اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
طه محمود عبد الجليل
التاريخ
5/10/2017 1:25:05 AM
  القانون رقم 11 لسنة 2017 وشبهة الإنحراف التشريعى التى تلاحقه !!      

القانون رقم 11 لسنة 2017 وشبهة الانحراف التشريعى التى تلاحقه

منذ أيام وتحديداً بتاريخ 27/4/2017 صدر في مصر القانون رقم 11 لسنة 2017 في شأن تعديل بعض أحكام قوانين الاجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 ، وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ، وقانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم 94 لسنة 2015 وقد تضمن القانون تعديلات لبعض مواد قانون الإجراءات الجنائية قيل إن الغرض منها تسهيل إجراءات التقاضى بقصد تحقيق ما وصف بالعدالة الناجزة منها المادة 277 من هذا القانون حيث صارت فقرتها الثانية بعد هذا التعديل تنص على أنه " ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرة الأولى من هذه المادة ، يحدد الخصوم أسماء الشهود وبياناتهم ووجه الاستدلال بهم ، وتقرر المحكمة من ترى لزوم سماع شهادته ، وإذا قررت المحكمة عدم لزوم سماع شهادة أى منهم وجب عليها أن تسبب ذلك في حكمها " ولأن هذا تطلب أيضاً تعديلاً في المادة 289 من هذا القانون فصار يجرى نصها الجديد بموجب هذا التعديل على أنه " على المحكمة أن تقرر تلاوة الشهادة التي أبديت فى التحقيق الابتدائي ، أو فى محضر جمع الاستدلالات أو أمام الخبير إذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب " وذلك بعد حذف عبارة " أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك. " من نص المادة قبل التعديل - وهو ما مفاده ومؤداه إعفاء المحكمة الجنائية من واجب قانونى هام وضمانة أساسية من ضمانات الدفاع التى تبنى عليها المحاكمة الجنائية ألا وهو تحقيق الدعوى تحقيقاً شفوياً بسماع الشهود - خاصة شهود الاثبات - الذين يتمسك الدفاع بسماعهم – ما دام سماعهم ممكناً - وتخويل المحكمة بموجب هذه الفقرة السلطة التقديرية في الاستجابة لهذا الطلب أو رفضه بحسب ما يتراءى لها – ودون توقف على قبول المتهم أو المدافع عنه لعدم سماعهم - بشرط التسبيب في حالة رفض طلبه بسماعهم – وهو ما يخالف ما جرى عليه العمل فيما مضى وما أقرته محكمة النقض على مدى سنوات طويلة في مبادئ متواترة  مفادها وجوب الاستجابة لمثل هذه الطلبات - ولو تمسك بها الدفاع بصورة احتياطية - وتحقيق الدعوى أمام المحكمة باعتبار أن التحقيق الشفوى الذى تجريه المحكمة في المحاكمات الجنائية هو الأساس والأصل وإلا كان حكم المحكمة باطلاً من هذه الأحكام :

لما كان طلب الدفاع في ختام مرافعته أصلياً الحكم بالبراءة واحتياطياً استدعاء شهود الإثبات لمناقشتهم أمام الهيئة الجديدة التي فصلت في الدعوى يعد طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى القضاء بالبراءة ، وكانت المحكمة قد بررت رفض الاستجابة لهذا الطلب بسبق سماع الشهود أمام هيئة سابقة وقيام الدفاع بمناقشتهم . فإن ذلك لا يُسوغ لرفضها إجابة الطلب المذكور ، لما هو مقرر من أن حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يُخوله إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق ، ما دام باب المرافعة مازال مفتوحاً – وهو الحال في هذه الدعوى - وإن التحقيقات التي جرت في جلسة سابقة بمعرفة هيئة أخرى لا تخرج عن كونها من عناصر الدعوى المعروضة على المحكمة ، شأنها في ذلك شأن محاضر التحقيق الأولية . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد رفضت طلب سماع شهود الإثبات بما لا يسوغه فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه . (الطعن رقم 1565 لسنة 81 جلسة 2012/10/07 س 63 )

لما كان من المقرر أنه من الأسس الجوهرية للمحاكمة الجنائية أنها تقوم على التحقيق الشفوى الذى تجريه المحكمة بجلسة المحاكمة في مواجهة المتهم ويسمع فيه القاضى بنفسه أقوال الشهود لإثبات التهمة أو نفيها، مادام سماعهم ممكناً مُحصِّلاً عقيدته من الثقة التى توحى بها أقوال الشاهد أو لا توحى، ومن التأثير الذى تحدثه هذه الأقوال في نفسه وهو ينصت إليها، لأن التفرس في حالة الشاهد النفسية وقت أداء الشهادة ومراوغاته أو اضطرابه وغير ذلك، مما يعين القاضى على تقدير أقواله حق قدرها، ثم يجمع القاضى بين ما يَستخلصه من الشهادة أمامه وبين عناصر الاستدلال الآخرى في الدعوى المطروحة على بساط البحث ما يُكوّن به عقيدته . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الجنايات على ماهو ثابت من محاضر جلسات المحاكمة قد اقتصر التحقيق الذى أجرته مع كل شاهد على سؤاله سؤالاً واحداً، عما إذا كان لديه ما يضيفه أو يعدّل به أقواله السابقة، فيجيب الشاهد بالنفى . فإن ذلك مما لا يقوم به ولا يتحقق فيه معنى التحقيق الذى ينبغى أن تقوم به المحكمة ولا يهىء لها فرصة سماع أقوال الشاهد في عناصر الدعوى ولا يعينها على تقدير مدى صدق أقواله السابقة وبالتالى لا يصح اعتبار نفى الشاهد الإضافة أو التعديل بمثابة أقوال له سمعتها المحكمة في موضوع الشهادة ويجيز للمحكمة الاستدلال بها على جدية الأقوال السابقة عليها وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال، فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع . (الطعن رقم 28274 لسنة 74 جلسة 2004/12/07 س 55 ع 1 ص 801 ق 121)

- وكان الفصل السادس من الباب الثانى من قانون الإجراءات الجنائية قد تكفل بإيراد الأحكام المتعلقة بمبدأ شفوية المرافعة ، وكان المقصود منها هو طرح عناصر الدعوى وجعلها تحت نظر الخصوم بالجلسة لفحصها ومناقشتها شفوياً أمام المحكمة طبقاً لما يراه الخصوم محققاً لمصلحتهم في هذا الصدد ، وكان الأصل في الأحكام الجنائية أن تبنى على المرافعة التى تحصل أمام القاضى الذى أصدر الحكم وعلى التحقيق الشفهى الذى أجراه بنفسه ، إذ أساس المحاكمة الجنائية هى حرية القاضى في تكوين عقيدته من التحقيق الشفوى الذى يجريه بنفسه ويسمع فيه الشهود مادام سماعهم ممكناً ، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة من الثقة التى توحى بها أقوال الشاهد أو لا توحى ، ولا يجوز للمحكمة الافتئات على هذا الأصل المقرر بالمادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية والذى افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت إلا إذا تعذر سماع الشاهد لأى سبب من الأسباب أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً ، فإذا ما تمسك الدفاع بسماع شاهد الإثبات الوحيد في الدعوى ومناقشته ورفضت المحكمة هذا الطلب دون أن تعرض له في حكمها وتبرر سبب اطراحه بأسباب سائغة ولم تطلب إلى المتهم ومحاميه استكمال مرافعته وإبداء ما لديه من طلب وأوجه دفاع أخرى ، فإنها تكون قد أخلت بمبدأ شفوية المرافعة وبحق الطاعن في الدفاع بما يبطل حكمها ويوجب نقضه والإعادة . (الطعن رقم 4274 لسنة 75 جلسة 2012/10/23 س 63 )

  ومن عجب أن جاء هذا التعديل استجابة لمناشدة أطلقها قبل أيام من إصدار التشريع وتحديداً يوم 27/3/2017 وعبر منصة القضاء العالية وحال نظره إحدى القضايا، أحد رؤساء دوائر الإرهاب التى شُكلت خصيصاً لمحاكمة ما سُموا بأنصار الشرعية من معارضى النظام القائم  وهو القاضى حسن فريد التى ناشد رئيس البرلمان المصرى عبر منصته – كما نشرت الصحف قائلًا: "أطالب رئيس البرلمان المصري الدكتور على عبدالعال، بتعديل قانون الإجراءات الجنائية، لمنح المحكمة حق مناقشة شهود الإثبات من عدمه !! " – وللأسف كان ذلك من سيادته على سبيل الخطأ الفاحش - فيما نرى – لأن فيه خروج على عمل القاضى ودوره ومهمته لما فيه من إبداء منه لرأى في قانون وظيفته توجب عليه تطبيقه على الدعاوى المطروحة أمامه كائناً ما كان وجه رأيه فيه تطبيقاً مجرداً منزهاً عن الأهواء والأغراض دون أن يكون من حقه الاعتراض عليه أو المطالبة بتغييره خاصة إذا كان ذلك من خلال منصة القضاء وحال جلسة محاكمة فى قضية ينظرها - إذ عليه كقاضى أن يحتفظ بهذا الرأى المعارض للقانون - إن وجد - في قرارة نفسه لا يبوح به  دون أن يكون لذلك تاثير على نظر القضايا والحكم فيها - وليس له أن يظهره بحال من الأحوال إلا أن يخلع ثوب القاضى ويترك منصة القضاء التى ما جعلت أبداً لذلك واضعين في اعتبارنا أن مثل هذه المناشدات والمطالبات تحمل راياً من القاضى في القانون القائم ورغبة في تعديله وهو الأمر المحظور على القاضى إبداءه خاصة إن كان عبر منصة القضاء  

والحق الذى لا يخفى على متابع منصف أن هذا التعديل صدر مشوباً بشبهة الانحراف التشريعى لكونه لم يصدر كقواعد عامة مجردة تستهدف إعلاء قيمة العدل وإقرار المصلحة العامة فحسب – كما هو الشأن في أى تشريع يصدر -  بل صدر مستهدفاً فصيلاً معيناً هو الفصيل المعارض لنظام الرئيس الرئيس عبد الفتاح السيسى وفى القلب منه الفصيل الإسلامي وتحديداً أشخاصا معينين من هذا الفصيل وهم الرئيس الدكتور محمد مرسى وقيادات جماعة الاخوان المسلمين وغيرهم من قيادات ما يسمى بالتحالف الوطنى لدعم الشرعية من القابعين في سجون النظام الحاكم في مصر منذ سنوات بتهم متعددة يتوق النظام إلى الانتهاء من محاكمتهم وإدانتهم فيها بأقصى سرعة - إذ صدر هذه التعديل في أيام بصورة سريعة صاحبها ما يمكن أن نصفه بالتوتر والعصبية الشديدة وعقب حادثة وجريمة نكراء هى تفجير كنيستين بالإسكندرية وطنطا وما صاحبها من سقوط قتلى وجرحى من الأبرياء في عمل إرهابى خسيس وأدانها وتبرأ منها الجميع بما فيها هذا الفصيل المعارض للنظام ومنه جماعة الاخوان المسلمين نفسها بل وأعلن تنظيم داعش المسئولية عنها في بيان له - ورغم ذلك راح الاعلام المصرى الموالى على طول الخط للنظام – يوظف الحادث توظيفاً سياسياً وقبل إجراء أى استدلالات أو تحريات أو تحقيقات أو محاكمات إذا به يسارع بإلصاق التهمة بجماعة الاخوان المسلمين ويصدر حكمه عليها بأنها الفاعلة - رغم أنها تبرأت منه وأدانته ورغم أن تنظيم داعش أعلن مسئوليته عنه ورغم أن هذا التنظيم بينه وبين الجماعة ما صنع الحداد إذ يكفرها ويكفر الرئيس محمد مرسى نفسه – واستغل الحادث الارهابى شر استخدام فراح الاعلام المصرى الموالى للسلطة يلح في مطالبة البرلمان المصرى بالإسراع بإصدار التشريعات اللازمة لانجاز المحاكمات بصورة سريعة – وراح بعض الاعلاميين المصريين من المتعصبين بفجر ضد أى معارض للنظام  يطالب صراحة بإصدار التشريع بغرض الإسراع في محاكمة وإعدام الرئيس محمد مرسى وكبار معاونيه والمرشد العام لجماعة الاخوان وقيادات الجماعة ممن هم في قبضة السلطة !! وفى هذا الجو المتوتر العصبى واستجابة لتلك الضغوط والحملات الاعلامية التى وراءها نظام متربص بخصومه – كما يبدوا لكل متابع موضوعى محايد وخلال أيام معدودات وبغير تمهل أو دراسة مستفيضة أصدر البرلمان المصرى هذا القانون المليء بالعيوب والتى أشرنا إلى عيب واحد منها وهو التضحية بإحدى الضمانات الأساسية للمحاكمات الجنائية العادلة على النحو المار بيانه فكان في رأيي معيباً بعيب الانحراف التشريعى الذى لا يستهدف مصلحة عامة ولا يسعى لاقرار عدل ولا مكافحة إرهاب حقيقي بل كان رائده استهداف فصيل سياسي بعينه مختلف مع السلطة الحاكمة للأسف استخدم فيه القانون لإقصائه وكانت ولا زالت المحاولات الحثيثة في توريط السلطة القضائية فى القضاء عليه .. وحفظ الله مصر بجيشها وقضائها من شر أبنائها قبل أعدائها


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 643 / عدد الاعضاء 62