اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
aqsa11
التاريخ
2/28/2005 5:15:15 PM
  الدكتور سعيد زعير على شفير الموت      

د.سعيد بن زعير على شفير الموت

سامي المالكي*

تردت الحالة الصحية للمعتقل السياسي د. سعيد بن زعير سوءا، وكان الشيخ بن زعير قد أبلغ ابنه الأكبر عبدالله حينما التقاه في الجلسة الأخيرة من المحاكمة قبل شهرين بسوء حالته، وتردي وضعه الصحي، وحينها بدا الضعف العام على جسم الشيخ، ويعود ذلك لسوء التغذية، ورداءة الرعاية الصحية التي يلقاها المعتقلون في سجن المباحث في الحاير بالرياض، على عكس الصورة البراقة التي تحاول السلطات الأمنية تسويقها عن الأوضاع داخل السجن.

وقد كرر الشيخ بن زعير مطالباته لسلطات السجن بتوفير رعاية صحية، ونقله للعلاج من معاناته المتزايدة، بيد أن السلطات قابلت طلبه بالتجاهل والرفض مما زاد حالته سوءاً، فاضطرت للكشف عليه ونقله للمستشفى لتلقي العلاج الذي استلزم عدداً من المواعيد الطبية، ولكن السلطات عاودت مواقفها ورفضت استمرار العلاج دون أي مبرر.

ومنذ اكثر من شهر اتخذت سلطات السجن سلسلة من الإجراءات التعسفية الاستفزازية نتج عن بعضها جروح لبعض السجناء، وقامت بعزلهم عن بعض، ونقلت بعضهم لسجون أخرى، لكن الأشد إيلاماً وغرابة ما قامت به السلطات من حرمان وحظر تام لجميع السجناء دون استثناء من حاجاتهم الضرورية كأغطية النوم، والملابس، وقطع الفرش الصغيرة التي تستر أرضية الزنزانة العارية، بل وطال المنع أدوات النظافة الشخصية من صابون وشامبو ومعجون أسنان، ولم تسمح للمعتقل بإبقاء أي اغراض في زنزانته سوى مرتبة إسفنجية للنوم، وثوباً واحداً، كما انتزعت منهم كل الكتب التي اقتنوها شراءً!

وعلى الرغم من المكانة العلمية والشخصية والدعوية والاجتماعية والأكاديمية للدكتور سعيد بن زعير إلا أن إجراءات عقابية شديدة القسوة قد شملته دونما أي تقدير لعوامل كبر السن، وارتفاع القدر، وتردي الصحة، وضعف الجسم!

وقد انتشر نبأ تردي صحة الشيخ بن زعير هذا اليوم، وتناقل الكثيرون الخبر عبر اتصالات هاتفية ورسائل بالجوال، وتأكد لدي باتصالي بأحد العلماء نقلاً عن أسرة بن زعير.

وبالرغم من شدة وقع الخبر، وافتراض ردة فعل موازية لخبر يتعلق بصحة معتقل سياسي محروم من حقوقه الأساسية في القضاء، وفي المعاملة الإنسانية داخل السجن، بل إن عائلته لم تتمكن من زيارته أو الاتصال به طيلة سجنه سوى هذا اليوم حينما أبلغ أهله باعتلال صحته، بالرغم من كل هذا إلا  أن سلطات السجن لم تقم بالحد الأدنى من أشكال التعامل مع وضع كهذا، وقد حاولنا التماس أي معلومة تفصيلية حول هذا التدهور المفاجئ في صحة بن زعير إلا أن عدداً ممن اتصلنا بهم لم يجدوا ما يقولوه حول هذا النبأ، ويعللون ذلك بالحصار الذي تفرضه وزارة الداخلية، والطوق الأمني من السرية والتعتيم، وإغلاق أي منفذ لتسريب معلومات حول اوضاع السجناء وبخاصة القضايا السياسية والأمنية.

وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور بن زعير قد صدر ضده حكم قضائي بالسجن خمس سنوات إثر مشاركته في برنامج بقناة الجزيرة قبل عام؛ إذ اعتقلته السلطات فوراً، ونقلته للسجن، وعلى عكس المتوقع فلم تجر معه أي تحقيق حسبما تنص عليه الأنظمة الصادرة من مجلس الوزراء، وبعد مضي ستة اشهر أحالته السلطات الأمنية للمحكمة ليفاجأ بقائمة من المحظورات والمخالفات القانونية كان من أبرزها إصرار القاضي على حرمان بن زعير من توكيل محامي للترافع عنه، فيما أصر القاضي على سرية الجلسات، إذ أمر أقارب الشيخ بالخروج من مكتبه الذي جرت فيه المحاكمة، وفي تطور مفاجئ أصدر القاضي حكمه بسجن الشيخ خمس سنوات، وأعلن حيثيات الحكم التي لم تتضمن جلسات المحاكمة السؤال أو التثبت منها في تصرف فضائحي لا يمكن تمريره في أي نظام قضائي يعترف بالإنسان وحقوقه الشرعية، وقبل أسبوع من اليوم أصدرت محكمة التمييز وهي محكمة تتمتع بقرار نهائي نافذ بلإقرار حكم السجن، رغم أنها قد ردت قرار القاضي ثلاث مرات مبدية اعتراضها على طبيعة الإجراءات التي اتخذها القاضي في نظره للقضية.

إن هذه الواقعة القضائية بتقاصيلها تقدم برهاناً ناصعاً على تبعية القضاء للقرار السياسي أيا كانت وجهته، وتعتبر وصمة عار في وجه القضاء السعودي رغم الشعار الذي يرفعه بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.

وإن التدهور المريع في صحة الدكتور بن زعير في ظل تجاهل وزير الداخلية وسلطات الأمن وعدم مبالاتهم بما يجري رغم فظاعته، لهو دليل على الموقف الحقيقي ضد الإنسان، وضد الرأي الآخر، وضد الحرية، وهو تكريس لتغييب الصوت الشعبي، والموقف الأساسي المتأصل بردعه حتى عن أقل حقوقه بالمحافظة على صحة سجين مظلوم حسب شراسة التعامل القضائي!

إن المسؤولية الأخلاقية، والمسؤولية الشرعية، والمسؤولية التاريخية عن صحة الشيخ بن زعير يتحمل وزرها وزير الداخلية ومساعده وهما المطلعان بالتفصيل عن صحة الشيخ، وما يجري في السجن من أحداث واضطرابات، وعلى الرغم من كل ما يجري إلا أن هناك إصرار على الضرب والقسوة والقهر والتعامل المجرد من الإنسانية مع أفراد ذنبهم التعبير المنضبط السلمي بالكلمة فقط، ولكن السلطات امتهنت كرامتهم، وازدرت بحياتهم، وتجاهلت صحتهم، ومنعتهم من حقوقهم المكفولة شرعاً ونظاماً.

ولايمكننا أن نبرئ رئيس الحكومة، وهو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، الذي يمتلك السلطة التنفيذية، ويتمتع بصلاحيات وسلطات الملك منذ سنوات.

والمسؤولية الأليمة تقع على عاتق المؤسسة القضائية التي وضعت نفسها رهينة لإرادة المؤسسة الأمنية وسوطها الذي يتحرك لتنفيذ رغبات القمع والتعسف والتعدي على الضروريات الخمس التي جاء الإسلام بحفظها ! وإلا فأي معنى لحكم شرعي يصرح القاضي بأنه يصدره تنفيذاً لإرادة ولي الأمر!

وما معنى أن يحرم الشيخ بن زعير وغيره المئات من حقوقهم التي نص عليها النظام في توكيل المحامين؟

وما معنى أن يحكم القاضي بالسجن مدة طويلة لا أساس نظامي ولا شرعي يحدها؟

ومن المسؤول عن تغيير قرار محكمة التمييز التي رفضت حكم القاضي ثلاث مرات، ولكنها قبلته في المرة الرابعة رغم توحد الظروف، وعدم تغييره لإجراءاته؟

ثم .. كيف يطالب بالعلاج من المرض وترفض السلطات علاجه؟

هل يريد وزير الداخلية قتل الشيخ سعيد بن زعير فعلياً، بعد أن قتله بالتشويه الإعلامي، وبعد أن حبس حريته من قبل تسع سنوات دون أي حكم قضائي؟

اللهم قد بلغت ... اللهم فاشهد .......  اللهم قد بلغت ... اللهم فاشهد .......  اللهم قد بلغت ... اللهم فاشهد


*مثقف وناشط حقوقي



 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2016 / عدد الاعضاء 62