"مدي جواز الجمع بين مبلغ التأمين والتعويض"
تمهيد
"لنفرض أن الخطر المؤمن ضده تحقق نتيجة لخطأ الغير ، وكان الأخير ملتزم قانوناً بموجب علاقة تعاقدية أمام المؤمن له كأن يكون ملتزماً بموجب عقد نقل بحري ، فيكون المؤمن طرفاً في علاقتان مختلفتان المصدر ، ففي العلاقة الأولي هو "مؤمن له" في عقد تأمين يكون المؤمن فيه ملتزماً تجاهه بدفع مبلغ التأمين حال تحقق الخطر ، وأما العلاقة الثانية قد يكون " المرسل إليه" في عقد نقل بحري وهنا يكون الناقل ملتزماً فيه بنقل البضاعة بالحالة التي تسلمها بها من الشاحن. وذلك كما عبرت عنه محكمة النقض المصرية في النص التالي :
" عقد النقل البحري ينشيء التزامات متقابلة في ذمة كل من الناقل والمرسل إليه منها التزام الناقل بنقل البضاعة الي ميناء الوصول وتسليمها بالحالة التي تسلمها بها الي من عينه الشاحن في سند الشحن أو لمن ظهر اليه تظهيرا تاما ناقلا للملكية أو لحامل السند ان كان لحامله أو ظهر علي بياض وذلك تطبيقا للشكل الذي أفرغ فيه والتزام المرسل اليه أو حامل سند الشحن علي ما سلف بالتقدم الي الناقل أو وكيله (البحري) في ميناء الوصول "
( الطعن رقم 256 لسنة 52 ق جلسة 25/1/1988 س 39 ع 1 ص 139)
فكل من العلاقتان السابق ذكرهما مختلفتان المصدر ، فهل يجوز تطبيق مبدأ التعويض عن الأضرار ، فلا يكون جائزا للمؤمن له أن يجمع بين مبلغ التأمين والتعويض ، و إلا تقاضي مقدار ما لحق به من الضرر مرتين ، مرة من المؤمن وأخري من الغير المسئول ؟!!
رأي الفقه
أكد بعض شراح القانون بأن لا يجوز الاحتجاج بمبدأ عدم جواز التعويض عن الضرر أكثر من مرة إلا في حالة التأمين علي الأشخاص ( الوسيط في شرح القانون المدني المجلد الثامن"عقد التأمين" د/عبد الرزاق السنهوري طبعة 2004 ص 1488 ) ، ورغم ذلك فإن البعض يرى أن العلاقة بين المؤمن والمؤمن له ، ولا أثر له علي العلاقة بين المؤمن له والغير المسئول ، حيث يختلف مصدر كل علاقة عن الأخرى ( أحكام قانون التأمين د/ محمد حسين منصور ص 258) .
العرف التأميني
ولكن العرف التأميني الذي درجت علية وثائق التأمين استقر علي حرمان المؤمن له من الجمع بين مبلغ التأمين والتعويض الذي يلتزم به المسئول عن تحقق الخطر المؤمن منه ، وتشترط شركات التأمين دائماً أحقيتها في الرجوع علي الغير ( أحكام قانون التأمين د/ محمد حسين منصور ص 258) .
موقف القضاء
وفقاً لما استقر عليه قضاء محكمة النقض حيث قضت بجواز الجمع بين مبلغ التعويض ومبلغ التأمين في العديد من أحكامها وذلك في العديد من أحكامها كما يلي بيانه :
¨ الموجز . "التعويض المستحق للمضرور قبل المسئول . والتأمين المستحق له قبل شركة التأمين جواز الجمع بينهما في ظل القانون المدني القديم لاختلاف أساس كل منهما".
وكان نص الحكم كالتالي :
" متي كان مؤدي حكم محكمة النقض الصــــــادر بتاريخ أول يناير سنة 1959 في الطعن رقم 217 لسنة 24 قضائية ، المودعة صورته الرسمية ملف الطعن أن حق المطعون ضـــــده الأول ( المؤمن ) في الرجوع بالتعويض علي ( الطاعنين لم ينتقل إلي الشركة المطعون ضـدها الثانية) شركة التأمين ولم تحل محله فيه ، فان هذا الحق يبقي كاملا للمطعون ضده الأول ، ومن ثم يجوز له أن يجمع بين ذلك التعويض ومبلغ التأمين لاختلاف أساس كل منهما .
( الطعن رقم 76 لسنة 38 ق جلسة17/11/1973 س 24 ص 1101)
¨ الموجز . "صحة الجمع بين التعويض عن الفعل الضار ومبلغ التأمين المستحق للمؤمن له عملا بأحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين وغيرهم . علة ذلك : اختلاف مصدر كل حق عن الآخر"
وكان نص الحكم كالتالي :
" أن العلاقة بين صندوق التأمين وبين الموظف ، هى علاقة بين مؤمن ومؤمن له ينظمها القانون المذكور الذي يرتب التزامات وحقوقا لكل منهما قبل الآخر ، وأن المبالغ التى تؤدى تنفيذا لأحكامه هى تأمين فى مقابل الأقساط التى تستقطع من مرتب الموظف فى حياته . أما مبلغ التعويض المقضي به فمصدره الفعل الضار الذى أثبت الحكم وقوعه من التابع فى أثناء تأدية وظيفته ورتب عليه مسئولية المتبوع ، وبذلك لا يكون الحكم قد أخطأ إذ هو لم يلتفت إلى حصول المدعى بالحقوق المدنية بصفتيه ـ على مبلغي التأمين ولم يلق اليهما بالا وهو بصدد تقدير التعويض المقضي به ، ولا يقدح فى ذلك القول بأن المضرور يكون بذلك قد جمع بين تعويضين عن ضرر واحد لاختلاف مصدر كل حق عن الآخر ، ومتى تقرر ذلك فانه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على ما تنعاه بطلانه".
(الطعن رقم 1251 لسنة 30 ق جلسة 30/1/1960 س 12 ص 131)
¨ الموجز . " تنفيذ الهيئة العام للتامينات الاجتماعية التزامها بشان تامين اصابات العمل . لايخل بما يكون للعامل اوورثته من حق قبل الشخص المسئول عن الاصابة".
وكان نص الحكم كالتالي :
" النص فى المادة 66 من القانون 79 لسنة 1975 باصدار قانون (التامين) الاجتماعى - المنطبق على واقعة الدعوى - مقتضاه ان تنفيذ الهيئة العامة للتامينات لالتزامها الناشىء عن القانون المذكور لايخل بما يكون للمؤمن له - العامل وورثته - من حق قبل الشخص المسئول ".
(الطعن رقم 4861 لسنة 61 ق جلسة 28 / 12 /1997 س 48 ج 2 ص 1584)
قانون التجارة البحرية
"نظم قانون التجارة البحرية عقد التأمين البحري في الباب الخامس منه في المواد من المادة 340 إلي المادة 400 ونظم علي وجه الخصوص التأمين علي البضائع من المادة 387 إلي المادة 396 ولكنه لم يتعرض لهذا الموضوع علي وجه الخصوص".
شراح قانون التجارة البحرية
ولكن يري بعض الشراح إستقلالية عقد التأمين البحري وذلك بقولهم "قد يرتبط التأمين بعقد بناء سفينة ، فيتم التأمين عليها وهي في مرحلة البناء ، وقد يتم ليغطي مجموعة الشحنات خلال فترة محدده كما رأينا في صورة الوثيقة العائمة.
ويلزم في جميع هذه الصور الفصل بين عقد التأمين والعقود الأخري ، كعقد بناء السفينة أ عقد البيع أو عقد توريد الشحنات المتتابعة في الأمثلة المذكورة آنفا . فأذا تبين للمشتري وجود عيب في البضاعة أو عدم مطابقتها للشروط ، فلا رجوع له علي المؤمن ، وإنما علي البائع أو الناقل البحري ، ولا يستطيع الرجوع علي المؤمن إلا وفقاً للحالات التي تتضمنتها الوثيقة وإذا رجع عليه المستأمن فلا يجوز للمؤمن دفع هذا الرجوع بشروط الإعفاء الواردة في عقد البيع كما لا يجوز للبائع دفع مسئوليته علي أساس وجود تأمين علي البضاعة . وتحدد التزامات المؤمن وفقاً لما تضمنته وثيقة التأمين فهو لا يضمن صحة بيانات سند الشحن المتعلقة بالبضاعة"( قانون التجارة البحرية للأستاذ الدكتور محمود مختار أحمد بريري طبعة 1999 ص 587 ) .