منتدي المحامين العرب المنتدى العام الاعتماد المستندى عرض للفائدة
الاعتماد المستندي هو وسيلة جيدة لتسوية المعاملات التجارية الدولية؛ حيث يكون البنك وسيطاً بين البائع والمشتري، فعند تقديم البائع مستندات الشحن والتأمين مطابقة للاعتماد وفي الميعاد، وعدم وجود تناقض بينها، يقوم البنك بصرف قيمة الاعتماد للبائع إن كان الاعتماد "واجب الدفع لدى الاطلاع" At Sight أو أصدر تعهداً للبائع بدفع قيمة الكمبيالات المسحوبة على البنك في مواعيد استحقاقها إن كان الاعتماد بالدفع المؤجل: Deferred Payment L/C أو وضع البنك ختم القبول على الكمبيالات إن كان "الاعتماد بالقبول" Acceptance Credit.وقد أجمعت لوائح الاعتمادات المستندية منذ عقود من الزمن على أن البنوك تعمل بالمستندات ولا شأن لها بالبضائع إذ إن البضاعة تخرج عن اختصاصها.وقد استغل المحتالون هذه القاعدة فأقبلوا على الاحتيال في هذا المجال وذلك بتقديم مجموعة كاملة من المستندات المزورة إلى البنك، فيقوم البنك بالدفع ثم لا تصل بضاعة إلى المشتري. وقد يكون الغش بشحن بضاعة رديئة لا تصلح للاستعمال، وقد يقوم البائع بشحن حجارة أو قمامة بدلاً من البضاعة التي تم التعاقد على شرائها.وبالنسبة للنقل بالحاويات استقر العرف الدولي على أن تتضمن بوليصة الشحن شرط: "يقال إن الحاوية تحتوي على...." Said to Contain؛ حيث إن الحاوية تسلم إلى الناقل مغلقة وتثبت أرقامها في بوليصة الشحن، وتظل كذلك إلى أن تصل إلى ميناء التفريغ.وقد استقرت قواعد النقل بالحاويات عالمياً، وكان الهدف منها تسهيل شحن البضاعة والاقتصاد في الجهد البشري عند التحميل والتفريغ وتوفير الجهد والوقت. ولكن المحتالين لم يغفلوا عن استغلال هذا النظام، فيعمدون إلى ملء الحاوية بالقمامة أو الحجارة أو البضاعة الرديئة مستغلين هذا الشرط في بوالص شحن الحاويات، وهو ما حدث في بعض المنازعات التجارية التي حققناها.وقد انتشر الغش المستندي انتشاراً هائلاً في العقود الأخيرة نظراً لسهولة ارتكابه وعدم وجود مخاطر فيه. وكل ما يحتاجه المحتال لارتكاب الجريمة هو مجموعة معلومات عن التجارة الدولية وشركة وهمية يعمل وراء ستارها، ومكتب صغير، وتليفون وآلة فاكس مع تغيير رقم تليفونه ومقر عمله دورياً.وضمن عوامل تسهيل جرائم الغش المستندي أنه لا يكتشف إلا عندما يتوجه المشتري سيئ الحظ لاستلام بضاعته من السفينة المسماة، فيتبين أنها وهمية أصلاً أو أنها لم تتوجه لميناء التفريغ المسمى. وهذه الفترة تعطي المحتال وقتاً كافياً لتحويل الأموال التي حصل عليها مقابل المستندات المزورة إلى خارج البلاد ثم يختفي.أضواء على بعض قضايا الغش المستندي المشهورةقد يتآمر المشتري مع البائع لارتكاب الغش المستندي. وهذا ما حدث عندما اتفق مستورد نيجيري مع مصدر دنمركي على شراء أجهزة إلكترونية وذلك بطريقة D/P: Documents Against Payment (الدفع مقابل المستندات، وكان النيجيري يرغب في تحويل عملة صعبة إلى خارج بلاده بالمخالفة لتعليمات النقد في نيجيريا، وذلك بأن ذكرت قيمة البضاعة في المستندات أنها 225 ألف دولار، في حين أن قيمتها الحقيقية هي 25 ألف دولار فقط ثم يودع الفرق بين القيمتين في حساب المستورد النيجيري في بنك سويسري. وقد ارتاح المصدر الدنمركي إلى العملية معتمداً على أن المستورد النيجيري لن يجرؤ على الشكوى لمخالفته تعليمات رقابة النقد في نيجيريا لذلك اطمأن إلى عدم وجود مشاكل. ولكن موظفاً محتالاً في البنك النيجيري اكتشف محاولة الغش فاستولى على المبلغ لنفسه، وهو يعلم أن كلاً من الطرفين لن يجرؤ على اتهامه ويخاطر بالكشف عن جريمة الغش التي ارتكباها وهو ما حدث بالفعل. (دراسة مخاطر الشحن: Shipping at Risk إصدار المكتب البحري الدولي في لندن IMB إصدار رقم 584 قسم الغش المستندي ص 158، 159).وفي قضية أخرى حدثت في نهاية عام 1989م، اتفقت شركة تايوانية مع شركة في هونج كونج على فتح اعتمادين لتمويل صفقة من الصلب الخردة كميتها 5000 طن. وقامت شركة هونج كونج بشحن البضاعة من ميناء الحديدة اليمني.وقد تم تحميل كمية 3 آلاف طن فقط، ولكن قدمت الشركة المصدرة مستندات للبنك تدل على شحن كامل الكمية وهي 5 آلاف طن. ولم تدفع شركة هونج كونج أجرة الشحن لمالك السفينة. وفي نفس الوقت قامت الشركة المصدرة ببيع البضاعة إلى شركة في سنغافورة، واتفقت مع مالك السفينة على أن يوافق على تفريغ البضاعة في سنغافورة، مقابل دفع أجرة الشحن إليه. وقد تم ذلك فعلاً. وعلى أثر ذلك أغلقت شركة هونج كونج مكاتبها وغادر مالكها البلاد ليقضي تقاعداً مريحاً في الخارج بعد أن باع البضاعة مرتين وحقق مكسباً مضاعفاً وسهلاً.(الدراسة السابقة 159 160).أمثلة من مبادى القضاء والفقه في جرائم الغش المستنديجاء حكم القاضي Kerr في قضية Harbottle ضد بنك وسمنستر Westminister Bank في عام 1978م أنه: "تقضي القاعدة العامة أن الاعتماد المستندي هو أداة قانونية مستقلة تماماً عن عقد البيع الأصلي، وهي قاعدة مستقرة ومطبقة عالمياً، ولا يصح للقضاء التدخل في آلية الاعتمادات المستندية غير القابلة للرجوع فيها إلا في أحوال استثنائية؛ حيث إن التزامات البنوك هي أساس التجارة الدولية. ومن المستقر أن البنك لا يجوز له أن يمتنع عن دفع قيمة الاعتماد أو يضع قبوله، أو يتداول المستندات حتى لو أخطره عميله (المشتري) بوجود شك أكيد في أن الشحنة وهمية، وأن المستندات المقدمة للبنك مزورة على أنه إذا تأكد للبنك أن المستندات مزورة فإن الحكم يختلف تماماً ويصبح على البنك أن يتوقف عن دفع قيمة الاعتماد فإن لم يفعل كان مسؤولاً في ماله الخاص"وقد ورد المبدأ نفسه في حكم لمحكمة الاستئناف الإنجليزية أصدره القاضي Griffith في عام 981،1 وهو أن "يلتزم البنك بدفع قيمة الاعتماد متى قدمت له المستندات مطابقة لشروط الاعتماد، فإذا كانت المستندات مزورة وتبين البنك ذلك فلا يصح للبنك دفع قيمة الاعتماد".(الدراسة السابقة IMB ص 167).وقد استقر الفقه على عدم مسؤولية البنك عن تزوير المستندات متى كان التزوير متقناً، وأن البنك يسأل عن تزوير المستندات متى كان مفضوحاً. والنوع الأول يحتاج كشفه إلى الخبراء، أما النوع الثاني فيستطيع الشخص العادي اكتشافه.(د. علي جمال الدين عوض أستاذ القانون التجاري والقانون البحري كلية حقوق القاهرة: الاعتمادات المستندية القاهرة عام 1986 ص 133).وقد استقر الفقه على أن البنك يسأل أحياناً في حالة التزوير المتقن للمستندات متى علم بوقوع غش في المستندات قبل أن يدفع قيمة الاعتماد، وأنه يجب في هذه الحالة أن يمتنع البنك عن الدفع، وإلا كان مسؤولاً عن الضرر في ماله الخاص.(مؤلف تمويل التجارة: بول أوهانلون لندن عام 1980 ص 59 حيث أورد المؤلف قضية عملية بين بنكين: Trade Financing Paul OصHanlon - (London - 1980 - P 59.ومثال التزوير المفضوح وجود مستند ضمن مستندات الاعتماد على ورق أبيض، أو وجود كشط أو تحشير في مستند ليس معتمداً، أو عدم وجود اسم السفينة على بوليصة الشحن، ففي هذه الحالة على البنك أن يرفض قبول المستندات لوجود تزوير واضح لا يحتاج للخبراء لاكتشافه.فإن دفع البنك قيمة الاعتماد رغم هذا التزوير المفضوح، سئل من ماله الخاص أمام عميله برد قيمة ما دفعه هذا العميل لتغطية الاعتماد والتعويض عن الضرر الذي أصاب العميل متضمناً ما أصابه من خسارة وما فاته من كسب نتيجة لخطأ البنك.ومثال التزوير المتقن تقديم مجموعة من المستندات مطابقة للاعتماد، وفي الميعاد ولا تناقض بينها وليس فيها خطأ واحد فهي متقنة التزوير.وفي هذه الحالة لا يسأل البنك إذا ما دفع قيمة الاعتماد ثم تبين وقوع غش بعدم وجود بضاعة أو شحن بضاعة رديئة لا تصلح.ومثال حالة التزوير المتقن الذي يسأل عنه البنك ورود تقرير من هيئة دولية متخصصة مثل IMB أو شركة لويدز للمعاينة تثبت عدم وجود بضاعة أصلاً وأن المستندات مزورة ولا تمثل الحقيقة. فإذا ما ورد للبنك هذا التقرير، ورغم ذلك صرف قيمة الاعتماد، سئل في ماله الخاص، طالما ورد هذا التقرير إليه قبل الصرف. وأساس ذلك هو أن البنك يكون بهذا السلوك قد خالف التزامه بالعناية الواجبة: Due Diligence؛ حيث يلتزم بالحفاظ على أموال العملاء واستثمارها الاستثمار الآمن والأمثل. وقد حدث في الشرق الأقصى أن ورد مثل هذا التقرير إلى بنك هناك، ولكنه صرف النظر عنه، وصرف قيمة الاعتماد للمستفيد، فأقيمت عليه دعوى التعويض وخسرها. وفي قضية أخرى ورد تقرير لبنك آخر يفيد حدوث غش مستندي فتوقف البنك عن صرف قيمة الاعتماد ورفض المستندات، وبذلك نجا البنك من المسؤولية؛ حيث حافظ على (التزام العناية الواجبة) المستقر في العرف الدولي وفي الفقه والقضاء.وعلى ذلك فلا يجوز الاعتقاد بأن البنوك لا تسأل عن تزوير المستندات بصفة مطلقة، بل هي أحياناً تسأل على التفصيل السابق.أساليب الوقاية من الغش المستندييجب الحذر من البضاعة التي تعرض بسعر منخفض غير عادي لا يتناسب مع الأسعار المعقولة، وكثيراً ما يتجاهل المشتري عن هذا المؤشر الأكيد على وجود غش في الصفقة، مدفوعاً بالرغبة في الثراء السريع. ومن مؤشرات الغش طلب مقدم مالي للصفقة: Advance Payment وهو ما يلجأ إليه المحتالون في نيجيريا في صفقات بترول وهمية بسعر رخيص، وغالباً ما يطلبون مقدمات مالية لا تقل عن ربع مليون دولار. ويقع المجني عليهم في الفخ، مدفوعين بأحلامهم في تحقيق مكاسب ضخمة من صفقة البترول الضخمة عند بيعها بالأسعار العالمية.وقد ورد بالتقارير الدولية أنه تبين أن جميع المجني عليهم الذين وقعوا في الفخ قد تطوعوا للوقوع ضحايا للاحتيال، رغم شعورهم بوجود مخاطر، ولكنهم تجاهلوا هذه المخاطر مدفوعين بجشعهم ورغبتهم في الربح السريع.(الدراسة السابقة IMB ص 169).ومن أساليب الوقاية الأكيدة ضد الغش المستندي، تكليف شركة معاينة مشهورة بمعاينة البضاعة في ميناء الإقلاع للتحقق من وجودها وما إذا كانت باسم المشتري أم لا، فإذا تبين من المعاينة عكس ذلك أخطر البنك بمحضر المعاينة فيمتنع البنك عن دفع قيمة الاعتماد. ويجب التنويه إلى أنه إذا طالب المجني عليه شركة التأمين بدفع التعويض، فإن الشركة ستمتنع عن الدفع، لعدم وجود البضاعة المؤمن عليها أصلاً حالة كون التأمين يكون على البضاعة خلال الرحلة البحرية، وطالما أن البضاعة لم تكن موجودة أصلاً يسقط التزام شركة التأمين بدفع التعويض وهذه القاعدة مجمع عليها محلياً ودولياً.
أضواء على الغش المستندي..وعرض لبعض أحكام القضاء بشأنه
الانتقال السريع اختــــار ------ منتـــدي المنتدى العام ------ ------ منتـــدي من أعلام القضـاة والمحـامين العرب ------ ------ منتـــدي استراحة المنتدى . ------ ------ منتـــدي منتدى الاستشارات القانونية ------ ------ مكتبـــة الأبحاث القانونية------ ------ مكتبـــة القوانين العربية------ ------ المكتبـــة الصوتية------