كان من المفترض أن القى هذه الكلمة فى الجلسة الافتتاحية يوم الخميس الماضى فى افتتاح احتفالية شبكة المحامين العرب ولكن قدر الله ألا تتم , ورغم أنى أعددتها على عجل لأن تكليفى بها سبق الاحتفالية بيوم واحد إلا أنى أضعها تحت بصركم
قراءة لاتفاقيات تنفيذ الاحكام القضائية بين الدول العربية:
تفضل الزملاء الذين يتولون الاعداد وإدارة هذا الملتقى بأن يسندوا لشخصى الضعيف الحديث فى الجلسة الافتتاحية حول هذا الملف العالق , وأقول العالق لأن إرادة التشريع العربى لم تزل قاصرة نحو بلوغ نتائج ايجابية حقيقية فى هذا الشأن وأدت بقصورها إلى تعطيل مصالح المواطنين فى مختلف الدول العربية الذين ترتبط منازعاتهم بإجراءات التنفيذ الدبلوماسى
وكنت أحسب أن الزملاء سيكونون أكثر رحمة بشخصى وزحمة ارتباطاته بأن يعهدوا إلىّ بملف من ملفات الارهاب أو ذات الصلة بها لتسهل مهمتنا , لكنى لم أشأ أن أؤخر مساعى حميدة ترمى لتحقيق اللقاء وتنوعه فتوكلت على الله
تنفيذ الأحكام القضائية بين الدول العربية من الملفات التي تحتاج إلى المزيد من الحوار و البحث و العمل المشترك داخل المؤسسات ذات الصلة بالعمل القضائي و العارفة لها.
ورغم أن الجهود التي تبذل من اجل تحقيق تعاون اكبر يرمي إلى تحقيق العدالة بتنفيذ الأحكام بين الدول العربية تعتبر قديمة و توصلت إلى أولى الاتفاقيات التي تم إبرامها بين دول جامعة الدول العربية عام 1952م إلى أن النتائج التي تحققت على ارض الواقع تعد ضعيفة ولا تساوي حجم الجهد المبذول أو حتى الأماني المطروحة
لم تذل تعترض طريق التنفيذ هذه الاتفاقيات وترجمتها على ارض الواقع عقبات متنوعة ولكن أهم الموانع برأي التي تحول دون سريان آثار الاتفاقيات التي سبق إبرامها أو تطويرها تتمثل في المخاوف السياسية واختلاف أنظمة ومناهج العدالة في تلك النظم .
ورغم التوصل إلى اتفاق انتهى أطرافه إلى إبرام أول اتفاقية لتنفيذ الأحكام بين دول جامعة الدول العربية عام 1952م السالف الإشارة إليها والتي انتهت في مدتها الأولى إلى أن "مجال تطبيق هذه الاتفاقية هو الأحكام النهائية المدنية و التجارية أو الأحوال الشخصية و التعويضات المقضي بها من المحاكم الجنائية " .. إلا انه وردت تلك الاتفاقية عدة مثالب أو ملاحظات هي :-
1-إنها استثنت الأحكام الصادرة في المواد الجزائية من نطاق تطبيق الاتفاقية ..
2-إن صلب الاتفاقية فتح الباب أمام استثناءات تحول دون تنفيذها عندما سمحت لسلطات القضائية المختصة في الدولة المطلوبة إليها التنفيذ أن تتحدث في موضوعات هي من صميم الاختصاص القضائي للمحاكم في الدول التي تطلب تنفيذ الحكم فمسائل الاختصاص و الولاية والإعلان هي من الأمور التي نظرت القضايا المطلوب تنفيذ أحكامها خصوصاً إذا كانت نهائية .
لا شك أن اتفاقية 52 كانت تصلح باعتبارها تشريع ممكن البناء عليه و تطويره بمرور الوقت توفر الثقة في نزاهة المقاصد التي تتحقق ويتوفر الشروط و الضوابط اللازمة لتنفيذ الأحكام .
شهدت مشروعات الوحدة بين أنظمة الحكم في عدة دول تحقيق نجاحات متوازية في مضمار تنفيذ الأحكام في الدول التي توحدت تحت راية قيادة واحدة مثلما حدث في تجربة الوحدة بين مصر و سوريا 1958م في الجمهورية العربية المتحدة – رأينا الوحدة بين مصر و السودان و ليبيا وأيضا تم تطير سبق تنفيذ الأحكام القضائية بين دول مجلس التعاون الخليجي وأبرمت الإمارات العربية المتحدة اتفاقنا بين إماراتها قطعت شوطاً في مسائل تنفيذ الأحكام القضائية داخلها بين بعضها البعض وجاءت اتفاقية الرياض للتعاون القضائي عام 1983م لتحل محل اتفاقية 1952م و تقطع شوطاً إضافيا في النظر الى وحدة التشريع بين الدول العربية هدفاً قوميا ينبغي السعي الى تحقيقه انطلاقا نحو الوحدة العربية الشاملة ..
واهم ما نجحت اتفاقية الرياض في تحقيقه – برأي :- هو دعم ثقافة تبادل المعلومات المتعلقة بالتنظيم القضائي و اتخاذ الإجراءات الرامية الى التوفيق بين النصوص التشريعية و التنسيق المتوافقة فيما بينها وفق ظروف كل منها .
والاهم أن اتفاقية الرياض لفتت الانتباه الى ضرورة بحث المواضيع المتصلة بالشريعة الإسلامية الغراء وتيسير حق التقاضي بين مواطني الدول العربية الموقعة على الاتفاقية بل وتقديم المساعدة القضائية للمواطنين الراغبين في مباشرة حق التقاضي تنفيذ حكم قضائي في أي من الدول العربية المطلوب تنفيذ الحكم داخلها و أيضا نجحت اتفاقية الرياض في تجاوز واحدة من أهم العقبات التي حالت دون تحقيق التعاون القضائي في مجال تنفيذ الأحكام بين الدول العربية عندما حافظت على سيادة الدول في الامتناع عن تسليم مواطنيها لكنها دعمت التعهد بتوجيه الاتهام ضد من يرتكب منهم لدى أي من الأطراف المتعاقدة الأخرى جرائم معاقباً عليها في قوانين كل من الدولتين بعقوبة سالبة الحرية.
من المؤكد أنه لم تزل عقبات كئداء تحول دون تنفيذ الاتفاقيات المبرمة تحت سقف جامعة الدول العربية لتنفيذ الاحكام القضائية فى الدول العربية وأهمها بالضرورة اختلاف المناهج القضائية المتبعة فى غالبية الدول العربية واعتماد السعودية الشريعة الاسلامية فى القضاء السعودى , وإذا كانت غالبية الدول تضع ضوابط صارمة أثناء صياغة مثل هذه الاتفاقيات مراعاة لأمور سيادية عليا قد تعرض أثناء تنفيذ الاحكام على شخصيات سياسية أو مشمولة بالرعاية فليس أقل من الاتفاق على تنفيذ الاحكام الخاصة بأمور الناس الحياتية ونزاعاتها العادية المختلفة بتخفيف القيود الواردة على نصوص الاتفاقات السالف الاشارة إليها وسرعة التصرف بإجراءات التنفيذ بعيدا عن المعوقات الدبلوماسية التى تعطلها
الموضوع بالتأكيد يحتاج لمزيد من الايضاح والحوار لكن الوقت المخصص يمنعنى من الاسترسال على أمل تقديمه فى صورة بحثية لاحقا ليوضع ضمن ملفات شبكة المحامين العرب والله الموفق.