اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
حسني سالم
التاريخ
2/26/2017 6:43:03 AM
  طعن بالنقض في جناية تزوير في محررات رسمية وعرفية ضد محام بزعم انه قام بتزوير صحف الدعاوي المباشرة حين حررها      

محكمــــة النقــــض
الدائـــرة الجنائيــــة
مذكــــــرة
بأسبـاب الطعـن بالنقـض

مقدمه من/ ............. "المحامي" ومحله المختار مكتب الاستاذ / حسني عبد الفتاح سالم المحامي بالنقض 2ش طلعت حرب - شقة 35 الدور السادس ميدان التحرير- القاهرة.                                                             الطاعــــن
وقد قرر الاستاذ/ ...................."وكيل الطاعن" بالطعن بالنقض بموجب توكيل عام رسمي رقم 1505 لسنة 2010 عام شبين الكوم برقم تتابع 312 بتاريخ 31/12/2016 .

ضـــــــــــــــــــد

النيــابــــة العامـــــــــة                                   سلطة الاتهام مطعون ضدها

وذلك في الحكم الصادر من محكمة جنايات شبين الكوم بتاريخ 25/12/2016
في الجناية رقم 8947 لسنة2013 مركز تلا
والمقيدة برقم 1543 لسنة 2016 كلي شبين الكوم

والقاضي : حكمت المحكمة حضوريا بمعاقبة .......... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات والزمته بالمصاريف الجنائية وامرت بمصادرة المحررات المزورة .


الوقائــــــع

 أسندت النيابة العامة الي الطاعن انه في عضون عامي 2009- 2010 بدائرة مركز تلا محافظة المنوفيه :
1. وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويرا في محرر رسمي وذلك بالاشتراك مع موظف حسن النية – هو الموظف المختص باعلان صحف دعاوى الجنحة المباشرة ارقام 13789 , 13798 لسنة 2009 جنح مركز تلا , 618 لسنة 2010 جنح تلا بقلم المحضرين بمحكمة تلا الجزئية وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريره , بأن قام بتحرير صحف تلك الدعاوى اثبت فيها أن الشاكي / محمد محمود عبد الله ماضي بدد الأموال المسلمة اليه بموجب ايصالات الأمانة الثلاث سند هذه الجنح , وبأن المدعيين بالحق المدني قد وكلوه قانونا لإقامة تلك الجنح وقام الموظف سالف الذكر باعلانها الي الشاكي بتلك البيانات المزورة مع علم المتهم بما دون بها من بيانات مزورة علي النحو المبين بالتحقيقات.
2. اشترك مع آخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزور في محررات آحاد الناس هي ايصالات الأمانة سند الجنحة موضوع التهمة الأولي باصطناعها بأن قاما بملئ بيانات تلك الايصالات ونسبتها زورا للمجني عليه / محمد محمود عبد الله ماضي مثبتا بها وجود دين علي خلاف الحقيقة علي النحو المبين بالتحقيقات .
3. استعمل المحررات المزورة موضوع الاتهام الثاني فيما زورت من أجله بأن احتج بما ورد من بيانات مزورة وبتقديمها للمختص بإعلانها محل التهمة الأولى مع علمه بتزويرها علي النحو المبين بالتحقيقات .
4. أبلغ كذبا مع سوء القصد بوقوع جرائم التبديد ضد المجني عليه / محمد محمود عبد الله ماضي في الجنح محل التهمة الأولى بقصد الإضرار به علي النحو المبين بالتحقيقات .
وطلبت عقابه بالمواد 40/2,3 , 41/1 , 211, 212, 213, 214, 215, 305 من قانون العقوبات .
واحيل المتهم الي محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبته طبقا لمواد الاتهام , وبجلسة 25/12/2016 صدر الحكم المنوه عنه .

 ولما كان الحكم الطعين لم يلق قبولا لدي الطاعن فقد طعن عليه بالنقض في كل ما اشتمل عليه للأسباب الآتية :

أسباب الطعن بالنقض

أولا : بطلان الحكم لعيب في اجراءات اصداره علي خلاف القانون .

 الأصل في الأحكام الجنائية أن تبنى علي المرافعة التي تحصل أمام المحكمة وعلي التحقيق الشفوي الذي تجريه بنفسها في الجلسة , ويجب أن تصدر الأحكام من القضاة الذين سمعوا المرافعة .

 وهذا العيب يتعلق بالأجراءات السابقة علي اصدار الحكم كتشكيل المحكمة أو سماعها المرافعة .

 وأساس هذا الوجه من الطعن أن محكمة النقض وهي تباشر وظيفتها في ضمان حسن تطبيق القانون , تراقب مدى صحة الأحكام من الناحية الإجرائية , فالقانون الذي تسهر علي حسن تطبيقه ليس هو فقط القانون الذي يطبقه القاضي حين يفصل في الدعوى , وانما هو ايضا القانون الذي يحكم النشاط الإجرائي للقاضي , ومرجع ذلك الارتباط الوثيق بين القانون الذي يتوقف عليه الفصل في الدعوي والقانون الذي يحكم سير اجراءاتها , فالقانون يتحدد نطاق تطبيقه القضائي من خلال الضمانات الإجرائية التي حددها القانون . ومن ثم فكل تطبيق للقانون علي حساب الضمانات الإجرائية هو تطبيق خاطئ .

 لما كان ما سبق وكان قانون الاجراءات الجنائية يخلو من ثمة نص صريح يتعلق بهذه المسألة فإننا نرجع الي القواعد العامة في قانون المرافعات باعتبارها الشريعة العامة المنظمة لإجراءات التقاضي .

 والاصل المقرر قانونا وفقا لنص المادة 167 مرافعات أنه " لا يجوز ان يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلا " .

 كما تنص المادة 170 مرافعات علي أنه " يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب ان يوقع مسودة الحكم " .

 كما توجب المادة 178 مرافعات فيما توجبه بيان " المحكمة التي اصدرته واسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضور تلاوته " .

 لما كان ما سبق وكان البين من استقراء النصوص الثلاثة وورودها في فصل اصدار الأحكام أن عبارة المحكمة التي اصدرته والقضاة الذين اشتركوا في الحكم إنما تعني القضاة الذين فصلوا في الدعوى, لا القضاة الذين حضروا – فحسب – تلاوة الحكم .

 لما كان ما سبق وكان الحكم المطعون فيه قد ران عليه بطلان يتمثل في أنه صدر من هيئة مشكلة من ثلاثة اعضاء تغاير الهيئة التي سمعت المرافعة , حيث أن الثابت بمحضر جلسة يوم 27 نوفمبر لسنة 2016 أن الهيئة مشكلة من ثلاثة مستشارين وهم : السيد المستشار / مدحت عبد الحميد محمد أبو غنيم رئيسا للمحكمة , وحضور السيدين المستشارين / أحمد رضوان ابراهيم أبا زيد , مدحت سالم رمضان . بينما الثابت بالأوراق أن هيئة المحكمة التي اصدرت الحكم مشكلة من السيد المستشار/ مدحت عبد الحميد محمد أبو غنيم , والسيدين المستشارين / أحمد رضوان ابراهيم , محمد سالم.

 ومؤدى ما سبق وجود اختلاف في احد اعضاء الهيئة التي استمعت للمرافعة وهو السيد المستشار / مدحت سالم رمضان, الذي سمع المرافعة وابداء الدفوع والدفاع من الحاضرين مع المتهم بجلسة 27/11/2016 بينما لم يشترك سيادته في المداولة وكذا جلسة اصدار الحكم ولم يوقع علي مسودة الحكم ولم يشترك في اصداره , بينما السيد المسشار / محمد سالم " وهو اسم ثنائي فقط " هو الذي شارك في اصدر الحكم حال كونه لم يسمع المرافعة , الأمر الذي يبطل الحكم ويوجب نقضه .

 ولا ينال من ذلك القول بأن محضر جلسة 25/12/2006 قد ورد به اسم السيد المستشار / مدحت سالم رمضان , ذلك ان المعول عليه في هذا الصدد هو ورقة الحكم , فلا يكملها محضر الجلسة , فضلا عن ان اسم احد اعضاء الهيئة الموقرة قد جاء ثنائيا ومغايرا في الاسم , بالاضافة لعدم توقيع سيادته علي محضر الجلسة الأخير.

و قد قضت محكمة النقض بأن " الخلاف في شأن بيان الهيئة التي سمعت المرافعة , بين الثابت في بيانات الحكم وبين الثابت في محضر الجلسة في هذا الصدد يبطل الحكم " .

(14/12/1988 طعن 2359 لسنة 54 ق)

 وقد أكدت محكمة النقض بأن الأصل في الأحكام الجنائية أن تبني علي المرافعة التي تحصل أمام القاضي نفسه الذي أصدر الحكم .

(نقض 29/9/1996 الطعن رقم 17463 لسنة 64 ق)

 وقد قضي تطبيقا لذلك أيضا ان " توجب المادة 170 مرافعات أن يكون القضاة الذين اشتركوا في المداولة حاضرين تلاوة الحكم . فإذا حصل مانع لأحدهم وجب أن يوقع مسودته.
ولما كان القاضي الذي اشترك في الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوي وحجزتها للحكم لم يشترك في الهيئة التي نطقت به ولم يوقع علي مسودة الحكم أو قائمته , فإن الحكم يكون مشوبا بالبطلان متعينا نقضه .

(الطعن رقم 31 لسنة 39 ق جلسة 21/4/1969 س 20 ص 515)


ثانيا: ندفع بعدم جواز نظر الدعوي لسابقة صــدور أمـــر ضمني من النيابة العامة بألا وجـه لإقامة الدعــوي الجنائية فــي القضية رقم 13789 لسنة 2009 جنح تلا :

 الأصل المقرر قانونا وفقا لقانون الاجراءات الجنائية أنه بعد انتهاء التحقيق الابتدائي يتم التصرف فيه بإحدي صورتين , الأولي هي الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية " المواد 154 , 209 إ.ج , والثانية هي إحالة الدعوى إلي المحكمة الجنائية المختصة المواد 155, 156, 158, 214 إ.ج .

 والأصل أن يكون القرار بألا وجه لإقامة الدعوي واضحا صريحا ,إلا أنه قد يكون ضمنيا يستفاد من تصرف المحقق علي نحو يقطع بحكم اللزوم العقلي بصدور هذا الأمر . أي أنه يصح في القانون استنتاجه من أي تصرف طالما أن هذا التصرف يؤدي إليه حتما وبطريق اللزم العقلي . وعلي ذلك قضت محكمة النقض أنه " إذا كانت النيباة العامة قد أقرت في بادئ الأمر بقيد الواقعة جنحة ضد قبطان الباخرة , ثم أمر المحامي العام بعد استيفاء التحقيق بقيدها جنحة ضد آخر وحده , فإن هذا التصرف يؤدي حتما وبطريق اللزوم العقلي إلي الأمر بألا وجه لإقامة الدعوي الدعوي الجنائية علي قبطان الباخرة " .

(نقض 3/2/1964 مجموعة أحكام النقض , س 15 رقم 20 , ص 97)


 والأمر بألا وجه لأقامة الدعوي الجنائية قرار قضائي , ومن نتائج تلك الطبيعة القضائية لهذا الأمر أنه يحوز قوة الشئ المقضي فيه , وعليه لا يجوز العودة إلي التحقيق في ذات الدعوى بشرط وحدة الوقائع والأشخاص , ما لم يلغ الأمر المذكور بإحدي الطرق المنصوص عليها قانونا . وقضد قضت محكمة النقض أن " الأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوي الجنائية له حجيته التي تمنع من العود الي الدعوى الجنائية ما دام قائما لم يلغ , إذ له ما للأحكام من قوة الأمر المقضي "

(نقض 27/1/1985 مجموعة أحكام النقض , س 36 , رقم 21 , ص 159)


 وتنص المادة 861 من تعليمات النيابة العامة أن " الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية حكم قضائي " .

 ومقتضي حجية الأمر بألا وجه لاقامة الدعوى أنه يكسب المتهم حقا في عدم الرجوع الي الدعوى , واذا رفعت الدعوى رغم صدور أمر بعدم وجود وجه لإقامتها تعين الحكم بعدم قبولها , ويكتسب الأمر بأن لا وجه هذه الحجية بمجرد صدوره ولو لم يعلن به الخصوم , طالما ظل قائما , ولم يلغ قانونا . ويترتب علي هذه الحجية أن أي إجراء من اجراءات التحقيق تال للأمر بأن لا وجه يعد باطلا , كذا إذا قامت سلطة التحقيق بإحالة الدعوي الي قضاء الحكم , رغم صدور الأمر , كان أمر الإحالة باطلا . ويترتب علي ما سبق أن حجية الأمر بألا وجه تمتد الي الواقعة التي صدر بشأنها الأمر المذكور بكل كيوفها وأوصافها القانونية . وتعلق حجية الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوي الجنائية بالنظام العام , هو أمر مستقر بإجماع الققه واستقر عليه القضاء أيضا . طالما أن الأمر المذكور لم يلغ بإحدى الطرق التي نص عليها القانون , مثل إلغاء النائب العام للأمر حسب نص المادة أ.ج وذلك خلال مدة الثلاثة شهور التالية لصدوره , وظهور دلائل جديدة وفقا لنص المادة 197 إ.ج اقتضت العودة الي تحقيق ذات الدعوى والتي لازالت قائمة لم تنقض بعد , أو إلغاء الأمر بناء علي الطعن فيه بالاستئناف , وقبول هذا الطعن ,ومن ثم تزول بالضرورة كافة آثاره .

 والأصل أن الدفع بعد جواز نظر الدعوي من النظام العام , بمعني أنه يجوز التمسك به في أي مرحلة تكون عليها الدعوي , حتي لو كان ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض متي استوفي شرائطه , حتي ولمحكمة الموضوع ان تقضي به من تلقاء نفسها حتي ولو لم يتسمك به المتهم .

 والعبرة دائما هي بحقيقة الواقع وليس بما تخلعه النيابة العامة علي قرارها من وصف , وقد قضي تطبيقا لذلك أن " لما كانت واقعتا القذف والبلاغ الكاذب المسندتين إلي المطعون ضدهم في الدعوى المباشرة الماثلة موضع تحقيق من النيابة العامة وانتهت فيهما إلي إصدار أمر بحفظ الشكوي إداريا . وكان هذا الأمر وقد صدر من النيابة العامة بعد تحقيق أجرته بنفسها – يعد أيا ما كان سببه – أمرا بعدم وجود وجه لإقامة الدعوي صدر منها بوصفها سلطة تحقيق وإن جاء في صيغة الحفظ الإداري , إذ العبرة بحقيقة الواقع لا بما تذكره النيابة عنه " .

(نقض 27/1/1985 مجموعة أحكام النقض , س 36 , رقم 21 , ص 159)

 لما كان ما سبق , وكان الثابت بالاوراق ص 89 , 94 من واقع شهادة الجدول في القضية رقم 13789 لسنة 2009 جنح تلا , أن المحكمة قضت ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه , وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة , وإحالة للنيابة العامة لاتخاذ شئونها حيال واقعة التزوير , وقد نسخت صورة من القضية تخصص عن واقعة التزوير وقيدت برقم 12114 لسنة 2012 جنح تلا , ضد المدعي بالحق المدني / تهامي بيومي محمد تهامي , وليس ضد الطاعن .

 وثابت أيضا ص 91 من واقع شهادة الجدول في القضية رقم 12302 لسنة 2008 جنح تلا , أن المحكمة قضت ببراءة المتهم مما أسند إليه , وإحالة الأوراق للنيابة العامة لاتخاذ شئونها قبل واقعة التزوير في محرر عرفي , نسخت صورة من الأوراق وقيدت برقم 12378 لسنة 2009 جنح تلا ضد المدعي بالحق المدني / محمد عبد الستار محمد الدسوقي وليس الطاعن .

 وثابت أيضا ص 92 من واقع شهادة من الجدول في القضية رقم 13798 لسمو 2009 جنح تلا , وقضت فيها المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة . ولم تتم احالة الاوراق للنيابة العامة .

 وثابت أيضا ص 90 من واقع شهادة الجدول في القضية رقم 618 لسنة 2010 جنح تلا , أن المحكمة قضت ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه , ولم يتم احالة الاوراق للنيابة العامة ضد المدعي بالحق المدني أو غيره / تامر زغلول مصطفي عجلان .
ومؤدي ما سبق فإن عدالة المحكمة قد استبعدت الطاعن حين أمرت بإحالة الاوراق ضد المدعين بالحق المدني في الجنحتين الاولي والثانية , والنيابة العامة لم توجه له ثمة اتهام فيهما أيضا , وبذلك نكون بصدد أمر ضمني بألا وجه لاقامة الدعوي الجنائية ضد الطاعن , الأمر الذي يحول دون إعادة تحريك الدعوي الجنائية ضده في الجناية المطعون علي الحكم الصادر فيها , لأن هذا الأمر لم يتم إلغاؤه , وهناك حالة شهيرة طبق فيها هذا الامر وهي قضية الرئيس السابق حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين في احداث ثورة يناير , والتي قضي فيها بعدم جواز نظر الدعوي لسابقة صدور امر ضمني من النيابة العامة , الأمر الذي يضحي معه الدفع مصادفا لصحيح الواقع والقانون جديرا بقبوله .

ثالثاً : الخطأ في تطبيق القانون :

1 – حيث أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه تأسيسا علي أن الطاعن " ... وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية (محام) ورغبة منه في الابلاغ كذبا وبسوء قصد ضد المجني عليه ... وارتكب تزويرا في محررات رسمية بالاشتراك مع موظف حسن النية وجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وذلك بأن استغل توكيلات بعضا من موكليه وقام بتحرير صحف الدعاوى ... واثبت بصحيفة كل دعوى علي خلاف الحقيقة ان المجني عليه بالدعاوى قد استلم من كل منهم مبلغا نقديا لتوصيله لأخر إلا انه اختلسه , وان كلا منهم قد قام بوكالته قانونا لاقامة هذه الجنح ضد هذا المجني عليه ... " .

 ووجه الخطأ يتمثل في الآتي :
اعتنق الحكم عقيدة أن المتهم قد ارتكب كل الجرائم الواردة بأمر الاحالة – وإن كان قد استخدم المادة 32/2 ع ورأي معاقبة الطاعن بعقوبة الجريمة الاشد – والجرائم الثلاثة الأُول المعاقب عليها بالمواد 211- باستثناء م 212- 213 عقوبات هي جرائم الموظف العام .

 فجريمة التزوير المادي الذي يرتكبه موظف عام في محرر رسمي أثناء تأدية وظيفته نصت عليها المادة 211 عقوبات , وتتطلب هذه الجريمة توافر الاركان العامة للتزوير في المحررات , فلابد من تغيير الحقيقة في محرر باحدى طرق التزوير المادي التي حددها القانون , ولابد من ضرر , وقصد جنائي , ويتعين بالاضافة الي ذلك أن تتوافر للمحرر الصفة الرسمية , وللمتهم صفة الموظف العام , ويتطلب الشارع – بالاضافة الي الأركان العامة للتزوير وأركان التزوير في المحررات الرسمية – أن يرتكب المتهم تزويره " في أثناء تأدية وظيفته " . ويعني هذا الركن أن المتهم مختص بتحرير الورقة الرسمية التي ارتكب التزوير فيها .

 وبإنزال تلك المبادئ علي الواقع المطروح فإن تلك الشروط التي تطلبها المشرع لتطبيق هذه المادة غير متوافرة في شأن الطاعن , فهو ليس موظفا عاما بل هو محام , كما انه هو من قام بتحرير صحف الدعاوي . والأصل أن يقوم الموظف العام بتحرير المحرر , بل انه مكلف طبقا لواجبات وظيفته باثبات البيانات التي غيرَ الحقيقة فيها .

 ومن ناحية أخري فقد عَدَّدَ المشرع صور المحررات الرسمية التي يرتكب التزوير فيها وفقا لهذه المادة وهــــــــــــــــــــــي : أحكام صادرة أو تقارير او محاضر او وثائق أو سجلات أو دفاتر أو غيرها من السندات والأوراق الأميرية . وهذه الصور قد أوردها المشرع علي سبيل الحصر , فما خرج عنها لا يخضع لتطبيق المادة المنوه عنها , وليس صحف الدعاوى المباشرة من بينها .

 وبالاضافة لما سبق فإن المشرع قد حدد وسيلة التزوير في تلك الجريمة بأن يكون ذلك بوضع إمضاءات أو أختام مزورة أو بتغيير المحررات أو الأختام أو الإمضاءات أو بزيادة كلمات أو بوضع أسماء أو صور اشخاص آخرين مزورة . وصحف الدعاوى المباشرة المنسوب للطاعن تزويرها لا تحتوي علي أي من هذا .

 أما عن جريمة التزوير المادي في المحرر الرسمي الذي يرتكبه غير الموظف المختص بتحريره , والتي نصت عليها المادة 212 عقوبات فهي غير منطبقة أيضا علي الواقع المطروح بعدما انتفي ارتكاب الطاعن للجريمة المبينة بالمادة 211 عقوبات , فالمادة 212 تحيل الي المادة السابقة في شأن التزوير .

 وقد قضي تطبيقا لذلك بأن " دل الشارع بما نص عليه في المادتين 211, 213 من قانون العقوبات أن مناط العقاب علي تغيير الحقيقة في الورقة الرسمية هو أن يكون محررها موظفا عموميا مكلفا بمقتضي وظيفته بتحريرها , وعبارة الشارع واضحة المعني لا غموض فيها ومراد الشارع لا يحتمل التأويل " .

(نقض 16/2/1960 س 29ق – مجموعة المبادئ القانونية في خمس سنوات ص 298)


 أما جريمة التزوير المعنوي في المحرر الرسمي والتي نصت عليها المادة 213 عقوبات , يتطلب المشرع في هذه الجريمة توافر الأركان العامة للتزوير , ووقوعه عن طريق احدى وسائل التزوير المعنوي . ويفترض المشرع بالاضافة الي ذلك أن المحرر الذي غيرت فيه الحقيقة محرر رسمي .

 ولا يرتكب هذه الجريمة إلا الموظف العام المختص بتدوين المحرر , إذ أنه يفترض اثبات كاتب المحرر بيانات تختلف عن تلك التي كان يتعين عليه اثباتها , ولا يختص بإثبات بيانات المحرر الرسمي غير الموظف العام .

 ومؤدي ما سبق فإنه لا يتصور أن يسأل شخص غير الموظف المختص بتدوين المحرر باعتباره فاعلا للتزوير , وانما يتصور أن يسأل باعتباره شريكا فيه . والاصل في هذه الجريمة انها جريمة الموظف العام وانه هو من قام بتدوين البيانات المزورة , بينما الطاعن هو من قام بتدوين البيانات في عرائض الدعاوى المباشرة .

 وقد أكدت المادة المنوه عنها ذلك بقول المشرع " كل موظف في مصلحة عمومية أو محكمة غير بقصد التزوير موضوع السندات أو أحوالها في حال تحريرها المختص بوظيفته " . وقد اوضح المشرع طرق التزوير إما بتغيير إقرار أولي الشأن , أو بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة , أو بجعله واقعة غير معترف بها في صورة واقعة معترف بها . ولم تتوافر اي من الصور المنوه عنها في شأن صحف الدعاوى المباشرة , ذلك أن المحامي قد اثبت ما طلبه موكلوه وليس المجني عليه , مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون .

 وقد قضي تطبيقا لذلك بأن " وجوب بيان الاختصاص الحقيقي للموظف في جريمة تزوير الأوراق الرسمية . علة ذلك . أن التزوير في الأوراق الرسمية لا يتحقق إلا إذا كان إثبات البيان المزور من اختصاص الموظف أساس ذلك المادة 213 عقوبات " .
(الطعن رقم 1532 لسنة 39 ق – جلسة 17/11/1969 السنة 20 ص 1288)

 وقضي أيضا بأن " ليس كل تغيير للحقيقة في محرر يعتبر تزويرا فهو إذا ما تعلق ببيان صادر من طرف واحد ومن غير موظف مختص مما يمكن أن يأخذ حكم الإقرارات الفردية , فإنه لا عقاب إذا ما كان هذا البيان لا يعدو أن يكون خبرا يحتمل الصدق أو الكذب أو كان من ضروب الدفاع التي يلجأ إليها الخصوم مما يكون عرضة للفحص , بحيث يتوقف مصيره علي نتيجته .. "

(نقض 28/4/1959 طعن 460 سنة 29 ق – مجموعة المبادئ القانونية في خمس سنوات ص 294/9)

2 - من المقرر وفقا للمادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية أنه يجب أن يشتمل كل حكم بالادانة علي بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا كافيا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والادلة التي استخلصت منها الادانة حتي يصح وجه استدلالها وسلامة مأخذها تمكينا لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني علي الواقعة كما صار اثباتها بالحكم وإلا كان قاصر البيان .

 وبالرجوع الي الحكم الطعين نجد أن النيابة العامة اسندت الي المتهم التهم الواردة بأمر الإحالة وطلبت عقابه بالمواد 40/3,2 , 41/1 من قانون العقوبات والمواد ... الخ .

 وبالرجوع الي الحكم المطعون فيه نجد أنه لم يبين أحكام الاشتراك والأدلة والقرائن الدالة علي نسبتها للمتهم وفقا للمادتين 40, 41 عقوبات , ولم يتحدث عنهما , ولا عن صور الاشتراك وتحققه , ولا يوجد في الاوراق ما يفيد أن المحكمة استبعدت هذين النصين . مما يعد خطأ في تطبيق القانون .

3 - ومن ناحية اخري, فإن المحكمة قد أوردت في حكمها أن " الإتهامات جميعا قد وقعت لغرض اجرامي واحد وارتبطت ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة مما يتعين معه اعتبارها جريمة واحدة ومعاقبته بذات العقوبة الاشد عملا بالمادة 32 بفقرتها الثانية بالقانون ذاته" .

 ووجه الخطأ في حالتنا أن الحكم المطعون فيه لم يبين الجريمة ذات الوصف الأشد ولا النص الواجب التطبيق عليها حتي يتسني لمحكمة النقض مراقبة صحة التطبيق القانوني علي الواقعة كما صار اثباتها في الحكم المنوه عنه . حيث أن المادة 211, 213 عقوبات هما الجريمتان ذات العقوبة الاشد من بين الجرائم المنسوبة الي الطاعن , والعقوبة فيهما متساوية في حديهما وهي السجن المشدد أو السجن.

 ومؤدي ماسبق أننا لم نقف علي حقيقة قصد الحكم وما هي الجريمة المعاقب عليها المتهم, حيث أن المشرع لم يجعل من التزوير في المحررات جريمة واحدة , وانما تعددت جرائمة وتفاوتت عقوباتها , فلا يُعلم – مع التجهيل بالجريمة المقصودة والنص العقابي – أي نص طبقته المحكمة , وخاصة أن كلا من الجريمتين تختلفان في اركانهما عن الأخرى , وإن اشتركتا في ضرورة توافر صفة الموظف العام في الفاعل وهو أمر غير متوافر في حالتنا , حيث أن قرار الاحالة قد أورد أن المتهم من غير ارباب الوظائف العمومية , لاسيما وأن الحكم لم يبين وجه اشتراك المتهم .

 والأصل المقرر قانونا أن الجرائم شخصية فلا تتعدى مسئولية فاعليها الي الغير ممن لم يثبت اشتراكهم فيها بطريق من طرق الاشتراك القانونية , ولا مجال للمسئولية المفترضة إلا استثناء من هذا الاصل وبنص القانون .

 وقد قضي تطبيقا لذلك بأن " الأصل في القانون أن المساهمة التبعية تتحقق من الشريك بأحدى وسائل الاشتراك التي نص عليها القانون في المادة 40 عقوبات وهي التحريض والاتفاق والمساعدة " .

(15/1/1968 احكام النقض س 19 ق10 ص 47)


 كما قضي ايضا أن " من المقرر أن الشخص لا يسأل جنائيا بصفته فاعلا او شريكا الا عما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه , سواء كان ارتكابا او تركا , ايجابا أو سلبا , وذلك طبقا لأوامر الشارع ومناهيه , ولا مجال للمسئولية المفترضة او المسئولية التضامنية في العقاب , الا استثناء بنص القانون وفي حدود ما استثناه وأوجبه " .

(9/12/1969 احكام النقض س 20 ق 302 ص 1461)


رابعاً : القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع :

 هذا العيب يمس سلامة الاستقراء في الحكم سواء تعلق ذلك بالوقائع أو الدليل او عدم الرد علي دفاع جوهري . وقد أكدت محكمة النقض ذلك بقولها أن من المقرر " أن الحكم يجب أن يشتمل علي بيان واقعة الدعوي والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي اعتمد عليها في الإدانة وإلا كان قاصرا " الطعن رقم 9968 لسنة 59 ق جلسة 29/10/1982.

 كما أكدت محكمة النقض علي علو واهمية هذا السبب علي غيره من الاسباب بقولها " أن القصور المعجز في الوقائع أو الأدلة ينقض الحكم اذا ما اتسع له وجه الطعن ولو لم يكن مثارا , وذلك له الصدارة علي أوجه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون .
(نقض جنائي س 29 ص 970 )

 ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهي في قضائه الي ادانة الطاعن محمولا علي القول بثبوت الواقعة وصحة اسنادها الي الطاعن اخذا من اقول الشهود وتحريات المباحث وما ثبت من تقريري ابحاث التزييف والتزوير أن الايصالات – سند الجنح المباشرة – مزورة علي المجني عليه صلبا وتوقيعا , وصحف الدعاوى المباشرة التي حررها الطاعن , وما قدمه المجني عليه من اقرار منسوب للمدعي بالحق المدني في الجنحتين مثبتا به عدم وجود صلة او تعاملات مالية بينه وبين المدعي بالحق المدني فيها , ودلل ايضا بوفاة المدعي المدني في الجنحة الثالثة قبل رفع الجنحة المباشرة بمدة سنه سابقة علي رفعها .

1 – الثابت بالأوراق ص 96, 97 أن المجني عليه قدم تقرير طب شرعي مبدئي في القضية رقم 13789 لسنة 2009 جنح تلا , ثابت به في البند ثانيا من الفحص والنتيجة أن " نظرا لأن أوراق استكتاب الطاعن كذلك الصورة الضوئية المقدمة لم يكتمل لها من الصلاحية الفنية ما يكفي للوقوف علي كافة الخواص الكتابية للطاعن ( وهي ما يتم الاعتماد عليه في اجراء عملية المقارنة للخطوط " اليدوية" لذلك فإن الأمر يتطلب تعزيز الأوراق الحالية بالأتي :

1 - ارفاق اوراق رسمية وعرفية معترف بها تحمل خط وتوقيعات الطاعن , علي ان تكون معاصرة قدر الامكان للايصال موضوع الطعن . 2 – ارفاق صورة رسمية طبق الاصل من استمارة الحصول علي البطاقة الشخصية أو العائلية أو الرقم القومي الخاصة بالطاعن. 3 – حضور كل من الطاعن والمطعون ضده معا امامنا بالادارة وذلك لاجراء المناقشة الفنية حول ايصال الامانة موضوع الدعوي , واستكتاب الطاعن علي ضوء ما سيقدم من أوراق .

 لما كان ما سبق , فإن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه علي تقارير غير موجودة بالأوراق ولم يحدث أن تم وضع تقرير فني نهائي من الطب الشرعي بهذا الصدد , وقد خلت الاوراق من هذا المستند الذي عولت عليه المحكمة , كما لم تقم المحكمة بضم تلك الجنح للوقوف علي حقيقة الأمر عن بصر وبصيرة , ومن ثم يكون قد خالف الثابت بالاوراق مفتئتا علي الواقع , ولم يتم تقديم صورة من الحكم الصادر في تلك الجنحة ولكن مقدم شهادة من الجدول في كل الجنح , لم يظهر منها الاساس القانوني للقضاء بالبراءة , وهل اقيمت البراءة علي اساس ان المحرر سندها مزور من عدمه , ومن القائم بتزويره , الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب .

2 – أما بالنسبة لصحف الدعاوى المباشرة فهي أوراق عرفية من حيث الأساس , ومن قام بتحريرها هو الطاعن وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية , ولا ينال من ذلك ما جاء بالحكم المطعون فيه من رد علي ما أثاره دفاع الطاعن حول هذه المسألة , لأنه غير سائغ قانونا ولا يكفي لحمل الحكم . فالقول بأن " الاصل أن ينشأ المحرر رسميا منذ بداية تدوينه ولكن بعض المحررات قد ينشأ عرفيا إذ قد دونه الافراد بصفتهم الخاصة ثم اكتسب الصفة الرسمية فيما بعد حينما تدخل الموظف العام في تحريره , و قد يقتصر تدخله علي القيام باجراء معين في شأنه كاعلانه مثلا فإذا اكتسب المحرر الصفة الرسمية فإن تغيير الحقيقة فيه يعتبر تزويرا في اوراق رسمية سواء كان التغيير قبل ان يكتسب المحرر الصفة الرسمية او بعد ان اكتسبها ..." .

 فهذا القول يدحض ما انتهي اليه الحكم المطعون فيه , ذلك أن المحرر قد نشأ عرفيا – عرائض الدعاوى الثلاث – ومن ناحية اخري فهذا القول قائم علي خلط بين أدوار الفاعل الاصلي - وفي حالتنا يكون الموظف العام - والشريك بالاتفاق او المساعدة او التحريض , مثل اعلان صحف الدعاوى , فيفترض أن من قام بتحريرها قد ذكر بيانات عنوان المعلن اليه مخالفة للحقيقة وقام المحضر باعلان المحرر مع علمه بأن العنوان مخالف للحقيقة , أو قام المحضر بتغيير البيانات المثبتة بالمحرر بما يخالف الحقيقة , وليس هذا ما حدث في حالتنا , فعريضة الدعوي حررها بكاملها الطاعن , ولم يثبت عنوانا مغايرا للحقيقة للمعلن اليه , ومن ثم فإن قيام المحضر باعلان صحيفة الدعوي لا يعتبر تداخلا منه في المحرر . فالتداخل الذي قصده المشرع حيث يكون لزاما علي الموظف التدخل بملئ بيانات معينة علي نموذج مطبوع مثلا , وهو أمر غير متوافر في حالتنا , الامر الذي يصم الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال .

 وقد قضي تطبيقا لذلك بأن " لما كانت جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة ، لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور ، وليس من هذا القبيل الإخبار بوقائع تغاير الحقيقة في صحيفتي الدعويين سالفتي الذكر ومحضري جلستيهما ، لأن مثل هذه الوقائع مما يمكن أن يأخذ حكم الإقرارات الفردية التي تحتمل الصدق والكذب ولا ينال كذبها من قيمة المحرر وحجيته ما دام انه لا يتخذ حجة في إثبات صحة مضمونها أو كانت من دروب الدفاع التي يلجأ إليها الخصوم ، فهي بهذه المثابة تكون عرضه للفحص بحيث يتوقف مصيرها علي نتيجتها . فإن الإخبار بالوقائع المغايرة للحقيقة سالفة الذكر في صحيفتي الدعويين المشار إليهما سلفاً ومحضري جلستيهما لا تقوم به جريمة التزوير في محرر رسمي ولا يكون الاتفاق والمساعدة عليها المنسوب للطاعن اشتراكاً في تلك الجرائم ، فضلاً عن أن الطاعن قد اتخذ سنداً لإقامة الدعويين سالفتي الذكر عقد البيع المحرر بينه وبين المحكوم عليه الآخر والذي تضمن بيع الأخير للطاعن العقار المملوك للمدعية بالحقوق المدنية ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن أساس ما أسند إلي الطاعن والمحكوم عليه الآخر من اتهامات هو عقد البيع العرفي المؤرخ ...... وكان هذا العقد له وجود مادي ، ومحرر بين طرفين حقيقين ممثلين في كل من الدعويين ، فإن استناد الطاعن إلي هذا العقد في إقامة تلك الدعويين واختصامه المحكوم عليه الآخر فيهما لا يشكل تزويراً في عريضة دعوي أي منهما أو في محضر جلستها بصرف النظر عن صحة محتوي هذا العقد أو عدم صحته وبما تنتفي به أيضاً جريمة استعمال هذه المحررات ، وإذ جري قضاء الحكم علي خلاف هذا النظر فإنه يكون قد جانب الصواب وأخطأ في تطبيق القانون ".

(الطعن رقم 3728 /80 بتاريخ 17/4/2011)


 كما قضي أيضا بأنه " لما كان ذلك، وكانت جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه لأن هذا التغيير نتج عنه حتما حصول ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور وليس من هذا القبيل الإخبار بوقائع تغاير الحقيقة في صحيفة الجنحة المقامة بطريق الادعاء المباشر ومحضر جلسـة ....... لأن مثل هذه الوقائع مما يمكن أن يأخذ حكم الإقرارات الفردية التي تحتمل الصدق والكذب ولا ينال كذبها من قيمة المحرر وحجيته مادام أنه لا يتخذ حجة في إثبات صحة مضمونها أو كانت من ضروب الدفاع التي يلجأ إليها الخصوم فهي بهذه المثابة تكون عرضه للفحص بحيث يتوقف مصيرها على نتيجتها فإن الإخبار بالوقائع المغايرة للحقيقة سالفة الذكر في صحيفة الجنحة ومحضر الجلسة المشار إليهما سلفاً لا تقوم به جريمة التزوير في محرر رسمي ولا يكون الاتفاق والمساعدة عليها المنسوب للطاعن اشتراكاً في تلك الجريمة ".

(الطعن رقم 4445 / 80 بتاريخ 19-1-2011)


3- ومن ناحية أخري فإنه لا يوجد بالأوراق ثمة دليل يقيني جازم مادي أو فني يفيد تحقق التزوير في المحررات سند الجنح الثلاث – ايصالات الامانة – وصحة نسبته الي الطاعن , وآية ذلك ما ورد بتحقيقات النيابة العامة بتاريخ 28/6/2012 ص 25/51 حيث وردت الأوراق من النيابة الكلية , وكان من ضمن طلباتها اجراء المظاهاة اللازمة والتصرف حسبما يتضح وطلب حضور الطاعن / محمد سعيد محمد حيدر. وايضا ص 40/66 بتاريخ 18/7/2013 طلبت النيابة الكلية اجراء الاستكتاب اللازم وسؤال الطاعن عن معلوماته , ولم يحضر الطاعن ولم يدل بأي اقوال ولم يتم استكتابه , فبات واضحا جليا انقطاع صلته بتزوير تلك المحررات . وقد خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر بتحقق التزوير ونسبته الي الطاعن دون الاستناد الي دليل سائغ واقعا وقانونا , مما يصيبه بالقصور في التسبيب فضلا عن الفساد في الاستدالال .

4 – ومن ناحية أخري فقد عول الحكم في قضائه علي الاقرارين المقدمين من المدعين بالحق المدني في الجنحتين , وهما / تامر زغلول مصطفي عجلان و تهامي بيومي محمد تهامي , بما يفيد عدم توكيلهما للطاعن في إقامة الجنحتين وعدم وجود خلافات مع المجني عليه . بينما أهدر في ذات الوقت وجود وكالة رسمية سارية منهما للطاعن تتيح له رفع الدعاوي واقامة الجنح عنهما , فضلا عن صحيفة الجنحة المباشرة الخاصة بالشاهد/ تامر زغلول مصطفي عجلان مبين بها توقيعه علي الصحيفة بجانب توقيع المحامي والبصمة ايضا .

 وبالاضافة لما سبق فإن الشاهد الثاني قد عاد ونكل عن اقراره المقدم للمجني عليه في المحضر الإداري رقم 56ح لسنة 2011 بتاريخ 14/1/2011 والمقدم بحافظة مستندات الطاعن أمام محكمة الموضوع , والذي قرر فيه الآتي :

س : ما هي تفصيلات الأقوال التي ترغب في اضافتها ؟
ج : انا عاوز أقول أنني حررت توكيل للاستاذ / محمد سعيد حيدر المحامي ( الطاعن) علشان يرفع قضية ايصال امانه علي الشاكي ووقعت علي عريضة الدعوى الخاصة بالقضية , ولما حضر الشاكي لي علشان يعطيني فلوسي قالي انه مش هيديني فلوسي إلا لما أشهد ضد المحامي بتاعي , وعلشان كده أنا حضرت معاه للشهادي باللي قلته قبل كده , مع أن الايصال الامانة اللي مرفوع عليه بتاعي وانا اللي اعطيته للمحامي علشان يرفعه ضده , وانا اللي وقعت علي عريضة الدعوي الخاصة به , وده كل اللي حصل .

 بالاضافة الي قيامه بعمل اقرار موثق بالشهر العقاري بتاريخ 3/3/2011 يقر فيه انه قد وكل الطاعن / .......... المحامي برفع الجنحة المباشرة ضد / محمد محمود عبد الله ماضي والمقيدة رقم 618 لسنة 2010 جنح تلا من اجل الحصول علي حقي بموجب توكيل رقم 2691 ب لسنة 2009 عام شبين الكوم , وأن أي اقرار سابق يعد لاغيا , وقد قدم الطاعن هذا الاقرار بحافظة مستندات امام محكمة الموضوع . كما قام هذا الشاهد أيضا بعمل توكيل خاص في الشهر العقاري للاستاذ / نبيل محمود عبد الله المحامي للتصالح مع المجني عليه بخصوص الجنحة رقم 618 لسنة 2010 جنح تلا , ومقدم بحافظة الطاعن ايضا .

 ومؤدي ما سبق أن استدلال المحكمة بإقرار الشاهد الثاني وشهادته أمام النيابة العامة استدلال غير سائغ , مبني علي خطأ في فهم وتحصل الواقع في الاقرار والمحضر الاداري , لأن الشاهد قد اوضح في اقراره في المحضر المنوه عنه واللاحق لاقراره الموثق بالشهر العقاري , أنه كان واقعا تحت اكراه معنوي لوعد المجني عليه له باعطائه امواله إذا انكر علاقته به وانه لم يوكل الطاعن في رفع الجنحة , ومن ثم يكون اقراره الموثق بالشهر العقاري الذي اعتمد عليه الحكم مخالفا لحقيقة الواقع ولا يعتد به قانونا , ويكون تعويل الحكم علي اقوال هذا الشاهد في النيابة فيما بعد ترجيح بغير مرجح , وخاصة ان اقواله متأرجحه وإن كان قد اوضح سبب ذلك وحرصه علي الحصول علي امواله , فتهارت أقوال الشاهد بحيث لم يبق منها ما يمكن الاعتماد عليه كدليل ادانة , بل إنه يولد الشك في مصداقيته , والشك يفسر لصالح المتهم . وخاصة أن المدعي بالحق المدني/ تهامي بيومي محمد تهامي محمد في الجنحة رقم 13789لسنة 2009 جنح تلا , قد أقر أمام الشهر العقاري بأنه وكل الطاعن في رفع تلك الجنحة بموجب توكيل رقم 3364 أ لسنة 2004 عام شبين الكوم , من أجل الحصول علي حقه من المجني عليه , وأن أي إقرار آخر سابق لهذا التاريخ يعد لاغيا ولا يعتد به . ولم يغير في إقراره هذا في تاريخ لاحق ولم تسمع أقواله أمام النيابة العامة , وقام بعمل توكيل خاص باسم الاستاذ / امير محمد طلعت للتصالح في الجنحة المنوه عنها , وقدمه الطاعن أيضا بحافظة مستندات بجلسة 27/11/2016 , وكل من التوكيلين الخاصين قد تم استخدامها في الجنحتين , مما يعضد موقف الطاعن ويوهن أقوال الشاهد الثاني أمام النيابة . مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال .

5 – ومن ناحية اخري فإن الحكم المطعون فيه استدل بوفاة المرحوم / عبد الرازق أحمد عبد الجواد في تاريخ سابق علي رفع الجنحة رقم 13798 لسنة 2009 جنح تلا بمدة سنه, دليلا علي قيام التزوير في شأن الطاعن , وهذا القول مردود عليه بأن الأوراق قد خلت مما يفيد علم الطاعن بوفاة الموكل طبقا لنص المادة 717/2 مدني , فلم يصله ثمة إخطار من ورثة المتوفي بحدوث الوفاة , ولا يمكن بحال من الاحوال القول بأن تراخي الطاعن في رفع الدعوي دليل علي ارتكابه لتزوير في محرر عرفي , طالما أن الدعوى لم تنقض , وإن جاز نسبة اهمال لديه أو مسائلته تأديبيا .ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد استقي الدليل علي التزوير من مصدر غير سائغ أو صالح لهذا الاستنتاج مما يشوبه بالفساد في الاستدلال .

6 - من المقرر أن الأحكام يجب أن تبني علي الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو براءته صادرا في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجرية من التحقيق مستقلا في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكما لسواه .

 وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها علي التحريات باعتبارها مفرزة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحه علي بساط البحث , إلا أنها لا تصلح وحدها دليلا أساسيا في ثبوت التهمة , فإذا شهد ضابط المباحث بأن تحرياته دلت علي أن المتهم مرتكب الحادث علي الصورة التي أوردها في أقواله بيانا للواقعة ولم يبين للمحكمة مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدي إلي صحة ما انتهي إليه من أن المتهم هو مرتكب الحادث فإنها بهذه المثابة لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها تخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلي أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضي منه بنفسه حتي يستطيع أن يبسط رقابته علي الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوي أو عدم إنتاجه ولا يُجْزِء في ذلك ما قاله الحكم بما لم يقل به الضابط أن تحرياته قد استقاها من " السنة الناس المتواترة علي الصدق " إذ هو قول مرسل علي إطلاقه لا يكشف عن دليل بعينه تحققت المحكمة منه بنفسها , وإذا كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها رأي محرر محضر التحريات فإن حكمها يكون قد بني علي عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا علي عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها فإن ذلك مما يعيب الحكم .
(نقض جنائي س 34 ص 392 – المستشار مجدي الجندي المرجع السابق ص 382 , 383)

 كما قضي أيضا بأن من المستقر عليه قضاء " أن التحريات الجدية هي تلك التحريات التي تبني علي أدلة تسوقها وتستند عليها ويكون لها دورا هاما في مجال الإثبات الجنائي في مرحلة المحاكمة حيث ان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها علي ما جاء بتلك التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة "

(نقض جلسة 7/11/1991 الطعن رقم 466 لسنة 60 ق)


 لما كان ما سبق وكان الحكم المطعون فيه قد عول علي تحريات المباحث التي خالفت الثابت بالأوراق وخلوها من ثمة دليل فني أو مادي يقطع بقيام الطاعن بتزوير ايصالات الأمانة , كما أن مجريها قد استقى معلوماته من مصادره السرية التي لم يفصح عنها والتي يثق فيها وحده. ناهينا عن أن الحكم المطعون فيه قد أورد في مدونات حكمه " أن المحكمة قد اطمئنت الي تلك التحريات والي صدق من اجراها وهم شهود الاثبات الثالث والرابع والخامس والسادس – علما بإن الشهود في قائمة ادلة الثبوت خمسة فقط - وتقتنع أنها بالفعل اجريت بمعرفتهم والتي اتحدت في جماعها علي أن المتهم لم يكن موكلا عن موكليه .. " بينما الثابت بالاوراق أن أيا ممن أجرى التحريات لم يجرها بنفسه بل استعان بمصادره السرية ولم يكشف عن تلك المصادر , كما قرروا جميعا بتحقيقات النيابة العامة , الأمر الذي ينبئ بذاته عن عدم الإحاطة بوقائع الدعوى عن بصر وبصيرة , ويقدح في سلامة مأخذ الدليل الذي اعتمدت عليه المحكمة . بالاضافة الي أن هناك ثلاث محاضر تحريات مؤرخه في 16/3/2011 ص 7 , وبتاريخ 2/6/2011 ص 13 , وبتاريخ 6/10/2011 ص 6 قالوا جميعا أن تحرياتهم لم تتوصل لمعرفة حقيقة الواقعة ونسبتها الي الطاعن , وهذه التحريات كانت في وقت معاصر للواقعة المزعومة أو قريبة منه , فكيف جزمت التحريات فيما بعد وفي تاريخ لاحق وبعيد عن تاريخ حدوث الواقعة المزعومة بارتكاب الطاعن لتزوير الايصالات العرفية ؟!! وهي مسألة تحتاج الي اطلاع علي المستندات المزعوم تزويرها والتي خلت منها الأوراق , وهي مسألة فنية في المقام الأول لا يمكن أن نعول فيها علي تحريات المباحث وحدها .

 ومؤدي ما سبق فإن الضابط مجري التحريات قد كون رأيه بناء علي المعلومات من المصادر المزعومة , بينما المحكمة أولي بذلك منه , ومن ثم فإن التحريات بهذه المثابة لا تعدو ان تكون مجرد رأي لمحررها , يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب , إذ يجب أن تتحقق المحكمة بنفسها من ذلك , حتي تستطيع ان تبسط رقابتها علي الدليل وتقدر قيمته من حيث صحته او فسادة ولا تسايره في كل ما يقول به. إذ ان قول الضابط هو قول مرسل علي اطلاقه لا يكشف عن دليل بعينه , و لم تتحقق منه المحكمة حتي يمكنها بناء عقيدتها عليه , وإذا كان الحكم قد جعل أساس اقتناعه رأي الشهود من الثالث حتي الخامس مجريي التحريات , فإنه يكون قد بني علي عقيدة حصلها الشاهد فقط من تحريه وحده, و لم يُبن الحكم علي عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها مما يجعل الدليل المكون لعقيدة المحكمة فاسدا , الأمر الذي يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ويبطله .

وعن قبول الطعن شكلا فقد أقيم في الميعاد طبقا للاوضاع المقررة قانونا وتم ايداع الاسباب .
وعن طلب وقف تنفيذ العقوبة لحين الفصل في موضوع الطعن :
 فإن أسباب الطعن يرجح معها الحكم لصالح الطاعن على النحو السالف بيانه مما يشفع لنا في طلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا لحين الفصل فى موضوع الطعن وخاصة أن الطاعن محام تأثرت حياته المهنية بهذا الزعم العاري من الصحة .
 

بنــاء عليـــه


يطلب الطاعن تحديد أقرب جلسة ممكنه لنظر الطعن والحكم له :
أولا : بقبول الطعن شكلا للتقرير به وإيداع أسبابه فى الميعاد وبإجراءات صحيحــــة .
ثانياً : وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا لحين الفصل فى موضوع الطعن . 
ثالثا : وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة الي محكمة جنايات شبين الكوم لتفصل فيه بهيئة مغايرة.

وكيل الطاعــن
حسني سالم
المحامى بالنقـض


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 576 / عدد الاعضاء 62