اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
mutazknaan
التاريخ
5/14/2005 7:07:27 AM
  بحث في التأمين      

اضغط على الملف المرفق



  mutazknaan    عدد المشاركات   >>  19              التاريخ   >>  14/5/2005



بحث في التأمين



MUTAZ KANAAN


  mutazknaan    عدد المشاركات   >>  19              التاريخ   >>  14/5/2005



 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بحث في

 

إلتزام المؤمن له  بالإفصاح عن البيانات المتعلقة بالخطر في عقد التأمين على الحياة

دراسة وفق أحكام القانون المدني الأردني والمقارن

 

أعده

معتز نابغ كنعان

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مـقـدمـة :  يلتزم المؤمن له في عقد التأمين على الحياة  بواجب الإفصاح عن جميع البيانات والمعلومات عن ظروف المؤمن له الصحية والمخاطر التي تحيط به و التي قد تؤثر على حياة الإنسان وعمره وتقرب من احتمال وقوع الخطر المؤمن منه وهو الوفاة ، إن إحاطة المؤمن بالمعلومات والبيانات الكاملة التي من شأنها تغيير محل الخطر يمكنه من تحديد القسط الواجب دفعه من قبل المؤمن بشكل دقيق بناء على الدراسات الإحصائية والقوائم المعدة لهذه الغاية فمثلاً إن كان سن المؤمن له 50 عاماً حددت شركة التأمين قسطاً غير ذلك القسط الذي يدفعه مؤمن له في عمر الثلاثين ، كما أن المؤمن قد لا يحجم عن إبرام عقد تأمين على حياة شخص إن رآى أن حياة المؤمن له تحيط بها خطر كبير ، إن التزام المؤمن له في عقد التأمين بالإبلاغ عن الأخطار التي من شأنها تغيير محل الخطر هو التزام خاص يميز عقد التأمين عن غيره من العقود حيث أن عقد التأمين هو من عقود منتهى حسن النية

     في هذا البحث أتناول مضمون هذا الإلتزام ، وما هية المعلومات الواجب على المؤمن له إحاطة المؤمن بها ، كما أبحث في موضوع الجزاء الذي يترتب على مخالفة المؤمن له لهذا الإلتزام والذي يختلف باختلاف نوع المعلومة الكاذبة أو التي تكتم عنها فجزاء التصريح عن سن أقل من السن الحقيقية يختلف عن جزاء إخفاء مرض خطير أصاب المؤمن له ، والنية  في عقد التأمين على الحياة لها دور في تحديد الجزاء ومصير العقد .

تقسيم  : تم تقسيم هذا البحث الى المباحث التالية:

 

             المبحث الأول : المعلومات والبيانات التي يجب على المؤمن له الإفصاح عنها في عقد

                                  التأمين على الحياة

             المطلب الأول:  التزام المؤمن له على الإفصاح عن المعلومات له طبيعة خاصة في عقد 

                                 التامين على الحياة كونه من عقود منتهى حسن النية .

        المطلب الثاني: نوع المعلومات التي يجب على المؤمن له الإفصاح عنها في عقد التأمين

                                 على الحياة

        

            المبحث الثاني  :  جزاء عدم إفصاح المؤمن له عن سنه الحقيقية

            المطلب الأول  : إذا كان سن المؤمن له الحقيقي أكثر من الحد المعين في لائحة التأمين

            المطلب الثاني  :إذا كان سن المؤمن له الحقيقي لا يتجاوز الحد المعين في لائحة التأمين

 

           المبحث الثالث : جزاء عدم إفصاح المؤمن له عن البيانات المتعلقة بالخطر

           المطلب الأول  : إذا كان سن المؤمن له الحقيقي أكثر من الحد المعين في لائحة التأمين

           المطلب الثاني  : إخفاء المؤمن له البيانات المتعلقة بالخطر عن حسن نية

 

          الخاتمة : النتائج والتوصيات

 

          المراجع

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول

المعلومات التي يجب إفشائها والإفصاح عنها من قبل المؤمن له

                                                  في عقد التأمين على الحياة

 

أتناول في هذا المبحث الطبيعة الخاصة لعقد التأمين على الحياة من كونه من عقود منتهى حسن النية وتتجسد هذه الطبيعة الخاصة في التزام المؤمن له بالإفصاح عن المعلومات والبيانات وخصصت لهذا الموضوع المطلب الأول ، ثم في المطلب الثاني أبحث في أنواع المعلومات والبيانات التي يلتزم المؤمن له بالإفصاح عنها .

 

                                                                         المطلب الأول

                                            التزام المؤمن له على الإفصاح عن المعلومات له طبيعة خاصة

                                        في عقد التامين على الحياة كونه من عقود منتهى حسن النية .

        

       عقد التأمين كباقي العقود يشترط القانون على أطرافه تنفيذه بحسن نية بالإضافة إلى أنه إذا شاب رضا أي طرف من أطراف التعاقد غبن ناجم عن تدليس الطرف الآخر والمتمثل بإفشاء معلومات كاذبة أو عدم إفصاح عن معلومات لو تم الكشف عنها وعلم بها الطرف الآخر لما أقدم على التعاقد وفي هذا نصت المادة 202/1 من القانون المدني ( يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية ) كما نصت المادة 144 ( يعتبر السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة تغريراً إذا ثبت أن المغرور ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة ) .

        غير أن لعقد التأمين معنى خاص فحسن النية من مستلزمات عقد التامين ذلك أن المؤمن يقع دائماً تحت رحمة المؤمن له ( المضمون )  في حدود معينة ، خاصة بالنسبة لإعلان الخطر والإحتياطيات الواجبة الإتباع لتجنب وحصر الكوارث ، وهو مضطر إلى الإعتماد عليه في أخذ صورة حقيقية عن الخطر وجسامته ومدى احتمالاته خاصة في موضوع التأمين على الحياة فالمعلومات المتصلة بصحة المؤمن له هي معلومات خفية لا يعلمها المؤمن مما يقتضي أن يكون المؤمن له صادقاً أميناً في تلك البيانات حتى يحسن المؤمن تقدير الأمور ، فلا يضار ولا يضار باقي المؤمن لهم تبعا لذلك (1) وقد جاء في قرار لمحكمة التمييز رقم 742/1992 ما يلي ( يلزم المؤمن له بالتأمين على الحياة باشعار المؤمن بجميع البيانات والظروف التي يكون من شأنها تمكين المؤمن من تقدير الخطر المؤمن منه ، ذلك أن محل التأمين هو حياة الإنسان بما تتعرض له من أخطار وأمراض ظاهرة وخفية توجب على المؤمن له أن يحرص على تقديم البيانات المطلوبة منه والمتعلقة بهذه المسائل بدقة كاملة وأمانة تامة ، وعليه فيترتب على كتم المؤمن له المرض الذي كان يعاني منه على المؤمن سوء النية مما يترتب على ذلك بطلان عقد التأمين ).(2)

       لذا فقد أطلق بعض الفقهاء على عقد التأمين خصيصة أنه من عقود منتهى حسن النية .(3)

(1) توفيق حسن فرج ، الضمان ( التأمين ) في القانون اللبناني ، الدار الجامعية ، بيروت ،1973ص 337

(2) قرار محكمة التمييز رقم 742/1992 تاريخ22/9/1992، منشور في مجلة نقابة المحامين لسنة1993ص1925

(3)عبد القادر العطير ، التأمين البري في التشريع ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان،2004، ص 102

 

      ولهذا يلتزم المؤمن له أن يسلك مسلكاً صريحاً مخلصاً وهذا في الواقع ما يبرر شدة بعض الجزاءات التي تقع بالمؤمن لهم الذين لا يلاحظون بدقة ما يقع عليهم من التزامات في هذا الخصوص ، وذلك مثل سقوط حق المؤمن لهم في مبلغ التامين لعدم التزامهم ما يقتضيه حسن النية في أداء الإلتزامات التي تفرض عليهم في هذا الصدد   وقد نص على هذا الإلتزام القانون المدني في المادة 927 يلتزم المؤمن له /2- وأن يقرر  وقت ابرام العقد كل المعلومات التي يهم المؤمن معرفتها لتقدير المخاطر التي يأخذها على عاتقه.

 

      وأيضاً يظهر جلياً أهمية هذا الإلتزام باعتبار أن عقد التأمين هو من عقود منتهى حسن النية في أن القانون قد فصل بين الشخص حسن النية الذي لم يكن يعلم بوجود الظروف الجوهرية التي تحيط بالخطر ، وسيئها ذلك الذي علم بالظرف وكتمه أو أفشى معلومات خاطئة بنية التضليل بأن كان جزاء الثاني أقسى من الأول فحرم السيء من استرداد الأقساط التي دفعها وبدفع الأقساط التي استحقت عند طلب المؤمن فسخ العقد .

                  

                                                                             المطلب الثاني

                                                  نوع المعلومات التي يجب على المؤمن له الإفصاح عنها

                                                                   في عقد التأمين على الحياة

 

       يجب على المؤمن له الإفصاح عن المعلومات والبيانات المتعلقة بالخطر المحيط بصحته والذي له اعتبار في احتمال وقوع خطر الوفاة خلال مدة زمنية تكون أقرب من تلك المدة الزمنية للشخص السليم فمثلاً مرض السرطان ، تكون ، نسبة احتمال تحقق الوفاة للمصابين به خلال مدة أكثر قرباً  من احتمال وفاة شخص سليم ويمكن تقسيم المعلومات والبيانات الجوهرية التي يلتزم المؤمن له بالإفصاح عنها في عقد التأمين على الحياة كأئر من آثار هذا العقد  إلى الأنواع التالية:

 

1- المرض والوضع الصحي للمؤمن له : يلتزم المؤمن له بإعلام المؤمن عند إبرام عقد التأمين على الحياة عن الأمراض الخطيرة المصاب بها كمرض السرطان و مرض السكري  والفشل في أعضائه الداخية كالفشل الكلوي والكبدي وأيضاً الأمراض الوبائية كالسل ونقص المناعة المكتسبة وغيرها من تلك الأمراض والتي تصنف تحت مفهوم المرض الخطير أو القاتل .

    أما الأمراض التي لا تؤثر في العادة على حياة الإنسان والتي يمكن أن يشفى الإنسان منها لتوفرالدواء لها وشيوع الإصابة بها لارتباطها مثلاً بالمواسم مثل الإنفلونزا والحساسية التي تصيب أغلب الناس في الربيع بسبب تفتح الزهور كذلكح مرض الجدري والحصبة حيث أصبح هذا المرض سهل الشفاء لتوافر العلاجات اللازمة له ويتم الشفاء منها خلال بضعة أيام وهي لا تؤثر على احتمال وقت تحقق الوفاة فليس إلزاماً على المؤمن له على البوح بها للمؤمن .

 

2- سن المؤمن له ، يجب على طالب التأمين أن يبوح بالسن الحقيقي للمؤمن على حياته ، فيعد إخلالأ بالعقد من جانب المؤمن له الإفصاح عن سن أقل من سن المؤمن له الحقيقية ، كون هذه المعلومة مهمة في تحديد احتمال وقت وقوع الوفاة فشخص مثلاً بالستين عاماً أقرب من شخص في الخمسين لذلك تقسم شركات التأمين تعرفة قسط التأمين حسب الفئات العمرية فصاحب الستين عاماً  يدفع فسطاً أكبر من ذلك الذي بلغ الخمسين ، وقد يستنكف المؤمن عن عقد تأمين على حياة الأشخاص عند سن معينة كمن تجاوزوا الخامسة والستين حيث يرى المؤمن أنه سيدفع مبلغاً للمستفيد وبشكل مؤكد من ذلك الذي سيقبضه من مجاميع أقساط التأمين التي سيحصل عليها من المؤمن له وبالتالي إن هو أقدم على عقد التأمين على حياة الشخص الهرم لحقته الخسارة ، خاصة أن عقد التأمين من خصائصه أنه من عقود الغرر أي لا يعلم مقدار ما سيؤدي كل طرف فإن كان تحقق قرب وقوع الوفاة بسبب عمر المؤمن له الكبير ومرضه بحيث أن احتمال وقت تحقق الوفاة يصبح قريباً جداً ويصبح الأداء الذي سيدفعه المؤمن كمبلغ تأمين وبشكل أكيد أكبر من الأداء الذي سيدفعه المؤمن له انتفى عن عقد التأمين خصيصة كونه من عقود الغرر.

 

     أما إذا كان عمر المؤمن له المصرح عنه أقل  من العمر الحقيقي  ، فلا يعتبر ذلك مبطلا لعقد التأمين ولا موجباً للزيادة في قسط التأمين لأن ذلك لا يلحق خسارة للمؤمن بل هو يشكل إثراءً له على حساب المؤمن وله حكم خاص به .        

 

3- الظروف المحيطة بالشخص والتي لها أثر في احتمال قرب  وقوع الوفاة : وتتمثل بالأخطار التي قد يتعرض لها الشخص والتي تهدد حياته مثال ذلك الشخص الذي يعمل جندياً ويتواجد في مناطق حدودية متنازع عليها أو شرطي يتعقب لصوص خطرين أو عامل يعمل في تشييد بناء ويتعرض لخطر السقوط أو سائق شاحنة يقتضي عمله السفر إلى بلاد غير مستقرة أمنياً ويكثر بها القتل كل تلك الظروف الخطرة وغير الطبيعية  لها أثر في احتمال قرب  تحقق وقوع الوفاة بشكل كبير ، بحيث لو علمها المؤمن لما أقدم على التعاقد على حياة الشخص المؤمن له أو لكان تقاضى قسطاً أكبر .

 

     ويجمع الفقهاء في كتابتهم حول هذا الموضوع على أن  عقد التأمين على الحياة عن باقي أنواع عقود التأمين في أن المؤمن له في عقد التأمين على الحياة يلتزم بالإفصاح عن الظروف المتعلقة بالخطر من مرض والظروف الخطرة والمحيطة بحياة الشخص في وقت إبرام العقد فقط دون واجب الإبلاغ عن تلك الظروف والتي يترتيب عليها زيادة الخطر أثناء سريان  التأمين ، وهم يبررون هذا الرأي بقولهم أن هذا الحكم تبرره طبيعة التأمين على الحياة ، إذ أن تطلب إخطار المؤمن بكل الظروف التي تترتب عليها زيادة الخطر يحد من نشاط المستأمن وحريته ، ويتنافى مع الغاية من التأمين على الحياة ، ويؤيدون رأيهم بما جاء في المادة 15 من الفقرة الأخيرة في القانون الفرنسي والتي تعفي المؤمن على حياته بالإفصاح عن الزيادة في الخطر بعد سريان عقد التأمين فلا يلزم المؤمن له بإخطار المؤمن باستبداله بحرفته الأصلية حرفة أكثر خطراً على حياته (1)

     غير أنني أرى  خلاف ما رآى الفقهاء مع الإحترام ، في خصوص واجب الإبلاغ عن الظروف والبيئة  الخارجية المحيطة بالشخص فأنا أرى ان على المؤمن له واجب إعلام المؤمن بتغير الظروف المحيطة به متى كانت تلك الظروف الجديدة تزيد من احتمال تعرض المؤمن له لخطر الوفاة وكان المؤمن له قد سعى بفعله إليها  مثال ذلك انتقال المؤمن له بعد ابرام عقد التامين وسريانه من السكن في حي هادىء إلى حي تكثر فيه جرائم القتل أو الإنتقال من عمل إداري إلى عمل فني فيه مواد كيميائية سامة او حارقة أو آلات ثقيلة أو أدوات قاطعة وأعتمد في رأيي هذا على سببين :-

     السبب الأول : هو النص الصريح لأحكام المادة 927 من القانون المدني والتي تنص في فقرتها الثالثة على ( أن يلتزم المؤمن له بأن يخطر المؤمن بما يطرأ أثناء مدة العقد من أمور تؤدي إلى زيادة

(1) عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، دار إحياء التراث العربي ،بيروت ، 1964،الجزء السابع ص 1476

 

 

 

 

 

 

هذا الخطر ) وهذا النص جاء ليحكم عقد التأمين بكافة أنواعه بما في ذلك عقد التأمين على الحياة ، ولا يجوز القول باستثناء ذلك الإلتزام من عقد التأمين على الحياة كما ذهب في ذلك الأستاذ السنهوري ، حيث لا اجتهاد في موطن النص وإعمال النص أولى من إهماله .

 

    السبب الثاني : إن المؤمن حين تعاقد مع المؤمن له على التأمين على حياة الأخير قد أخذ بالحسبان كافة الظروف الداخلية والخارجية المحيطة بحياة المؤمن له مثل عمره وحالته الصحية وظروف عمله وسكناه ومتى إحتمال وقوع إصابة عمل ، وقام على هذا الأساس بتقدير قيمة القسط ومبلغ التأمين ، ومجحف بحقه أن يتلقى قسطاً زهيداً مقابل أن يدفع مبلغاً ضخماً من المال لتغطي إحتمال قريب لتحقق   خطر الوفاة .

    

     والبيانات التي يجب على المؤمن له أن يدلي بها هي تلك البيانات التي يهم المؤمن معرفتها ليتمكن من تقدير المخاطر التي يأخذها على عاتقه ، فكل بيان يكون من شانه تمكين المؤمن من تقدير الخطر يتيعن على المؤمن له أن يقدمه وبشرط أن يكون المؤمن له على علم به ، ويتمكن المؤمن  من الإحاطة بالعلم حول تلك البيانات عن طريق أساليب هي :-

 

أولاً : تقديم البيانات عن طريق الإجابة على أسئلة محددة ومطبوعة يطلب المؤمن من المؤمن له الإجابة عليها ، وتكون هذه الاسئلة بحيث يتبين المؤمن طبيعة الخطر المطلوب التأمين منه وجميع الظروف المحيطة بهذا الخطر ، وذلك إلى جانب الاسئلة الخاصة بالبيانات المتعلقة بشخص المؤمن له وهي التي سبقت الإشارة إليها ويتم ذلك في المرحلة الخاصة بطلب التأمين .

        وتقديم البيانات عن طريق الإجابة على الأسئلة له ميزتان :

الميزة الأولى : أن مهمة المؤمن له تتحدد بهذه الطريقة فما عليه إلا أن يجيب على الأسئلة المحددة الموجهة إليه بالأمانة والدقة ، بحيث يحس إنه قد قام بالتزامه كاملاً بعد الإجابة عليها .

الميزة الثانية : أنه يسهل بطريق الإجابة على أسئلة محددة ، إثبات غش المؤمن له إذا تعمد كتمان أو تقديم بيانات كاذبة ، فقد وجه نظره إلى مسائل معينة وطلب إليه الإجابة عنها بدقة وأمانة ، فإذا أجاب إجابات غامضة مبهمة أو ناقصة أو أغفل الإجابة عنها كان في هذا قرينة قوية على أنه أراد الغش عن طريق المداورة واللف أو عن طريق السكوت .(1)

    ومع ذلك قد يكون هناك بيان هام يجب أن يعرفه المؤمن ليتمكن من تقدير الخطر تقديراً دقيقاً ويكون هذا البيان لا تتضمنه الأسئلة الموجهة إلى المؤمن له ، فإن كان هذا الأخير عالماً بالبيان ، وجب عليه أن يذكره  بالرغم من انه غير مطلوب منه ، وإذا امتنع عن ذكره لم يستطع أن يحتج في ذلك انه لم يطلب منه ويعتبر مخلاً بالتزامه مستوجباً للجزاء على هذا الإخلال سواء كان حسن النية أم سيئ النية

    غير أن محكمة التمييز في قرار لها يحمل الرقم 989/2003 – أعارضه – تضمن ما يلي: ( وعن السبب الثاني وخلاصته النعي على محكمتي الموضوع إذ هما استندتا في حكمهما إلى المادة 947 من القانون المدني، وفي ذلك نجد ان المادة المذكورة تنص على أنه ' لا يترتب على البيانات الخاطئة ولا على الغلط في سن من تم التأمين على حياته بطلان التأمين إلا إذا كانت السن الحقيقية للمؤمن عليه تزيد عن الحد المعين في لوائح التأمين ' بمعنى انه عندما يقوم المؤمن بواجبه من حيث التثبت من مدى الخطر الذي يمكنه والذي يعنيه ان يبحث بحثاً دقيقاً في حالة المؤمن الأدبية والصحية فإن إعطاء المؤمن له بيانات خاطئة لا يرتب بطلان التأمين ، وحيث لا توجد بينة على ان المؤمن له قام بهذا

 (1) عبد الرزاق السنهوري ، المرجع السابق ، 1254

 

 

الواجب ولا توجد بينة على ان المؤمن له قدم بيانات خاطئة ذلك أن زوجة المدعي ابرمت عقد التأمين على حياتها مع المدعى عليها في 22/8/98 بموجب بوليصة التامين على الحياة وقد قامت بدفع أقساط التأمين إلى ان توفيت في 25/6/2000 ولا يوجد دليل على ان المؤمن لها كتمت أمراً أو قدمت بياناً غير صحيح سواء بسوء نية أو خلاف ذلك ، إذ أناط القانون بالمؤمن أن يتثبت من حالة المؤمن له الأدبية والصحية ويفترض أن المؤمن قد قام بالإجراء اللازم قبل توقيع عقد التأمين وإلا يكون قد فرط هو في حقه والمفرط أولا  بالخسارة ، وبالتالي فإن هذا السبب واجب الرد )(1)  إن هذا القرار منتقد ومخالف لصريح نص القانون فالمادة 927 من القانون المدني قد نصت صراحة على أن واجب الإفصاح عن المعلومات والبيانات تقع على عاتق المؤمن له وليس على المؤمن أن يتثبت منها وكيف له أن يفعل ما دام موضوع التأمين هو حياة المؤمن له المرتبطة بشخصه والتي قد لا يعلم سرها إلا هو والله ، نصت المادة 927 يلتزم المؤمن له : أن يقرر وقت إبرام العقد كل المعلومات التي يهم المؤمن معرفتها لتقدير المخاطر التي يأخذها على عاتقه وصحيح القول أن القانون المدني  لم يرتب البطلان على كتمان المعلومات ولكنه بالمقابل رتب الفسخ كجزاء لهذا الكتمان حسب المادة 928 بفقرتيها ، ويترتب على المؤمن له إذا جاوب إجابات خاطئة على الأسئلة التي وضعها المؤمن له مسؤولية عقدية تتمثل بحق المؤمن في طلب فسخ العقد بغض النظر فيما إذا كانت المعلومة لها علاقة بوقوع وتحقق الخطر فعلاً أم لا حيث جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية رقم 156 لسنة34 قضائية ( متى كان البيان – الخاص بالمرض- في وثيقة التأمين قد جعل المؤمن محل سؤال محدد مكتوب فإنه يعتبر جوهرياً في نظره لازماً لتقدير الخطر المؤمن منه فإذا أقر المؤمن له بعدم سبق إصابته بمرض الكلى مع ثبوت إصابته وعلمه بذلك فإن هذا الإقرار من شأنه أن ينتقص من تقدير الشركة المؤمنة لجسامة الخطر المؤمن منه ، ومن ثم فإذا لم يعمل الحكم الشرط الوارد في عقد التأمين والذي مقتضاه بطلان العقد وسقوط حق المؤمن له في مبلغ التأمين في حالة إدلائه ببيانات خاطئه في إقراراته الواردة في طلب التامين والذي أبرم التأمين على أساسها هو شرط جائز قانوناً وواجب الإعمال حتى ولو لم يكن للبيان الكاذب دخل في وقوع الخطر المؤمن منه فإن الحكم يكون قد خالف القانون بمخالفة شروط العقد مما يستوجب نقضه ولا يبرئه من هذه المخالفة ما قاله بان مرض الكلى الذي أصاب المؤمن له ليس مما يخشى منه سوء العاقبة وأنه كان مرضاً عارضاً وكان المؤمن له قد شفي منه وقت إبرام عقد التأمين إذ أن ذلك – بفرض صحته- لم يكن ليعفي المؤمن له من ذكر هذا المرض في إقراراته الواردة في طلب التأمين ما دام أن ذلك كان محل سؤال محدد ومكتوب ) (2)

كما جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية يحمل الرقم 871 سنة 49 قضائية ( المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد التأمين من عقود الغرر التي مبناها حسن النية وصدق الإقرارات التي يوقع عليها المؤمن له والغش فيها أو إخفاء حقيقة الأمر يجعل التامين باطلاً ، وكان مؤدى  شروط وثيقة التأمين  المؤرخة في 4/6/1983 أن المؤمن عليه التزم بإحاطة شركة التأمين عند طلب سريان التأمين ، كما هو ملزم عند التأمين بجميع البيانات والظروف اللازمة لتمكينها من تقدير الخطر المؤمن منه وجسامته وقد يكون عن طريق الإقرار ببيانات يتقدم بها لشركة التأمين تعتبرها الأخيرة جوهرية في نظرها ولازمة لتقدير الخطر المؤمن منه ، ولما كان ما تقدم وكان مورث المطعون عليها المؤمن على حياته قد طلب إعادة سريان التأمين وقدم بتاريخ 12/2/1984 إقراراً يتضمن بأن حالته الصحية جيدة وانه لم يعرض نفسه على طبيب ولم يشك مرضاً منذ توقف عن دفع الأقساط الشهرية المستحقة عليه في حين أن الثابت من التقرير الطبي المؤرخ في 1/3/1984 المقدم من الشركةالطاعنة أنه قد تم توقيع الكشف الطبي على المؤمن على حياته بتاريخ13/1/1984 وتبين أنه مصاب منذ ثلاثة أشهر بحروق من الدرجة الثانية والثالثة وتوقي بتاريخ 14/2/1984).(3)

(1)                             قرار محكمة التمييز رقم989/2003 ، تاريخ 2/6/2003 ، منشورات مركز عدالة

(2)                             قرار محكمة النقض المصرية رقم156 ، تاريخ30/11/1967،سنة34 قضائية

(3)                             قرار محكمة النقض المصرية رقم 871 ، تاريخ 12/11/1985 ، سنة 49 قضائية 

 

 

وقد سارت محكمة التمييز في على نفس الخطى حين قررت في القرار رقم 198/1965 ما يلي: ( لم يشترط الفقه القضائي لبطلان عقد التأمين أن يكون المرض الذي أخفي عند تقديم البيانات هو سبب الوفاة ) (1)

غير أن محكمة التمييز في قرارات لها لاحقة قد اعتبرت أن عدم الإجابة الصحيحة على سؤال تتضمنه الاستبيان أو عدم الالتزام بالشرط الوارد في عقد التأمين بإشعار المؤمن برغبته بالسفر لا يشكل مخالفة من قبل المؤمن له ما دام لم يكن له أثر في وقوع الخطر المؤمن منه وهو الوفاة ، من هذه القرارات قرار محكمة التمييز رقم 576/1987 والتي نصت ( إن توصل محكمة الموضوع من خلال تفسيرها للفقرة التاسعة من عقد التأمين على الحياة والتي تنص على ' لدى الاستيضاح من المؤمن عليه عما اذا كان في نيته مغادرة بلده خارجه واسم البلد الذي سيسافر اليه ومدة المكوث والغرض من السفر كانت إجابته بالنفي ' وكذلك البند الأول من الفقرة الخامسة من باب الإستثناءات في عقد التأمين والتي تشترط ' وجوب إشعار المؤمن عليه للمؤمن خطياً عن أي تغيير في امكانية الخطر والخسارة وإن مخالفة مثل هذا الشرط يجعل عقد التأمين لاغياً ' بأن سفر المؤمن عليه في سيارته لخارج الاردن حيث حصلت وفاة المؤمن عليه لا يشكل تغييراً في إمكانية تعرضه للخطر ولا مخالفة لشروط عقد التامين وبالتالي لا يخلي المستأنفة من الإلتزام بالتعويض المشروط في عقد التأمين في حالة وفاة المؤمن عليه) .(2)

 

 ثانياً : الكشف الطبي: كثيراً ما يلجأ المؤمن ، إلى جانب مجموع الأسئلة التي يوجهها إلى المؤمن له في خصوص حالته الصحية ، إلى إجراء كشف طبي عليه بواسطة أطباء يستخدمهم لهذا الغرض ، ويتولى عادة الطبيب الذي يجري الكشف على المؤمن له ، قبل إجراء هذا الكشف ، عرض الاسئلة عليه ومعاونته في الإجابة عليها والاطلاع على هذه الإجابة حتى تتوافر لديع معلومات قد تكون قريبة النفع عند إجراء الكشف ، ويعنى الطبيب بوجه خاص بتسجيل الحقائق التي يكون قد وقف عليها بعد إجراء الكشف ويرسل بها مع الرأي الذي يستخلصه من هذه الحقائق غلى المؤمن ويستأنف المؤمن برأي الطبيب ولكنه يعني عناية خاصة بالحقائق التي سجلها هذا الأخير وبإجابات المؤمن له على مجموع الأسئلة التي وجهت إليه ويعرض هذه وتلك على لجنة مركزية من الأطباء ، كما يستعين بجداول الإحصاءات المختلفة ويستخلص من ذلك قراره الأخير في إجابة طلب المؤمن له أو رفضه وفي حالة إجابته إلى طلبه هل هناك محل لرفع قسط التامين حتى يواجه بذلك أخطاراص استثنائية يتعرض لها المؤمن له ، ولا يغني الكشف الطبي عن واجب المؤمن له بالتصريح عن أي أمراض أصيب بها وتؤثر على حياته سلباً وعليه الإفصاح عنها لأطباء الكشف الصحي وفي هذا قررت محكمة التمييز في قرار لها يحمل الرقم 198/1965 ( إن التزام المؤمن له بإخطار المؤمن بجميع البيانات والظروف التي يكون من شأنها تمكين المؤمن من تقدير الخطر المؤمن منه له أهمية خاصة  في عقد التأمين على الحياة ويجب على المؤمن له تقديم جميع البيانات المطلوبة منه بدقة كاملة وامانة تامة وتشكل تصريحاته المعطاة لطبيب شركة التأمين جزءً من عقد التأمين )

غير أن المؤمن لا يطلب إجراء الكشف الطبي في كل عقود التأمين على الحياة فهو يستثني عقود التأمين الشعبية والكبيرة لارتفاع ثمن الكشف الطبي وعدم قدرة المؤمن لهم على دفعه تكاليفه ويستعيض عنه بوضع حد أعلى لمبلغ التامين  ، أو حد اعلى للسن ،أو يشترط بقاء المؤمن له حياً مدة معينة (سنتين مثلاً) إذا مات في خلالها لم يستحق مبلغ التأمين

     ويشمل الكشف الطبي طلب المؤمن من المؤمن له مراجعة المختبر الطبي لفحص الدم وقياس الضغط ونبضات القلب .

(1) قرار محكمة التمييز رقم 1098/1965 ، تاريخ31/10/1965، منشور في مجلة نقابة المحامين سنة65، ص 1613

(2) فرار محكمة التمييز رقم576/1987، تاريخ 30/9/1988، منشور في مجلة نقابة المحامين ، سنة88،ص162

 

 

 

 

     يستطيع المؤمن أن يستبعد بعض الأخطار من نطاق التأمين على الحياة بشرط خاص في العقد كالوفاة إذا كان سببها المبارزة أو تنفيذ حكم الإعدام أو السفر إلى مناطق نائية أو موبوءة أو السفر بالطائرة ، فلا تكون هذه الأخطار مؤمنة أصلاً وبالتالي لا يكون المؤمن له ملزماً بالإخبار عنها.

 

     ومن الأهمية هنا أن نذكر أن التزام المؤمن له بالإفصاح عن حالته الصحية والظروف الخارجية التي قد تؤثر أو تهدد حياته هي فقط في عقود التأمين لحالة الوفاة بأنواعها : التأمين العمري والتأمين المؤقت وتامين البقية ذلك أن الخطر المؤمن منه في تلك العقود هو خطر الوفاة  والذي يهم المؤمن معرفته هو العوامل التي قد تؤدي إلى خطر الوفاة بشكل احتمالي أقرب فيحسب القسط ومبلغ التامين على ذلك ، اما التأمين لحالة البقاء وهي التي يلتزم بها المؤمن بدفع مبلغ التأمين سواء أكان مبلغاً مجمداً أو إيراداً مرتباً في حالة بقاء المؤمن له لأجل معين فلا يلتزم المؤمن له بالإفصاح لان موت المؤمن له قبل حلول الأجل في مصلحة المؤمن حيث سينقضي التزامه بدفع مبلغ التأمين .(1)

 

       يستطيع المؤمن له أن يفلت من الجزاء الذي يترتب على الإدلاء ببيانات خاطئة إذا تضمنت الوثيقة ما يسمى بشرط عدم المنازعة إذ بموجب هذا الشرط يتنازل الؤمن عن التمسك بالجزاء الذي يترتب على ذلك ، ويأخذ هذا الشرط عادة الصورة الآتية ( إذا استمرت البوليصة سارية المفعول في حياة المؤمن عليه مدة سنتين من تاريخ إصدارها ، فلا تجوز المنازعة فيها بحجة اخفاء معلومات أو إعطاء بيانات خاطئة في طلب التأمين أو في المستندات الأخرى متى ارتكب ذلك بحسن نية على أنه إذا ثبت سوء النية ولو بعد السنتين سالفة الذكر ، حتى مع انعدام التصرفات المنطوية على الغش ، يصبح التأمين باطلاً وجميع الأقساط المدفوعة حقاً مكتسباً للشركة بصفة تعويض كشرط جزائي صريح )

وواضح أن فائدة هذا الشرط لا تتحقق الا بعد مضي سنتين من بدء التأمين ، كما أن المؤمن له لا يستطيع التمسك به إلا إذا كان حسن النية أما إذا كان المستامن لا يستطيع أن يتمسك به إلا إذا كان حسن النية ، أما إذا كان المستامن قد أدلى عمداً ببيانات خاطئة ، أو كتم عمداً هذه البيانات فإنه يكون سيء النية ولا يستطيع أن يتمسك بشرط عدم المنازعة في الوثيقة .(2)

 

 

 

 

 

 

 

(1)                             عبد الودود يحيى ، التأمين على الحياة ، مكتبة القاهرة الحديثة ، القاهرة ، ص 85

(2) مصطفى محمد الجمال ، التأمين الخاص ، الطبعة الأولى ، الفتح للطباعة والنشر ، اسكندرية، ص181

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني

جزاء عدم إفصاح المؤمن له عن سنه الحقيقية

 

رتب القانون جزاءً على المؤمن له في حالة إفصاحه الخاطىء عن سنه الحقيقية ، ويختلف هذا الجزاء بحسب ما إذا كانت السن الحقيقية تزيد على الحد المعين في لوائح التامين ام لا وسأستعرض هذه الحالات في مطلبين

 

المطلب الأول

إذا كان سن المؤمن له الحقيقي أكثر من الحد المعين في لائحة التأمين

 

  نصت المادة 947/1 من القانون المدني ( لا يترتب على البيانات الخاطئة ولا على الغلط في سن من تم التأمين على حياته بطلان التأمين إلا إذا كانت السن الحقيقية للمؤمن عليه تزيد على الحد المعين في لوائح التأمين ) ويقابل هذا النص المادة 764/1 من القانون المدني المصري

وقد نصت المادة 1018 من قانون الموجبات والعقود اللبناني ( إن الخطأ في عمر المضمون لا يؤدي إلى بطلان عقد الضمان إلا إذا كان عمر المضمون الحقيقي خارجاً عن الحد المعين لعقد الضمان بمقتضى تعريفة الضامن )

     إذا كانت سن المؤمن له الحقيقية تزيد على الحد المعين في لوائح التأمين والحد المعين في لوائح التأمين تكون في العادة 65 عاماً كان عقد التأمين باطلاً ، وسواء كان المؤمن له حسن النية أو سيء النية فلا يدفع المؤمن مبلغ التأمين إذا تحقق الخطر المؤمن منه وهو وفاة المؤمن له ، بل إن له أن يسترده من المستـفيد أو من ورثة المؤمن له إن دفعه ، وفي المقابل عليه أن يرد كامل أقساط التأمين التي قبضها من المؤمن له وذلك نزولاً عند القاعدة العامة في البطلان والتي لا ترتب أثراً على العقد الباطل ، كما أن للمؤمن أن يطلب كذلك التعويض بالإضافة إلى البطلان إذا كان المؤمن له سيء النية في إدلائه بمعلومات خاطئة حول سنه مستنداً بذلك على اساس المسؤولية التقصيرية.(1)

 

المطلب الثاني

إذا كان سن المؤمن له الحقيقي لا يتجاوز الحد المعين في لائحة التأمين

 

نصت المادة 947/2 من القانون المدني ( وإذا ترتب على البيانات الخاطئة أو  الغلط أن يقل القسط عما يجب اداؤه فانه يجب تخفيض التأمين بما يساوي النسبة بين القسط المتفق عليه والقسط الواجب أداؤه على أساس السن الحقيقية ) ويقابل هذا النص المادة 764 /2 من القانون المدني المصري 

   فإذا كانت سن المؤمن عليه لا تجاوز الحد المعين في لائحة التأمين بقي العقد صحيحاً وسواء كان المؤمن له حسن النية أو سيء النية وكل ما يترتب عليه تعديل العقد ليتماشى مع السن الحقيقية للمؤمن له فإذا كانت السن الحقيقية يترتب عليها أن يقل القسط عما يجب أداؤه فإنه يجب تخفيض مبلغ التامين بما يساوي النسبة بين القسط المتفق عليه والقسط الواجب أداؤه على أساس السن الحقيقية للمؤمن على حياته فإنه يجب على المؤمن أن يرد الزيادة التي دفعت له وأن يخفض الأقساط اللاحقة الى الحد الذي يتناسب مع السن الحقيقية ، فإذا كانت سن المؤمن له الحقيقية 50 سنة فكان الواجب أن يدفع

(1)  أنور طلبة ، العقود الصغيرة عقد التأمين ، المكتب الجامعي الحديث ، القاهرة 2004، ص400

 

قسطاً سنوياً مقداره 125 جنيه ليتقاضى مبلغ تامين مقداره 2500جنيه ولكنه صرح ان عمره 45 سنة ليتقاضى نفس مبلغ التأمين في مقابل قسط سنوي مقداره 100 جنيه فقط ، وانكشف الغلط فإن مبلغ التامين يخفض بنسبة القسط المدفوع وهو 100 إلى القسط الواجب الدفع وهو 125 أي بنسبة4/5 فيكون 2000 بدلاً من 22500.

 

     أما إذا كانت السن الحقيقية للمؤمن له أقل من السن المصرح عنها من قبل المؤمن له وكان القسط الواجب دفعه تبعاً لذلك اقل من القسط الذي يقوم بدفعه كان للمؤمن له أن يسترد الفرق بين الأقساط المدفوعة والتي يجب دفعها على اساس السن الحقيقية كما ويتم تخفيض قيمة الأقساط التالية إلى الحد الذي يتناسب مع السن الحقيقية وهذا ما جاء في المادة 947/3 من القانون المدني ( وإذا كان القسط  المتفق عليه أكبر مما يجب دفعه على أساس السن الحقيقية للمؤمن على حياته فإنه يجب على المؤمن أن يرد الزيادة التي دفعت له وأن يخفض الأقساط التالية إلى الحد الذي يتناسب مع السن الحقيقية ).

فإذا قرر المؤمن له أن سنه 55 سنة بدلاً من 50سنة وهي سنه الحقيقية فدفع قسطاً سنوياً مقداره150جنيها بدلا من 125 جنيه وهو مقدار القسط الذي كان عليه أن يدفعه بالنسبة إلى سنه الحقيقية طبقاً لتعريفة التأمين المعمول بها وقت إبرام العقد فإن مبلغ التأمين لا يزيد ، ولكن القسط هو الذي يخفض إلى 125 بدلاً من 150 ، فإذا كان المؤمن له قد يدفع الفسط المتفق عليه مدة ثلاث سنوات مثلاً، ثم انكشف الغلط وجب على المؤمن أن يرد إليه الزيادة في القسط التي دفعها مدة الثلاث السنوات دون فوائد ، فيرد 75 جنيهاً لأن زيادة القسط قد بلغت 25 جنيهاً في السنة ثم يخفض القسط بعد ذلك في السنوات التالية من 150 إلى 125.(1)

 

 

المبحث الثالث

جزاء عدم إفصاح المؤمن له عن البيانات المتعلقة بالخطر

 

رتب القانون جزاء على المؤمن له نظير إخفائه معلومات وبيانات تقلل من أهمية الخطر أو إدلائه بمعلومات غير صحيحة وتتوقف شدة الجزاء بحسب فيما  إذا كان المؤمن له سيء النية أن حسن النية أتناول  هذا المبحث في مطلبين المطلب الأول المؤمن له سيء النية وفي المطلب الآخر المؤمن له حسن النية.

المطلب الاول

إخفاء المؤمن له سيء النية البيانات المتعلقة بالخطر

 

نصت المادة 928/1 من القانون المدني ( إذا كتم المؤمن له بسوء نية أمراً أو قدم بياناً غير صحيح بصورة تقلل من أهمية الخطر المؤمن منه أو تؤدي إلى تغيير في موضوعه أو إذا أخل عن غش بالوفاء بما تعهد به كان للمؤمن أن يطلب فسخ العقد مع الحكم له بالأقساط المستحقة قبل هذا الطلب)

بينما نصت المادة 982 من قانون الموجبات والعقود اللبناني ( يجوز بقطع النظر على أسباب البطلان العادية أن يبطل العقد بسبب تكتم الشخص المضمون أو تقديمه عن قصد تصريحاً كاذباً إذا كان هذا التكتم من شأنهما أن يغيرا موضوع الخطر او يخففاه في نظر الضامن وإذا وقع الطارىء فإن حكم هذا الإبطال الخاص يبقى مرعياً وإن كان الخطر الذي كتمه المضمون أو قدم في شأنه تصريحاً كاذبا لم يؤثر في وقوعه ، أما الأقساط المدفوعة فتبقى للضامن ويحق له أيضاً استيفاء جميع الأقساط المستحقة ، بمثابة بدل للعطل والضرر..)

(1) عبد الرزاق السنهوري ، المرجع السابق ، ص1482

 

بينما لا يوجد نص مقابل في القانون المدني المصري إلا أن الفقهاء المصريين يأخذون بالحلول التي نص عليها قانون التأمين الفرنسي الصادر سنة 1930 وهو النص المنقول حرفياً في المادة 982 من قانون الموجبات والعقود اللبناني ويؤسسون رأيهم على أساس أن شركات التأمين قد درجت على النص عليها في وثائق التأمين حتى صارت عرفاً ، وأنها تتوافق مع الطبيعة الخاصة لعقد التأمين ولذلك فإن مضمونه يعتبر حكماً قانونياً رغم عدم وجود نص في التشريع الوضعي يقرره  .

        ويجب البحث هنا في المعلومات التي يلتزم بها المؤمن له بالإفصاح عنها للمؤمن ومتى يعتبر المؤمن له سيىء النية ، لقد أجمع الفقه على ان المعلومات التي يلتزم المؤمن له بتقريرها هي المعلومات التي يعلمها ، و إلا كان في ذلك الزام بما يستحيل الوفاء به ، فالمؤمن له لا يلتزم بتقرير أي من المعلومات السابقة إذا كان لا يعلمها ، لكن الفقه يختلف بعد ذلك حول مفهوم العلم المقصود في هذا المقام لا فالبعض يأخذ بمفهومه الموضوعي البحت وبناء على هذا المفهوم فإن العلم هو استطاعة العلم فكلما استطاع المؤمن له العلم بالمعلومة كان ملزماً بتقريرها حتى ولو لم يكن يعلمها بالفعل بما يعني ذلك أن على المؤمن له السعي إلى التعرف على المعلومات التي يهم المؤمن معرفتها ، يتطلب بالضرورة أن يكون المؤمن له عالماً بالفعل بأهمية هذه المعلومات بالنسبة للمؤمن حتى يكون القيام بالتكليف مستطاعاً له ، إذن بناء على المعيار الموضوعي للعلم في مجال عقد التأمين له عنصران :

الأول : أن يكون باستطاعة المؤمن له ان يعلم المعلومة حتى ولو لم يكن يعلمها فعلاً ولكنه يستطيع ان يعلمها وتطبيقاً لذلك يمكن القول أن المؤمن له يعتبر سيء النية إذا لم يخبر المؤمن  بإصابته بمرض ما يمكن معرفة الإصابة بالكشف الطبي المتيسرله والذي يجب عليه أن يقوم به تلقائياً لاستطاعته القيام بمثل هذا الإجراء

الثاني : أن يكون المؤمن له عالماً بأهمية تلك المعلومة بالنسبة للمؤمن ، فإذا لم يكن يعلم بأهمية تلك المعلومة فلا يكون ملزماً بتقريرها وهذه المعلومات والبيانات تعتبر جوهرية إذا كانت هي الدافع على التعاقد والذي يساعد المؤمن على تقدير ما عدا كان سيقبل التامين ضد الخطر المطلوب أنه سيرفض ذلك كما يساعده غلى تحديد القسط الواجب لتغطية مثل هذا الخطر وفي مجال عقد التأمين على الحياة نعتقد ان لا مجال بالشك في اعتبار المؤمن له عالماً بأهمية تلك المعلومة في خصوص مرض مميت مصاب به ، أو عمل خطر يمارسه او رياضة خطرة يمارسها ، وتظهر بوضوح هنا أهمية الأسئلة التي يقدمها المؤمن للمؤمن له للإجابة عليها إذ يرشد المؤمن المؤن له إلى المعلومات الجوهرية المؤثرة في الخطر أو المؤثرة في قبول المؤمن لعقد التأمين والتي على المؤمن له الإجابة عليها بدقة وأمانة ولا يستطيع المؤمن له ان يتذرع بعد ذلك أن هذا البيان غير جوهري وهذا ما أيدت محكمة النقض في الطعن رقم 156 سنة 34 قضائية ( متى كان البيان – الخاص بالمرض- في وثيقة التأمين قد جعل المؤمن محل سؤال محدد مكتوب فإنه يعتبر جوهرياً في نظره لازماً لتقدير الخطر المؤمن منه فإذا أقر المؤمن له بعدم سبق إصابته بمرض الكلى مع ثبوت إصابته وعلمه بذلك فإن هذا الإقرار من شأنه أن ينتقص من تقدير الشركة المؤمنة لجسامة الخطر المؤمن منه ، ومن ثم فإذا لم يعمل الحكم الشرط الوارد في عقد التأمين والذي مقتضاه بطلان العقد وسقوط حق المؤمن له في مبلغ التأمين في حالة إدلائه ببيانات خاطئه في إقراراته الواردة في طلب التامين والذي أبرم التأمين على أساسها هو شرط جائز قانوناً وواجب الإعمال حتى ولو لم يكن للبيان الكاذب دخل في وقوع الخطر المؤمن منه فإن الحكم يكون قد خالف القانون بمخالفة شروط العقد مما يستوجب نقضه ولا يبرئه من هذه المخالفة ما قاله بان مرض الكلى الذي أصاب المؤمن له ليس مما يخشى منه سوء العاقبة وأنه كان مرضاً عارضاً وكان المؤمن له قد شفي منه وقت إبرام عقد التأمين إذ أن ذلك – بفرض صحته- لم يكن ليعفي المؤمن له من ذكر هذا المرض في إقراراته الواردة في طلب التأمين ما دام أن ذلك كان محل سؤال محدد ومكتوب) (1)

(1) مصطفى محمد الجمال ، المرجع السابق ، ص 184 وما بعدها

 

    أما المفهوم الشخصي للعلم فيقوم على أساس المعلومات التي يعلمها المؤمن له بالفعل علماً حقيقياً وهذه المعلومات يتعين عليه أن يقررها للمؤمن ، بحيث يكون مخلاً بالتزامه إذا لم يقم بتقريرها ، حتى ولو يكن يعلم بأهميتها للمؤمن .

 

والمفهوم الشخصي للعلم تغلب على المفهوم الموضوعي فقهاً وقضاء حيث يرى الفقه أن المؤمن له لا يلتزم بالإدلاء إلا بالمعلومات التي يعلمها وقت التعاقد وعلى المؤمن واجب التثبت والتدقيق من المعلومات المتعلقة بصحة المؤمن له وان معيار المؤمن الحصيف هو المعيار الذي استقر القضاء عللى تطبيقه وقد ذكرت سابقاً أن محكمة التمييز الأردنية في قرار لها يحمل الرقم 989/2003 قد قررت ( لا يوجد دليل على أن المؤمن لها قد كتمت أمراً أو قدمت بياناً عير صحيح سواء بسوء نية أو خلاف ذلك إذ اناط القانون بالمؤمن أن يتثبت من حالة المؤمن له الادبية والصحية ويفترض أن المؤمن قام بالإجراء اللازم قبل توقيع عقد التأمين وإلا يكون قد فرط هو في حقه والمفرط اولى بالخسارة ) 

 

        إن سوء النية لا يفترض ، فعلى الضامن إثباته بجميع الطرق القانونية، ويمكن إثبات سوء النية بسهولة في حالة إعطاء المضمون الأجوبة الكاذبة على الأسئلة الموجهة إليه.

 

         غير أن المؤمن له إذا رجع بعد الكتمان او تقديم التصريح الكاذب وقبل وقوع الطارىء ، وتقدم من تلقاء نفسه إلى المؤمن بتصحيح ما أدلى به من تصاريح فإن مثل هذا الرجوع يبعده عن سوء النية ويصبح حسن النية ويعامل معاملة المضمون حسن النية .(1)

 

           يترتب على المؤمن له سيء النية المخل بالتزامه بالإفصاح عن المعلومات التي تقلل من أهمية الخطر المؤمن منه أو تؤدي إلى تغيير في موضوعه الجزاءات التالية:

 

أولاً : فسخ العقد : والفسخ هنا هو إقالة العقد بحيث ينقضي وتقف آثار العقد وينتهي التزام المؤمن له سيء النية بدفع القسط من تاريخ طلب المؤمن للفسخ ، كما ينتهي التزام المؤمن بدفع التعويض عن حال تحقق الخطر باعتبار أن عقد التأمين من العقود المستمرة ينصرف فيها الفسخ إلى آثار العقد المستقبلية دون أن يكون للفسخ أثر رجعي ، وتعطي المادة 982 من قانون الموجبات والعقود اللبناني للمؤمن الخيار بين إنهاء العقد أو الإستمرار فيه مقابل زيادة على القسط يرضى بها المؤمن.

كما يرى الباحث هنا أن للمؤمن أن يسترد أية مبالغ دفعها للمؤمن له مقابل تغطية الخطر قبل طلب الفسخ ، واستند في هذا إلى أن المؤمن له كان سيء النية وبالتالي حصل المستفيد من المؤمن على مبلغ لا يتناسب مع القسط المدفوع والذي حدد بناء على احتمال قرب أو بعد وقوع الخطر وبالتالي حصل المؤمن له على مبلغ كبير من التأمين مستفيداً من سوء نيته وغشه ، غير أن بعض الفقهاء والتشريعات مثل القانون المدني الكويتي المادة 791/2 منه ،جميعهم اشتركوا في الرأي على انه لا يجوز للمؤمن طلب فسخ العقد في حالة تحقق الخطر ، ذلك أن الخطر قد تحقق والعقد قائم وأصبح التزام المؤمن بالتعويض واجب الأداء فلا يستطيع التحلل منه بالفسخ ، الا أن المؤمن لا يدفع من التعويض الا بقدر يتناسب والأقساط المدفوعة ، فلو كان القسط المدفوع أربعين دينارا ًومبلغ التعويض واجب الأداء من المؤمن عند تحقق الخطر ألفي دينار وكان القسط الذي يجب دفعه يتناسب مع الخطر الذي كتمه المؤمن له وهو خمسون ديناراً فإن المؤمن يدفع عند تحقق الخطر 40/50  x    2000=1600دينار وفي هذا نصت المادة 982 من قانون الموجبات والعقود اللبناني ( وإذا لم يظهر الكتمان

(1) 4- زهدي يكن ، شرح قانون الموجبات والعقود ، دار الثقافة ، بيروت ، ص 290

أو الكذب إلا بعد وقوع الطارىء فيخفض التعويض بنسبة الفرق بين معدل الأقساط التي دفعت ومعدل الأقساط التي كان يجب أن تدفع فيما لو كانت الاخطار قد اعلنت بشكل صحيح )

 

ثانياً: دفع الأقساط المستحقة حتى تاريخ طلب المؤمن الفسخ ، وهو هنا تاريخ تسجيل الدعوى في قلم المحكمة .

 

        أما بعض التشريعات المقارنة مثل قانون الموجبات والعقود اللبناني وإجماع الفقه المصري فقد قرروا حكماً مختلفاً في ما يتعلق بجزاء المؤمن له عن واجبه بالإفصاح الصحيح عن المعلومات المتعلقة بالخطر وهو :

                             أولاً : حق المؤمن في طلب إبطال العقد

                            ثانياً  : حق المؤمن في الإبقاء على الأقساط المدفوعة

                            ثالثاً  : حق المؤمن في طلب الحكم له بالأقساط المستحقة حتى تاريخ طلبه

                                     الإبطال                 

 

والملاحظ هنا أن الفقه أجمع إلى أن الإبطال له معنى خاص وهو لا يستجيب بصفة كاملة لمفاهيم القواعد العامة في القانون المدني ، فالمفهوم العادي للبطلان هو زوال الإتفاق واعتباره كأن لم يكن . والأمر في الفرض المعروض خلاف ذلك ، إذ يؤدي البطلان إلى زوال المؤمن بالتغطية حيث يتحلل من التزامه بدفع مبلغ التعويض ، دون أن يؤثر على التزام المستأمن بالنسبة للأقساط المدفوعة وما حل أجله منها ، إذ يمتنع عليه أن يسترد ما دفع ويتعين عليه أن يوفي ما حل أجله ولو أن البطلان ذلك البطلان الذي تقرره القواعد العامة وليس بطلاناً خاصاً بعقد التأمين لاقتضت القواعد العامة أن عقد التأمين الباطل عندما يتقرر بطلانه يزول بأثر رجعي ويعتبر كأن لم يكن ولا يرتب أثراً ما ويرد المؤمن الأقساط التي قبضها إلى المؤمن له ، غير أن البطلان هنا هو نظام من النظم الخاصة وله حكم مختلف هنا ويعلل الفقهاء هنا سبب هذا البطلان الخاص هو جزاء للمؤمن له سيء النية وهو ما جرى العرف التأميني به وهو ما أخذت به نصوص القانون الفرنسي الصادر في 13 يوليو 1930 م .(1)

    غير أنني أرى هنا أن القانون المدني الأردني قد كان موفقاً بالنص على حق المؤمن بفسخ عقد التأمين لا بطلانه كما ذهب القانون اللبناني وجمهور فقهاء المصريين حيث أن الفسخ يتماشى مع القواعد العام للقانون المدني وهو إنهاء العقد مستمر المدة مع الإحتفاظ بالأقساط التي تحمل خلالها المؤمن خطراً عنها ، بالإضافة إلى تضمين المؤمن له سيء النية الأقساط المترتبة حتى تاريخ طلب الفسخ باعتباره تعويض للمؤمن وجزاءً للمؤمن له على سوء نيته وهذا يتفق مع القواعد العامة ، أما القول بأن العقد قابل للإبطال مع احتفاظ المؤمن بالأقساط حتى تاريخ طلب الفسخ خلافاً للقواعد العامة فهو أمر لا أعتقد له ما يبرره في اخراج البطلان عن طبيعته وتفصيل نوع  خاص لعقد التأمين فما دام الفسخ يحقق تلك النتيجة فما الداعي للإنصراف إلى غيرها .            

المطلب الثاني

إخفاء المؤمن له البيانات المتعلقة بالخطر عن حسن نية

 

نصت المادة 928/2 من القانون المدني ( وإذا انتفى الغش أو سوء النية فإنه يجب على المؤمن عند طلبه الفسخ أن يرد للمؤمن له الأقساط التي دفعها أو يرد منها القدر الذي لم يتحمله في مقابل خطر ما )

(1) زهدي يكن ، المرجع السابق ،ص185

 

 

 

    فإذا انتفى عنصر الغش وكان كتمان  المعلومات من جانب المؤمن له  عن المؤمن كان بحسن نية ودون قصد ، أو أنه لم يدل ببيانات معينة ظناً منه أنها غير هامة في تقدير الخطر واكتشف ذلك المؤمن قبل وقوع الخطر كذلك فله حق فسخ عقد التأمين ، ولكنه هنا يحتفظ بالأقساط التي تقاضاها عن المدة السابقة عن الفسخ فإذا كان تقاضى أقساطاً مقدماً فإن عليه أن يردها للمؤمن له لأنه لم يتحمل في مقابلها أي خطر .

 

أما قانون الموجبات والعقود اللبناني فقد نص في المادة 981 في هذه الحالة ما يلي : ( .... على أن كتمان المضمون أو تصريحه الكاذب لا يؤديان إلى بطلان عقد الضمان ، إذا لم يقم البرهان على سوء نية المضمون ، إذا ظهر الكتمان أو الكذب ، قبل وقوع طارىء ما حق للضامن أن يفسخ العقد بعد مرور عشرة ايام من تاريخ تبليغ الإنذار الذي يرسله إلى المضمون بكتاب مضمون ، إلا إذا رضي الضامن بأن يبقى العقد مقابل زيادة على القسط يرضى بها المضمون ، وإذا لم يظهر الكتمان أو الكذب إلا بعد وقوع الطارىء فيخفض التعويض بنسبة الفرق بين معدل القسط التي دفعت ومعدل الأقساط التي كان أن تدفع فيما لو كانت المخاطر قد أعلنت على وجه صحيح تام )

    إن المادة928 من القانون المدني لم تبين حالة اكتشاف حقيقة الخطر المؤمن منه بعد تحققه ، ونعتقد هنا أن يمكن الأخذ بحكم المادة 981 من قانون الموجبات والعقود اللبناني حيث لا يفسخ العقد بل يدفع المؤمن مبلغ التأمين بعد خفضه بنسبة الفرق بين معدل الأقساط التي دفعت فعلاً ومعدل الأقساط التي كان يتعين دفعها على ضوء البيانات الحقيقة والصحيحة ، خصوصاً أن المادة 928 من القانون المدني يفهم من خلال قراءة نص المادة ما يدل على ذلك عندما مكنت المؤمن من الإحتفاظ بالأقساط المدفوعة والتي تحمل مقابلها خطر ما وذلك بمفهوم المخالفة عندما نصت على ان على المؤمن رد الأقساط التي لم يتحمل خلالها خطر ما أما إن تحمل خطر ما فلا يرد تلك الأقساط بالرغم من أن البيانات المتعلقة بالخطر كانت غير صحيحة ، إلا أن المؤمن لا يدفع من مبلغ التأمين إلا ما يقابل معدل الأقساط التي دفعها عند تحقق الخطر والذي يتحسب له المؤمن لو علم به وهو ما لا يظلم المؤمن ويحقق التوازن بين الطرفين .

 

     وأرى هنا أنه لو أخذ القانون الأردني بما تضمنه قانون الموجبات والعقود اللبناني من حق المؤمن له بالإبقاء على عقد الـتأمين وخصوصاً أنه عقد تأمين على الحياة مقابل زيادة مبلغ القسط بما يقابل مبلغ التأمين المقدر على أساس الظروف المؤثرة بالخطر الحقيقي بدلاً من أن يكون الحل الوحيد هو فسخ العقد .(1)

      غير أن المؤمن له حسن النية ,وحده يستفيد كما قلت سابقاً من شرط عدم المنازعة وهو الإتفاق على إعفاء المؤمن له من التزامه بتقرير حالة الخطر عند التعاقد ،ويقضي هذا الشرط بحرمان المؤمن من التمسك بإخلال المؤمن له بالتزامه بعد مدة معينة من بدء تنفيذ العقد ، فلا يستطيع المؤمن فسخ العقد ولا تعديله بزيادة القسط أو تخفيض مبلغ التأمين بل عليه المضي في تنفيذ العقد .

(1) حسن الفكهاني ، الوسيط في شرح القانون المدني الأردني ، الدار العربية للموسوعات ، القاهرة ، 2001،الجزء السابع ، ص364

 

 

 

 

 

 

 

الخاتـمــة : من خلال هذا البحث خرجت بمجموعة من النتائج والتوصيات أسردها على النحو التالي:

 

أولا: النتائج

 

1-                             عقود التأمين من عقود منتهى حسن النية وبناء عليه على المؤمن له ومن تلقاء نفسه أن يفصح للمؤمن عن كافة البيانات التي تؤثر في الخطر

2-                             إن المعلومات والبيانات الملزم المؤمن له بتقديمها تتعلق بالظروف التي تؤثر على حياة المؤمن له  وعلى عمره مثل المرض الخطير ، والظروف المحيطة به حروب ، آفات

3-                             يستطيع المؤمن أن يعلم بالظروف التي تؤثر على حياة المؤمن له قبل عقد التأمين على الحياة عن طريق الأسئلة والإستبيانات التي يطلب من المؤمن له الإجابة عنها وبواسطة الكشف الطبي كما يستطيع استبعاد بعض الأخطار من نطاق التامين بالإضافة إلى ما يلزم المؤمن له بتقديمه من تلقاء نفسه من معلومات بموجب نص القانون

4-                             سار الفقه بالإجماع على أنه في عقد التامين على الحياة لا يلزم المؤمن له على الإخبار عن الظروف التي تستجد بعد عقد التأمين على الحياة وذلك لأن المؤمن له قد امن من هذه الأخطار

5-                             يختلف الحكم الذي رتبه القانون على كتمان أو الإفصاح الكاذب عن البيانات التي تؤثر في الخطر باختلاف نوع المعلومات التي تتعلق بالخطر ، فالإفصاح عن سن ليست هي سن المؤمن له الحقيقية يرتب حكماً يختلف عن باقي البيانات والظروف التي تؤثر على وقوع الخطر

6-                             يعتبر عقد التامين باطلاً إذا كانت السن الحقيقية للمؤمن له تتجاوز السن المحددة في لائحة التأمين ، بينما يتم تخفيض مبلغ التأمين بما يقابل القسط المدفوع إذا لم يتجاوز السن المحددة في لائحة التأمين

7-                             يختلف حكم كتمان الظروف والبيانات التي تتعلق بالخطر وتؤثر فيه باختلاف نية المؤمن له من حيث حسن النية أو سوء النية .

8-                             تم الخروج بنتيجة مهمة مفادها أن القانون المدني الأردني خلافاً لغيره من التشريعات العربية بأنه رتب الفسخ على الكتمان وذلك انسجاماً مع القواعد العامة في القانون المدني بينما سارت باقي التشريعات بشكل معاكس حينما اشترطت البطلان ووصفته أنه نوع خاص عن البطلان المعروف بالقواعد العامة .

9-                             رتب القانون المدني الأردني في المادة 928/2على كتمان المؤمن له حسن النية فسخ العقد بخلاف التشريعات السابقة التي أوجبت على المؤمن توجيه إنذار للمؤمن له خلال عشرة أيام يخيره إما زيادة القسط أو فسخ العقد .

 

ثانياً : التوصيات :

                  أوصي بإضافة وتعديل النصوص المتعلقة بعقد التأمين على الحياة على النحو التالي :

 

1- النص بشكل صريح  على إلزام المؤمن له بتقديم إخطار عن الظروف الخارجية والتي تؤثر على حياته وتزيد من احتمال قرب وقوع الخطر وهو الوفاة متى سعى المؤمن له إليها وذلك بالنص التالي :

( يلتزم المؤمن له بالإخطار عن الظروف الخارجية او المحيطة التي تؤثر في احتمال قرب وقوع خطر الوفاة والتي استجدت بعد ابرام العقد ، وكان المؤمن له قد وضع نفسه بها )

2- تعديل نص المادة 928/2 من القانون المدني بتعديلها لتصبح على الشكل التالي ( وإذا انتفى الغش أو سوء النية فإنه يجب على المؤمن توجيه إنذار خطي  للمؤمن له يطلب منه فيه خلال مهلة عشرة أيام  زيادة مبلغ الأقساط اللاحقة إلى الحد الذي يساوي النسبة الواجب دفعها عن احتمال وفوع مثل ذلك الخطر فإن لم يقبل المؤمن له بزيادة القسط أو لم يقم بالإبلاغ عن موافقته الخطية خلال المهلة يكون المؤمن له قد اختار فسخ العقد ويحق له طلب استرداد الأقساط التي دفعها أو لم يتحمل المؤمن مقابلها خطر ما )

3- بتقسيم المادة 928/2 ألى بندين فرعيين أ وب يكون نص البند أ  التعديل المقترح من قبل الباحث والمبين سابقاً في البند أعلاه ، ويكون نص البند ب كما يلي : ( أما إذا كانت الوفاة قد حدثت للمؤمن له وقبض المستفيد مبلغ التأمين قبل اكتشاف واقعة الكتمان فلا يفسخ العقد وعلى المستفيد أن يرد للمؤمن الزيادة في مبلغ التأمين  بنسبة الفرق بين معدل القسط التي دفعت ومعدل الأقساط التي كان أن تدفع فيما لو كانت المخاطر قد أعلنت على وجه صحيح تام )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع :-

 

1- أنور طلبة ، العقود الصغيرة عقد التأمين ، المكتب الجامعي الحديث ، القاهرة 2004

2- توفيق حسن فرج ، الضمان ( التأمين ) في القانون اللبناني ، الدار الجامعية ، بيروت ،1973

3- حسن الفكهاني ، الوسيط في شرح القانون المدني الأردني ، الدار العربية للموسوعات ، القاهرة ،

    2001،الجزء السابع

4- زهدي يكن ، شرح قانون الموجبات والعقود ، دار الثقافة ، بيروت

5- عبد القادر العطير ، التأمين البري في التشريع ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان،2004

6- عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،

     1964،الجزء السابع

7- عبد الودود يحيى ، التأمين على الحياة ، مكتبة القاهرة الحديثة ، القاهرة

8- مصطفى محمد الجمال ، التأمين الخاص ، الطبعة الأولى ، الفتح للطباعة والنشر ، اسكندرية

 

 


MUTAZ KANAAN


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 835 / عدد الاعضاء 62