اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
محمد نبيه
التاريخ
8/11/2011 7:10:24 PM
  من احسن الموضوعات : رسائل من داخل قفص مبارك !       

رسائل من داخل قفص مبارك !   
 
   
مشاعر مختلطة انتابتنى وأنا أتابع مشاهد محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك..
الفرعون داخل القفص.. لأول مرة فى التاريخ المصرى القديم والحديث.. فالمصريون كانوا يعتبرون الفراعنة.. والحكام أنصاف آلهة تمشى على الأرض.. لا يُسألون عما يفعلون وهم يَسألون..!
الآن.. حقق الشعب المعجزة.. وأصبح بمقدوره محاسبة حكامه بل ومحاكمتهم.. ليس فقط على صفحات الصحف أو أمام الميكروفونات والكاميرات.. ولكن داخل الأقفاص الحديدية..
لقد كان الشعب كله حتى وقت قريب يضرب أخماساً فى أسداس.. وكانت آذانه وعيونه نهبًا لمحترفى الشائعات والتضليل.. فمن قائل إن مبارك طليق ولن يحاكم.. ولن يدخل القفص.. ومن قائل إنه سافر بليل إلى تبوك بالمملكة العربية السعودية.. 3 مرات، وعلى الرغم من نفى السفير السعودى بالقاهرة للواقعة جملة وتفصيلاً؛ مؤكداً أن مبارك كانت تكفيه مرة واحدة للسفر إلى تبوك.. وبعدها لن يعود أبداً إلى مصر.. لكن هواة الشائعات والأكاذيب ما كان لهم أن يخرسوا فى ظل حالة الالتباس التى كان يعيشها الشارع المصرى..
لقد استنزفت موارد وجهود ودماء وقامت مظاهرات واحتجاجات من أجل تلك اللحظة التى شاهدها العالم كله على الهواء.. لحظة دخول مبارك قفص الاتهام.
ولا أخفيكم سراً أننى صاحب فكرة غلاف المجلة الذى ظهر فيه مبارك وحبل المشنقة يقترب من رقبته.. وخلفية الغلاف كلها سوداء قاتمة ليس فيها إلا بقعة ضوء واحدة هى حبل المشنقة ورقبة مبارك..
وعلى الرغم من أن هذا الغلاف كان صادماً للكثيرين، وهو بالمناسبة الغلاف الذى قام الثوار بتكبيره وتعليقه فى ميدان التحرير فى العديد من المليونيات، كما علقوه أمام باب القاعة التى يحاكم فيها مبارك بأكاديمية الشرطة، إلا أننى أحسست أن دخول مبارك القفص وهو مسجى على سرير طبى.. لاحول له ولا قوة.. صورة صادمة أكثر.. وهى لا تقل صدمة وترويعاً عن صورة المشنقة ورقبة مبارك تقترب منها.. فالواقع يؤكد أنه فى الساعة العاشرة صباح يوم الأربعاء الثالث من أغسطس تم تنفيذ حكم الإعدام فى مبارك.. معنوياً.. فى نفس اللحظة التى دخل فيها ?فص الاتهام.. وعيناه حائرتان زائغتان تحاولان رصد أى ملمح من ملامح قضاته أو طالبى القصاص منه.. وهو يعبث فى أنفه بطريقة عصبية.. وولداه يحاولان إخفاءه عن أعين الشعب وكأنهما طفقا يخصفان عليه من ورق التوت علّ ذلك يوارى سوءة أبيهم ويخفف من هول المشهد..
لقد أصبح مبارك الآن أشبه بفرعون بعدما ابتلعه البحر هو وجنوده.. جسداً بلا روح.. وأصبح ينطبق عليه قول الله عز وجل.. «فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية»..!!
إن هناك العديد من الرسائل المهمة التى خرجت من هذا المشهد كله أولها وأهمها أنه لا يجب أن يستهين أحد بعزيمة وإصرار هذا الشعب صاحب حضارة السبعة آلاف سنة، وألا يراهن على صمته وصبره طويلاً على الظلم والقهر والاستعباد.. وهى رسالة لكل حاكم قادم فى مصر وفى غير مصر.. بأن مصيره سيكون نفس مصير مبارك.. المحاكمة والقضبان.. والإعدام معنوياً.. إذا ما استحل لنفسه أن يهين شعب مصر، وأن يستحل دماء أبنائه ومالهم ويصادر حاضرهم ومستقبلهم وأحلامهم فى غد أفضل..
إنها رسالة لكل العالم بأن فى مصر قضاءً شامخاً عادلاً لا يفرق بين وزير وغفير وبين رئيس ومرءوس.. فالعدالة المعصوبة العينين لا تحكم إلا بالحق.. والعدل..
رسالة أخرى مهمة نخرج بها من كل هذا المشهد، هى رسالة إلى ثوار يناير وشهداء الثورة الذين قدموا أرواحهم ودماءهم رخيصة حبًًا فى تراب هذا الوطن، ومن أجل صنع مستقبل أفضل لشعبه ومحاكمة الظالمين والفاسدين وتنفيذ القصاص العادل فيهم إن ثبتت إدانتهم..
هى أن دماءهم وأرواحهم لم تضع هدراً.. لكنها كانت وقود الثورة التى أعادت لمصر وجهها الحضارى ودورها التاريخى القائد والرائد فى المنطقة والعالم.
إن ما حدث صباح يوم الثالث من أغسطس هو حدث تاريخى غير مسبوق بكل المقاييس، وعلى المصريين جميعاً أن يكونوا على مستوى هذا الحدث فيصنعوا التاريخ بالعمل على اكتمال إنجاح ثورتهم والثقة فى قواتهم المسلحة الباسلة وعدم السماح لكائن من كان بالوقيعة بينهم وبين الجيش الذى أثبت أنه حامى الوطن والثورة فى كل الأوقات..
كما يجب علينا أن نترك العدالة تأخذ مجراها ضد من قتلوا الشهداء وعاثوا فى الأرض فساداً، وعلينا أن نتفرغ للعمل والإنتاج، واستكمال الخطوات الأساسية للبناء الديمقراطى، وعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وإعداد دستور جديد للبلاد.. حتى نخرج من مرحلة المخاض الراهنة إلى مرحلة التعافى لنصبح أقوى مما كنا بإذن الله.

مجلة اكتوبر
 


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1250 / عدد الاعضاء 62