اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
التاريخ
6/27/2011 9:43:02 PM
  اصل حقوق الإنسان في الإسلام      

        في مقالي السابق علقت الأخت الشيماء بقولها :  

حقوق الانسان ؟؟؟ !!!!!!!!!!!!
كلمة غريبة على مسمعي كوني عربية
عذرا لم ألفها بعد   

         وأقول لها أن حقوق الإنسان من هنا انبثقت وأن كل فرد منا سواء أكان تونسياً أم مصرياً أو كان سورياً أم يمنياً أم بحرينياً أو كان ممن ينتظر دوره تجري حقوق الإنسان فيه مجرى الدم فالكل في وطننا الكبير يعرف حقوقه جيداً ولكن ما ينقصه هو دورنا نحن في تحريك الساكن وتوجيه المتحرك منهم نحو الغاية المقدسة ، فما عدنا محاميي خلع الزوجات ، يجب أن يتسع مدى هذا الخلع كماً وكيفاً . ولأننا الأعرف بهذه الحقوق و بطرق تحصيلها ـ وليس كالثعالب نعيش في المكامن حتى إذا انتصر الأحرار خرجنا نسرق جهدهم ـ يجب أن نتقدم ..... لك أختي الفاضلة الشيماء أهدي هذا المقال .

         دعا الإسلام إلى تحرير الإنسانية من استغلال بعضها البعض ، وإلى تأهيلها لرسالتها الكونية فهو بذلك أصدق من دعا إلى حقوق الإنسان ، وحصلها واقعاً عملياً وقننها في تشريع وأضفى عليها القدسية والاحترام الذاتي ، كما دعا الأفراد إلى تلك الحقوق تقرباً لله وصوناً لحياتهم ، وألزم أولياء الأمور بتحقيقها ونسب إليهم الظلم والفساد والمسؤولية أمام الله إن عطلوها أو تجاهلوها . وما دام الإنسان في الإسلام محور هذا الكون فإن كل شيء مخلوق ليكون مسخراً له ، يستعين به لتنفيذ تكاليفه وبذلك ينطلق الإسلام من اعتقاد راق في نظرته للإنسان حيث جعله الله خليفته في الأرض لعمارتها وإقامة شريعته فيـها إذ يقول تعالى :   ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً [1] . ولكن العمارة لا تقوم إلا على مفاهيم العدالة والحرية والأمن وهي المفاهيم الرئيسة التي تستند عليها حقوق الإنسان ولذا فإن هذه الحقوق تجد جذورها في أصل التشريع الإسلامي حيث ثبّتت هذه الحقوق في القرآن الكريم والحديث النبوي . فالقرآن الكريم أصّل لهذه الحقوق عبر تثبيت مبدأين عظيمين أساسيين هما : مبدأ الكرامة ومبدأ العزّة : مبدأ الكرامة في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً[2]. وهذا التكريم ليس خاصاً بالمسلمين فحسب وإنما هو شامل لكل البشرية فالمسلم وغير المسلم في التكريم الإلهي سواء . أما مبدأ العزة ففي قوله تعالى : ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ  [3]. والعزة التي هي صفة للّه تبارك وتعالى جعلها للناس ليدرك الإنسان أنه ليس مخلوقاً ليكون ذليلاً  ، وأن سعيه يجب أن يكون لحماية هذه العزة فإذا ما حرم منها فذلك بسبب تهاونه في حق نفسه فرداً أو مجتمعاً.

        أما في السنّة النبوية الشريفة فقد وردت كثير من الأحاديث النبوية تدعو إلى تثبيت حقوق الإنسان وحرياته . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً أعلى في المحافظة على حريات الناس وحمايتها ، فكان يأمر عماله باحترام حقوق الناس في الحياة وفي الأمن والكرامة ولو كانوا مخالفين لهم في الدين . عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه وسلم قال : ( لتؤدّن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء[4] ) . ولعل أهم نص من نصوص السنة التي تحدثت عن حقوق الإنسان نص خطبة الوداع التي خطبها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في أكبر جمع من المسلمين ، في السنة العاشرة من الهجرة التي صادفت العام 632 ميلادية فقد تضمنت هذه الخطبة إعلان مبدأ المساواة بين الناس في أصل العنصر ، ووحدة القانون الذي يخضع له الناس وهو كتاب اللّه وسنّة نبيه . إذ قال الرسول في خطبة الوداع : ( أيها الناس إن ربكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب ، ليس لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أبيض ولا لأبيض على أحمر فضل إلا بالتقوى ، ألا هل بلغت ، اللهم فاشهد ) .

        كما أن علماء الأصول في الدراسات الشرعية قد فصلوا القول في مقاصد الشريعة وفي التكاليف وفي الحقوق الواجبة على المكلف ، وفي حقوق الله وحقوق العباد ، فذكروا أن تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق ، وأن هذه المقاصد  خمسة هي : حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل . وأن حقوق الإنسان في الإسلام ما هي إلا انعكاس لهذه المقاصد الخمسة . و أن هذه المقاصد تتعلق بالفرد وبالمجتمع على حد السـواء ، وهي بذلك تحفظ حقوق الفرد الضرورية كما تحفظ حقوق الجماعة الإنسانية .

       ثم أن الشارع عندما يقرر مصلحة للإنسان فهي إما أن تكون لازمة ليس له حق التخلي عنها وإما أن تكون غير لازمة يجوز له أن التخلي عنها. واستناداً على ذلك فإن المصالح المقررة للإنسان قسمان : قسم يقبل الإسقاط ، وقسم لا يقبل الإسقاط . فالإسلام كما يمنع المسلم على سبيل المثال من التنازل عن حقه في الحياة ، وعن حقه في الحرية فإنه يجيز له أن يتنازل عن حق ملكية شيء ما. وفي كل الأحوال لا يجعل ممارسة هذه الحقوق على سبيل الإطلاق. ولا تقتصر حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية على الضروريات بل تتجاوزها إلى الحاجيات والتحسينيات والتكميليات . فأما الحاجيّات فهي الأعمال والتصرفات التي لا تتوقف عليها صيانة الضروريات الخمسة ولكن تتطلبها حاجة الناس لتحقيق اليسر والتوسعة عليهم في عيشهم ولرفع أعباء الحياة والتكاليف التي تؤدي في الغالب إلى المشقة والحرج . وأما التحسينيات فهي الأمور التي لا يؤدي الإخلال بها إلى المساس بشيء من مقاصد الحياة الخمسة كما أن مراعاتها لا يلزم منها دفع مشقة وجلب مصلحة ولكنها المروءات وسير الأمور على أقوم منهاج وهي تشمل بذلك مكارم الأخلاق ، ومُستحسَن العادات والتقاليد  .

        والإسلام يعتبر أن من حق كل فرد أن يتمتع بالحقوق المكفولة له ، وأن على المجتمع أن يضمن له ذلك في الحد المسموح به شرعاً. بل يعتبر أن بعض تلك الحقوق ضرورات ، فالمأكل والملبس والمسكن والأمن والحرية في الفكر والاعتقاد والتعبير والعلم على سبيل المثال من الأمور التي هي في نظر الإسلام ليست فقط حقوقا للإنسان من حقه أن يطلبها ويسعى في سبيلها ويتمسك بالحصول عليها ويحرم صده عن طلبها وإنما هي ضرورات واجبة له . بل إن الإنسان يؤثم إذا فرّط في أي حق من هذه الحقوق فالاعتداء على الحياة هو جريمة كبرى ، سواء اعتدى الآخرون على هذه الحياة أم اعتدى عليها صاحبها وكذلك لا يحق للإنسان أن يجعل نفسه رقيقا مستعبدا. وهذا ما جعل كيفين kevin Dwyer في مجمل حديثه عن حقوق الإنسان يشير إلى تميز فلسفة الإسلام في تقرير حقوق الإنسان في النقاط التالية :

1- أنه بإضافة التفسير الإسلامي لحقوق الإنسان يتم تقويتها وزيادة فعاليتها .

2 - يلقي الإسلام اللوم على من لا يناضلون لحماية حقوقهم .

3 - هناك تأكيد على الأوامر الإسلامية لكي يحاربوا لحفظ حقوق الآخرين كما أن النصوص الدينية التي تلوم المؤمنين لعدم توفير الحماية الكافية للرجال والأطفال والنساء الضعفاء يمكن الاستفادة منها لمساندة الجهود الدولية لحماية حقوق الإنسان .

        وخلاصة الأمر إن الحقوق والحريات في الإسلام تتميز بعدة خصائص يمكن حصرها في إنها منحة إلهية وليست تفضل أو منة من دولة أو حاكم . قال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [5]. كما أنها شاملة من حيث الموضوع لكل الحقوق والحريات حيث يقول تعالى :  ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [6]. بالإضافة لذلك فهي تمتاز بكونها عامة لسائر الجنس البشري وبذلك تكون الشريعة الإسلامية قد أدانت التمييز على أساس الجنس أو اللون أو الطبقة حيث يقول تعالى : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً  [7].



[1] - سورة البقرة  : الآية 30 .

[2] - سورة الإسراء  : الآية 70 .

[3]  - سورة المنافقون : الآية 8 .

[4]  - أخرجه مسلم وقد أورده الحافظ المنذري في مؤلفه  مختصر صحيح مسلم  بالرقم 1837 ص 485 .

[5] - سورة الإسراء : الآية 70 .

[6] - سورة النحل : الآية 90 .

[7] - سورة سبأ : الآية 28 .


 


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2117 / عدد الاعضاء 62