اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
احمد سويد
التاريخ
7/17/2014 6:03:22 PM
   الحماية الجنائية للشيك على ضوء قرارات اللجنة القانونية بوزارة التجارة السعودية وأحكام محكمة النقض المصرية      

الحماية الجنائية للشيك على ضوء قرارات اللجنة القانونية بوزارة التجارة السعودية وأحكام محكمة النقض المصرية بحث منشور بمجلة المحامين العرب 2009 بقلم الباحث أحمد سويد تلعب الأوراق التجارية دورًا بالغ الأهمية بما لها من قدرة على تيسير التعامل بين الأشخاص في سرعة وفاعلية مع تحقيق للقدر اللازم من المرونة التي تتطلبها العمليات التجارية, باعتبارها وسيلة فرضت نفسها كأداة للوفاء بالالتزامات بديلاً عن النقود ومنها الشيك الذي يعد أكثر الأوراق التجارية ذيوعًا وانتشارًا نظرًا لما يحققه من وظائف حيوية للوفاء بالالتزامات. لكن وعلى الرغم مما يحققه الشيك من توفير طابع السرعة والائتمان بالإضافة لحماية المتعاملين به من مخاطر التعامل بالنقود إلا أنه لا يخلو من مشكلات ومنازعات منها ما يتعلق بالشكليات والبيانات الأساسية التي يجب أن يتضمنها ومنها ما يتعلق بمنازعات الوفاء به, مما حدا بالأنظمة والتشريعات المختلفة إلى العمل على توفير حماية جنائية للشيك حتى لا يساء استعماله والحيلولة دون أن يكون وسيلة لأكل أموال الناس بالباطل، وانطلاقًا من حرص تلك الأنظمة على مراعاة الاعتبارات القانونية التي من شأنها توفير الحماية الجدية لمختلف الأطراف العاملين خاصة في الحقل التجاري جاء نظام الأوراق التجارية السعودي بالمرسوم الملكي رقم 37 وتاريخ 11/ 10/ 1383 المنشور بأم القرى العدد 2010 وتاريخ 15/ 10/ 1383هـ والمعدل بالمرسوم رقم م/ 45 وتاريخ 12/ 9/ 1409هـ متناولاً أحكام الشيك والنص على تجريم كل فعل من شأنه إعاقة الوظائف الاقتصادية له مع وضع عقوبات رادعة على مخالفة أحكامه أو التحايل عليها خاصة وأن الجزاءات المدنية وحدها لا تكفي لتدعيم الثقة فيه كما أنها لا تكون مجدية أغلب الأحيان إذا ما كان الساحب مفلسًا أو معسرًا. ماهية الشيك في النظام والفقه لم يتعرض نظام الأوراق التجارية شأنه في ذلك شأن معظم التشريعات المقارنة لتعريف الشيك بل اكتفى ببيان أحكامه وقواعده والجزاءات المترتبة على مخالفتها دون أن يضع تعريفًا محددًا له ولذلك تعددت التعريفات الفقهية للشيك بالرغم من أنها قد تتفق جميعًا أو تدور حول معنى واحد له وهو أن الشيك محرر مكتوب وفقًا لأوضاع معينة يقوم مقام النقود في الوفاء. وقد ذهبت اللجنة القانونية بوزارة التجارة إلى "اعتبار الشيك أداة وفاء تجري مجرى النقود، أما محكمة النقض المصرية فقد عرفته بأنه أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه ويغني عن استعمال النقود في المعاملات. أطراف الشيك يفترض الشيك قيام علاقة بين ثلاثة أشخاص هم: 1 - الساحب: وهو من يصدر الشيك ويوقع عليه فالتوقيع على الشيك من الساحب هنا هو جوهر الالتزام وبدونه لا يترتب أي التزام قانوني، ولا يلزم أن تكون بيانات الشيك محررة بخط الساحب وفقط يتعين أن يحمل الشيك توقيعه لأن خلوه من هذا التوقيع يجعله ورقة لا قيمة لها ولا يؤبه بها في التعامل. 2 - المسحوب عليه: وفقًا لنص المادة 93 من نظام الأوراق التجارية يلزم أن يكون المسحوب عليه بنكًا والمسحوب عليه هو من يلتزم بالوفاء بقيمة الشيك متى كان هناك للساحب رصيد قائم يغطي قيمة الشيك, ويجب تحديد اسم المسحوب عليه تحديدًا دقيقًا باعتباره المرجع في تحديد كفاية أو عدم كفاية الرصيد كون ذلك عنصر من عناصر جريمة إصدار شيك بدون رصيد والتي لا تقوم إلا بالتحقق منه. 3 - المستفيد: هو من يصدر الشيك لمصلحته, ولا يشترط ذكر اسم المستفيد في الشيك إذ يعد في هذه الحالة لحامله, وقد يكون المستفيد هو نفسه الساحب إذا سحب شيكًا لمصلحته لقبض المبلغ الذي له في ذمة المسحوب عليه. وهنا يثور التساؤل عن الفرض الذي يكون فيه المستفيد هو نفسه الساحب هل تترتب هنا مسؤوليته في حالة عدم وجود رصيد كافٍ؟ من رأينا أنه من غير المنطقي ترتيب مسؤولية الساحب هنا ذلك بالنظر للحكمة التشريعية من تجريم إصدار شيكات بدون رصيد ألا وهي الحفاظ على الثقة المتبادلة بين المتعاملين به وفي هذا الفرض ينتفي أي إهدار لهذه الثقة التي حماها المنظم بالحماية الجنائية ما دام أن العلاقة ظلت فردية بين الشخص وبين نفسه ولم يخرج الشيك من حوزته للغير بتظهيره لما في ذلك من تحقيق للعدالة الجنائية المنشودة. أنواع الشيك وضع نظام الأوراق التجارية حماية جنائية للشيك طالما ثبت للمحرر هذه الصفة وفقًا للنظام, فتنسحب تلك الحماية على جميع أنواع الشيكات سواء كانت اسمية أو لحاملها وأيضًا الشيك المسطر وفقًا لنص المادة 111 من النظام وكذلك الشيك الذي تناولته المادة 113 أو ما يسمى بالشيك المقيد في الحساب. ويثبت للمحرر وصف الشيك على الجانب الآخر وفقًا لما ذهبت إليه محكمة النقص بقولها "إذا كان يبين من المحرر أنه يتضمن أمرًا صادرًا من المتهم لأحد البنوك بدفع مبلغ معين في تاريخ معين، فإنه في هذه الحالة يعتبر أداة وفاء مستحق الدفع بمجرد الاطلاع ويعد شيكًا بالمعنى المقصود، ويجري مجرى النقود في المعاملات". [1] ومن المحررات التي ثار خلاف حول طبيعتها ما يعرف بالشيك السياحي - وهو عبارة عن أمر يصدره المصرف إلى فروعه بالخارج بغرض تمكين المستفيد من قبض قيمته بعد التوقيع عليه لدى المسحوب عليه. والجدير بالذكر أن نظام الأوراق التجارية جاء خلوًا من النص على هذا النوع من الشيكات فخلف من ورائه جدلاً فقهيًا واسعًا. فذهب جانب إلى عدم الاعتداد بهذا المحرر كشيك واعتباره مجرد سندًا إذنيًا ومن ثم لا يمكن شموله بالحماية الجنائية. ولكننا نرى مع الرأي الغالب إلى أن الشيكات السياحية هي شيكات بالمعنى الذي عناه المنظم حتى ولو كانت صادرة من مؤسسة مالية إلى فروعها بالخارج باعتبار أنه يتوجب الاعتراف بالذاتية لهذه الفروع بحيث إذا سحب إحداها الشيك على أخرى وجب اعتباره شيكًا كما لو كانت مسحوبة بين شخصين منفصلين غير أن الحماية الجنائية للشيك وضعت أساسًا لفرض الثقة على المتعاملين به ومن ثم وجب حماية تلك الثقة بتجريم إعطاء شيك سياحي لا يقابله رصيد. وذلك أيضًا هو ما انتهت إليه محكمة النقض في العديد من أحكامها بقولها "إن الشيك السياحي إذا حمل توقيعين لم يعد بينه وبين الشيك العادي فارق". [2] شروط صحة الشيك تنقسم شروط صحة الشيك كورقة تجارية شملها المنظم بالحماية الجنائية إلى شروط موضوعية وهي التي تتعلق بالقواعد العامة للالتزام من توافر الأهلية وانتفاء عيوب الإرادة, والقاعدة في القانون المصري وغالبية التشريعات المقارنة أنه لا تأثير لبطلان الالتزام بالوفاء على مسؤولية الساحب الجنائية عن جريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد - ما لم يترتب على انعدام الرضا نفي أركان الجريمة لدى الساحب. وقد استقرت أحكام محكمة النقض على هذه القاعدة فيما يتعلق بسبب إصدار الشيك الذي لا يؤثر في المسؤولية الجنائية للساحب. [3] أما اللجنة القانونية بالمملكة فقد ذهبت في العديد من أحكامها إلى خلاف ذلك بقولها "إن اعتبار الشيك أداة وفاء يقوم مقام النقود في المعاملات لا يمنع الساحب أن يدفع في مواجهة المستفيد بالدفوع المستمدة من علاقة شخصية بينهما ومنها الدفع بانعدام السبب - يلزم أن يكون سبب الشيك موجودًا ومشروعًا إعمالاً للقاعدة الشرعية التي تقضي بأنه لا يجوز لأحد أن يأخذ مال أحد بلا سبب شرعي". [4] وكذلك قررت أنه "يشترط أن يكون لتوقيع الساحب سبب مشروع - إصدار الشيك يعد دليلاً على وجود السبب ومشروعيته - يجوز لمحرر الشيك أن يثبت عدم وجود السبب أو عدم مشروعيته مثال ذلك تحرير شيك وفاء لثمن بضاعة اشتراها الساحب من المستفيد ثم لم تسلم إليه مما ترتب عليه فسخ العقد ويجوز للساحب في هذه الحالة أن يتمسك ببطلان الشيك لانعدام سببه قِبل المستفيد المباشر والحامل سيئ النية". [5] وفى إحدى الوقائع قررت اللجنة بطلان الشيك لعدم مشروعية سببه بقولها "الشروط الشكلية والشروط الموضوعية اللازمة لصحته - المادة 91 من نظَام الأوراق التجارية - استلزامها توافر بيانات معينة في الصك حتى يعتبر شيكًا منتجًا لآثاره القانونية بالإضافة إلى توافر الشروط الموضوعية اللازمة لصحة الالتزام الإرادي بشكل عام، من هذه الشروط السبب الصحيح بمثابة العلاقة القانونية الأصلية التي أدت إلى إنشاء الشيك إذا كان سبب الشيك محل الدعوى هو مشاركة المدعي وهو أجنبي مع والد المدعى عليه وهو سعودي في شراء أرض بالمملكة بطلان السبب لمخالفة قاعدة أخرى تحظر تملك الأجانب لعقارات بالمملكة بطلان الشيك لعدم مشروعية سببه". [6] ووفقًا لهذا الاتجاه القضائي لا يجوز الحكم على الساحب بقيمة الشيك إذا انعدم سببه وفي هذا الصدد قررت اللجنة القانونية أنه "يجب أن يكون للشيك سبب موجود ومشروع، السبب هو الالتزام السابق على تحرير الشيك وإذا انعدم سبب الشيك فلا يجوز الحكم على الساحب بقيمته". [7] وانعدام سبب الشيك يقع عبء إثباته على الساحب الذي يحتج به - وفقًا لما قررته اللجنة كذلك بقولها "محرر الشيك الذي يحتج بانعدام السبب عليه إثبات ذلك فإذا أثبت ذلك جاز للمستفيد إثبات أن للشيك سببًا صحيحًا". [8] وعلى خلاف ما تواترت عليه أحكام اللجنة القانونية في هذا الشأن ذكرت إحدى الأحكام المنسوبة للجنة القانونية التي نشرت بشبكة الإنترنت دون ذكر رقم أو تاريخ الحكم "بأن تخلف سبب الشيك لا أثر له على مسؤولية الساحب الجنائية فيتحقق القصد الجنائي لدى الساحب بمجرد علمه بعدم وجود مقابل وفاء للشيك". وعلى كل حالٍ وتمشيًا مع المقتضيات المنطقية والتشريعات المختلفة أباح نظام الأوراق التجارية في مادته رقم 105 للساحب المعارضة في وفاء الشيك قبل انقضاء ميعاد تقديمه شريطة أن يكون ذلك في حالة ضياع الشيك أو إفلاس حامله أو طروء ما يخل بأهليته. وهنا قضت اللجنة القانونية بأن "حالات المعارضة في الوفاء على سبيل الحصر: ضياع الشيك، إفلاس الحامل، إذا طرأ ما يخل بأهليته". [9] أما بالنسبة لما يتعلق بالشروط الشكلية فيجب أن يصدر الشيك مكتوبًا متضمنًا عدة بيانات نصت عليها المادة 91 من النظام, فالشيك يجب أن يصدر في جميع الأحوال مكتوبًا فالشيك الصادر شفاهة من شخص إلى آخر لا يمكن أن تنسب إليه جريمة إصدار شيك بدون رصيد إذا ما تبين عدم وجود رصيد له لدى البنك, ولا يجوز سحب الشيكات الصادرة في المملكة والمستحقة الوفاء فيها إلا على بنك والصكوك المسحوبة على غير بنك لا تعتبر صكوكًا ولا يشترط أن يكتب الشيك بلغة معينة كما لا يشترط أن يكون التوقيع بنفس اللغة التي حرر بها الشيك. وقد نصت المادة 91 من النظام على عدة بيانات يجب أن يشتمل عليها الشيك كالتالي: 1 - كلمة شيك: مكتوبة على متن الصك وباللغة التي كتب بها. وفي ذلك تقرر اللجنة القانونية صراحة أن "خلو الصك المدعى به من كلمة شيك باللغة التي كتب بها يؤدي إلى انحسار وصف الشيك عنه". [10] 2 - أمر بالدفع عند الاطلاع: يصدر هذا الأمر من الساحب إلى المسحوب عليه لمصلحة المستفيد ويشترط أن يكون هذا الأمر غير معلق على شرط حتى لا يتحول الشيك بوظيفته من أداة وفاء إلى أداة ائتمان وتؤكد اللجنة القانونية على ذلك بقولها إن "استحقاق الشيك للوفاء بمجرد الاطلاع عليه وكل بيان يخالف ذلك يعتبر كأن لم يكن - وإن تحرير الشيك مؤجلاً ليس من شأنه أن يفقده صفته ويستحق الوفاء بمجرد الاطلاع عليه طالما توافرت له شرائطه الشكلية والموضوعية". [11] وكذلك تقرر اللجنة بأنه "يجب أن يتضمن الشيك أمرًا غير معلق على شرط يصدر إلى بنك بدفع مبلغ من النقود". [12] 3 - تعيين المسحوب عليه ومكان الوفاء: وهو من يلزمه الوفاء بمبلغ الشيك ويشترط بنص المادة 93 أن يكون المسحوب عليه بنكًا. 4 - تحديد مبلغ الشيك: وهو محل التزام المسحوب عليه بالوفاء ويلزم أن يكون محل الشيك مبلغًا من النقود محددًا ويجب توافر تحديد المبلغ قبل تقديم الشيك إلى المسحوب عليه حتى ولو حرر بداية دون تحديد مبلغه. 5 - تحديد المستفيد: وهو من صدر الشيك لمصلحته وإذا لم يحدد في الشيك اسم المستفيد اعتبر الشيك لحامله. 6 - تاريخ تحرير الشيك: هذا التاريخ تظهر أهميته في وقت تحديد أهلية الساحب أو سلطته في إصدار الشيك وكذلك في حساب المدة التي يترتب على انقضاؤها عدم سماع الدعوى كما أنه المرجع في تحديد لحظة توافر مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه وتاريخ تحرير الشيك هو تاريخ استحقاقه لأن الشيك أداة وفاء لا ائتمان ولا يترتب على خلو الشيك من تاريخ تحريره بطلانه ولكن يفسر خلوه من التاريخ بأن الساحب قد فوض المستفيد في وضع التاريخ فتقوم الجريمة إذا ثبت عدم وجود الرصيد في التاريخ الذي وضعه المستفيد ولو دفع الساحب بأن الشيك لم يكن يحمل تاريخًا وقت تسليمه إلى المستفيد, مع ملاحظة أن المادة 120 من النظام بعد تعديلها نصت على معاقبة مصدر الشيك الذي لا يؤرخه أو الذي يصدر تاريخًا غير صحيح بالغرامة التي لا تتجاوز عشرة آلاف ريال وعلى ذلك قررت محكمة النقض بأن "لا يوجد في القانون ما يلزم أن تكون بيانات الشيك محررة بخط الساحب وفقط يتعين أن يحمل الشيك توقيع هذا الأخير لأن خلوه من هذا التوقيع يجعله ورقة لا قيمة لها ولا يؤبه بها في التعامل وكان توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج فيه القيمة التي يحق للمستفيد تسليمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به أو غير ذلك من بيانات لا يؤثر على صحة الشيك ما دام قد استوفى هذه البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه إذ أن الأصل أن إعطاء الشيك لمن صدر لمصلحته بغير إثبات القيمة أو التاريخ أو غير ذلك من بيانات يفيد أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذه البيانات قبل تقديمه إلى المسحوب عليه وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه وينتقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الأصل". [13] 7 - اسم وتوقيع الساحب: وهو أمر بديهي باعتبار أنه بدونه لا يكون للمحرر أي قيمة ويجوز أن يكون توقيع الساحب باللغة التي حرر بها الشيك أو بلغة أخرى وكذلك إذا لم يتمكن الساحب من التوقيع فيمكن وضع ختمه أو بصمته على الشيك وله أن يوكل غيره في ذلك وفي كل الأحوال لا يلزم إضافة بيانات أخرى وذلك لا يمنع من ذكر أي بيان آخر ولا يترتب عليها بطلان الشيك شريطة أن لا تخالف طبيعته ولا تخرجه عن وظيفته باعتباره أداة وفاء بمجرد الاطلاع، ولكن يثور التساؤل عن أثر تخلف شروط صحة الشيك الموضوعية أو الشكلية في المسؤولية عن جريمة إصدار شيك بدون رصيد؟ أو بمعنى آخر هل يعاقب الساحب باعتباره مرتكبًا لجريمة إصدار شيك بدون رصيد أم يفلت من العقاب لأن المحرر يفتقد وصف الشيك؟ ثار الخلاف في ذلك فذهب جانب إلى أن نظام الأوراق التجارية يشترط صراحة لقيام جريمة الشيك الواردة به أن ينشأ هذا الأخير طبقًا لنموذج شكلي معين ومن ثم يكون التقيد بما حددته نصوص النظام لتحديد طبيعة الصك. وهو ما تتمسك به اللجنة القانونية في العديد من أحكامها بقولها "يشترط في الشيك لكي يعتبر أداة وفاء يقوم مقام النقود في المعاملات توافر شروط شكلية وأخرى موضوعية". [14] وكذلك ذهبت بأنه "يشترط لصحة انعقاد الورقة التجارية أن ترد في الشكل أو القالب الذي حدده نظَام الأوراق التجارية". [15] ولكننا نرجح ما ذهبت إليه محكمة النقض المصرية من مبادئ قررتها في بعض أحكامها الصادرة قبل العمل بقانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 بالاكتفاء بأن تكون الورقة في مظهرها شيكًا بقولها "إذا كان مظهر الشيك وصيغته يدلان على أنه يستحق الأداء بمجرد الاطلاع وكان قد استوفى الشكل الذي يتطلبه القانون لكي تجري الورقة مجرى النقود فإنه يعد شيكًا بالمعنى المقصود. [16] تمشيًا مع الرأي الذي يعتبر جريمة إصدار شيك بدون رصيد متوافرة رغم خلو الشيك من بعض بياناته الإلزامية أو تخلف شرط من شروط صحته الموضوعية وذلك من المنطلق الذي يفرض علينا عدم مكافأة من يستغل علمه بنظام الأوراق التجارية المنظم للشيك في أكل أموال الناس بالباطل والمماطلة في السداد, فتطلب استكمال الشيك الموجب للعقاب إذا صدر بدون رصيد لشروط صحته في النظام من شأنه أن يؤدي إلى إفلات المتهم من العقاب لأن الساحب سيئ النية الذي يستغل علمه بالنظام فيستطيع إغفال ذكر بعض البيانات الإلزامية اعتمادًا منه على جهل المستفيد أو عدم يقظته ومن ثم يفلت من المسؤولية, لذلك نؤيد ما ذهب إليه هذا الاتجاه من أن الشيك الذي يفقد بعض شروط صحته يظل شيكًا ويعاقب على إصداره بدون رصيد إذا توافر الحد الأدنى من البيانات التي تجعل له مظهر الشيك وعلى ذلك ينتفي وصف الشيك عن المحرر بالكلية إذا كان مظهره لا يصلح لأن يكون شيكًا وفقًا لنظرة الرجل العادي ومن ثم فإن حماية القانون لا تنصرف إليه وتطبيقًا لذلك فلا يعد المحرر شيكًا إذا لم يحمل توقيع الساحب أو اسم المسحوب عليه أو إذا أغفل تحديد المبلغ أو كان الأمر بالدفع معلق على شرط أو مضاف إلى أجل أو احتوى على تاريخين مختلفين أو لم يسحب على بنك. وللاعتبارات السابقة ندعو اللجنة القانونية إلى مراجعة رأيها بخصوص اشتراطها لتوافر الشروط الشكلية والموضوعية للشيك بالاكتفاء بكفاية مظهر الشيك لترتيب المسؤولية الجنائية على الساحب ولا ضير في ذلك فإن كل اجتهاد يقبل المراجعة فإما أن تتأكد صحته أو يقتضي الأمر ضبطه للرجوع عنه وليس في اجتهادات البشر قداسة. وعلى كل حال فإن تناولنا بالنقد لبعض أحكام اللجنة القانونية لا ينقص من قدرها على الإطلاق بل على العكس من ذلك فهو تكريم لها وعرفانًا بدورها لأن الناقد لا يشغل نفسه بأي عمل وإنما هو ينتقد العمل الذي يقدر أن له قيمة ووزنًا وأحكام اللجنة إنما تستمد قدرها من قيمة رأيها ذاته الذي تتوقف على ما تقرره من أحكام مصائر الناس, ومكانة أصحاب هذا الرأي الذين استوعبوا ثم أفرزوا علم أجيال توالوا على منصة القضاء العتيدة. أركان الجريمة أولاً: الركن المادي: يتمثل الركن المادي في جريمة سحب شيك لا يقابله رصيد في فعل تسليم أو إعطاء الشيك لآخر - هو المستفيد - الذي لا يستطيع تحصيل قيمته بفعل يرجع للساحب. وقد عبرت اللجنة القانونية عن تحقق الركن المادي بقولها إن "اعتبار الشيك أداة وفاء تجري مجرى النقود تتحقق جريمة إصدار شيك بدون رصيد في حالة سحب الشيك دون رصيد أو زوال هذا الرصيد بفعل منسوب إلى الساحب أساس ذلك المادة (118) من نظَام الأوراق التجارية". [17] وتتفق محكمة النقض مع اللجنة القانونية في ذلك بقولها "متى كانت المحكمة قد استظهرت أن تسليم الشيك لم يكن على وجه الوديعة وإنما كان لوكيل المستفيد، وأنه تم على وجه تخلى فيه الساحب نهائيًا عما سلمه لهذا الوكيل، فإن الركن المادي للجريمة يكون قد تحقق". [18] لذلك فالركن المادي المكون للجريمة يتحلل إلى عنصرين هما سحب الشيك وعدم إمكان استيفاء قيمته بفعل يرجع للساحب. العنصر الأول: سحب الشيك: يعني سحب الشيك أي تسليمه للمستفيد وذلك يكون بخروجه إراديًا من الساحب أو من يمثله بغرض طرحه للتداول، وعلى ذلك لا يعد سحبًا للشيك ومن ثم لا يقوم الركن المادي: 1 - إذا تم إعداد الشيك دون تسليمه فعليًا للمستفيد أي دون تخلي الساحب عن حيازته للشيك لصالح المستفيد. وفى ذلك تقرر محكمة النقض "من المقرر أن الأصل أن سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر وفاء كالوفاء الحاصل بالنقود". [19] 2 - الأصل أن تظهير الشيك يخرج عن فعل السحب الذي عنى التنظيم بتجريمه, فالتظهير هو عمل لاحق لا يدخل كأصل عام تحت النموذج التجريمي لجريمة سحب شيك لا يقابله رصيد وبالتالي لا يرتكب هذه الجريمة سيئ النية الذي يظهر شيكًا لآخر مع علمه بعدم وجود مقابل أو عدم قابليته للصرف, ولكن سلوكه هذا يكون جريمة تظهير شيك مع العلم بأنه ليس له مقابل أو عدم قابليته للصرف ولكن لنفس الاعتبارات التي بيناها وعلى الرغم من اختلاف السلوك المكون لكلٍ من الجريمتين عاقب نظام الأوراق التجارية في مادته رقم 118 فقرة (هـ) بنصها "إذا ظهر أو سلم شيكًا وهو يعلم أنه ليس له مقابل يفي بقيمته أو أنه غير قابل للصرف". فتدخل المنظم هنا ووضع نفس العقوبة لمظهر الشيك أو مسلمه سيئ النية الذي يعلم بعدم وجود مقابل للشيك أو عدم كفايته أو عدم قابليته للصرف لنفس الضرورات التي دعته بداية إلى تجريم إصدار شيك بدون مقابل وفاء غلقًا لباب التحايل ودرءًا للضرر وهو بلا شك مسلك محمود منه. 3 - ذكرنا أنه يشترط لتحقق الركن المادي لجريمة سحب شيك بدون رصيد أن يخرج الشيك من حيازة الساحب بإرادته أما في حالة سرقته منه أو خروجه جبرًا عنه أو إكراهه على التوقيع عليه أو خروج الشيك من حيازته نتيجة أي تصرف مشوب بالغش فلا يتحقق الركن المادي المكون للجريمة لانتفاء التسليم الإرادي فالمعول عليه هنا هو خروج الشيك من حيازة الساحب بغرض التداول بإرادته الحرة. وعلى ذلك تقرر اللجنة القانونية أنه "يعطى للساحب الحق في المعارضة في الوفاء وفقًا لنص المادة 105 من نظَام الأوراق التجارية التي حددت حالات المعارضة في الوفاء على سبيل الحصر وهي ضياع الشيك أو إفلاس الحامل أو إذا طرأ ما يخل بأهليته". [20] أما محكمة النقض فقررت هي الأخرى علو حق الساحب على حق المستفيد ومن ثم إعطاؤه الحق في صيانة ماله دون التوقف على حكم قضائي بقولها "من المقرر أن حالة ضياع الشيك وما يدخل في حكمها - وهي الحالات التي يتحصل فيها على الشيك عن طريق جرائم سلب المال كالسرقة البسيطة - والسرقة بظروف والنصب والتبديد وأيضًا الحصول عليه بطريق التهديد وهي التي أبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء تقديرًا من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحالة على حق المستفيد استنادًا إلى سبب من أسباب الإباحة. [21] 4 - مجرد كتابة الشيك والتوقيع عليه دون تسليمه لآخر لا يكون ماديات الجريمة إذ أن النظام قد اشترط تداول الشيك بتسليمه للمستفيد وبالتالي فإن مجرد الاتفاق بين الساحب والمستفيد على تحرير الشيك لا يعد سحبًا في نظر النظام وبالتالي لا تتحقق به الجريمة باعتبار أن مجرد الاتفاق يدخل ضمن الأعمال التحضيرية الغير معاقب عليها. وهنا تشترط محكمة النقض وجوب التسليم بقولها "من المقرر أن جريمة إعطاء (شيك بدون رصيد) تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات". [22] وعلى ذلك يتضح أن المعيار المكون للركن المادي للجريمة هو خروج الشيك من حيازة الساحب بإرادته للغير وعلى ذلك يتحقق سحب الشيك المكون للركن المادي إذا سلمه الساحب إلى المستفيد بإرادته أو وكيله أو حتى وكيل الساحب بنية تسليمه للمستفيد ولا يمكن هنا الاعتداد بالقول بعدم خروج الشيك من حيازة الساحب بتسليمه إلى وكيله لأنه يكفي التسليم المادي للشيك الذي يخرجه من حوزة الساحب على وجه يفيد تخليه عنه نهائيًا وهو ما يتحقق أيضًا في حالة تسليمه لوكيله بغرض إعطائه للمستفيد. وفى ذلك تقول محكمة النقض "متى كانت المحكمة قد استظهرت أن تسليم الشيك لم يكن على وجه الوديعة وإنما كان لوكيل المستفيد، وأنه تم على وجه تخلى فيه الساحب نهائيًا عما سلمه لهذا الوكيل، فإن الركن المادي للجريمة يكون قد تحقق" [23] وكذلك يعد سحبًا للشيك حالة قيام الساحب بإرساله للمستفيد سواء كان هذا الإرسال بالبريد أو بأي طريق آخر طالما استفاد منه خروجه من حيازة الساحب وتخليه عنه بإرادته. والجدير بالذكر أنه لم تكن تلك وحدها النماذج الإجرامية التي تناولها المنظم بالعقاب بل أدرج معها وفقًا لنص المادة 118 الفقرة (و) حالة تلقي المستفيد أو الحامل شيكًا يعلم أنه ليس له مقابل وفاء أو أن مقابل الوفاء لا يفي بقيمته وكان من البديهي اشتراط علم المستفيد بعدم وجود مقابل الوفاء وإلا اعتبر مجنيًا عليه وليس متهمًا وعلى الرغم من أن النص على تلك الفقرة كان يهدف بالمقام الأول إلى الحفاظ على الوظيفة الرئيسية للشيك باعتباره أداة وفاء وليس ائتمان أو ضمان وخاصة أننا نعتقد أن المنظم قد وضع هذه الفقرة خصيصًا لمواجهة حالات البيوع بالتقسيط والتي يأخذ فيها البائع عدة شيكات كضمان لديون المشتري وكان النص هنا رادعًا لهؤلاء التجار الذين يقبلون على تلك الأفعال إلا أننا نرى أن التسوية في العقوبة بين إصدار الشيك بدون مقابل وفاء وتلقيه فيه بعض الإجحاف بهذا المتلقي أو المستفيد الذي يخسر مرتين, مرة يخسر بضاعته التي تلقى عنها شيكات بدون رصيد ومرة يعاقب بالحبس أو الغرامة على حسب الأحوال فنعتقد أنه كان على المنظم السعودي وهو يتناول عقاب هذا الشخص أن يراعي حالته باعتبار أنه قد وقع فريسة لمن أصدر له تلك الشيكات وأن يكتفي بعقابه بالغرامة البسيطة التي لا تتجاوز الألف ريال على غرار ما قام به المنظم المصري لا أن يضعه مع الساحب سيئ النية في كفة عقاب واحدة وفى هذا الصدد تقرر اللجنة القانونية بأن "جريمة إصدار شيك بدون رصيد تتحقق بصرف النظر عما إذا كان المستفيد يعلم بواقعة عدم وجود الرصيد من عدمه باعتبار أن الغاية من التجريم هي حماية التعامل بالشيكات وأن علم المستفيد بعدم وجود رصيد للساحب قد يجعله عرضة للعقاب إذا توافرت في حقه الشروط المنصوص عليها في المادة 118 من نظَام الأوراق التجارية". [24] العنصر الثاني: عدم إمكان استيفاء قيمة الشيك بفعل الساحب: لم تكتفِ المادة 118 من نظام الأوراق التجارية بعد تعديلها على تحقق فعل سحب الشيك الذي لا يكون له مقابل قائم وقابل للسحب وقت إعطاؤه وليس وقت تقديمه وهو ما يتفق مع طبيعته باعتباره أداة وفاء تقوم مقام النقود في المعاملات مما يستتبع افتراض وجود المقابل لدى المسحوب عليه لحظة تسليم الشيك المستفيد كما يعتبر الرصيد غير موجود حكمًا كما لو كان غير قابل للسحب أو كما لو كان دين الساحب غير محقق الوجود لكونه معلقًا على شرط واقف لم يتحقق بعد أو لو كان مضافًا إلى أجل لم يحل أو كان الساحب غير آهل للتصرف في الرصيد. وقد عبرت عن ذلك اللجنة القانونية بقولها "يجب أن يتضمن الشيك طبقًا لما تقضي به المادة (91) من نظَام الأوراق التجارية أمرًا غير معلق على شرط يصدر إلى بنك بدفع مبلغ من النقود، عبارة بدل الضمان البنكي الواردة في الشيك لا تعني تعليق الأمر بالدفع أو الوفاء على شرط واقف أو فاسخ مما يبطله وإنما تمثل بيانًا زائدًا لما يسمى بوصول القيمة أو سبب الإصدار". [25] وتستوي هنا عدم كفاية الرصيد مع عدم وجوده ويتحقق الركن المادي المكون للجريمة طالما أن الرصيد غير كافٍ بحيث كان أقل من المبلغ المحرر به الشيك ولا أهمية في ذلك لقيمة الفارق بين الرصيد الموجود وبين قيمة الشيك فأي نقص في الرصيد يكفي لقيام الجريمة إلا أنه إذا كان الفارق ضئيلاً جدًا بحيث يتبين منه حسن نية الساحب وبالتالي انتفاء القصد الجنائي لديه فلا تقوم الجريمة في حقه أو على الأقل يراعى ذلك عند تقدير العقوبة. وقد نصت المادة 188 كذلك على عدة صور يتحقق بها الركن المادي المكون للجريمة والتي يتدخل فيها الساحب بفعله ليحول دون صرف الشيك كالتالي: - أن يقوم الساحب بسحب الرصيد أو بعضه بعد إعطاء الشيك. - بأن يقوم الساحب باسترداد الرصيد أو بعضه بعد تسليم الشيك إلى المستفيد ففي هذه الحالة كان للساحب رصيد قائم وقابل للسحب وقت تحرير الشيك ولكن الساحب تدخل بفعله فجعل الشيك غير ممكن الوفاء به ولكن يشترط هنا أن يتدخل الساحب بنفسه للحيلولة دون صرف الشيك وبناءً على ذلك لا تقوم الجريمة التي يرد فيها المسحوب عليه للساحب نقوده دون طلبه. وعلى ذلك تقرر اللجنة القانونية "تتحقق جريمة إصدار شيك بدون رصيد في حالة سحب الشيك دون رصيد أو زوال هذا الرصيد بفعل منسوب إلى الساحب". [26] والأصل أن الساحب لا يستطيع استرداد الرصيد في الفترة بين إصدار الشيك وتقديمه إلى المسحوب عليه لاستيفاء قيمته فملكية الرصيد تنتقل إلى المستفيد منذ لحظة تسلمه للشيك وتبقى حتى وقت استيفاء قيمته ولكن ماذا عن الفرض الذي يتراخى فيه المستفيد فترة من الزمن دون تقديم الشيك للمسحوب عليه ويقوم الساحب فيها باسترداد رصيده؟ في ذلك تقرر اللجنة القانونية مبدأ هام بأنه "لا يستفيد الساحب من هذا الحكم إلا إذا كان قد قدم مقابل الوفاء وظل هذا المقابل موجودًا لدى المسحوب عليه حتى انقضاء ميعاد تقديم الشيك ثم زال هذا المقابل بفعل غير منسوب إلى الساحب". [27] كما تقرر أن "عدم سماع دعاوى رجوع الحامل على المسحوب عليه والساحب والمظهر وغيرهم من الملتزمين بعد مضي ستة شهور من تاريخ انقضاء ميعاد تقديم الشيك، عدم سريان حكم المادة (116) على دعوى الحق العام". [28] وترى كذلك محكمة النقض أن تراخي المستفيد لا يؤثر على المسؤولية الجنائية للساحب بقولها إنه "من المقرر في جريمة إصدار شيك بدون رصيد - أنه لا يكفي أن يكون الرصيد قائمًا وقابلاً للسحب وقت إصدار الشيك ولكن يتعين أن يظل على هذا النحو حتى يقدم الشيك للصرف ويتم الوفاء بقيمته لأن تقديم الشيك للصرف لا شأن له في توافر أركان الجريمة بل هو إجراء مادي يتجه إلى استيفاء مقابل الشيك وما أفاده البنك بعدم وجود الرصيد إلا إجراء كاشفًا للجريمة التي تحققت بإصدار الشيك وإعطائه للمستفيد مع قيام القصد الجنائي سواء عاصر هذا الإجراء وقوع الجريمة أو تراخى عنها". [29] وعلى هذا النحو يتضح أن مسؤولية الساحب في هذا الفرض تظل قائمة ولا يستطيع دحضها عن نفسه كأصل عام إلا أن يثبت مثلاً أن طول الفترة التي ظل الشيك فيها في حيازة المستفيد دون تقديمه للمسحوب عليه قد حملته على الاعتقاد بصرفه وعلى ذلك ينتفي القصد الجنائي لديه. 1 - أمر المسحوب عليه بعدم دفع قيمة الشيك: في هذا الفرض يصدر الشيك صحيحًا بإرادة الساحب ويقابله رصيد قائم وقابل للسحب ولكن بالرغم من ذلك يصدر الساحب أمره إلى البنك بعدم صرف الشيك, هنا قد تدخل الساحب بفعله فترتب امتناع البنك عن صرف قيمته فلذلك تقوم مسؤولية الساحب ذلك بغض النظر عن الأسباب التي دفعت الساحب لتوجيه مثل هذا الأمر. وفي ذلك تقول اللجنة القانونية "قيام صاحب الحساب بإصدار أمر للبنك المسحوب عليه بإيقاف صرف الشيك الموقع من قِبل وكيله يترتب عليه انتفاء المسؤولية الجنائية لموقع الشيك لعدم توافر سوء النية قِبله ويكون صاحب الحساب هو المسؤول من الناحية الجنائية". [30] كما تتفق معها محكمة النقض بقولها "ويتوافر هذا القصد الجنائي بإعطاء الشيك مع علمه بعدم وجود رصيد قائم له وقابل للسحب أو بإصدار أمر إلى المسحوب عليه بعدم الدفع ولو كان هناك سبب مشروع إذ أن مراد الشارع من العقاب هو حماية الشيك في التداول وقبوله في المعاملات على اعتبار أن الوفاء به كالنقود سواء ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دعت ساحب الشيك لإصداره إذ أنها لا أثر لها على طبيعته وتعد من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسؤولية الجنائية التي لم يستلزم الشارع لتوافرها نية خاصة".[31] وعن عدم الاعتداد بالأسباب والدوافع وفقًا لقضاء محكمة النقض - تقضى بأن "القصد الجنائي في جريمة إصدار (شيك بدون رصيد): توافره بمجرد إصدار الساحب الأمر بعدم الدفع لا عبرة بالأسباب التي دفعت إلى إصداره لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسؤولية الجنائية. عدم استلزام الشارع نية خاصة لقيام هذه الجريمة". [32] ولكن يجدر ملاحظة أنه ينبغي لترتيب مسؤولية الساحب هنا أن يصدر الأمر منه أو من وكليه أما لو كان الأمر بعدم الصرف صادرًا مثلاً من جهة قضائية فتنتفي مسؤوليته كذلك لو صدر هذا الأمر من أحد المظهرين أو كان الامتناع راجع للبنك نفسه، ذلك هو الأصل العام ويستثنى من ذلك أنه يجوز للساحب وفقًا لنص المادة 105 من نظام الأوراق التجارية المعارضة في وفاء الشيك في حالة ضياعه منه أو إفلاس حامله أو طروء ما يخل بأهليته. والمقصود هنا من رأينا وهو ما تقرره محكمة النقض - أن عبارة "ضياع الشيك" الواردة بنص المادة لا تعني فقط حالة ضياعه أي فقدانه بل تنسحب كذلك على حالة سرقته أو الحصول عليه بطريق التهديد أو النصب أو خيانة الأمانة أو تزويره ومن ثم يجوز للساحب بمقتضى هذه المادة الأمر بعدم دفع قيمة الشيك. لذلك تقول في العديد من أحكامها إلى "أنه يباح للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء تقديرًا من المشرع بعلو حق الساحب في تلك الحالة على حق المستفيد وهو ما لا يصدق على الحقوق الأخرى التي لا بد لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سببًا للإباحة. كما أنه من المسلم به أنه يدخل في حكم الضياع السرقة والحصول على الورقة بطريق التهديد وحالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب من حيث حق المعارضة في الوفاء بقيمته فهي بها أشبه على تقدير أنها جميعًا من جرائم سلب المال وأن الورقة فيها متحصلة من جريمة، وهذا القيد لا يمس الأصل الذي جرى عليه قضاء هذه المحكمة في تطبيق أحكام المادة 337 من قانون العقوبات وإنما يضع استثناء يقوم على سبب الإباحة فمجال الأخذ بهذا الاستثناء أن يكون الشيك قد وجد في التداول عن طريق جريمة من جرائم سلب المال سالفة". [33] وتقرر تأكيدًا لهذا المعنى على أنه "من المقرر أن حالة ضياع الشيك وما يدخل في حكمها - وهي الحالات التي يتحصل فيها على الشيك عن طريق جرائم سلب المال كالسرقة البسيطة والسرقة بظروف أو النصب والتبديد وأيضًا الحصول عليه بطريق التهديد - هي التي أبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء تقديرًا من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحال على حق المستفيد استنادًا إلى سبب من أسباب الإباحة". [34] 2 - تحرير الشيك أو التوقيع عليه بصورة تمنع صرفه: نصت المادة 118 الفقرة (د) على هذا النموذج المجرم لمعالجة الفرض الذي يقوم فيه الساحب بتحرير الشيك مثلاً بأي وجه يمنع من صرفه أو كان التوقيع عليه غير مطابق لتوقيعه لدى البنك وبالتالي سيمتنع البنك عن صرف الشيك فرصد له المنظم نفس العقوبة التي رصدها لمن أصدر شيك ليس له مقابل وفاء لدى المسحوب عليه. وبالرغم من أنه يتضح أن الحكمة من ذلك هي تعزيز حماية الشيك وردع كل ساحب يحاول بفعله الحيلولة دون صرف قيمة الشيك إلا أن صياغة النص من رأينا قد جاءت فضفاضة بشكل كبير شملت كل فعل يترتب عليه امتناع البنك عن الصرف بغض النظر عن ماهية هذا الفعل أو مدى ثبوته ونسبته إلى الساحب وبالتالي سيقع على عاتق الساحب لدرء المسؤولية عنه إثبات أن فعله جاء نتيجة خطأ أو سهو غير متعمد وهو ما سيعجز عن إثباته في الغالب نظرًا لأن التأكد بشكل يقيني من صدق دفاعه سيتطلب التغول في نفسه للوقوف على ثبوت القصد أو نفيه وهو أمر بالغ الصعوبة لذلك نرى - أنه من الأفضل إعطاء فرصة للساحب بالنص مثلاً على أنه في حالة امتناع البنك لأي سبب عن صرف قيمة الشيك مثلاً كاختلاف توقيع الساحب عن توقيعه لدى البنك أو وجود أي علامات تدعو للريبة أو الشك بأن يقوم المستفيد بإخطار الساحب بذلك وإعطاؤه مهلة مثلاً لا تتجاوز ثلاثة أيام لتصحيح هذا الخطأ أو السهو كشرط لازم في كل مرة قبل تحريك الدعوى الجنائية ضد الساحب, حيث إنه ليس هناك من يحتكر الصواب, فلا أحد معصوم من الخطأ أو النسيان سوى الأنبياء, وما ندعو إليه ليس بدعًا فتاريخ السلطة التنظيمية والقضائية في المملكة يشهد بأنها لا تتعالى على الحق ولا تدعي العصمة ولا تأبى العدول إلى ما تراه صحيحًا. الركن المعنوي إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب جريمة عمدية يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي والذي عبر عنه المنظم بعبارة "كل من أقدم بسوء نية" وبالتالي يتحقق القصد الجنائي هنا بتوافر عنصرين هما العلم والإرادة. 1 - العلم يجب لقيام الركن المعنوي أن يكون الساحب عالمًا بطبيعة المحرر الذي يصدره وأنه يعد شيكًا وفقًا للنظام كما يشترط أن يكون عالمًا بعدم وجود مقابل وفاء له أو عدم كفايته وعلى ذلك ينتفي القصد الجنائي لدى الساحب متى قام بإثبات "حسن النية" باعتقاده اليقيني بوجود مقابل للوفاء ولذلك ينتفي القصد الجنائي لدى الساحب إذا أثبت أنه عندما قام باسترداد أمواله من الساحب كان يعتقد بأن الشيكات التي أصدرها قد صرفت جميعًا متى كان اعتقاده هذا مبنيًا على أسباب معقولة. وغلقًا لباب التحايل أقرت محكمة النقض قاعدة هامة مفادها أنه على الساحب أن يرقب تحركات رصيده محتفظًا فيه بما يفي بقيمة الشيك حتى يتم صرفه. وتقول إنه "من المقرر أن سوء النية في جريمة إصدار (شيك بدون رصيد) يتوفر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره، وهو أمر مفروض في حق الساحب، ولا يعفى من المسؤولية الجنائية من يعطي شيكًا له مقابل ثم يسحب من الرصيد مبلغًا بحيث يصبح الباقي غير كافٍ لسحب قيمة الشيك، إذ أن على الساحب أن يرقب تحركات رصيده محتفظًا فيه بما يفي بقيمة الشيك حتى يتم صرفه". [35] 2 - الإرادة ويجب فضلاً عن ذلك أن تتجه إرادة الساحب إلى إصدار الشيك بالرغم من علمه بعدم وجود مقابل وفاء أو عدم كفايته أو عدم قابليته للسحب أو تتجه إرادته إلى استرداد رصيده لدى المسحوب عليه أو أمره بالامتناع عن صرفه. وبتوافر أركان الجريمة يتوجب العقاب حتى ولو قام الساحب بعد ذلك بالوفاء بقيمة الشيك فالمقرر أن الوفاء اللاحق لا يؤثر على قيام المسؤولية الجنائية للساحب حيث إن الغاية من التجريم ليس فقط حماية المستفيد بل حماية التعامل بالشيكات بوجه عام وضمان الثقة الواجب توافرها فيه. وتؤكد اللجنة القانونية على ذلك بقولها "مخالفة إصدار شيك بدون رصيد تتحقق في جانب المخالف متى سحب الشيك بسوء نية دون أن يكون له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب حتى ولو قام بسداد مبلغ الشيك فيما بعد". [36] وإن كنا نرى أفضلية أن يحذو المنظم السعودي حذو نظيره المصري بالنص على انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح بين المجني عليه والمتهم في أي حالة كانت عليها الدعوى أو حتى بعد صدور حكم نهائي ضد المتهم حيث إن ذلك يصب في المقام الأول في مصلحة المجني عليه باسترداده لأمواله وكذلك مصلحة المتهم بتوقيه حكم الحبس أو الغرامة على حسب الأحوال بما يخفف عن كاهل القضاء هذا الكم المعروض من القضايا. عقوبة جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد نصت المادة 118 بعد تعديلها على عقوبة الحبس الذي لا يزيد أقصى مدة له على ثلاث سنوات والغرامة التي لا تزيد على خمسين ألف ريال أو إحدى هاتين العقوبتين. والملاحظ هنا أن المنظم شدد من العقوبة لمصلحة يرتئها تتمثل في وجوب حماية المتعاملين بالشيك حتى يؤدي الأخير وظيفته الرئيسية باعتباره أداة وفاء, وللجهة القضائية صاحبة الاختصاص الجمع بين الحكم بالحبس والغرامة معًا أو الحكم بأيهما منفردًا في حدود الحد الأقصى المذكور بنص المادة. وقد أحسن المنظم صنعًا بذلك حيث إن ظروف كل قضية تختلف عن الأخرى بحيث يكون من الأهمية ترك سلطة تقديرية واسعة للجهة القضائية للحكم بما تراه. العود كظرف مشدد للعقوبة نصت الفقرة الأخيرة من المادة 118 على حالة العود كظرف مشدد للعقوبة إذا ما قام الساحب بمقتضى تلك الفترة إلى ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام في خلال ثلاث سنوات من تاريخ الحكم عليه, فيصعد بالعقوبة ليكون الحد الأقصى للحبس خمس سنوات بدلاً من ثلاثة والغرامة التي لا تزيد على مائة ألف ريال بدلاً من خمسين ألف أو أيهما. ولكن يشترط في هذه الحالة لتغليظ العقوبة وفقًا لتلك الفقرة أن يكون إتيان المتهم للجريمة في خلال ثلاث سنوات من تاريخ الحكم عليه, بحيث لو ارتكب جريمة أخرى بعد انقضاء تلك الفترة لا تنطبق عليه حالة العود ومن ثم يهبط بالعقوبة وفقًا للأصل العام. وبالإضافة إلى ذلك أورد المنظم بالمادة 120 من نظام الأوراق التجارية عقوبة أخرى تفرض على كل من سحب شيكًا لم يؤرخه أو ذكر تاريخًا غير صحيح أو كل من سحب شيكًا على غير بنك أو كل من وفى شيكًا خاليًا من التاريخ أو من تسلم هذا الشيك على سبيل المقاصة بالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف ريال - ولا شك أن هذه العقوبة تتناسب بشكل كبير مع الجريمة المرتكبة. العقوبات التكميلية استحدث المنظم كذلك المادة 121 والتي تقضي بجواز نشر أسماء الأشخاص المدانين أو ما يعرف "بالتشهير" ضدهم كعقوبة تكميلية جوازية, وإن كان من رأينا أن هذه العقوبة أهم وأشد من العقوبة الأصلية خاصة إذا ما علمنا بأن معظم المتعاملين بالشيك هم فئة التجار مع ما يفرض عليهم بحكم صفاتهم من واجب المحافظة على سمعتهم التجارية التي تتأثر بشكل كبير بالسلب من جراء هذا النشر وبالتالي سيتوقى كل منهم أن توقع عليه هذه العقوبة مما يحقق الردع العام لذلك فنرى - أن لا يكون الحكم بالنشر أمر جوازي بالنسبة لفئة التجار فيكون على المحكمة النطق به في كل مرة يكون المدان أمامها مكتسبًا لصفة "التاجر" تم بحمد الله تعالى وتوفيقه ________________________________________ [1] الطعن رقم 137 لسنة 43 ق جلسة 11/ 1/ 1974 س 25 ص. [2] الطعن رقم 1930 لسنة 38 ق جلسة 20/ 1/ 1969 س 20 ص 152. [3] نقض 16 فبراير 1948 مجموعة القواعد جـ 7 رقم 541 صـ 502. [4] جلسة 4/ 4/ 1403هـ قرار رقم (1) لسنة 1403هـ. [5] قرار رقم 8 لعام 1403هـ جلسة 9/ 5/ 1403هـ. [6] قرار رقم 14 لسنة 1403هـ جلسة 21/ 6/ 1403هـ. [7] قرار رقم 63/ 1404هـ جلسة 4/ 8/ 1404هـ. [8] قرار رقم 63/ 1404هـ جلسة 4/ 8/ 1404هـ. [9] قرار رقم 87 لسنة 1404هـ جلسة 15/ 10/ 1404هـ. [10] القرار رقم (87) لسنة 1406هـ الصادر بجلسة 21/ 7/ 1406هـ. [11] قرار رقم 23 لسنة 1404هـ جلسة 11/ 4/ 1404هـ. [12] القرار رقم 33 لسنة 1405هـ الصادر بجلسة 2/ 4/ 1405هـ. [13] الطعن رقم 3470 لسنة 50 ق جلسة 27/ 5/ 1981 س 32 ص 567. [14] قرار رقم 48 لسنة 1404هـ جلسة 24/ 6/ 1404هـ. [15] القرار رقم (87) لسنة 1406هـ الصادر بجلسة 21/ 7/ 1406هـ. [16] نقض 25 إبريل 1971 مجموعة النقض السنة 22 رقم 90 صـ 366. [17] القرار رقم (36) لسنة 1405هـ الصادر بجلسة 3/ 4/ 1405هـ. [18] الطعن رقم 34 لسنة 28 ق جلسة 27/ 5/ 1958 س 9 ص 582. [19] الطعن رقم 48319 لسنة 59 القضائية جلسة 9/ 4/ 1996 س 47 ص 487. [20] قرار رقم 87 لسنة 1404هـ جلسة 15/ 10/ 1404هـ. [21] الطعن رقم 277 لسنة 55 ق - جلسة 28/ 2/ 1985 س 36 ص 311. [22] الطعن رقم 2787 لسنة 57 ق - جلسة 12/ 10/ 88 س 39 ص 894. [23] الطعن رقم 311 لسنة 46 ق جلسة 14/ 6/ 1976 س 27 ص 645. [24] قرار رقم 97 لسنة 1404هـ جلسة 2/ 11/ 1404هـ. [25] القرار رقم 33 لسنة 1405هـ الصادر بجلسة 2/ 4/ 1405هـ. [26] القرار رقم (36) لسنة 1405هـ الصادر بجلسة 3/ 4/ 1405هـ. [27] قرار رقم 6 لسنة 1404هـ جلسة 16/ 1/ 1404هـ. [28] القرار رقم (45) لسنة 1405هـ الصادر بجلسة 24/ 4/ 1405 هـ. [29] الطعن رقم 587 لسنة 48 ق جلسة 5/ 11/ 1978 س 29 ص 775. [30] القرار رقم (70) لسنة 1406هـ الصادر بجلسة 24/ 5/ 1406هـ. [31] الطعن رقم 48319 لسنة 59 القضائية جلسة 9/ 4/ 1996 س 47 ص 487. [32] الطعن رقم 1557 لسنة 40 ق جلسة 17/ 1/ 1971 س 22 ص 51. [33] الطعن رقم 48319 لسنة 59 القضائية جلسة 9/ 4/ 1996 س 47 ص. [34] الطعن رقم 248 لسنة 44 ق جلسة 10/ 3/ 1974 س 25 ص. [35] الطعن رقم 248 لسنة 44 ق جلسة 10/ 3/ 1974 س 25 ص 242. [36] قرار رقم 17/ 1405هـ جلسة 10/ 2/ 1405هـ.


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 414 / عدد الاعضاء 62