شناني عدد المشاركات >> 172 التاريخ >> 31/10/2004
|
الأخت الكريمة داليا
موضوعك يتعلق بالحقوق الشخصية أو ما يسميها بعض الفقهاء بالحقوق الملازمة للشخصية ، وهي منظومة من الحقوق متفرعة عن حقوق الإنسان التي نادت بحقوق عامة مثل الحقوق السياسية والحقوق الاجتماعية والحقوق الاقتصادية
أما الحقوق الشخصية فهي الأكثر التصاقا بالإنسان وبحياته ، مثل حرمة الحياة الخاصة ، والمراسلات ، وحرمة الحياة الأسرية ، ومنع التعدي على خصوصيات الإنسان بدون مبرر قانوني ، كمنع استراق السمع ومنع التصوير بدون إذنه ومنع نسخ الصوت أو الصورة أو الاعتداء على سرية الحياة الخاصة
وقد جاء في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، منع صريح من التدخل في الحياة الخاصة لأي إنسان ، حيث نصت المادة 17 منه على أنه لا يجوز تعريض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني لتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته مراسلاته ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته ...
وان الحق في الخصوصية ، او كما يعرف في النظام اللاتيني بالحق في الحياة الخاصة ، يعرف بحق احترام سرية وخصوصية الاشخاص من اي تدخل مادي او معنوي ، وهو حق عميق الجذور من الوجهة التاريخية ، ففي الكتب السماوية ثمة العديد من الاشارات للخصوصية تنطوي على اعتراف بحماية الشخص من ان يكون مراقبا ، وثمة حماية للخصوصية في الشرائع اليونانية والصينية القديمة . وقد جاء القران الكريم صريحا في حماية السرية وفي منع انشطة التجسس وكذلك في حماية المساكن من الدخول دون اذن .
أما بالنسبة للتشريعات الوضعية فان الدول الغربية قد اقرت جوانب من حماية الخصوصية منذ مئات السنين ، ففي عام 1361 تم سن قانون في بريطانيا ( The Justices of the Peace Act ) يمنع اختلاس النظر واستراق السمع ويعاقب عليها بالحبس . وفي عام 1765 اصدر اللورد البريطاني Camden قراره بعدم جواز تفتيش منزل وضبط اوراق فيه.
وقد طورت عدد من الدول حماية متقدمة للخصوصية بعد هذا التاريخ ، ففي عام 1776 سن البرلمان السويدي قانون الوصول الى السجلات العامة والذي الزم كافة الجهات الحكومية التي لديها معلومات ان تستخدمها لاهداف مشروعة . وفي عام 1858 منعت فرنسا نشر الحقائق الخاصة وفرضت عقابا على المخالفين ، أما قانون العقوبات النرويجي فقد منع في عام 1889 نشر المعلومات التي تتعلق بالشخصية والاوضاع الخاصة.
ؤفي عام 1890 كتب محاميان امريكيان Samual Warren and Louis Brandeis مقالا عن حماية الخصوصية باعتبار الاعتداء عليها من قبيل الفعل الضار ووصف الخصوصية بأنها الحق في ترك الشخص وحيدا ، وقد انتشر هذا المفهوم في الولايات المتحدة الامريكية كجزء من القانون العام . وفي العصر الحديث فان مفهوم الحق في الخصوصية ظهر في الاعلان العالمي لحقوق الانسان في عام 1948 والذي كفل حماية الاماكن والاتصالات.
كما ان العديد من اتفاقيات حقوق الانسان العالمية اعترفت بالحق في الخصوصية كالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ( ICCPR ) واتفاقية الأمم المتحدة للعمال المهجرين واتفاقية الأمم المتحدة لحماية الطفولة وغيرها .
وأما على المستوى الاقليمي فان العديد من الاتفاقيات اعترفت بالحق في الخصوصية ونظمت قواعد حمايته كما هي الحال في الاتفاقية الاوروبية لحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية (روما لعام 1950 ) وهذه الاتفاقية قد انشأت المفوضية الاوروبية لحقوق الانسان والمحكمة الاوربية لحقوق الانسان لمراقبة تطبيقها وكلاهما كان نشطا في تطبيق وحماية الحق في الخصوصية وضيق من نطاق الاستثناءات على حكم المادة الثامنة وما تقرره من حماية ، وفي هذا الشأن فان المفوضية الاوروبية لحقوق الانسان قالت عام 1976 ( ان الحق في احترام الحياة الخاصة هو الحق في الخصوصية ، الحق في الحياة الى المدى الذي يتمناه الانسان والحق في الحماية من العالمية) . ووفقا لرأي اللجنة فان الحق في احترام الحياة الخاصة لا ينتهي هنا بل يمتد الى الحق في تأسيس وتطوير العلاقات مع الاشخاص الاخرين .
وجدير بنا بعد هذا العرض ، المنقول قسما منه ، أن نركز على موضوعك ، فأقول :
إن من جملة حقوق الشخصية ، الحق في الصورة. أي عدم قيام أي شخص بتصوير آخر إلا بإذنه. فلا يملك أحد أن يتصرف بصورة غيره ، ولكل شخص حرية التصرف بصورته وفقا للقانون.
ولذلك ، وحسب ما أعتقد فإن الموضوع لا يتعلق بحالات تحرش أو فضيحة أو أو بقدر ما يتعلق بحقوق الشخصية ، دون أن نغفل الأفعال الأخرى فيما إذا قام الجاني باستعمال الصورة لغايات مجرمة ، فنحن نتحدث عن مجرد أخذ صورة بدون موافقة صاحبها ، والأمر ينطبق على كلا الجنسين ، وليس على النساء فقط. فالرجل أيضا يحق له منع أخذ صورته بدون إذنه.
أما إذا استعمل الجاني الصورة لغايات مجرمة ، كما نشاهد حاليا تطبيق الصور الفاضحة والمخلة بالشرف والحياء ، فإن العقوبة هنا لا تقتصر على مجرد أخذ صورة بدون إذن صاحبها ، ولكن تتعداها إلى جريمة أكبر ، بحسب طبيعة الجرم وطريقة استعمال الصورة.
والعلاج دائما ، ننادي بتطبيق القانون فقط ، والتوعية والتربية الأخلاقية. بشكل متواز .
ولكن بقي عندي سؤال :
على حد علمي فإن البلو توث لا يصور ، وهو للصوت فقط.
!!!
هذا وقد كان عندي كتاب مرجع كامل عن حقوق الشخصية ، ولكني لم أجده ، ربما أحد الزملاء استعاره ، وطلع يؤمن بالحكمة : إذا استعرت كتابا فلا ترده. لأن المغفل من يعير الكتاب والأكثر غفلة هو من يرده.
تقبلي تحياتي
شرم برم كعب الفنجان
|