انتخابات نقابة المحامين 000 دروس وعبر وعظات ( 1 )
أسفرت انتخابات نقابة المحامين المصرية ، والتى انتهت بفوز الأستاذ / سامح عاشور نقيبا للمحامين لدورة ثانية ، وفوز الأغلبية من قائمة الشريعة الإسلامية بعضوية مجلس النقابة عن كثير من الدروس ، والعبر ، والعظات التى يتعين رصدها ، سواء فيما يتعلق بالنقيب أو بالأعضاء ، وهى مما يتعين أن تكون محل دراسة جميع أعضاء المنتدى بحسبان أن انتخابات نقابة المحامين ليست شأنا داخليا مصريا ، بل هو حدث عربى ، فنقيب المحامين المصريين هو رئيس اتحاد المحامين العرب
ونبدأ بالمنافسة على منصب النقيب فننحى باللائمة والعتبى على فرسى الرهان لتجاوزهما حدود المنافسة الانتخابية ، وخروجهما على ماكان يتعين عليهما الالتزام به من حدود الزمالة ، فضلا عن أنه كان من المتعين عليهما أن يكبحا جماح أنصارهما ، وأن يضربا المثل للأجيال الصاعدة فى ضرورة أن تجرى الانتخابات فى كنف المنافسة الشريفة التى يبتغى فيها كل مرشح المصلحه العامة
ومع كامل التهنئة للأستاذ النقيب ، ومثلها للأستاذ / رجائى عطية على خوضه لهذه الانتخابات للمرة الثانية ، ودون أن ينقص من قدره عدم توفيقه ، فارادة الجمعية العمومية مما يتعين احترامه كأولى مبادىء الإيمان بالديمقراطية 000 فكيف تمكن الأستاذ النقيب من الفوز ، وكيف لم يحالف الحظ الأستاذ رجائى عطية 00000000 هذا مانعرض له فى أناة ، وموضوعية ، وحيدة ، وتجرد بعد أن وضعت المنافسة الانتخابية أوزارها ، وانجلى غبارها
وفى اعتقادنا ، أن كافة الظروف والملابسات السابقة على بدء المعركة الانتخابية كانت توحى بالاعتقاد بأن الأستاذ / رجائى عطية هو الأقرب إلى منصب النقيب ، فهو يستصحب لكثير من علامات القوة ، ويخلو ملفه من كثير من عناصر الضعف التى تحيط بمنافسه
فأما عناصر القوة التى استصحبها الأستاذ رجائى عطية فهو دعم تيار الاخوان المسلمين له دعما كاملا وعلانية فى منافسته الانتخابية ، وهو تيار يمثل قوة لايمكن انكارها ، أو التقليل من شأنها
كما دخل الأستاذ رجائى عطية الانتخابات وملفه من خال من عناصر الضعف التى تحيط بمنافسه ، والذى شغل منصب النقيب لسنوات أربع سابقة ، وفى هذه السنوات مايغرى على كثير من الانتقاد ، صحت هذه الانتقادات أو كانت فى غير موضعها
على حين خاض الأستاذ سامح عاشور هذه الانتخابات ببعض من عناصر القوة ، وبكثير من عناصر الضعف
فأما عناصر القوة فهو إنجازه لتعديل المادة 187 من قانون المحاماة ، وأما عناصر الضعف فهو خلافه الدائم مع مجلس النقابة ، وانقسام أعضائه ، وبما أكسبه خصومة تيار ناصبه العداء ، وأعلن أن معركته تنحصر فى اسقاطه ، كما تعرض فى الفترة السابقة على الانتخابات لكثير من الانتقادات التى أضعفت من فرصه ، وذلك لعدم معالجته لكثير من المشكلات كأحداث حلوان ، وحادث المستشار العشماوى ، وشبرا الخيمة
وموجز ماتقدم ، أن مؤشرات بداية المنافسة الانتخابية كانت تميل كثيرا لصالح الأستاذ رجائى عطية ، وعلى نحو كان من المتوقع فوزه ، أو خسارته للمنافسة بفارق يسير ، ولم يكن يدر بخلد أحد ، ولا الأستاذ النقيب نفسه أن يكسب المنافسة الانتخابية بهذه الأغلبية التى حصل عليها
فكيف تغلب الأستاذ النقيب على عناصر ضعفه ، وكيف استثمر عناصر قوته ، وماهى دلالات فوزه ، ثم ماهى أسباب عدم توفيق الأستاذ رجائى عطية رغم ماكان يمتلكه من عناصر قوة 000 ؟
نرى أن ثمة نجاح يتوقف على حسن ادارة المنافسة الانتخابية ادارة حسنة ، وتوظيف كافة الامكانات المتاحة ، فالمعارك الانتخابية غدت علما قائما بذاته يدرس فى الاكاديميات ، ونحسب أن الأستاذ النقيب قد أحسن إدارة معركته الانتخابية ادارة جيدة ، وهى ادارة يتعين أن نرفع له فيها القبعات مهما كان خلافنا معه فى الرأى ، وأن نقر بجدارته فى شأن ادارة المنافسات الانتخابية والتى يمكن ابراز عناصرها فى :
أولا : الهاب الأستاذ النقيب لحماس أنصاره ، واشعارهم أن معركته هى معركتهم ، وعلى نحو دفعهم إلى بذل كل جهد فى شأن هذه المنافسة الانتخابية ، وأخرج كل ابداعاتهم بعد أن أشعرهم بذواتهم ، وهو مايحسب للنقيب بداية ، ثم لانصاره من بعده
ومن الشواهد على ذلك دفاع بعض من انصاره بمنتدى المحامين العرب دفاعا تجاوز كل حد لكل من يتناول النقيب بالمناقشة ، وكذلك تدارك كثير من أنصاره للمثالب عقب إعادة العملية الانتخابية حيث تغيرت كثيرا من موازين التصويت فى كثير من اللجان ، فضلا عن فرحة أنصاره فرحة عارمة عقب اعلان النتيجة بجميع محافظات البلاد ، وسهرهم حتى صباح اليوم التالى ، ولدى فى هذا الصدد من الكثير الذى يمكن قوله ، وحسبى أن زملاء لى كان يشعرون بقلق بالغ ، وكأنهم هم المرشحون حتى أعلنت النتائج بصفة نهائية
ولم يكن ماتقدم متوافرا بذات القدر لدى المنافس ، فقد كان دعوة أنصار الأستاذ رجائى عطية لسيادته على استحياء ، أو قل هى دعوة تنقصها الحركة الايجابية فى نشرها بين كثير من المحامين
ثانيا : استخدام الالة الاعلامية لتغيير كثير من المفاهيم والحقائق ، ولتلاقى كثير من عناصر الضعف التى شابت أداء الأستاذ النقيب فى الفترة السابقة
كشفت الحملة الانتخابية عن أهمية الإعلام فى إخفاء كثر من عناصر الضعف ، بل وفى تحوير ذلك الضعف إلى عنصر من عناصر القوة ، فلاينكر منصف أن قرار الأستاذ النقيب بمقاطعة دائرة العشماوى قد أكسبه قدرا كبيرا من التأييد ، على أن عدوله عنه قد أفقده لكثير من المؤيدين ، وقد استطاع الاستاذ النقيب أن يستعيد كثير من المؤيدين لقرار عدوله عن المقاطعة ، ومن ذلك تعبيره ذائع الصيت من أجلكم قررتم المقاطعة ، ومن أجلكم عدلت عنها
ويصدق ماتقدم على واقعة أحداث حلوان ، اذ كان يتناهى إلى مسامعنا من كثير من المحامين بحلوان أن أصوات النقيب لن تتعدى أصابع اليد الواحدة ، وقد استطاع الاستاذ النقيب أن يتغلب على عناصر ضعفه بهذه المنطقة ، وأن يتحصل منها على كثير من الأصوات الانتخابية ، بفضل اعلامه من ناحية ، وحماس أنصاره من ناحية أخرى
كما جعل النقيب من عناصر ضعف مجلس نقابته عنصرا من عناصر قوته ، فقد أرجع تقصيره ـ وهو احد أعضاء المجلس ـ إلى تعويق مجلس النقابة له ، وانقسامه عليه ، وبحيث أصبح هو مجنيا عليه
ثالثا : استغلاله للحرب التى شنها عليها التيار الاسلامى والتى أظهرته فى مظهر الفارس المغوار الذى يقاوم تيارا منفردا يرغب فى الاسيتلاء على مقدرات النقابة وسوف نرجى ء ذلك فى موضع اخر
رابعا : تكوين الاستاذ النقيب لقائمة تدعو اليه ، وتنافح عنه ، وهى فكرة غير مسبوقة فى تاريخ النقابات ، فضلا عن استغلاله لكل سلاح فى هذه المنافسة الانتخابية ، سواء كان سلاحا قبليا أو غيره
وفى اعتقادنا أن لفوز الاستاذ النقيب دلالة غير خافية ، وهى دلالة مؤداها أنه استطاع أن يهزم تيارا منظما منذ اكثر من سبع عقود من الزمن ، وأن هذا التيار رغم كل ماحشده لم يسطع أن يسقطه من منصب نقيب المحامين ، ولذلك كانت الفرحة بفوزه فرحة عارمة
واما لماذا لم يوفق رجائى عطيه فى هذه المنافسة الانتخابية ، فهو أنه لم يحسن ادارة معركته الانتخابية ، وكانت عناصر قوته هى بذاتها عناصر ضعفه 0000
فالأسباب التى أدت إلى عدم توفيقه هى :
أولا : الاستاذ / رجائى عطية نفسه ، فرغم أن الاستاذ رجائى عطية يتمتع بكثير من الصفات التى بتفوق بها على منافسه ، غير أنه لم يحسن استغلال هذه الصفات من ناحية ، بل كان اداؤه فى المؤتمرات الانتخابية مما يصرف عنه كثير من المحامين
ثانيا : دعم التيار الاسلامى دعما اثار حفيظة كثير من المحامين ، ودفعهم إلى الانصراف عن تأييده
ولنا فى هذين السببين تفصيل فى وقت لاحق بعد مداخلات الزملاء
وأما مقاعد عضوية مجلس النقابة فقد كشفت عن نتائج يحار فى فهمها أولى الألباب ، اذ كيف تصوت الجمعية العمومية لصالح الأستاذ سامح عاشور بأغلبية كاسحة ، ثم تصوت بذات الأغلبية لخصومة ، وكان لم يكف الجمعية العمومية الخلافات السابقة بين النقيب وهذه الأغلبية فرغبت فى استمرار هذه الخلافات لسنوات اربع قادمة مالم تكن الخلافات السابقة من المسرحيات الهزلية 00000 وفى الحديث بقية