اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
التاريخ
5/13/2006 5:41:57 PM
  المستشار هشام البسطاويسي      

ضوابط حرية الصحافه فى قضاء النقض للمستشار هشام البسطويسى الموضوع: أسباب عديدة – لا محل لتعدادها هنا – أفضل إذا دعيت إلى حديث أن ألج مباشرة إلى الموضوع دون أن ألتمس مقدمات تمهد طريق الكلام أو تحتال على الأفهام ، ولكن الحديث عن حرية الصحافة في قضاء محكمة النقض المصرية يصعب دون مقدمة لازمة – تمهد ولا تحتال - عن علاقة كل من القضاء والصحافة ، بالقيم الديمقراطية حرية الصحافة في قضاء محكمة النقض المصرية لأسباب عديدة – لا محل لتعدادها هنا – أفضل إذا دعيت إلى حديث أن ألج مباشرة إلى الموضوع دون أن ألتمس مقدمات تمهد طريق الكلام أو تحتال على الأفهام ، ولكن الحديث عن حرية الصحافة في قضاء محكمة النقض المصرية يصعب دون مقدمة لازمة – تمهد ولا تحتال - عن علاقة كل من القضاء والصحافة ، بالقيم الديمقراطية . والحق أنه لا يمكن بناء نظام ديمقراطي إلا على أساس من الحريات العامة ، والحريات العامة لا يمكن أن تقوم إلا على دعامتين أساسيتين هما : استقلال القضاء وحرية الصحافة . ولذلك فليس صحيحا أن هناك أنواع ودرجات من الديمقراطية بعضُها يناسب الغرب وبعضها يناسب العرب ، هذا القول محض افتراء ، لأنه لا يمكن أن يكون هناك أنواع ودرجات من استقلال القضاء أو حرية الصحافة ، فلا يوجد إلا معنى واحد للديمقراطية هو - كما ورد في المعجم الوجيز - سياسيا : هي إحدى صور الحكم التي تكون فيها السيادة للشعب واجتماعيا : هي أسلوب في الحياة يقوم على أساس المساواة وحرية الرأي والتفكير ، وبصرف النظر عما إذا كان هذا التعريف جامعا ومانعا أم أنه يمثل الحد الأدنى المقبول لتعريف الديمقراطية ، فإنه لا يمكن أن تتوافر هذه العناصر إلا باستقلال القضاء وبحرية الصحافة . وهذه العناصر لا تصنعها نصوص تشريعية ، ولكنها هي – حين تصبح جزءا من ثقافة الشعب وقيمة من قيمه - تصنع النصوص المنظمة لكيفية ممارستها ، وهي متى أصبحت عقيدة للشعب فلا يمكن للحاكم المستبد وأدها بأي نصوص جائرة أو أحكام عرفية . والقضاء في أي دولة هو شريحة من مجتمعها ، وفي الواقع هو مرآة حضارتها وثقافتها ، فإن كانت قيم الديمقراطية وعناصرُها من معتقدات هذا المجتمع ، ظهر ذلك في قضاء محاكمها سواء كانت النصوص تحتفل بالديمقراطية وتقتصر على تنظيم ممارستها أم تتكفل بتهميشها . أما إذا كانت قيم الديمقراطية وعناصرها مجرد أفكار ورؤى للفئة المثقفة في المجتمع ، لم تترسخ في وجدان أفراده وتتحول إلى عقيدة ، فلن تتمكن النصوص أو أحكام المحاكم من أن تجعل منها واقعا ملموسا في حياتهم . بدأت الصحافة المصرية أولى خطواتها في سنة 1828 بصدور جريدة " الوقائع المصرية " التي اصطبغت بصبغة رسمية ، ولم تعرف مصر الصحافة الوطنية الحرة إلا في سنة 1865 في عهد الخديوي إسماعيل ، وبالتالي لم تعرف الجرائم والمحاكمات الصحفية إلا في زمن متأخر من القرن التاسع عشر ، بعد صدور أول قانون للمطبوعات في سنة 1881 ، وبعد صدور قانون العقوبات في سنة 1883 ، وكانت أول هذه القضايا ، قضية شهيرة عرفت باسم قضية التلغراف وقعت أحداثُها في سنة 1896 ضد صحيفة المؤيد وصاحبها الشيخ علي يوسف وأحد موظفي التلغراف وكان موضوعها برقية تلغرافية سرية من أحد قادة الجيش المصري الإنجليز في حملته على السودان إلى وزير الحربية ، وأثار إفشاء مضمون البرقية السرية غضب الحكومة والإنجليز معا ، وبعيدا عن تفاصيل هذه القضية ووقائعها ، أصبحت القضية محط اهتمام الرأي العام واعتبرت من قضايا العمل والجهاد الوطني وانتهت المحاكمة ببراءة المتهمين فيها ، رغم محاولات الحكومة والانجليز التأثير في القضاة وترهيبهم توصلا لإدانة المتهمين ولم يكن قد صدر بعد تشريع باستقلال القضاء ، مما أتاح للحكومة نقل الزعيم محمد فريد وكان وقتها وكيلا للنائب العام الذي اختص بتحقيق القضية ، ولكنه اعتبر القرار الصادر بنقله عدوان على استقلال القضاء فاستقال واشتغل بالمحاماة وانضم إلى زميله الزعيم مصطفى كامل . وقد ظلت حرية الصحافة ، كسائر الحريات ، تتعرض لجزر ومد مع تقلب أمواج الحياة السياسية في مصر ، وتعرضت النصوص المنظمة للعمل الصحفي لتعديلات وتشوهات تفوق أي تصور في عددها ، ويصعب على أي منطق استيعابُها أو فهمُها ، ولكن كان هناك دائما في مصر قضاة ، تعاملوا مع هذه النصوص في إطار قيم الحرية والديمقراطية ما أمكنهم ، والحقيقة أن أغلب التعديلات التي طرأت كانت لمحاولة سد السبل أمام القضاء في تفسير هذه النصوص وفقا لمبادئ وقيم الحرية والديمقراطية . ولكن الحديث عن حرية الصحافة وضوابطها في قضاء محكمة النقض ، وكيفية تعامل القضاة مع النصوص الجائرة ، يقتضي التعرض لطبيعة واختصاص محكمة النقض وكيفية ممارستها لهذا الاختصاص . حق الطعن بالنقض تقرر في سنة 1833 وكانت تفصل في طعونه إحدى دوائر محكمة استئناف مصر ، ثم أنشئت محكمة للنقض سنة 1931 . ومحكمة النقض تختص بمراقبة صحة تطبيق القانون في المحاكم بهدف توحيد هذا التطبيق أو بعبارة أخرى تحقيق وحدة القضاء والقانون ، وهذا الاختصاص يقتضي بطبيعة الحال ولزومه فهم وتفسير وتأويل القانون وفقا لقواعد وضوابط وأصول محددة بهدف استنباط إرادة المشرع ومقصده من النص القانوني . هذا عن محكمة النقض ، فماذا عن قضاتها ؟ وهم كبشر وقضاة أشربوا على مدى سنوات طويلة حب العدل وقيم وتقاليد القضاء التي هي هي قيم وتقاليد الديمقراطية ، هؤلاء لا يمكنهم مقاومة الآثار النفسية الفادحة لحكم جائر ، فكانوا ومازالوا يمدون سلطانهم – المحصور أصلا في مراقبة صحة تطبيق القانون – إلى مسألة العدالة وتصويب كل جور ، بأن اتخذوا من فكرة مراقبة صحة تطبيق القانون – في أحوال كثيرة – إطارا عاما يتسع لإخضاع الحكم الجائر لمعايير العدالة والمساواة والحرية والديمقراطية . ولم يقتصر هذا المسلك لقضاة النقض على قضايا الرأي والحريات العامة ولكن كان هذا مسلكهم في كل أنواع القضايا والمنازعات ، انتصارا لعقيدة الحرية والعدالة والمساواة التي فطر الله الناسَ عليها ووثقها لهم برسالات رسله ، ولكنه في خصوص قضايا حرية الصحافة كان هذا المسلك خطا ثابتا وظاهرا جعلت له حدودأ وضوابط . أهمية هذه المقدمة أنها تلقي ضوءا على الاعتبارات التي أزعم أنها كانت في خلفية القضاة عند تقريرهم للمبادئ التي سار عليها عمل المحاكم في مصر في قضايا النشر وأحسب أن إيضاح هذه الصورة يلزمه إلقاء بعض الضوء على تعريف جريمة النشر وبعض الأمثلة التي تبين مسلك محكمة النقض المصرية في شأنها : وحرية النشر في قضاء محكمة النقض المصرية لا يحدها إلا ما يحد ممارسة كل حق وهو عدم إساءة استعماله ، بيد أنها لم تضع تعريفا محددا لجريمة النشر وإنما يظهر من أحكامها قناعة بتعريف محكمة النقض البلجيكية الذي قررته في حكم صدر في سنة 1871 بأنها تشمل ضروب الاعتداء على حقوق المجموع أو الأفراد التي تحصل نتيجة إساءة استعمال حق التعبير عن الرأي في محرر مطبوع تم نشره بالفعل(1) ، وكان الهدف من هذا التعريف الواسع لجريمة النشر هو تمييز الجرائم التي تقع بواسطة الصحف عن نفس الجرائم إذا وقعت بغير طريق الصحف ، فمثلا جرائم السب أو القذف أو الإهانة إذا وقعت بغير طريق الصحف لا يكون الهدف منها – في غالبية صورها – إلا إيذاء المجني عليه في كرامته أوحرمة حياته الشخصية والحط من قدره ، أما إذا وقعت بواسطة الصحف فغالب الأمر أنها تقع بدافع النقد البناء وغايتها تحقيق المصلحة العامة للمجتمع وهي غاية تربو على مصلحة الفرد أو الأفراد الذين تأذوا من النشر ، كما أنها إحدى الوسائل الفعالة التي توفر للمجتمع حقه في الحصول على المعلومات بقدر مناسب من الشفافية ، ولذلك فإن الهدف من تمييز الجريمة التي تقع بواسطة الصحف عن نفس الجريمة إذا وقعت بغير طريقها كان استنباط معيار حسن النية في مباشرة حق النقد الذي يخرج بالواقعة ( المؤثمة بحسب الأصل ) من دائرة التأثيم إذا وقعت بواسطة الصحف فلا ينبغي على القاضي أن يوقع على الصحفي عقوبة عن القذف أو السب أو يحكم عليه بتضمينات ، قبل أن يزن الخدمة التي أداها الصحفي أو اتجهت إرادته لأدائها لصالح المجتمع بكتابته للمقال أو نشره للخبر . وقد ظلت محكمة النقض في بادئ الأمر مترددة في اعتبار تقدير حسن النية في مباشرة حق النقد من مسائل الواقع التي تقدرها محكمة الموضوع وتخرج عن رقابة محكمة النقض متأثرة في ذلك بتردد المحكمة الفرنسية والمحكمة البلجيكية ، بيد أنها ما لبثت أن حسمت أمرها واعتبرت أن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة المطروحة يقتضي منها مراقبة هذا التقدير لأنه بذاته من أركان وعناصر الجريمة وذلك استئناءا من الأصل المستقر في الرقابة على تفسير الأوراق والمحررات ، فقضت محكمة النقض " بأن لها في جرائم النشر حق تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر من ناحية أن لها بمقتضى القانون تصحيح الخطأ في التطبيق القانوني على الواقعة بحسب ما هي مثبتة في الحكم"(2) ( نقض 27 فبراير 1933 ) و"بأن لها الحق في الاطلاع على المقال موضوع التهمة وتحديد معنى ألفاظه لمعرفة ما إذا كان المقصود منه منفعة البلاد أو مجرد الإضرار بالأشخاص المطعون عليهم " (3) ، (4) ، كما كان لهذا التمييز أثر آخر وهو وضع نظام خاص لمعاملة الصحفي الذي يحكم بإدانته في إحدى جرائم النشر . هذا عن التعريف وما أثاره من بحث في شأن حسن النية في ممارسة حق النقد ، أما ما زعمته في تصويري للقضاة وهم يفصلون في قضايا حرية الصحافة وجرائم النشر وفي خلفيتهم ثراث من قيم وتقاليد الحرية والديمقراطية مستمدة من عقيدة فطر الله الناس عليها تقوم على الشورى والمساواة والعدالة ، فاستدل عليه بأمثلة من قضاء المحاكم في بعض المسائل ، وَضَعَت به علامات على طريق مازالت تسير فيه حتى الآن : 1- مسألة التفرقة بين الشخص العادي ولو كان موظفا عاما والشخصية العامة : من المتفق عليه في جميع البلاد الدستورية أن الطعن في الخصوم السياسيين بنوع عام يجوز قبوله بشكل أوسع وأعم من الطعن في موظف معين بالذات ، فبعض عبارات الإهانة التي يعاقب القانون عليها لو وجهت لفرد معين ، لا تكون كذلك إذا وجهت لخصم سياسي رشح نفسه للنيابة . (5) 2-مسألة التفرقة بين الهيئة النظامية ذاتها والشخصية العامة كفرد : إذا جاز في مناظرة الأحزاب السياسية التسامح في تقدير عبارات النقد وحملها على محمل عدم إرادة الإجرام ووُجِدَ لذلك مخرجا من حسن نية الناقدين ولم يكن اندفاعهم في استعمال قارص الكلم إلا بدافع المصلحة العامة ، فلا محل لالتماس هذا بالنسبة لمن يسيئون إلى الهيئات النظامية علنا وينادون بسقوطها . ( نقض 28 فبراير 1929 ) 3- مسألة المداورة في الأسلوب وتفسير العبارة: قضت محكمة النقض المصرية في 27/2/1933 بأن : " المداورة في الأساليب الانشائية بفكرة الفرار من حكم القانون لا نفع فيها للمداور مادامت الإهانة تتراءى للمطلع خلف ستارها وتستشعرها الأنفس من خلالها ، إنما تلك المداورة مخبثة أخلاقية شرُها أبلغ من شر المصارحة فهي أحرى بترتيب حكم القانون ." (6) وظلت تردد نفس القاعدة بعبارات مختلفة في أحكام عديدة لا تعتد فيها بالأسلوب الذي تصاغ به عبارات القذف متى كان المفهوم من عبارات الكاتب أنه يريد إسناد أمر شائن إلى شخص المقذوف 4- مسألة الكاريكاتور :la caricature وهو يتألف من عنصرين : الرسم والمعنى الذي يريده الرسام من الصورة ، وهو في الغالب يحمل معنيين أحدهما مباشر تدل عليه الصورة والآخر غير مباشر وهو الذي يرمي إليه الفنان ، والقاعدة في هذا الخصوص أن الرسام لا يحاسب إلا على المعنى الغير مباشر الذي يريد أن يوصله إلى الناس إذا كان هذا المعنى معاقب عليه ، أما المعنى المباشر الذي تمثله الصورة أو الرسم فلا يحاسب عليه إلا إذا خرج فيه عن الحدود المعقولة للدعابة بأن كانت شائنة في ذاتها على أساس أن اختياره لهذه الصورة أو الرسم كان تعمدا ورغبة في التحقير والتشهير وليس مجرد إبداء رأي أو توجيه نقد (7). ومن تطبيقات هذه القاعدة حكمان لمحكمة النقض أحدهما كان في سنة 1934 والآخر كان في سنة ، في الواقعة الأولى رسم صحفي رئيسَ الوزراء في عهد من العهود في صورة جندي واقف خلف عامل مصري من عمال شركة أجنبية وهو يقبض بإحدى يديه على كتف العامل ويرفع بالأخرى هِراوة فوق رأسه وأمام هذا العامل رجل أوروبي أغمد خنجرا في قلب العامل المصري والدم يتفجر منه وكتب تحت هذه الصورة عبارة تفيد أن العامل استنجد بذلك الجندي فبدلا من أن ينجده سبه وساقه إلى قسم البوليس لأن دمه لوث ملابس الأوروبي ونشر نفس الصحفي صورة أخرى تمثل أشخاص الوزراء في ذلك العهد وقد ربطت أعناقهم بحبل في آخره حجر ثقيل والعام الجديد يركلهم بقدمه ويقذف بهم في الهاوية وجعل عنوان الصورة ( الوزراء بين عامين ) فقدمت النيابة العامة هذا الصحفي لمحكمة الجنايات متهمة إياه بأنه في الصورة الأولى قذف في حق رئيس الوزراء إذ أسند إليه أنه أهمل حق العمال المصريين إرضاء للأجانب ولأنه في الصورة الثانية أهان هيئة نظامية هي مجلس الوزراء . بيد أن محكمة الجنايات قضت ببراءة الصحفي من التهمتين تأسيسا على تفهم مرامي الصحفي الذي أراد التعبير عنها بالصورتين باعتبار أن هذا المعنى وحده هو حقيقة مقصوده وقالت أن الصورة الأولى تمثل حكومة رئيس الوزراء لا شخص الرئيس وهي من قبيل الرمز للجسم بأهم عضو فيه آية ذلك أن الصحفي ألبس رئيس الوزراء اللباس العسكري وحمله في يده هِراوة للتدليل على أنه يقصد السلطة التنفيذية التي يراسها رئيس الوزراء وأن الإهمال الذي قصد الصحفي تصويره هو من الأفعال السلبية التي لا يتيسر إظهار معناها بطريق الرسم إلا بأفعال إيجابية كالأفعال التي ظهرت في الصورة تصويرا لما كان لإهمال الحكومة من أثر ضار بمصلحة العمال على الوجه الذي اعتقد الصحفي صحته في ضميره ولأنه ثبت أن لفيفا من العمال قصدوا مرات عديدة إلى وزارتي الداخلية والأشغال ومكتب العمل لرفع شكايتهم من الشركة المذكورة فلم يفوزوا بسميع أو مجيب وأنه في أثناء عودتهم في المرة الأخيرة من وزارة الأشغال اعترضهم رجال البوليس وفرقوهم بالقوة وبالضرب الذي ترك ببعضهم أثرَ جروح وأن هذه الوقائع حدثت قبل نشر الصورة ولذلك لا يكون في هذه الصورة ما يزيد عن الوقائع المذكورة ، ونشرها ليس إلا نقدا مباحا وجهه المتهم إلى الحكومة بعد أن اعتقد في ضميره صحتَه وقدر هذه الصحة تقديرا كافيا ولم يقصد منه إلا خدمة المصلحة العامة بباعث حسن النية لا بباعث التشهير ، وقالت المحكمة في الصورة الثانية أنها ليست إلا إظهارا للبغض الذي يخالج صدور المتهم ورجال حزبه نحو الحكومة ، وإظهار البغض لا يعتبر إهانة إلا إذا حصل بكيفية تؤدي إلى الزراية بالكرامة والشرف وهو ما لا يؤدي إليه فعل المتهم إذ هو عبارة عن إظهار هذه النية بصورة من الصور الداخلة في المدلولات المادية لكلمة سقوط التي جرى العرف على التعبير بها عن تنحي الوزارة عن كراسي الحكم ، وقد طعنت النيابة في هذا الحكم بطريق النقض فرفضت محكمة النقض طعنها وأقرت فهم محكمة الموضوع للصورة الأولى وقالت في الصورة الثانية إنها تظهر الوزراء وهم يريدون بلوغ قمة شاهقة فلم يبلغوها لأن مَن على القمة لا يريدهم وليست تلك القمة إلا العام الهجري الجديد ومعنى ذلك أن المصَوِر لا يريد أن يحل العام الهجري الجديد والوزراء في الحكم وليس في هذا إهانة للوزراء ولا خدش لشرفهم وكرامتهم ، أما السلسلة التي تنتظمهم فليست الحبل الذي يشدون إليه كما فهمت النيابة العامة وإنما هي الرابطة تجمعهم عند تخليهم جملة عن الحكم . ( نقض 19/3/1934 عمر ج 3 ع 224 ص 297 ) وأما الحكم الآخر الصادر في سنة 1948- وهو صادر من محكمة جنايات مصر تأيد من محكمة النقض - الذي يمثل مع الحكم السابق حدود القاعدة التي سارت عليها محكمة النقض في التعامل مع الكاريكاتور ومع المداورة في الكتابة ، فهو عن واقعة اتهم فيها رئيس تحرير جريدة نشر صورة تمثل وجه رئيس الوزراء على جسم امرأة عارية إلا من غلالة شفافة في وضع شائن في الصفحة الأولى وكتب تحتها " الرقص على السلالم " ( وهو مثل شعبي مصري للدلالة على تردد الشخص فلا يصل إلى هدفه ) فقدمته النيابة العامة إلى محكمة الجنايات بتهمة سب رئيس الوزراء فقضت المحكمة بمعاقبته وحاسبته على المعنى القريب المباشر للصورة لما انطوت عليه من شناعة وقبح وقالت : " ومن حيث إنه لا نزاع في أن الفن الكاريكاتوري قد أصبح من الضروريات لكل صحافة محترمة والغرض منه إبراز تصرفات الزعماء والسياسيين في وضع يوضح معنى هذا التصرف والنقد الذي يوجه إليه فإذا أبرزه الرسام في صورة حيوان معين فقد يقصد إبراز تصرفه أو عمله في صورة القوي أو الماكر أو الذي لا يبالي بخصمه ولكن إذا جاءت الصورة في وضع مخجل معيب كأن يرسم الزعيم في صورة امرأة عارية كان ذلك بلا شك خروجا عن الفن الكاريكاتوري ..... ومتى ثبت أن الوجه الموضوع على الصورة هو لدولة رئيس الوزراء تعين البحث في مدلولها وهل هي تمثل حقيقة فكرة التردد التي اتبعها دولته في عرف المتهم أو أن القصد منها مزدوج وهو سب دولته ( بإبرازه في هذه الصورة المخجلة المزرية ) والطعن على سياسته التي عناها المتهم بأنها سياسة تردد وعدم إرضاء الخصوم والأنصار . فإن مثل هذه الصورة مهما كان الباعث عليها في انتقاد سياسة معينة فإن فيها سبا لدولته بإظهاره في صورة امرأة عارية تقريبا من الملابس وتبرز أعضاء جسمها وهي تتمايل رقصا ويكون القصد الجنائي متوافر فيها لأنها تحمل في طياتها سبا .... ( محكمة جنايات مصر في القضية رقم 680 لسنة 1948 الأزبكية الصادر بتاريخ 17/4/1948 . 5- مسألة تحري حسن النية وقصد الإهانة : إن التطورات السياسية والمنافسات الحزبية جعلت مألوفا عند الناس النداء بعبارات ( لتسقط الحكومة المذبذبة ) ( ليسقط حزب الاتحاد الملوكي ) ( ليسقط حزب المذبذبين ) بحيث لا تدل هذه النداءات وحدها على قصد الإهانة في العبارة الأولى ولا يترتب على العبارتين الأخيرتين تهديد للسلم العام ، وعلى ذلك إذا اقتصر الحكم في بيان الواقعة على ذكر هذه العبارات ، أصبح لا عقاب على الواقعة كما هي واردة بالحكم ، ويكون الحكم بالعقوبة محلا للنقض . ( 25 مايو 1926 ) 6- في القصد الجنائي وحسن النية في ممارسة حق النقد: (8) جرى قضاء النقض في بداية القرن العشرين منذ سنة 1900 على أن كل ما يشترط لقيام الركن الأدبي هو مجرد نشر العبارات أو الواقعة مع العلم بمضمونها باعتبار أن جميع الجرائم التي تكون مضرة بالغير ضررا ظاهرا يكفي اتجاه إرادة الجاني إلى إرتكابه عامدا لتحيط في الوقت ذاته بنتائجه الطبيعية ، ولكنها – محكمة النقض – لم تلبث عقب إعلان الدستور وتطبيق النظام الديمقراطي والحياة النيابية في مصر أن غيرت اتجاهها متأثرة بالمبادئ المطبقة في المحاكم الفرنسية والبلجيكية وظلت لفترة من الزمن تتردد بين الاتجاهين حسب تبدل الأحوال السياسية والدستورية في البلاد ، وكان السؤال الذي يطرح نفسه في كل هذه المراحل هو بالنسبة للسب أو الإهانة هل في غير أحوال الاباحة المنصوص عليها في القانون يمكن أن توجد ظروف تبرر استعمال العبارة الخشنة أو الجارحة علنا دون أن يتعرض الشخص لعقوبة السب أو الإهانة ؟ وفيما يتعلق بالقذف ، هل يمكن في غير أحوال الإباحة المشار إليها أن توجد ظروف تبرر إسناد واقعة معينة علنا ولو كان القانون في الأصل لا يجيز نشرها صحيحة أو كاذبة أو لا يجيز نشرها إلا إذا كانت صحيحة ؟ في سنة 1924 نقضت محكمة النقض حكما لمحكمة جنايات مصر صدر بمعاقبة صحفي في تهمة إهانة مجلسي النواب والشيوخ لنشره مقالا نسب فيه إلى فريق الأغلبية فيهما أنه يعبد الحكومة ولا يحب الوطن ويضحيه لشهواته وأنه جائع منحط ووظيفته هي التهام الوطن وأنه محب للمال ومن السهل استرضاؤه وأنه غير حريص على مصلحة الوطن ووصفه بالجبن والكذب وعدم الفهم وقصر النظر ونسب إلى رئيس مجلس النواب أنه جاهل لا يدري عمله ولا إرادة له ، نقضت محكمة النقض حكم الإدانة وبرأت الصحفي لأنها لم تر أن القصد الجنائي يتوفر ويفترض بمجرد نشر العبارات مع العلم بمعناها ورأت أن لمحكمة النقض أن تبحث جميع ظروف الدعوى لمعرفة ما إذا كان قصد الناشر للمقال منفعة البلاد أم مجرد الإضرار يالأشخاص المطعون عليهم وقررت أن المتفق عليه في جميع البلاد الدستورية أن الطعن في الخصوم السياسيين بنوع عام يجوز قبوله بشكل أوسع من الطعن في موظف معين بالذات وأن الشخص الذي يرشح نفسه للنيابة عن البلاد يتعرض عن علم لأن يرى كل أعماله هدفا للطعن والانتقاد ، وأن المناقشات العمومية مهما بلغت من الشدة في نقد أعمال وآراء الأحزاب السياسية يكون في مصلحة الأمة التي يتسنى لها بهذه الطريقة أن تكون رأيا صحيحا في الحزب الذي تثق به وتؤيده ( نقض 6/11/1924 ) وفي سنة 1926 نقضت أيضا حكما قضى بإدانة صحفي في تهمة إهانة رئيس الوزراء لأنه نشر مقالات نسب فيها إلى رئيس الوزارة الجهل وقصر النظر والبعد عن الفطنة ونسب إلى أعضاء مجلس النواب الانحطاط والدناءة في أخلاقهم والطمع والجشع ، ومحكمة النقض برأت الصحفي وحملت كلامه على النقد وقالت في أسباب حكمها إنه وإن يكن قد استعمل في النقد شيئا كثيرا من الشدة وقوارص الكلم إلا أنها جاءت من باب المبالغة والرغبة في التشهير بالفعل في ذاته كما هي خطة المتهم في كتاباته المستفادة من عبارته من المبالغة في المقال ( نقض 2/3/1926 ) وفي سنة 1928 نقضت حكما آخر صدر بإدانة صحفي من تهمة إهانة وسب رئيس مجلس النواب وأحد الوزراء بأن نعته بأنه هو وحماره يتراكبان فمرة يكون إلى أعلى وأخرى يكون إلى أسفل ، وكانت محكمة الجنايات قد رأت في ذلك القول ما يشهد بتوفر القصد الجنائي في السب والإهانة ، غير أن محكمة النقض نقضت الحكم لأنها قدرت أنه من الخطأ افتراض سوء القصد لمجرد نشر العبارات . في هذه القضايا وغيرها كثير كانت محكمة النقض ترى أنه لا يكفي – في الجرائم التي تقع بواسطة الصحف – القصد الجنائي العام الذي يكفي في نفس الجرائم إذا وقعت بطريق غير الصحف ، بل اشترطت للعقاب أن يثبت فعلا اتجاه قصد المتهم إلى الإضرار بالمجني عليهم لا إلى خدمة المصلحة العامة ، باعتبار أن المتهم وإن استخدم عبارة شديدة وتعليقا عنيفا كان في دائرة حق النقد التي لا يكفي للخروج منها في المسائل السياسية مجرد شدة العبارة أو عنف التعليق إذا كان لم يثبت بالفعل انصراف قصد المتهم إلى الإضرار بالمجني عليه . في هذه الفترة كانت مصر تعيش في ظل حكم دستوري وديمقراطي كفله دستور استمد أحكامه وأفكاره من الدستورين الفرنسي والبلجيكي ، فكانت أحكام محكمة النقض المصرية أقرب ما تكون لاجتهادات محكمتيهما ، ولكن بعد الانقلاب على الدستور في سنة 1930 عادت محكمة النقض إلى قضائها الأول الذي كان يكتفي بمجرد نشر العبارات مع العلم بمضمونها للقول بتوافر الركن المعنوي في الجريمة ولا يعتد بحسن النية في ممارسة حق النقد واستمر هذا الاتجاه في أحكامها حتى نهاية الحرب العالمية الثانية ، ثم بدأت في عودة تدريجية إلى فكرة حسن النية في قضايا الصحافة ولكنها رسمت لها حدودا تلقفها المشرع ونص عليها في القانون...... وزاد عليها ، وفي الحقيقة فإن مسلك محكمة النقض في هذا الخصوص وجد سنده في المقابلة بين حق الموظف في الاحتجاج بحسن اعتقاده المبني على تحر كاف وأسباب معقولة كأحد موانع العقاب - المنصوص عليه في المادة 63 عقوبات - حين تقع منه جريمة أثناء أو بسبب وظيفته على حقوق الأفراد ، وبين حق الأفراد في الاحتجاج بحسن اعتقادهم المبني على تحر كاف وأسباب معقولة حين تقع من أحدهم جريمة على موظف عام أثناء رقابتهم على أعماله فينسبون إليه مآخذ غير صحيحة أو يعجزهم إثباتها ، ولكن زاد عليها المشرع "اشتراط أن يثبت القاذف حقيقة كل فعل أسنده إلى الموظف العام أو الشخصية العامة" ثم أضاف بتعديل في سنة 1995 " أنه لا يغني عن ذلك إعتقاده صحة هذا الفعل " في الفقرة الثانية من المادة 302/2 عقوبات . كل ذلك إذا كان الفعل المسند إلى الجاني قذفا أي التي لا يقتصر على عبارات جارحة أو قاسية ولكن يتضمن إسناد وقائع شائنة ، أما في جرائم السب فقد ظل المزج بين القصد والباعث هو السمة الظاهرة في أحكام محكمة النقض وأسوق على ذلك مثالا في سنة 1947 حين قضت محكمة جنايات مصر ببراءة صحفي كان متهما بسب رئيس الوزراء إذ نشر في جريدة الوفد المصري مقالا جاء فيه " أنه – أي رئيس الوزراء – ذو ماضي أثيم وأنه مفرط في حقوق مواطنيه متآمر مع الانجليز مزيف لإرادة الشعب ...." ومقالا آخر بعنوان الباشوات الرأسماليون نسب فيه إليه أنه يستخدم نفوذَه بحكم مركزه السياسي لخدمة الشركات على حساب الشعب ، وقالت المحكمة في أسباب ما قضت به : " إن المقال الأول يبدو من سياق عبارته أن المتهم ضمنه نقدا لسياسة المفاوض المصري واستهجانه لعدم تمسكه بجميع المطالب المصرية مستخدما ألفاظا عنيفة ليبرز بها رأيه في علة انقطاع المفاوضات .... وأن هذه الألفاظ لا يقصد بها السب بل هي نقد لموقف خصم سياسي إزاء سياسة البلاد ومصلحتها العليا التي توجب أن يدلي كل برايه في المسائل العامة التي تمس كيان الجماهير بألوانها وأن الكاتب لا يحاسب على نظره وتقديره لموقف غيره من الرجال العموميين مادام هذا النقد كان للمصلحة العامة ولم يقصد منه مجرد القدح وقد ذُكر بحسن نية لعدم قيام ما يدعو المتهم إلى سبه والتشهير به ، وأما المقال الثاني فإنه نقد بناه المتهم على أن معظم الشركات الموجودة بمصر يملكها عدد قليل من الأجانب وأن أفرادا قلائل من بينهم رئيس الوزراء المجني عليه يستأثرون بعضوية مجالس إداراتها وأنه يعلل به موقف المجني عليه من قانون الشركات وبقاء المقاعد التي كان يشغلها بها شاغرة وأن هذا المقال بذلك قد تضمن الدليل المثبت للوقائع التي استخلص منها الكاتب تعليقاته وعباراته فتكون من قبيل النقد المباح وجهه الكاتب بحسن نية للمجني عليه بصدد السياسة المالية للبلاد " ولما طعنت النيابة العامة على هذا الحكم ، رفضت محكمة النقض طعنها . ( نقض 15/6/1948 غير منشور بمجموعات المكتب الفني ولكنه منشور بكتاب جرائم النشر لمحمد عبد الله ص 301 – 302 ) وظلت محكمة النقض تردد ذات المبادئ وتطبقها في أحكامها ففي سنة 1965 رفضت طعن المدعي بالحقوق المدنية وكان مديرا للأدوية بوزارة الصحة على حكم محكمة جنح بولاق القاضي ببراءة صحفي بجريدة أخبار اليوم كان قد نشر مقالا نسب فيه إليه احتياله بوسائل غير مشروعة على السفر للخارج لمجرد النزهة بزعم استيراده للأدوية وعندما سافر استورد أدوية بعضها تالف وبعضها غير صالح للاستعمال الادمي ورددت المحكمة في قضائها ذات الأسباب والمبادئ (9) وخلاصة القول أن سند إباحة حق النقد على نحو ما سلف هو استعمال الحق وما يقتضيه من وجوب توافر الشروط العامة لهذا الاستعمال ومنها صحة الواقعة أو الاعتقاد بصحتها وطابعها الاجتماعى كشرط لتحقيق المصلحة الاجتماعية التى تقوم عليها تلك الإباحة ذلك لأن المجتمع لا يستفيد من نشر خبر غير صحيح أو نقد يقوم على تزييف الحقائق وتشويهها أو يتناول واقعة تمس الحياة الخاصة لشخص معين ولا تهم المجتمع فى شيء كذلك يشترط لاباحة هذا الحق موضوعية العرض واستعمال العبارة الملائمة بأن يقتصر الصحفى أو الناقد على نشر الخبر أو توجيه النقد بأسلوب موضوعى فلا يلجأ إلى أسلوب التهكم والسخرية أو يستعمل عبارات توحى لقارئه بمدلول مختلف أو غير ملائم أو أقسى من القدر المحدود الذي يقتضيه عرض الواقعة أو التعليق عليها وفى ذلك تقول محكمة النقض " أنه وإن كان للناقد أن يشتد فى نقد أعمال خصومه ويقسو عليهم ما شاء إلا أن ذلك كله يجب إلا يتعدى حد النقد المباح فإذا خرج ذلك إلى حد الطعن والتشهير والتجريح فقد حقت عليه كلمة القانون . وضابط ملائمة العبارة هو ثبوت ضرورتها لتعبير الناقد عن رأيه بحيث يبين بأنه لو كان استعمل عبارات أقل عنفا فإن فكرته لم تكن لتحظى بالوضوح الذى يريده وان رأيه لن يكون له التأثير الذى يهدف إليه وقاضى الموضوع هو صاحب السلطة المطلقة فى تقدير التناسب بين العبارة من حيث شدتها وبين الواقعة موضوع النقد من حيث أهميتها الاجتماعية . وأخيرا يشترط للإباحة حسن النية ويعنى أن يكون الهدف من نشر الخبر أو توجيه النقد هو تحقيق مصلحة المجتمع لا التشهير والانتقام .(10) أما فكرة المسئولية الجنائية المفترضة لرئيس التحرير أو صاحب الصحيفة فقد انتهت إلى غير رجعة بعد أن قضي بعدم دستورية النص المنشئ لها . وأخيرا ، فإن قضاء النقض المصري في شأن حرية الصحافة وضوابطها لم يكن استنباطا لمادة جديدة تجري في مختبر بمعزل عما يجري خارجه ، بل كان عملا يستلهم ما رسخ في عقيدة الأمة ظلت تمارسه في حياتها اليومية رغم تقلب الأحوال السياسية في البلاد من احتلال إلى استقلال ومن حكم ملكي دستوري إلى حكم جمهوري ثوري ومن ديمقراطية إلى ديكتاتورية ومن رأسمالية إلى اشتراكية ، ظل الشعب بكل فئاته يحفظ عقيدته في حقه المشروع في ممارسة النقد بكل ما أتيح له من وسائل بدءأ من النكتة السياسية والقافية يتبادلونها على المقاهي وفي كل مجتمعاتهم ، ولم تستطع الأحكام العرفية أو الديكتاتورية وأد هذه العقيدة ، وبنفس الدرجة من الأهمية لم يكن من الممكن للقضاء المصري أن يرسي هذه المبادئ لو لم يستطع القضاة أن يحفظوا استقلالهم رغم كل محاولات الانتقاص من هذا الاستقلال ، لإدراكهم بأن استقلال القضاء استقلالا حقيقيا هو الضمانة الأساسية لحماية حقوق الإنسان بما فيها حرية الرأي ، وهو الخطوة الأولى اللازمة على طريق إقامة حياة ديمقراطية سليمة . ومن ثم ، فإن حرية الصحافة – شأنها شأن كل الحريات الأخرى - لا يمكن التمكين لها إلا من خلال وعي شعبي وبيئة إجتماعية وسياسية تحرص على قيم التسامح مع المعارضين ، والتفهم لحق الآخر في التعبير عن رأيه وفكره مهما بلغت درجة الاختلاف معه ، والدعوة للرأي بالحكمة والموعظة الحسنة ، وجدوى الدفع بالتي هي أحسن ، وغيرها من قيم الديمقراطية المستمدة من عقيدة فطر الله الناس عليها ، ومع كل ذلك وربما قبله ، قضاء مستقل ، يحفظ له الشعب بكل طوائفه استقلاله ، ويرد عنه الشعب كل انتقاص من استقلاله ، إدراكا منه بأن النصوص مهما انطوت على ضمانات للحريات ، فإنها تظل مجرد حبر على ورق ما لم يقم على حراستها قضاء مستقل ، عن السلطتين التشريعية والتنفيذية في كل شئونه . المستشار هشام البسطويسي نائب رئيس محكمة النقض ------------------------------------------------------------ الهوامش : 1- محمد عبد الله محمد بك – في جرائم النشر – طبعة 1951 – ص 146 2- نقض جنائي 27/2/1933 الطعن رقم 1116 لسنة 3 ق. مجموعة القواعد ( عمر ) الجزء 3 ق 96 ص 140 3- نقض جنائي 6/11/1924 الطعن رقم 1744 لسنة 41 ق. مجموعة القواعد في ربع قرن – المكتب الفني 4- نقض جنائي 14/3/1932 الطعن رقم 66 لسنة 2 ق. مجموعة القواعد ( عمر ) الجزء 2 ق 333 ص 469 5- نقض جنائي 6/11/1924 سبق الإشارة إليه 6- نقض جنائي 27/2/1933 سبق الإشارة إليه 7- محمد عبد الله محمد بك المرجع السابق ص 177 8- محمد عبد الله محمد بك المرجع السابق ص 287 وكسبب من أسباب الإباحة ص 309 9- نقض جنائي 2/11/1965 –المكتب الفني - س 16 - ص 787 10- نقض مدني 8/2/1995 – المكتب الفني - س 46 - ص


  ايمن رشدى    عدد المشاركات   >>  16              التاريخ   >>  14/5/2006



عظيم أنت يا بسطاويسى  فى كل شىء  بارك الله فيك وحماك من الطغاة والمستبدين .

هكذا يجب أن يكون القاضى العادل  حر ونزيه يحكم بالعدل ولو كره الكارهون .

هشام البسطاويسى     أنت نيشان على صدر مصر  ابنها البار القاضى العادل   حماك الله



 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1717 / عدد الاعضاء 62