انتبهوا أيها السادة .. أنفلونزا الخنازير .. بين النظافة العامة .. والالتزام المفقودة
في الوقت الذي أعلن فيه عن ظهور وباء الخنازير .. استعدت الحكومة للتصدي له .. وبدأت الجهات المعنية بإصدار الأحكام للتصدي للوباء .. أولها إعدام الخنازير كإجراء وقائي من تفشي الوباء .. وأعلنت حالة التأهب والاستعداد لمواجهة هذا المرض والتصدي له ومحاربته في اى مكان يظهر فيه .. وبدأت وزارة الصحة بالتعاقد على اللقاح للتطعيم .. وأخذت وزارة التربية والتعليم الاحتياطات اللازمة للحفاظ على أبناؤنا والتصدي للوباء بالسبل المتاحة .. وتفاعلت الشباب والرياضة .. وجميع وسائل الإعلام المرئية والمقرؤة .. وظهرت على الساحة وسائل الوقاية .. من الكمامات إلى المطهرات .. الخ.
وتكلفت الحكومة مصروفات لا طائل لها والعبء تحملته ميزانية الدولة .. خاصة الإعلانات المتلفزة باهظة التكاليف لنشر الوعي لدى المواطنين في كيفية الحفاظ على النظافة الشخصية والمنزلية.
مع أن قتل وإبادة الجنازير .. لا يعنى القضاء على مكمن الوباء وليست الخنازير بيت الداء .. بل الذباب اخطر من هذا وذاك .. وترك الذباب يرتع على تلال القمامة هنا وهناك اخطر من الخنازير .. فالخنازير ساكنة لا تتحرك إلا في حظائرها .. ولا يعنى تطهير البيت والبدن بالمطهرات ولبس الكمامات أن نكون في مأمن من الوباء.
هناك ما هو اخطر من الخنازير وقتلها .. إلا وهو جمع القمامة والقضاء على الذباب .. والذي نراه هنا وهناك .. حتى في اللقاءات المتلفزة .. نرى المذيع والضيف .. يتصارعان مع الذباب أمام الكاميرا .!!
مسئولية المحليات عن القمامة والذباب .. مسئولية قانونية بل التزام يقع على عاتقها .. ولكن المحليات في قناعتها غير معنية بالأمر .. والإعلام لا ينظر لها نظرة رضا .. ولا يعلم عنها وعن التزامها اى شئ .. فالقمامة في كل مكان .. والذباب يرتع ويتنزه هنا وهناك .. حدث ولا حرج .. والإعلام يهتم فقط بنظافة البيت والبدن للمواطن .. وكـأن الوباء بالمنازل فقط .. والتوعية للمواطن للعمل على نظافة بيته وبدنه وجيبه .. وكان الطرقات العامة .. عامة .. لا يسأل عنها!!
يا سادة .. نظافة الطرقات العامة كنظافة المنازل .. من يهتم بها .. ان كانت محاولات القضاء على الخنازير لعدم تفشي الوباء .. فالقضاء على الذباب اهم لان بقاؤه اخطر .. نظافة الطرقات لا تقل أهميه عن نظافة المنازل بل هي اهم واشمل للحفاظ على بيئة عامة نظيفة.
انتبهوا أيها السادة .. اسم لعمل فني انصب على شخصية رجل يعمل في القمامة .. عرف أهميتها وخطورتها فتعامل معها دون حرج .. حتى أصبح إمبراطور عصره .. أما الآن فتغير الحال ..!!
نعم .. انتبهوا أيها السادة .. بطريقه مختلفة .. والانتباه هنا .. للعلم بأحكام قانون يفرض التزام ولكنه التزام مفقود .. التزام يقع على عاتق المحليات مقابل ما يسدده الموطن من رسوم .. إعمالا للقانون رقم (10) لسنة 2005م بتعديل بعض أحكام القانون رقم (38) لسنة 1967 في شأن النظافة العامة والذي فرض التزام على كل مالك أو شاغل بسداد رسوم للنظافة .. رسوم يتم تحصيلها كالتزام على كل وحدة سكنية أو تجارية أو ارض فضاء .. تتراوح مابين جنيهان إلى ثلاثين جنيها شهريا .. حصيلة ليست بالقليلة.
بموجب القانون تلتزم المحليات أمام المواطن .. بجمع القمامة للحفاظ على النظافة العامة .. والكل متجاهل هذا الالتزام .. فعندما فرض القانون سالف الذكر هذه الرسوم .. نص فيه على أن .. يكون تحصيل الرسم مقابل قيام الوحدة المحلية المختصة بذاتها أو بواسطة الغير بخدمات جمع المخلفات والقمامة من الوحدات المبنية والأراضي الفضاء التي تخضع لأحكام هذا القانون ونقلها إلي الأماكن المخصصة لهذا الغرض والتخلص منها بطريقة آمنة... إلخ.
فأين المحليات من تنفيذ هذا الالتزام .. الالتزام المفقود .. وأين الجهات المشرفة عليها .. هل يتجاهله البعض .. أم المحليات متفرغة لعمل أخر .. ولا يوجد احد بالمحليات يقوم بتنفيذ ما تم الالتزام به بموجب القانون .. ما نراه الآن عمل دون رقابه .. ويتحمل الإعلام وحدة عبئ توعية المواطن كي يحافظ على نظافة بيته وبدنه وجيبــه .. ويتجاهل الجميع المحليات والتزاماتها .. والمحليات تتجاهل هي الاخري هذا الالتزام على الرغم من تحصيلها رسوم من المواطن كي تقوم به.
التراخي في تنفيذ هذا الالتزام أو تجاهله .. وفي هذا التوقيت .. يهدر جميع الجهود المبذولة في التصدي لهذا الوباء .
القيام بتنفيذ هذا الالتزام والاهتمام به يوفر بيئة نظيفة .. فهو التزام قوى .. ويعتبر من اهم الوسائل التي تساعد في القضاء على الوباء .. ومن ناحية أخرى .. انتباه المحليات لالتزاماتها والقيام بها يجعل منها إمبراطورية في ذاتها .. إمبراطورية تعمل من اجل نظافة مدن الجمهورية بأكملها.
أحمد موسى الحفناوي
محام ومستشار قانوني
www.elhefnawy.jeeran.com
