اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
محمود غنام المحامى
التاريخ
7/14/2006 3:02:09 PM
  التعليق على مشروع قانون السلطة القضائية المصري      

تعليق المركز العربى لاستقلال القضاء و المحاماه على مشروع قانون السلطة القضائية المصري

من خلال متابعة المركز لمراحل إصدار تعديلات قانون السلطة القضائية المصري ، وللأهمية الخاصة لهذا القانون الذي ينظم عمل القضاة ، وهم المكلفون باتخاذ القرار الأخير بشأن حياة المواطنين وحرياتهم وحقوقهم وواجباتهم وممتلكاتهم ، ومما يستتبعه ذلك من وجوب أن يكون للسلطة القضائية الولاية الكاملة على جميع المسائل ذات الطابع القضائي ، كما تنفرد بسلطة البت في جميع المسائل ذات الشأن بأعضائها  ،ومن متابعة ما آبداه رجال الفقه القانوني والقضاة من ملاحظات ،فإن المركز يبدي ملاحظاته على مشروع قانون السلطة القضائية والمعروض على مجلس الشعب المصري في هذه الآونة .

و يرى المركز أنه و على الرغم من أن مشروع القانون تضمن لإيجابيات طالب بها قضاة مصر ، ومؤسسات المجتمع المدني ، إلا أن هناك العديد من الملاحظات التي يجب إيلاء الاعتبار الكامل لها حتى يتوافق القانون مع المعايير الدولية ذات الصلة باستقلال السلطة القضائية ، سيما مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية والمعتمدة بقراري الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 40/32 في 29 نوفمبر 1985 ورقم 40/146 في 13 ديسمبر 1985 .

1.  لم يتطرق مشروع القانون بحال إلى وضع نصوص تضمن وجود معايير موضوعية للاختيار و التعيين بالقضاء ، رغم ما يثار في الواقع العملي بشأن عدم التزام الجهات القائمة على التعيين بمعايير النزاهة والشفافية ، لدرجة وصلت إلى التقاضي أمام دوائر مجلس الدولة، بشأن طلب إلغاء العديد من قرارات التعيين ، وما استتبع عدم وجود هذه المعايير من إقصاء للعديد من الكفاءات ، وحرمان المرأة المصرية من حق دستوري يكفل مساواتها في مجال تولي الوظائف العامة ، ومن الجيد أن يتضمن قانون السلطة القضائية النص على أن يكون من يقع عليه الاختيار لشغل الوظائف القضائية أفرادا من ذوي النزاهة والكفاءة وحاصلين على تدريب أو مؤهلات مناسبة في القانون ، ولا يجوز التمييز بين المرشحين لشغل المناصب القضائية على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين أو الآراء السياسية أو غيرها من الآراء أو المنشأ القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو الميلاد أو المركز .

2.  لم يشر مشروع القانون إلى حق القضاة في حرية تكوين الجمعيات أو غيرها من المنظمات لتمثيل مصالحهم والنهوض بتدريبهم المهني وحماية استقلالهم القضائي ، وفي الانضمام إليها ، وعدم تبعية هذه الجمعيات أو المنظمات لغير السلطة القضائية ،  وهذا الحق معترفا ومعمولا به على نطاق واسع في النظم الديمقراطية ، وهو حق أقرته المادة التاسعة من مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية  .

3.  لم يعالج مشروع القانون بعض الأمور ذات الصلة بحسن سير العدالة ، وهي مصلحة أولى بالاعتبار ، كتنفيذ الأحكام القضائية ، لما لعدم احترام تنفيذها من إخلال بحسن سير العدالة ، وإفراغ لقيمة الأحكام القضائية من مضمونها وانتهاك لاستقلال القضاء ، ولم يتول وضع حل تشريعي لهذه المسألة كإنشاء شرطة قضائية تخضع في مباشرة أعمالها للسلطة القضائية كضمانة لاحترام تنفيذ الأحكام القضائية .

4.  لم يتطرق مشروع القانون كذلك لوضعية النيابة العامة وفصلها عن السلطة التنفيذية أو إلحاقها بالسلطة القضائية بنصوص واضحة ، ولم يشر إلى ثمة معايير موضوعية في مسألة اختيار النائب العام ، وظلت النيابة العامة جامعة بين سلطتي الاتهام والتحقيق ، والأولى وضمانا لاستقلال السلطة القضائية ووفق المعمول به في النظم الديمقراطية أن تختص النيابة العامة بسلطة الاتهام حال تبعيتها للسلطة التنفيذية ، تاركة الاختصاص بالتحقيق للسلطة القضائية ،  أو أن تختص بسلطتي الاتهام والتحقيق حال تبعيتها للسلطة القضائية ممثلة في المجالس القضائية العليا  .

5.  خلا مشروع القانون من وجود قواعد موضوعية تحكم موضوع توزيع العمل في المحاكم ، كأن ينيط ذلك بالجمعيات العمومية للمحاكم ، ويمنع  مسألة تفويض الجمعيات العمومية رؤساء المحاكم في إصدار القرارات الخاصة بهذه الجمعيات ، وأقر المشروع تفويض رؤساء المحاكم في إسناد قضية بذاتها لقاض بعينه ليحكم فيها ، الأمر الذي يهدد حق المواطن في اللجوء لقاضيه الطبيعي ، ويثير شبهة وجود تدخلات غير لائقة أو لا مبرر لها في الإجراءات القضائية ، مع إبلاء الاعتبار أن مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية ، أقرت ( م14) بأن إسناد القضايا إلى القضاة ضمن إطار المحكمة التي ينتمون إليها مسألة داخلية تخص الإدارة القضائية .

6. رغم استحداث مشروع القانون اشتراط موافقة مجلس القضاء الأعلى على ندب مساعد الوزير لشئون التفتيش القضائي ووكلائه وأعضائه ورؤساء المحاكم الابتدائية،  إلا أن مشروع القانون خص وزير العدل بأمور تدخل في نطاق الشأن القضائي الخالص للسلطة القضائية وذلك كبقاء تبعية التفتيش القضائي لوزير العدل ، رغم أن التفتيش القضائي بالهيئات القضائية  الأخرى في مصر لا يتبع وزارة العدل .

7. أبقى مشروع القانون على نظام انتداب القضاة للقيام بأعمال غير قضائية – رغم تكدس القضايا وعدم تناسب أعداد القضاة المؤهلون للفصل في القضايا وعدد القضايا المنظورة –وبعد أن كانت مدة الندب لا تزيد عن ثلاث سنوات وفقا لحكم نص المادة 64 من القانون الحالي ، ولا تزيد الإعارة وفقا للمادة 65 عن أربع سنوات ، جاء مشروع القانون ليزيد مدة الندب إلى ست سنوات وكذلك مدة الإعارة ، رغم ما يمثله نظام انتداب القضاة إلى جهات تابعة للسلطة التنفيذية من الإخلال بهيبة واستقلال القضاء ، والتعارض مع المبادئ القضائية التي لا تجيز للشخص أن يكون خصما وحكما في آن ، كما أن المشروع في المادة 66 منه لم يضع حدا أقصى لمدة الندب لوظائف مساعد أول الوزير ومساعدي الوزير للتفتيش القضائي وللتشريع والمكتب الفني للوزير ، وكذلك الندب لإدارتي التفتيش القضائي والتشريع

8.  رغم اتساع النطاق الزمني لانتداب القضاة ، إلا أن مشروع القانون خلا كذلك من ثمة وجود قواعد موضوعية ومحددة سلفا تحكم مسألة انتداب القضاة أو إعارتهم ، الأمر الذي قد يستخدم في الواقع العملي كوسيلة للترغيب أو الترهيب  ، ويخل باستقلال القضاء .

9. لم يوف مشروع القانون بحق القضاء ، في مسائل التأديب،  في التقاضي على درجتين وإمكانية الطعن في القرارات التأديبية الصادرة بحقهم أمام محكمة أعلى ، ولكن صياغة نص المادة كما هي واردة في مشروع القانون ( م83 ) قصرت الطعن على الأسباب التي يمكن الطعن بها أمام محكمة النقض  ، وهي إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو إذا وقع في الحكم بطلان جوهري أو إذا شاب الإجراءات بطلان أثر في الحكم ، وعلى ذلك تكون محكمة الدرجة الثانية للقضاة محكمة قانون ، لا تتعرض لموضوع الدعوى ، وبالتالي فإن التقاضي على درجتين كما هو وارد في نص المادة 83 من المشروع فقد مضمونه ، حيث يستحيل على محكمة الدرجة الثانية التعرض للموضوع ونظره نظرا علنيا ومنصفا ، ويظل التقاضي بالنسبة للقضاة في مسائل التأديب على درجة واحدة من الناحية العملية .، ولا يحقق لهم النص المستحدث في مشروع القانون ضمان الحد الأدنى للمحاكمة العادلة والمنصفة .

10. أخل مشروع القانون بحق القضاة في الاستعانة بمحام ، وهو الحق المقرر دستوريا لجميع المواطنين ، وأقرته المواثيق الدولية التي أجمعت على ضرورة أن ينظر في التهمة الموجهة أو الشكوى المرفوعة ضد قاض بصفته القضائية و المهنية على نحو مستعجل وعاجل بموجب إجراءات ملائمة ، حيث منعت المادة 85 من المشروع والمادة 106 على القاضي حال طعنه على قرار التأديب أو مثوله للمحاكمة التأديبية أن يستعين بمحام ( ..........أن يقدم دفاعه كتابة أو ينيب عنه في ذلك كله أحد رجال القضاء الحاليين أو السابقين من غير أرباب الوظائف أو المهن ).

11. استبعد المشروع فكرة وجوب قضاة ترشحهم الجمعية العمومية لمحكمة النقض والجمعية العمومية لمحكمة استئناف القاهرة ، في تشكيل مجلس القضاء الأعلى ، وظل المشروع معتمدا نظام الأقدمية في تشكيل المجلس ، رغم أن معيار الأقدمية غير محل اعتبار في تعيين النائب العام ورؤساء المحاكم الابتدائية ورئيس محكمة النقض .

ويرى المركز، انه قد يكون من الجيد عرض مشروع القانون على قضاة مصر ، وذلك للاسترشاد برأيهم في مشروع القانون المنظم لأعمال مهنتهم ، والمخاطبين بأحكامه ، وبحكم كونهم أقدر ، وعبر الممارسة العملية ، بفهم دقائق الأمور التي قد تدعم استقلالهم ، أو تخل به .

"وأنه ينبغي على الحكومات أن تراعي وتحترم في إطار تشريعاتها وممارساتها الوطنية ، المبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية ، وأن تعرض هذه المبادئ على القضاة والمحامين وأعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية والجمهور بوجه عام"  . وذلك وفقا لديباجة مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية  .


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2319 / عدد الاعضاء 62