عناية الأستاذ / محمد حسين عبد الرؤوف - حبيبي
نرحب بانضمامك لمنتدى المحامين العرب
موضوع البلاغ يثير مسألة في بالغ الأهمية وهي مدي مشروعية نقد الدساتير والقوانين والدعوة إلي بتغييرها ، ودخول هذه الدعوة في دائرة الإباحة من عدمه...
ولدي قناعة تامة أن من حق المواطنين تناول الدساتير والقوانين القائمة بالنقد وبيان أوجه العوار فيها، كما أن الدستور أو القانون لا يتمتع بحصانه تمنع تناوله بالنقد ولا يوجد ما يحول دون الدعوة إلي تغيير الدستور وان كان للدستور بعض الخصوصية والمزايا التي تميزه عن غيره من القوانين، كميزة الثبات النسبي- بالنظر إلي إجراءات تعديله- وأيضا ميزة سموه علي باقي القوانين- إلا انه لا يوجد أيضا ما يحول دول تناوله بالنقد فميزة ثبات الدساتير وسموها علي التشريعات الاخري ليست مبررا لتحصين نصوصها من النقد فبقاء نصوص الدستور والقانون علي حالها دون تعديل أو تغيير مرهونا بالضرورة التي دعت إلي وجود هذه النصوص والحاجة التي دعت إليها– فإذا انتفت هذه الضرورة دقت الحاجة إلي تعديل هذه النصوص واستبدالها وإلا لكان بقائها علي حالها لغوا، وقد نصت الدساتير ذاتها علي آلية تعديلها،،،
وقد نص الدستور المصري علي آلية تعديله بطلب من رئيس الجمهورية أو بطلب موقع من ثلثي أعضاء مجلس الشعب، فهل من المنطق أن يعطي النائب حقا يستمده من الأصيل ويحرم الأصيل من هذا الحق- يجب القول هنا أن لكل فرد حق نقد مواد الدستور أو الدعوة إلي تعديله طالما أن هذه الدعوة لم تقترن باستعمال القوة أو الإرهاب وليست بغرض تعطيل أحكام الدستور أو القانون بيانا لانتفاء الحاجة من وجود هذه الأحكام ، فطالما تمت في إطار النقد البناء فهي مشروعة استنادا إلي حق النقد البناء ، ولسنا هنا في مجال بحث تعديل المادة الثانية من الدستور فأنا ضد تعديل هذه المادة بالذات ومن أشد مؤيديها- وفي نفس انحاز إلي حرية نقد القوانين والدساتير كنوع من الرقابة الشعبية علي أحكام تلك الدساتير والقوانين ...
وقد أقرت محكمة النقض هذا المبدأ في حكم تاريخي بيانا لمشروعية حق نقد القوانين فسطرت ما يلي :
" إن نقد القانون في ذاته من حيث عدم توافر الضمانات الكافية في أحكامه هو من قبيل النقد المباح لتعلقه بما هو مكفول من حرية الرأي لكشف العيوب التشريعية للقوانين"
(القضية رقم 249 سنة 8 القضائية جلسة 10 يناير سنة 1938 )
ويثير هذا البلاغ أيضا أفضلية أيا من مواد الدستور علي باقي المواد- بمعني أن بعض المواد يجوز نقدها والأخرى تم تحصينها ضد النقد" المادة الثانية"- والقول أن أيا من مواد الدستور جائزة النقد هو الأقرب للصواب، فكافة النصوص الدستورية في مرتبة واحدة لا فضل لمادة علي أخري، كما أن وليس بخاف انه حتى قبل تعديل المادة 76 من الدستور الحالي تعالت الأصوات رغبة في تعديل التعديل – وبعد إقراره لازالت الأصوات تنادي بتعديل أحكام هذه المادة...
فالمطالبة بتعديل الدستور أو القانون أمر جائز خصوصا أن الدساتير والقوانين عمل بشري وأعمال البشر لا يمكن إطلاقا تحصينها من النقد،،،
اكرر أنني لست من مؤيدي تعديل المادة الثانية من الدستور ولكني انحاز إلي إطلاق حق تناول الدساتير والقوانين بالنقد وبيان أوجه عوارها ....
|