل:‏ " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين" سورة البقرة /194/)‏
وإذا كان هذا النص القرآني قد اقرّ رد الاعتداء بمثله، إلا أنه أمر بالتقوى، وهي أن يجعل المؤمن بينه وبين غضب الله وقاية. فإذا انتهك العدو حرمات الفضيلة فإن المؤمن لا ينتهك. وبعبارة عامة لا يصح للمسلم أن يجاري الأعداء في مآثمهم، وما يرتكبونه في الحروب ضد الفضيلة الإنسانية العامة.‏
خامساً- مبدأ العدالة:‏
قامت كل علاقة إنسانية في الإسلام على العدالة فهي الميزان المستقيم الذي يحدد العلاقات بين الناس في حال السلم، وحال الحرب على السواء ففي السلم يكون حسن الجوار قائماً على العدل، وفي الحرب يكون الباعث عليها هو العدل، والعدالة حق للأعداء كما هي حق للأولياء، قال الله تعالى:‏
"ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى" سورة المائدة /8/)‏
واعتبر النبي صلى الله عليه وسلم) من يعاون الظالم على ظلمه خارجاً من الإسلام، فقد قال عليه السلام:‏
"من مشى مع الظالم فقد خرج من الإسلام".‏
سادساً- مبدأ المعاملة بالمثل :‏
وهذا المبدأ شعبة من شعب العدالة، قال تعالى:‏ " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"‏ سورة البقرة /194/)‏
وقال عليه السلام :‏ " عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به "‏
وهذا المبدأ ينطبق على الدول كما ينطبق على الآحاد، وقد يقول قائل، إن المعاملة بالمثل تعارض التسامح والعفو، والجواب هو أن العفو حيث لا يمس العدالة، و.غمط حقوق الناس، أو رضاء بالعدوان.‏
وموضوع العفو يكون بعد أن يتمكن صاحب الحق من حقه، فيعفو أو يأخذ.‏
وإن العدالة لا تنافي الرحمة، بل إنها تلازمها، فحيث كانت العدالة كانت الرحمة، وهذا يفسر لنا قوله عليه السلام:‏
"أنا نبي المرحمة، وأنا نبي الملحمة"‏
وأن الملحمة، وهي القتال، لا تكون في الإسلام إلا ببواعث من العدالة والرحمة بالناس.‏
سابعاً- مبدأ المودة:‏
يعتبر الإسلام الناس جميعاً أمة واحدة، ومن هنا فإن الأخوة الإنسانية ثابتة يجب وصلها، ولا يصح قطعها، وقد أمر الله تعالى بأن توصل القلوب بالمودة، وإن الإسلام لا ينهي عن برّ كل من لا يعتدي على المسلمين. فالبر ثابت للمسلم وغير المسلم. قال الله تعالى:‏ " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين"‏ سورة الممتحنة/8/)‏
وإن المودة الموصلة لا يقطعها الحرب، ولا الاختلاف ففي أثناء الحرب تنقطع العلاقات بين المسلمين والمحاربين بالفعل وحكامهم، أما رعايا الأعداء الذين لا يشتركون في القتال فإن مودتهم لا تنقطع، وكان النبي عليه السلام لا يقطع البر حتى عند الإختلاف، وفي الحرب، وعند الهدنة.‏
واجب الوفاء بالعهد:‏
يعتبر الوفاء بالعهود أساس التلاقي بين الآحاد والجماعات على بصيرة وهداية وتعاون وثقة متبادلة، ولا تعارف إلا مع الثقة. ويجب تحقق الثقة بين الجماعات كالثقة بين الآحاد على سواء، ولذلك شدد الإسلام في وجوب الوفاء بالعهد، وعده من أسباب القوة لأنه من أسباب الثقة وقوة التعارف، قال الله تعالى:‏ " وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم، ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا، إن الله يعلم ما تفعلون ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به، وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون".‏ سورة النحل /91/ و/92/)‏
"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" سورة المائدة/1/)‏
"وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا" سورة الإسراء /34/)‏
"فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم" سورة التوبة/4/)‏
"فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم" سورة التوبة /7/)‏
"الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق" سورة الرعد /20/)‏
"والموفون بعهدهم إذا عاهدوا" سورة البقرة /177/)‏
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم) على الوفاء بالعهود عامة، وعلى الوفاء بالعهود التي يعقدها رؤوساء الأمم في تنظيم العلاقات الدولية خاصة، قال عليه السلام : " لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له".‏
وقد كان بينه وبين المشركين عهد، فوفى به، فذكر له بعض المسلمين أنهم على نية الغدر به، فقال عليه السلام:‏
"وفوا لهم، ونستعين بالله عليهم"‏
وكان ينهى عن الغدر بمقدار حثه على الوفاء، وكان يعتبر أعظم الغدر غدر الحكام، يقول عليه الصلاة والسلام:‏
"لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدرته، ألا ولا غادر أعظم من أمير عامة".‏
رواه أحمد ومسلم عن علي رضي الله عنه "نيل الأوطار /8/27/)‏
وإذا كانت المعاهدات لا تستمد قوتها من نصوصها، بل من عزيمة عاقديها على الوفاء، فإن الإسلام حث على الوفاء، واعتبر الوفاء بالعهد والميثاق قوة، والنكث فيه أخذاً في أسباب الضعف.‏
وهكذا يكون الإسلام قد وثق أصول القانون الدولي العام الإسلامي أحكم توثيق، وبناها على الوجدان الديني للدولة الإسلامية حيث لا يكون الوفاء للأقوياء، فقط، بل يكون هذا الوفاء للأقوياء والضعفاء على السواء.‏
ولا نعلم ديناً ولا تشريعاً، قد رفع من شأن "العهد" إلى هذا المستوى من القداسة، وقد كان لقاعدة "حرمة المعاهدات وقدسيتها في السلم والحرب" أثرها في العمل على استقرار السلم والأمن الدوليين، من جهة، وعلى تأصيل روح الثقة فيمن يتعامل سياسياً مع الدولة الإسلامية، على الصعيد الدولي من جهة أخرى، مما يعتبر بحق من أهم خصائص سياسة الإسلام الخارجية العادلة .‏
المطلب الثالث -واجب احترام العرف الصحيح في نطاق العلاقات الدولية : ‏
يعرَّف " العرف " بأنه :‏ " عادة جمهور قوم في قول أو عمل"‏
والعرف مصدر تبعي من مصادر الأحكام، ويقوم على أساس الفقه أحكام متشعبة من شتى الأبواب والفصول الفقهية، لا يحصى عددها، ولا ينقضي تجددها، لأن الأحكام التي تخضعها الشريعة الإسلامية للعرف تتبدل بتبدله، فهي في تجدد مستمر، وهذا من أعظم عوامل القابلية للخلود في مباني الشريعة وفقهها.‏
ويعد العرف في نظر الشريعة الإسلامية مستنداً عظيم الشأن لكثير من الأحكام العملية بين الناس في شتى شعب الفقه وأبوابه، وله سلطان واسع المدى في توليد الأحكام وتحديدها، وتعديلها وتجديدها، وإطلاقها وتقييدها، فهو وليد الحاجات المتجددة المتطورة.‏
وفي اعتبار العرف تسهيل كبير يغني عن كثير من النصوص التفصيلية في الأحكام التشريعية وفي عقود المعاملات، اعتماداً على ما هو معروف ومألوف في شتى الوقائع المحتملة، والعرف لا تغني عنه نصوص التشريع والتقنين، لأنها لا يمكن أن تستوعب جميع التفصيلات والاحتمالات، كما أن الكثير من أحكامها الآمرة نفسها مبني على العرف، ويتبدل الحكم فيه بتبدل العرف.‏
والاعتبار الشرعي للعرف مشروط بشرائط يجب توافرها في العرف لكي يعترف له بهذا السلطان.‏
وتلك الشرائط التي يذكرها الفقهاء والأصوليون في مناسباتها المختلفة تتلخص بأربع:‏
أن يكون العرف مطرداً أو غالباً.‏
أن يكون العرف المراد تحكيمه في التصرف قائماً عند إنشائها.‏
أن لا يعارض العرف تصريح بخلافة.‏
أن لا يعارض العرف نص تشريعي، فإذا عارضه ففي اعتبار العرف تفصيل.
وقد راعى الفقهاء المسلمون العرف في علاقاتهم مع الدول غير الإسلامية، مما يمكن القول معه إن مراعاة العرف من قواعد القانون الدولي الإسلامي فمن أقوالهم في هذا الباب ما ذكره الإمام ابن قدامة الحنبلي في المغني:‏ " وليس لأهل الحرب دخول دار الإسلام بغير أمان لأنه لا يؤمن أن يدخل أحدهم جاسوساً أو متلصصاً، فيضر المسلمين، فإن دخل بغير أمان سئل، فإن قال جئت رسولاً فالقول قوله، فإن كان معه متاع يبيعه قبل قوله أيضاً وحقن دمه لأن العادة جارية بدخول تجارهم إلينا وتجارنا إليهم" "المغني، ج /8/ ص/523/" وبمثل هذا قول الشافعي والمالكية اختلاف الفقهاء للطبري ص/33/ وشرح الخرشي ج3 ص/123) ويمكن أن يقاس على ما ذكره الفقهاء في رعاية العرف الصحيح الجاري بين الدول كل عرف آخر بينهم، وقد قعدوا قواعد مهمة في مجال العرف ووجوب رعايته، مثل:‏
المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً.‏
والثابت بالعرف كالثابت بالنص.‏
والعادة محكمة.‏
ولا ينكر تغير الأحكام بتغيير الأزمان أي الأحكام المبنية على العرف).‏
ويمكن الاستناد إلى هذه القواعد في نطاق العلاقات الدولية، كما نلاحظ ذلك في كتابات الفقيه المشهور محمد بن الحسن الشيباني في كتابه" السير الكبير" وفي شرحه للإمام السرخسي . وإن هناك مجالاً واسعاً للأخذ بقواعد القانون الدولي العام الحاضر القائمة على أساس العرف والمعاهدات، وهذان مصدران واسعان جداً يستقي القانون الدولي العام قواعده وأحكامه منهما، وإن الشريعة الإسلامية تجيز الأخذ بالعرف الصحيح في العلاقات الدولية، كما تجيز عقد المعاهدات مع الدول الأخرى، بشرط ألا تخالف الشريعة وتلزم بالوفاء بمضمونها


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2511 / عدد الاعضاء 62