اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
محمد طبولى
التاريخ
5/20/2004 8:08:00 AM
  فيما يتعلق بدعوى الالغاء      

          بسم الله الرحمن الرحيم

الاخوة الزملاء / بعد التحيه والسلام : ارجوا منكم ان تفيدونى فى كل ما يتعلق ( بدعوى الالغاء ) والشروط الواجب توافرها واحكام مجلس الدولة الفرنسى او المصرى ان وجدت

وخيركم من تعلم العلم وعلمه


  المحامي1     عدد المشاركات   >>  16              التاريخ   >>  20/5/2004



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسعدني أخي ان اقدم لك يد العون فيما يخص دعوى الالغاء او دعوى تجاوز السلطة،وهذا ،2003/عن طريق مشاركة قام بها الزميل مدحت مرعبي بتاريخ 24/05

 التنظيم الحالي للقضاء الاداري الفرنسي

1-المحاكم الادارية :

ان المحاكم الادارية في فرنسا متنوعة الى حد كبير ، الا ان هذه المحاكم زاد تنوعها مؤخرا لمواجهة التخصص الفني ، وعلى راس هذه المحاكم جميعا ' مجلس الدولة ' ، وهو اهم المحاكم الادارية ، ومجلس الدولة يكون اما بمثابة محكمة استئناف ، او محكمة نقض ( 31 ) .

وتستأنف احكام المحاكم الادارية امام مجلس الدولة الفرنسي ، وهذه المحاكم هي : المحاكم الادارية الاقليمية ، والمحاكم الادارية للاقاليم البعيدة عن فرنسا ، ومجلس الغنائم البحرية ، والهيئة المختصة بالعقود ذات الصلة بالمجهود الحربي ( 32 ) .

وهناك محاكم يطعن في احكامها بالنقض امام مجلس الدولة وهي : محكمة المحاسبات ، والمحكمة الخاصة بالاشراف على كيفية تنفيذ الميزانية ، والمجالس الخاصة بالنظر في المنازعات المتعلقة بالتجنيد ، او التعليم ، او بالمساعدات الاجتماعية المختلفة ، وعدد كبير من المنظمات التي تم انشاؤها سواء بصفة مؤقتة او دائمة ( 33 ) .

2- استقلال المحاكم الادارية :

تتمتع المحاكم الادارية في النظام الفرنسي باستقلال تجاه محاكم القضاء العادي ، وتجاه الادارة العاملة نفسها .

1- استقلال المحاكم الادارية تجاه المحاكم العادية : واستقلال المحاكم الادارية عن محاكم القضاء العادي يتم في عدة نواحي ، حيث لكل نوع من القضاء العادي والاداري قضاته المستقلون والمتخصصون . وتخضع الاحكام التي تصدر عن محاكم القضاء العادي الى رقابة المحكمة العليا الخاصة بهذه المحاكم وهي محكمة النقض ، والاحكام الصادرة عن المحاكم الادارية لرقابة مجلس الدولة باعتباره المحكمة العليا للقضاء الاداري . وهناك محكمة التنازع التي تفصل في تنازع الاختصاص بين جهتي القضاء العادي والاداري.

واستقلال المحاكم الادارية عن محاكم القضاء العادي لا يؤدي الى اهدار مبدأ حجية الشئ المقضي به بالنسبة للاحكام القضائية في حدود هذا المبدأ ( 34 ) .

2- استقلال المحاكم الادارية في مواجهة الادارة :

يتمثل استقلال المحاكم الادارية في ان اعضاءها مستقلون عن رجال الادارة العاملة . كما ان النظام القانوني للمحاكم الادارية يشتمل على ضمانات تكفل لقضاتها الاستقلال ، ويضمن عدم التأثير عليهم في قضائهم . وهذا الاستقلال ضروري لحياد المحاكم الادارية لئلا تتهم بأنها تحابي الادارة .

3- الصلات الخاصة بين المحاكم الادارية والادارة العاملة :

يمارس مجلس الدولة الفرنسي ، وكذلك المحاكم الادارية بالاضافة للاختصاص القضائي اختصاصا استشاريا ، فهي تقوم بدور الناصح للادارة ، فيما يتعلق بالافتاء والصياغة. وبذلك لم تعد وظيفة مجلس الدولة مقتصرة على تطبيق القواعد القانونية على المنازعات الادارية ، كما هو حال محاكم القضاء العادي ، مما ساعد على سير الادارة ، واستنباط قواعد القانون الاداري الحديث .

توزيع الاختصاص بين مجلس الدولة والمحاكم الادارية :

قبل تعديل اختصاص مجلس الدولة بموجب مرسوم سنة 1953 ، كان مجلس الدولة هو المحكمة ذات الاختصاص العام . الا انه وبعد التعديل المذكور ، تم توزيع الاختصاص القضائي بين مجلس الدولة ومجالس دواوين المديريات ، وعلى اثر صدور مرسوم سنة 1953 اصبح مجلس الدولة محكمة ذات اختصاص محدد ، بينما اصبحت مجالس دواوين المديريات التي سميت بالمحاكم الادارية وهي المحاكم ذات الاختصاص العام في القضاء الاداري . لذا فاننا سنستعرض اختصاص المحاكم الادارية ، ثم اختصاص مجلس الدولة ( 35 ) .

1- اختصاص المحاكم الادارية :

سنتناول اختصاص المحاكم الادارية الموضوعي ، ثم اختصاصها الاقليمي .

أ. الاختصاص الموضوعي للمحاكم الادارية :

بعد ان اصبحت المحاكم الادارية صاحبة الاختصاص العام في القضاء الاداري ، بحيث اضحى اختصاصها يشمل سائر المنازعات الادارية ، سواء تعلق ذلك بالالغاء او التعويض او بفحص المشروعية او الافتاء او التفسير. كما اضحى الطعن بسبب تجاوز السلطة من اختصاص هذه المحاكم ، على اعتبار انها محاكم اول درجة ، الا ان الاحكام الصادرة بالالغاء تقبل الطعن بالاستئناف امام مجلس الدولة ، وبذلك اصبح الطعن بالالغاء ينظر على درجتين ، بعد ان كان يتم على درجة واحدة امام مجلس الدولة ( 36 ) .

ب. الاختصاص الاقليمي لمحاكم القضاء الاداري :

تناول مرسوم 30/ سبتمبر / 1953 ، الاختصاص الموضوعي للمحاكم الادارية ، الا انه لم يتضمن ما يحدد اختصاصها الاقليمي . الا ان لائحة الادارة العامة الصادرة في 28 نوفمبر من سنة 1953 تكفلت بذلك ، حيث نصت المادة الرابعة من تلك اللائحة على ان ' المحكمة الادارية المختصة اقليميا بنظر الدعوى هي تلك التي يوجد بدائرتها مركز السلطة التي اصدرت القرار المطعون فيه واوقعت العقد محل النزاع ( 37 ) .

كما جاء باللائحة المشار اليها ان قواعد الاختصاص الاقليمي من الامور المتعلقة بالنظام العام ، بحيث لا يجوز للافراد الاتفاق على مخالفتها الا فيما يتعلق بالعقود .

2-اختصاص مجلس الدولة :

يختص مجلس الدولة بالنظر في المنازعات المحددة له ، كمحكمة اول درجة ، كما انه يختص بالنظر في بعض الطعون كمحكمة ثاني درجة ، كما يختص كذلك كمحكمة منظمة للاختصاص .

أ. اختصاص مجلس الدولة كمحكمة اول واخر درجة :

كما سبق ان تحدثنا من ان اختصاص مجلس الدولة بعد صدور مرسوم سنة 1953 اضحى محددا بالامور الواردة في المرسوم على سبيل الحصر ، وذلك كما جاء في مادته الثانية وهذه الامور هي (38) : -

1. الطعون بسبب تجاوز السلطة او دعاوى الالغاء الموجهة ضد المراسيم اللائحية او الفردية .

2. الدعاوى المرفوعة ضد قرارات ادارية يمتد نطاقها الى خارج حدود اختصاص محكمة ادارية واحدة .

3. المنازعات المتعلقة بالمراكز الفردية للموظفين المعينين بمرسوم .

4. المنازعات الادارية التي تنشأ خارج دائرة اختصاص المحاكم الادارية ومحاكم المستعمرات ، وهي المنازعات التي تنشأ في مناطق لا تدخل في اختصاص محاكم ادارية .

ب. اختصاص مجلس الدولة كمحكمة استئناف ومحكمة نقض :

بالاضافة للمسائل التي يختص بها مجلس الدولة كمحكمة اول واخر درجة ، فإن ولاية هذا المجلس تمتد الى الاحكام الصادرة عن المحاكم الادارية الاخرى باعتباره محكمة درجة ثانية ، حيث يعيد النظر في هذه الاحكام من حيث الموضوع والقانون ، وذلك بالنسبة للاحكام التي تخضع للاستئناف ، واما باعتبار انه محكمة نقض ، وفي هذه الحالة يقتصر دوره على مراقبة تطبيق القانون دون ان يتعرض للموضوع ، والحق بالنقض يتقرر بقوة القانون ( 39) .

جـ . مجلس الدولة كمحكمة منظمة للاختصاص :

يقوم مجلس الدولة بحسم التنازع على الاختصاص بين جهات القضاء الاداري ، وهو يقوم بذلك في نطاق المحاكم التي تتبعه ، ويتم ذلك في حالتين ( 40 ) :-

أ. الحالة الاولى : حالة التوفيق بين الاحكام :

وهي حالة وجود تنازع سلبي للاحكام ، او تناقض بين حكمين او اكثر ، مما يترتب عليه انكار العدالة في نطاق جهة القضاء الاداري ، ففي هذه الحالة يقوم مجلس الدولة بمهمة حسم التنازع باعتباره المحكمة العليا في القضاء الاداري . ولا يمارس مجلس الدولة هذه المهمة ، اذا تم الطعن امامه في الاحكام بطريق الاستئناف او النقض . انما يقوم بهذه المهمة اذا كانت الاحكام الادارية قد حازت حجية الامر المقضي به .

وفي هذه الحالة يقوم مجلس الدولة بالغاء الحكم محل الطعن ، ولو كان قد حاز حجية الامر المقضي به او لم يتم الطعن به امامه بالطريق العادي . ويحيل الامر الى الجهة المختصة . الا انه لا يتصدى لهذا الامر من تلقاء نفسه ( 41 ) .

ب. الحالة الثانية : الاتصال بين المنازعات :

الاتصال بين المنازعات يقصد به ان يكون هناك منازعتين يتوقف البت في احداها على البت في المنازعة الاخرى . فاذا كانت كل منازعة تدخل في اختصاص محكمة مستقلة ، فان العدالة تتطلب توحيد جهة الاختصاص النسبة الى المنازعتين معا . وهو ما عالجه المرسوم الصادر سنة 1960 على الشكل التالي ( 42 ) .

1- اذا وقع الاتصال بين نزاع يدخل في اختصاص مجلس الدولة وبين نزاع يدخل في اختصاص محكمة ادارية اخرى ، ففي هذه الحالة فإن مجلس الدولة يختص بالنظر في النزاعين معا ، ويتم ذلك بقرار احالة يصدر من رئيس المحكمة الادارية .

2- اذا وقع الاتصال بين امرين تختص بالنظر بهما محكمتان اداريتان مستقلتان ، فيختص رئيس القسم القضائي بمجلس الدولة بفصل قيام الاختصاص بناء على طلب يتقدم به رئيس المحكمتين الاداريتين المختصتين . وفي هذه الحالة يقوم رئيس القسم القضائي بمجلس الدولة بتحديد المحكمة التي ستتولى الفصل في النزاعين المتصلين .

قواعد توزيع الاختصاص

في النظام القضائي الفرنسي

ان وجود نظام قضائي مزدوج يقوم على وجود جهتين قضائيتين ، احداهما جهة قضاء عادي والاخرى جهة قضاء اداري ، يؤدي الى قيام اشكالات لتحديد نطاق اختصاص كل جهة , ذلك ان قيام محاكم ادارية واختصاصها بنظر المنازعات الادارية لم يلغ اختصاص المحاكم العادية نهائيا بنظر بعض القضايا الادارية . لهذا يقتضي وضع معيار لتوزيع الاختصاص بين جهتي القضاء الاداري والعادي , ومهما بلغت دقة هذا المعيار فان كل جهة ستحاول توسيع اختصاصها على حساب الجهة الاخرى , مما استدعى انشاء هيئة قضائية مهمتها الفصل في المنازعات التي تثور حيال تحديد الاختصاص بين جهتي القضاء . لذا سنعمل على بحث معايير توزيع الاختصاص , والية حسم اشكالات تحديد الجهة المختصة (43) .

اولا : معايير توزيع الاختصاص :

ان القواعد التي تحدد نطاق اختصاص القضاء الاداري ووضع الحدود التي تفصل بينها وبين اختصاص محاكم القضاء العادي هو امر في غاية الصعوبة والتعقيد . وقد اختلفت المعايير التي اتبعتها الدول في توزيع الاختصاص بين جهتي القضاء وفقا لظروفها وتطور القضاء الاداري فيها . ويمكن اجمال المعايير المتنوعة لتوزيع الاختصاص القضائي بين جهتي القضاء في فرنسا على النحو التالي (44) :

1- المعيار العام في اختصاص القضاء الاداري وحدوده .

2- المعايير التي تحكم اختصاص القضاء العادي وحدودها .

3- الاختصاص التبعي لكل من الجهتين .

1- المعيار العام وحدوده :

وفقا لهذا المعيار يدخل في اختصاص القضاء الاداري ، المنازعات المتعلقة بالسلطات الادارية ، في قيامها بنشاط مرفقي ، على ان تتبع في الادارة اسلوب القانون العام . والمعيار العام في توزيع الاختصاص القضائي يرتكز بشكل اساسي الى طبيعة النزاع ، اذ تختص المحاكم الادارية بالنزاع ذي الطبيعة الادارية , بينما تختص محاكم القضاء العادي بالنزاعات ذات الطبيعة المدنية . وقد يلجا المشرع الى وضع معيار عام يحدد بموجبه طبيعة المنازعات , كأن ينص القانون على اعتبار منازعات ادارية بطبيعتها المنازعات التي تكون الادارة طرفا فيها , او التي لها علاقة بمرفق عام , او نفع عام . وقد يترك المشرع للقضاء مهمة تحديد اختصاصه , وهذا يؤدي الى ان يصبح امر وضع معايير تحديد الاختصاص محل اجتهاد القضاء , القضاء الاداري , القضاء العادي , محكمة التنازع . ولما كانت فرنسا مهد القانون الاداري والقضاء الادراي فاننا سنتكلم عن هذه المعايير المحددة لاختصاص جهتي القضاء في فرنسا (45) .

أ-التمييز بين المنازعات التي تكون الادارة طرفا فيها , والتي تكون بين الافراد :-

لقد تبنى القضاء الادراي الفرنسي هذا المعيار في النصف الاول من القرن التاسع عشر , وقد تدخلت فيه اعتبارات سياسية لرجال الثورة الفرنسية لابعاد القضاء العادي عن النظر في اية دعوى تكون الادارة طرفا فيها . وهذا المعيار شكلي وطبقا له فان تصرفات الادارة التي تؤدي الى نزاع ينعقد الاختصاص للقضاء الاداري , والقضاء الاداري بهذه الصفة صاحب الولاية العامة في الامور الادارية , ولا يخرج عن اختصاصه اية دعوى الا بموجب نص قانوني خاص . الا انه اخذ على هذا المعيار انه اوسع من القضاء الاداري , يضاف الى ذلك انه تجاهل طبيعة تصرفات الادارة , اذ ان الادارة قد تلجا في ممارسة تصرفاتها الى استخدام القانون الخاص , بحيث تتساوى مع الافراد , وتخضع في المنازعات الناشئة عن هذا التصرف لاختصاص القضاء العادي (46) .

ب-التمييز بين اعمال السلطة العامة والاعمال او التصرفات العادية :

كان ظهور هذا المعيار خلال القرن التاسع عشر ، وطبقا لهذا المعيار يحدد اختصاص القضاء الاداري في المنازعات الناشئة عن التصرفات التي تقوم بها الادارة مستخدمة سلطتها العامة ، مستعملة مظاهر سيادتها وسلطتها في اصدار الاوامر والنواهي الملزمة للافراد بارادتها المنفردة ( 47 ) .

كما يحدد اختصاص القضاء العادي في المنازعات الناشئة عن تصرفات الادارة العادية التي تتمثل فيما تقوم به الهيئات الادارية من اعمال في ادارتها لممتلكاتها ومرافقها المختلفة وشؤونها ضمن نطاق القانون الخاص.

ولكن هذه النظرية لم تصمد طويلا ، حيث هاجمها فقهاء القانون الاداري في فرنسا ، مما استدعى العدول عنها الى معيار جديد هو معيار المرفق العام .

جـ . معيار المرفق العام :

بعد ان تبين للقضاء الاداري الفرنسي مساوئ معيار اعمال السلطة العامة واعمال الادارة . واخذ القضاء الفرنسي بمعيار جديد بحيث يختص القضاء الاداري بنظر أي نزاع نتيجة لقيام الادارة بنشاط يتعلق بتنظيم او تسيير مرفق عام . وقد استقر هذا المعيار نتيجة للاحكام العديدة التي اصدرها مجلس الدولة ومحكمة التنازع .

وبعد ان ساد هذا المعيار فترة طويلة تعرض لانتقادات شديدة من مؤيديه ومنهم الاستاذ فالين ( 48 ) الذي كان من اشد المؤيدين لهذا المعيار . الا ان مجلس الدولة الفرنسي وبالرغم من هذه الانتقادات ما زال حتى يومنا هذا يأخذ بهذا المعيار . الا ان معيار المرفق العام قد لحقه التطور نتيجة لانتقاده من قبل فقهاء القانون الاداري في فرنسا ، اذ اصبح وجود المرفق العام شرطا ضروريا للاختصاص ، الا انه ليس الشرط الوحيد للاختصاص ، اذ قد يكون النزاع متعلقا بمرفق عام وبالرغم من ذلك يكون النزاع من اختصاص القضاء العادي على سبيل الاستثناء .

ثانيا : - حسم اشكالات تنازع الاختصاص :

تبني اية دولة لنظام القضاء المزدوج يثير الكثير من الاشكالات على الصعيد العملي والتطبيقي فيما يخص توزيع الاختصاص بين جهتي القضاء العادي والاداري وقد تبين لنا كما سبق ان بينا بأنه لا يوجد معيار ثابت ومتفق عليه لتوزيع الاختصاص ، وتحديداً فيما اذا كان هذا النوع من الاختصاص يدخل في نطاق القضاء الاداري أو العادي . ولما كانت مسألة توزيع الاختصاص تثير نزاعا قانونيا بين جهتي القضاء ، فانه لابد من انشاء جهة تختص في مهمة حل اشكالات التنازع على الاختصاص بين الجهتين ( 49 ) المتنازعتين .

ولما كانت فرنسا كما سبق ان تحدثنا هي مهد النظام القضائي المزدوج ، فاننا سنعمل على استعراض التجربة الفرنسية بصدد حسم اشكالات التنازع .

فرنسا وقبل عام 1872 كانت توكل مهمة الحسم في قضايا التنازع الى رئيس الدولة ، وذلك بالنظر لان دور القضاء الاداري كان يقتصر على اعداد مشروعات للاحكام وارسالها الى رئيس الدولة لاصدارها ، ومن الطبيعي على ضوء ذلك ان يختص رئيس الدولة بالبت في الفصل في اشكالات الحسم .

ولكن عندما تحول قضاء مجلس الدولة الفرنسي من قضاء محجوز الى قضاء مفوض او مبرم ، اصبح من الضروري اسناد هذه المهمة الى محكمة عليا ، تكون فوق جهتي القضاء ، العادي وهذا ما قام به المشرع الفرنسي في قانون سنة 1872 ، عندما نص على انشاء محكمة التنازع التي تبت في حالات تنازع الاختصاص وتعارض الاحكام ( 50 ) .

محكمة التنازع :

ان محكمة التنازع وليدة قانون سنة 1872 ، وكانت وظيفتها وضع حد للحالات التي يثور فيها تنازع على الاختصاص بين جهتي القضاء . ثم وبصدور قانون سنة 1932 اضيف لهذه المحكمة اختصاص اخر يتعلق بازالة التعارض بين الاحكام .

وسنعمل على استعراض تشكيل محكمة التنازع واختصاصها في القانون الفرنسي للاسباب التي ذكرناها .

1- تشكيل محكمة التنازع :

راعى المشرع الفرنسي في تأليف محكمة التنازع ان تمثل جهتي القضاء الادار ي والعادي بشكل متساو ، لتوفير عنصر الحياد ، ولاستبعاد المحاباة لاحدى هاتين الجهتين .

ونص القانون على تشكيل هذه المحكمة على الوجه التالي :

1. وزير العدل رئيسا .

2. ثلاثة من مستشاري مجلس الدولة يختارهم ملاؤهم .

3. ثلاثة من مستشاري محكمة النقض يختارون بالطريقة ذاتها .

4. عضوان اصليان وعضوان احتياطيان يختارون بواسطة المستشارين السابق انتخابهم ، وقد جرى العمل بخصوص هذا الاختيار على اتباع قاعدة التمثيل المتساوى ، أي ان يختار عضو اصيل وعضو احتياطي من محكمة النقض ، والاخران من مجلس الدولة . ويضاف الى الاعضاء المذكورين اثنان من مفوضي الحكومة ومساعدان لهما ، ويتم اختيارهم على الاساس السابق فيكون نصفهم من النواب بمجلس الدولة ، والنصف الاخر من بين المحامين العامين لدى محكمة النقض ، ويعين المفوضون بمرسوم كل سنة . وتكون مدة العضوية ثلاث سنوات قابلة للتجديد .

وبألقاء نظرة على هذا التشكيل فاننا نجد انه حقق المساواة بين جهة القضاء الاداري وجهة القضاء العادي . الا ان هذا التشكيل تم انتقاده لان وزير العدل يرأس هذه المحكمة ، وهو عضو في السلطة التنفيذية ، وتخوف البعض ان ينحاز وزير العدل الى القضاء العادي على اعتبار ان القضاء العادي تابع لوزير العدل . الا ان السوابق القضائية اثبتت عكس هذه المقولة ، فوزير العدل لا يتدخل الا عند تساوي الاصوات حتى يكون صوته مرجحا ( 51 )

2-اختصاص محكمة التنازع

تختص محكمة التنازع بالبت في حالتي التنازع الايجابي والتنازع السلبي على الاختصاص ، الا انه وبموجب قانون سنة 1932 , اضيف الى اختصاص هذه المحكمة اختصاص جديد وهو ازالة التعارض بين الاحكام , وتختلف وظيفة محكمة التنازع باختلاف نوع التنازع المعروض عليها , ولا بد لنا من استعراض حالات التنازع المشار اليها باختصار لان البحت لا يتسع للشرح المطول .

أ-التنازع الايجابي على الاختصاص :

وفي هذه الحالة يقع تعد على قواعد الاختصاص امام جهتي القضاء الاداري والعادي , بحيث تقرر كل جهة انها صاحبة الاختصاص بالنظر في الدعوى وان كل جهة تمسكت باختصاصها بالنظر في الدعوى . وتعد القواعد المنظمة لهذا النوع من الاختصاص من النظام العام (52) .

ويشترط لقيام حالة تنازع ايجابي , ان تكون هناك دعوى معروضة امام المحاكم العادية , وان لا يكون قد صدر حكم نهائي في موضوعها , وان تكون المحكمة العادية قد تمسكت باختصاصها بنظر الدعوى موضوعا بالرغم من اثارة الدفع بعدم اختصاصها (53) في التتنازع الايجابي فان الادارة وحدها صاحبة الحق في رفع النزاع امام محكمة التنازع .

ب-التنازع السلبي :

يتجلى التنازع السلبي على الاختصاص عندما تقرر كل جهة من جهتي القضاء العادي والاداري انها غير مختصة بالنظر في نزاع معين , وفي حالة النزاع السلبي فان الادارة لا تضار , انما الذي يضار هو الفرد الذي رفع الدعوى . لانه في هذه الحالة لا يجد جهة قضائية تقضي له فيما يدعيه من حق . وقرار جهتي القضاء بعدم اختصاصهما بنظر النزاع ينطوي على مخالفة لقواعد الاختصاص , كما يؤدي الى انكار العدالة . وفي هذه الحالة يتقدم الفرد المتضرر من زاوية حماية حقوقه الفردية بطلب الى محكمة التنازع . وتكون مهمة محكمة التنازع اصدار حكم ببطلان احد الحكمين بعدم الاختصاص وتقرير جهة الاختصاص .

جـ -تعارض الاحكام :

وصورة تعارض الاحكام تتشابه مع التنازع السلبي من حيث انها تؤدي الى انكار العدالة , لان صاحب الحق صدر في مواجهته حكمان متعارضان مما يؤدي الى عدم وصوله الى حقه . ويختلف تعارض الاحكام عن التنازع السلبي , انه في حالة تعارض الاحكام نكون بصدد حكمين متعارضين صادرين في دعوتين مختلفتين , بينما في حالة التنازع السلبي نكون امام حكمين بعدم الاختصاص في دعوى واحدة .

وعلى الفرد المتضرر من تعارض الاحكام ان يرفع الامر الى محكمة التنازع , وفي هذه الحالة تتحول محكمة التنازع الىمحكمة موضوع , فتنظر في الحكمين وتحسم النزاع باصدار حكم واحد بمواجهة طرفي الخصومة الذين يمسهما الحكمان المتعارضان موضوع الطعن (54) .

الهيئات التي يتكون منها مجلس الدولة الفرنسي

يقسم مجلس الدولة الفرنسي الى هيئات مختلفة , منها هيئات ذات وظائف قضائية , وهيئات ذات وظائف استشارية . والهيئات القضائية منفصلة انفصالا تاما عن الهيئات الاستشارية في الوقت الحاضر . ووفقا لاخر تطورات المجلس , فانه يتشكل من خمسة اقسام على النحو التالي (55) :-

1. قسم الشؤون المالية .

2. قسم الاشغال العامة .

3. قسم المسائل الداخلية .

4. قسم المسائل الاجتماعية .

5. القسم القضائي .

والاقسام الاربعة هي الاقسام التي نقدم الراي , لذا اطلق عليها اسم الاقسام الادارية . اما القسم الاخير فيختص بالشؤون القضائية :

أ-الاقسام الادارية :

وهذه الاقسام هي التي تقدم الراي , وتقوم بعملها اما منفردة , او يعرض الراي على الاقسام مجتمعة , او ان تشكل لجنة تمثل فيها جميع الاقسام , كما يجوز ان يعرض الامر على الجمعية العمومية للمجلس , كل ذلك يتم وفقا لما هو محدد بالقانون . ثم توجد لجنة دائمة يناط بها فحص مشروعات النصوص التي تتقدم بها الادارة في الحالات المستعجلة . كما تملك الحكومة تعيين كبار الموظفين بموسوم , تكون مهمتهم الدفاع امام المجلس عن وجهات نظر مختلف الادارات . ويتالف كل قسم من رئيس وستة مستشارين (56) .

ب-المحكمة :

والمحكمة هي القسم الخامس المخصص للقضاء . وهذا القسم يتكون من احدى عشرة دائرة فرعية . وكل نزاع يعرض على احدى الدوائر الفرعية لفحصه . اما الاحكام فتصدر عن دائرتين مجتمعتين , اما القضايا الهامة والتي تتطلب اعادة النظر بمبدا هام سبق للمجلس ان قرره فتعرض على قسم القضاء , او على الجمعية العمومية للقسم القضائي , والتي تتكون من وكيل المجلس رئيسا , ومن رؤساء الدوائر الفرعية . ومن اربعة مستشارين من القسم الاداري ينتخبهم زملاؤهم . وتتم الاحالة على قسم القضاء ، والجمعية العمومية لقسم القضاء بناء على طلب وكيل المجلس او احد رؤساء الدوائر الفرعية ، او بناء على طلب مفوض الحكومة . وتحظى الاحكام التي تصدر عن القسم القضائي او جمعيته العامة بأهمية خاصة ( 57 ) .

المحاكم الادارية

قبل صدور قانون سنة 1953 كان تسمى المحاكم الادارية ' مجالس الاقاليم ' والمحاكم الادارية ومن حيث الاهمية تأتي بعد مجلس الدولة الفرنسي . والمحاكم الادارية الفرنسية هي محاكم اقليمية ، وقد اضحت محاكم القانون العام الادارية . واصبحت تمارس في ظل ضمانات تشريعية كاملة .

أ . تشكيل المحاكم الادارية :

يشمل الاختصاص الاقليمي للمحكمة الادارية اكثر من محافظة ، كما يوجد محكمة خاصة لكل اقليم من الاقاليم التابعة لفرنسا ، ومجموع المحاكم الادارية الفرنسية ( 28 ) محكمة .

يعين رؤساء هذه المحاكم واعضاؤها بمرسوم بناء على عرض وزير الداخلية وموافقة وزير العدل . وينظم تعيينهم وترقيتهم واوضاعهم قانون خاص صدر لهذه الغاية .

ب . اختصاص المحاكم الادارية :

تملك المحاكم الادارية شأنها في ذلك شأن مجلس الدولة اختصاصات استشارية واختصاصات قضائية .

أولا : الاختصاصات الاستشارية :

اذ تقدم الراي الى جهات الادارة متى طلب منها ذلك ضمن نطاق اختصاصها الاقليمي .

ثانيا : الاختصاصات القضائية :

وقد مارست المحاكم الادارية ومنذ بداية تشكيلها صلاحية القضاء المفوض ويقوم اختصاصها القضائي الحالي على ثلاث قواعد ( 58 ) :

1- احكامها تقبل الطعن بالاستئناف امام مجلس الدولة كقاعدة عامة ، الا ما ينص القانون على استثنائه صراحة .

2- اختصاصها مقيد اقليميا ضمن حدود الاقليم الذي تمارس فيه اختصاصها.

3- قد اضحت المحاكم الادارية حاليا ، المحاكم الادارية ذات الاختصاص العام . مما ينبني عليه انها تختص بكافة المنازعات الادارية التي لم يعهد بها القانون الى اية محكمة ادارية اخرى او الى مجلس الدولة . وقد ترتب على هذا الوضع اتساع اختصاص تلك المحاكم ، اذ اضحى يشمل كل اختصاصات مجلس الدولة ، كقضاء الالغاء ، وقضاء التعويض ، وتفسير القرارات الادارية الداخلة في اختصاصها ، وفحص مشروعية القرارات الادارية التي قد يثور النزاع حول مشروعيتها . وبناء على ما تقدم اضحت دعوى الالغاء في فرنسا تنظر على درجتين : امام المحاكم الادارية كمحاكم ابتدائية ، ثم امام مجلس الدولة كمحكمة استئنافية .

الرقابة القضائية على اعمال الادارة

في النظام القضائي العربي

بعد ان استعرضنا نظامي الرقابة القضائية على اعمال الادارة ، وهما نظام القضاء الموحد ( النظام الانجلوسكسوني ) ، والنظام القضائي المزدوج وهو النظام الفرنسي ، لا بد لنا من الكلام عن رقابة القضاء على اعمال الادارة في بعض الدول العربية ، ومدى تأثر النظام القضائي العربي بالمدرستين القضائيتين الانجلوسكسونية والفرنسية . فبعض الدول العربية نهجت النهج القضائي الموحد نذكر منها العراق وفلسطين والاردن ، وذلك نتيجة لخضوعها للانتداب البريطاني على اثر الحرب العالمية الاولى . الا ان النظام القضائي الاداري الذي اخذت به الدول المذكورة اختلف قليلا عنه في انجلترا نتيجة لعوامل ذاتية تتعلق بالجهاز القضائي . ومؤخرا اخذ الاردن يبتعد قليلا عن النظام الموحد ويقترب من النظام المزدوج .

اما سورية ، فقد اخذت بالنظام المزدوج منذ العهد الفيصلي ، الا ان ذلك خضع لعدة تطورات نتيجة للاوضاع السياسية وخاصة الانقلابات العسكرية التي عرفتها سورية في منتصف القرن العشرين ، حيث عملت بعض الانظمة الانقلابية على الغاء مجلس الدولة السوري ، ثم يأتي انقلاب جديد يعيد الحياة الى هذا المجلس ، واستمر هذا الوضع حتى قيام الوحدة المصرية السورية ، حيث صدر قانون مجلس الدولة رقم ( 55 ) لسنة 1959 الذي طبق في الاقليمين المصري والسوري .

وبالرغم من ردة الانفصال ، فإن القانون ( 55) لسنة 1959 ، الذي صدر في ظل الوحدة ما زال ساريا مع تعديلات ادخلت عليه على ضوء الوضع السياسي الجديد .

وفي لبنان ، التي نهجت نهج فرنسا وانشأت مجلس شورى الدولة ، واقامت قضاء اداري مستقل ومواز للقضاء العادي ، وما زال لبنان يسير على نفس الطريق .

اما مصر ، فقد مر القضاء الاداري فيها بعدة مراحل الى ان استقر الوضع سنة 1946 بانشاء مجلس الدولة المصري كقضاء اداري يقوم بجانب القضاء العادي .

وسنكتفي في هذه الدراسة باستعراض رقابة القضاء على اعمال الادارة في كل من مصر وفلسطين .

الرقابة القضائية على اعمال الادارة

في جمهورية مصر العربية

لقد مرت مصر بصدد القضاء الاداري بمرحلتين : مرحلة القضاء الموحد ، ومرحلة القضاء المزدوج .

مرحلة القضاء الموحد

قبل سنة 1875 لم يكن مبدأ فصل السلطات معروفا في مصر ، ولم تعرف رقابة قضائية على اعمال الادارة . كما انه وقبل ذلك التاريخ عرفت مصر نظام الامتيازات الاجنبية الا انه و بعد سنة 1875 حاولت التخلص من نظام الامتيازات الاجنبية ، بانشاء محاكم جديدة يخضع لها الاجانب ، وهي المحاكم المختلطة . ونتيجة لضغط الدول الاجنبية تضمنت قواعد انشاء هذه المحاكم شروطا للنظر في المنازعات بين الاجانب الممتازين وبين الادارة . وبذلك خضعت المنازعات الادارية لرقابة المحاكم المختلطة والتي هي محاكم قضائية عادية ( 59 ) .

وفي سنة 00 19 تم ادخال تعديل على لائحة ترتيب المحاكم المختلطة ، منعت بموجبه من التعرض لاعمال السيادة او الحكومة .

وفي سنة 1937 الغيت الامتيازات الاجنبية وحلت المحاكم الاهلية محل المحاكم المختلطة ، و اخضعت المنازعات الادارية لاختصاص محاكم القضاء العادي مع بعض القيود نذكر منها :

1- لا تملك محاكم القضاء العادي الغاء القرارات الادارية المعيبة ، فردية كانت او لائحية .

الا ان القضاء العادي امتنع عن تطبيق القرارات التنظيمية المخالفة للقانون دون ان يتعرض لهذه القرارات بالالغاء .

2-اختصت محاكم القضاء العادي بالتعويض عن اعمال الادارة المخالفة للقانون اذا الحقت ضررا بحق مكتسب لاحد الافراد ، سواء كانت هذه الاعمال مادية او قانونية .

3- لا تملك محاكم القضاء العادي التعرض لاعمال السيادة سواء بطريق مباشر او غير مباشر .

وكانت رقابة محاكم القضاء العادي على اعمال الادارية خلال تلك الفترة رقابة ناقصة .

في سنة 1875 استدعت الحكومة المصرية عددا من رجال القانون من ايطاليين وفرنسييين وشكلت منهم ' لجنة قضايا الحكومة ' . وصدر ' دكريتو ' سنة 1876 حدد اختصاصهم ، وكانت وظيفتهم الدفاع عن الحكومة ، واسداء المشورة للادارة من الناحية القانونية ( 61 ) .

عند اعلان الاستقلال سنة 1923 ، حيث صدر القانون رقم ( 1) لسنة 1923 الذي حدد اختصاصا هذه ه اللجنة ، وشبهها باعضاء النيابة العامة ، واختصت اللجنة بالامور التالية :

1- النيابة عن الحكومة والمصالح العمومية امام المحاكم .

2- اصدار الفتاوى القانونية لمن يستفينها من الوزارات .

3- وضع الوثائق والعقود في صيغ قانونية .

ولاول مرة اوجب القانون على المصالح الحكومية استفتاء ادارة قضايا الحكومة في بعض المسائل .



استمر الوضع الذي استعرضناه حتى سنة 1946 ، حيث صدر قانون مجلس الدولة المصري ، الذي نقلها من مرحلة القضاء الموحد ، الى مرحلة جديدة وهي مرحلة القضاء المزدوج .

مرحلة القضاء المزدوج

لا بد لنا من الاشارة الى ان مصر وعندما بدأت بتنظيم قضائها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر اخذت بالنظام الفرنسي ، الا انها اجبرت من الدول الممتازة على الاخذ بالنظام القضائي الموحد في الرقابة القضائية على اعمال الادارة ، بالرغم من ان الرغبة المصرية كانت مجاراة فرنسا في هذا المضمار ، سيما بعد النجاح الذي تحقق لمجلس الدولة الفرنسي الذي مارس القضاء المفوض اعتبارا من سنة 1872 . وقد ارادت مصر تحقيق هذه الرغبة بانشائها مجلس الدولة المصري لاول مرة بموجب الامر العالي الصادر سنة 1879 . الا ان نظام مجلس الدولة المصر ي هذا لم ير النور حيث اثرت عليه الكوارث التي عرفتها مصر باحتلالها ( 61 ) .

وجرت بعد ذلك عدة محاولات لانشاء مجلس الدولة المصري ، الا انها باءت بالفشل ، واستمر هذا الوضع الى ان صدر القانون رقم ( 112 ) لسنة 1946 بانشاء مجلس الدولة المصري ، حيث انتقلت مصر من نظام القضاء الموحد الى نظام القضاء المزدوج ، وراى مجلس الدولة المصري النور . واستفاد هذا المجلس من التطورات التي عرفها مجلس الدولة الفرنسي .

وفيما يتعلق بالقانون رقم ( 112) لسنة 1949 فقد وضع على عجل ، حيث وردت به بعض الاخطاء ، مما ادى الى الغائه واستبدل بالقانون رقم ( 9 ) لسنة 1949 ، ثم الغي القانون الاخير واستبدل بالقانون رقم ( 165 ) لسنة 1955 . وعلى منوال القانون الاخير وفي عهد الوحدة بين سورية ومصر صدر قانون مجلس الدولة في الجمهورية العربية المتحدة رقم 55 لسنة 1959 ، والذي ادخلت عليه تعديلات طفيفة ، وبقي ساري المفعول الى ان حل محله قانون مجلس الدولة رقم ( 47 ) لسنة 1972 .

اقسام مجلس الدولة المصري

نصت المادة الاولى من قانون مجلس الدولة المصري رقم ( 47 ) لسنة 1972 على ان مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة .

وجاء في المادة ( 2 ) من القانون بأن اقسام المجلس هي :

أ . القسم القضائي .

ب. قسم الفتوى .

جـ . قسم التشريع .

ويتشكل المجلس من رئيس ومن عدد كاف من نواب الرئيس والوكلاء والمستشارين ومن المستشارين المساعدين والنواب والمندوبين .

كما يلحق بالمجلس مندوبون مساعدون تسري عليهم الاحكام الخاصة بالمندوبين .

القسم القضائي

يؤلف القسم القضائي من :

أ‌. المحكمة الادارية العليا .

ب‌. محكمة القضاء الاداري

جـ . . المحاكم الادارية .

د . المحاكم التأديبية .

هـ . هيئة مفوضي الدولة .

ومقر المحكمة الادارية العليا مدينة القاهرة ويراسها رئيس المجلس وتصدر احكامها من دوائر من خمسة مستشارين وتكون بها دائرة او اكثر لفحص الطعون وتشكل من ثلاث مستشارين .

ويكون مقر محكمة القضاء الاداري مدينة القاهرة ويراسها نائب رئيس المجلس لهذه المحكمة وتصدر احكامهامن دوائر تشكل كل منها من ثلاثة مستشارين .

ويكون مقر المحاكم الادارية في القاهرة والاسكندرية ، ويكون لهذه المحاكم نائب رئيس يعاون رئيس المجلس في القيام على تنظيمها .

ويجوز انشاء محاكم ادارية في المحافظات الاخرى بقرار من رئيس المجلس .

وتؤلف هيئة مفوضي الدولة من احد نواب رئيس المجلس رئيسا ومن عدد كاف من المستشارين والمستشارين المساعدين والنواب والمندوبين.

المحاكم التأديبية

تتكون المحاكم التأديبية من :

1-المحاكم التأديبية للعاملين من مستوى الادارة العليا ومن يعادلهم .

2-المحاكم التأديبية للعاملين من المستويات الاول والثاني والثالث ومن

يعادلهم .

اختصاص محاكم مجلس الدولة المصري

ورد في المادة ( 10 ) من قانون مجلس الدولة رقم ( 47 ) لسنة 1972 بأن محاكم مجلس الدولة تختص دون غيرها بالفصل في المسائل التالية :

1- الطعون الخاصة بانتخابات الهيئات المحلية .

2- المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين او ورثتهم .

3- الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الادارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة او الترقية او منح العلاوات .

4- الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بالغاء القرارات الادارية الصادرة باحالتهم الى المعاش او الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي .

5- الطلبات التي يقدمها الافراد او الهيئات بالغاء القرارات الادارية النهائية .

6- الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الادارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقا للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات امام مجلس الدولة .

7- دعاوى الجنسية .

8- الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة عن جهات ادارية لها اختصاص قضائي فيما عدا القرارات الصادرة عن لجان التوفيق والتحكيم في منازعات العمل . وذلك متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص او عيبا في الشكل او مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها او تأويلها.

9- الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بالغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية .

10- طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها في البنود السابقة سواء رفعت بصورة اصلية او تبعية .

11- المنازعات الخاصة بعقود الالتزام او الاشغال العامة او التوريد او أي عقد اداري اخر .

12- الدعاوى التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون .

13- الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانونا .

14- سائر المنازعات الادارية .

ونصت المادة ( 11) من قانون مجلس الدولة على ما يلي ' لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة باعمال السيادة ' .

وتخضع الاحكام الصادرة عن محكمة القضاء الاداري والمحاكم الادارية والمحاكم التأديبية للطعن امام المحكمة الادارية العليا ، طبقا للحالات المنصوص عليها في القانون .

قسم الفتوى

يتكون قسم الفتوى من ادارات متخصصة لرياسة الجمهورية ورياسة مجلس الوزراء والوزارات والهيئات العامة ، ويراس كل ادارة منها مستشار او مستشار مساعد .

وتختص الادارات المذكورة بابداء الرأي في المسائل التي يطلب الراي فيها من الجهات المذكورة انفا وفحص التظلمات الادارية .

قسم التشريع

يتشكل قسم التشريع من احد نواب رئيس المجلس ومن عدد كاف من المستشارين المستشارين المساعدين ويلحق به نواب ومندوبون .

ويوجب قانون مجلس الدولة على كل وزارة او مصلحة قبل استصدار أي قانون او قرار من رئيس الجمهورية ذي صفة تشريعية او لائحة ان تعرض المشروع المقترح على قسم التشريع لمراجعة صياغته ، ويجوز لها ان تعهد اليه باعداد هذه التشريعات .

تقييم مجلس الدولة المصري

على ضوء التطورات التي طرأت على مجلس الدولة المصري منذ سنة 1946 وصدور القانون القاضي باخراجه الى النور واستمرار المشرع المصري التدخل بالقانون لتطوير هذه المؤسسة الهامة الى ان اكتمل بناء مجلس الدولة بصدور القانون رقم 47 لسنة 1972 ، حيث بلغ تنظيم القضاء الاداري المصري الذروة ، وذلك باقامة هذا الصرح الشامخ الذي تتربع على قمته المحكمة الادارية العليا ، واصبح لدى مصر قضاء اداري مستقل يحقق الرقابة القضائية على اعمال الادارة ، وبعد ان اكتمل التنظيم القضائي المصري اصبح هذا القضاء يرتكز على ثلاث دعائم هي :

1- القضاء العادي وتقف على قمته محكمة النقض .

2- القضاء الاداري ممثلا بمجلس الدولة وعلى رأسه المحكمة الادارية العليا.

3- القضاء الدستور وتقوم به المحكمة الدستورية العليا .

الرقابة القضائية على اعمال الادارة


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2727 / عدد الاعضاء 62