جلسة 5 من يوليو سنة 2014 الطعن رقم 5345 لسنة 44 القضائية عليا (دائرة توحيد المبادئ)
المبادئ المستخلصة:
(أ) تأديب– القانون الواجب التطبيق عند خلو النظام التأديبي من نص- القانون التأديبى ينتمي إلى أسرة قانون العقوبات، فيتعين الرجوع إلى قانون الإجراءات الجنائية فى كل حالة يرى القاضي التأديبى أن الحكم الوارد به ينسجم مع طبيعة النظام التأديبى وأهدافه- كذلك فإن قانون المرافعات هو القانون العام للإجراءات القضائية وغير القضائية، فيتعين الرجوع إلى أحكامه إذا شاب القوانين الإجرائية الأخرى نقص أو غموض أو إبهام، شريطة أن يكون الحكم الوارد به ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي.
(ب) دعوى– الحكم بوقفها جزائيا وباعتبارها كأن لم تكن- خول المشرع المحكمة الحق فى أن تحكم بوقف نظر الدعوى لمدة لا تجاوز شهرا متى تخلف أحد الخصوم عن القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات كلفته به وحددته له المحكمة- يجب على المحكمة أن تحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يمتثل صاحب الشأن لتنفيذ ما أمرته به المحكمة.
(ج) دعوى– الطعن في الأحكام- الحكمـــــــة التى تغياها المشرع من المادة (99) من قانون المرافعات هي الحرص على تعجيل الفصل فى الدعاوى- هذه الحكمة تظل واجبة النفاذ على الطعون تحقيقا لسرعة الفصل فيها، أيا كانت أنواعها ودون النظر إلى طبيعة الطعن- لا يوجد ما يحول دون محكمة الطعن وتطبيق المادة (99) بجميع أشطارها.
(د) دعوى– الحكم بوقفها جزائيا وباعتبارها كأن لم تكن- ليس هناك ما يحول وتطبيق المادة (99) من قانون المرافعات على الطعون أو المنازعات التأديبية المقامة من النيابة الإدارية- وضع المشرع القوانين الإجرائية لخدمة العدالة، وراعى التسوية بين جهات الإدارة وسلطة الاتهام وجميع المواطنين، أيا كانت طبيعة منازعاتهم أو نوعها.
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
دائرة توحيد المبادئ
********************
بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 5/7/2014 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى أحمد راغب دكرورى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمـــة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / عبد الله عـــــــامر إبراهيم سليمان ومحمـــــــد عبد العظيم محمود سليمان و فايز شكرى حنين ومحمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم وربيع عبد المعطى أحمد الشبراوى ولبيب حليم لبيب ومحمود محمد صبحى العطار وحسن كمال محمد أبو زيد شلال وحسن عبد الحميد محمد البرعى وأحمـــد عبد الحميد حسن عبود .
نــواب رئيس مجلس الدولـة
بحضور السيد الأستاذ المستشار / سراج الدين عبد الحافظ عثمان
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
************************
أصدرت الحكم الآتي :
فى الطعن رقم 5345 لسنة 44 القضائية عليا
المقـــام مــن : السيد / *******
ضــــــــــد
النيابة الإدارية
والطعن رقم5569 لسنه 44 ق عليا
المقام من النيابة الإدارية
ضد : محمد إبراهيم خليل وآخرين .
طعناً على الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة
بجلسة 29 مارس سنة 1998 فى الدعوى التأديبية رقم 176 لسنه 21 ق .
*************
” الإجــــــــــراءات “
فى يوم 20/5/1998 أودع الأستاذ أنور عبد الفتاح المحامى بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلاً عن السيد / حسن رزق الله خلف الله سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 5345 لسنة 44 ق عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 29/3/1998 فى الدعوى رقم 176 لسنة 21 ق والقاضي بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من أجرة .
وطلب الطاعن للأسباب التي أوردها فى تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من آجره، وببراءته مما نسب إليه .
وبتاريخ 26/5/1998 أودعت هيئة النيابة الإدارية سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن فى الحكم المطعون عليه بالطعن رقم 5345 لسنهة 44 ق عليا قيد برقم 5569 لسنة 44 ق عليا .
وطلبت هيئة النيابة الإدارية للأسباب التى أوردتها فى تقرير طعنها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المتهمين الثالث والرابع مما نسب إليهما والقضاء بإدانتهما .
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي ارتأت فيه قبول الطعن رقم 5345 لسنة 44 ق عليا شكلاً ورفضه موضوعاً ، وبقبول الطعن رقم 5569 لسنة 44 ق عليا شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة كل من عبد العزيز عبد الباري وأحمد حسين محمود ومجازاتهما بخصم خمسة عشر يوماً من راتب كل منهما .
وقد نظر الطعنان بدائرة فحص الطعون على النحو المبين بالمحاضر حيث قررت إحالتهما إلى الدائرة الرابعة عليا موضوع ،وقد تدوول الطعنين بجلسات الدائرة الرابعة عليا موضوع على النحو المبين بالمحاضر وبجلسة 23/5/2009 قضت بقبول الطعن رقم 5345 لسنة 44 ق شكلاً ورفضه موضوعاً ، وقضت بوقف نظر الطعن رقم 5569 لسنة 44 ق عليا جزائيا لمدة شهر .
وأقامت المحكمة حكمها بوقف نظر الطعن أستناداً إلى أن النيابة الإدارية لم تقم بإعلان المطعون ضدهما بتقرير الطعن بالرغم من تأجيله لذات السبب منذ جلسة 27/3/2004 وحتى اليوم الأمر الذى يستوجب إعمال حقها المقرر فى المادة (99) مرافعات وتقضى بوقف الدعوى .
وبتاريخ 4/ 7/2009 طلبت هيئة النيابة الإدارية تعجيل السير فى الطعن المطروح وقدمت حافظة مستندات خلت مما يفيد تنفيذها قرار المحكمة بإعلان المطعون ضدهما بعريضة الطعن .
وبجلسة 17/3/2012 قررت الدائرة الرابعة عليا موضوع إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بالمادة (54) مكرراً من قانون مجلس الدولة لتقرر مدى جواز وقف الطعن المقام من هيئة النيابة الإدارية فى الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية إذا تخلفت عن تنفيذ قرار المحكمة بإعلان المطعون ضده وما يترتب على ذلك من آثار باعتبار الخصومة فى الطعن كأن لم تكن إذا مضت المواعيد المنصوص عليها فى المادة 99 من قانون المرافعات .
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه جواز تطبيق نص المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على الدعاوى وعلى الطعون المقامة فى الأحكام الصادرة فيها مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يقم المدعى أو الطاعن بتعجيل نظر الدعوى أو الطعن خلال الميعاد المقرر قانوناً أو إذا لم ينفذ ما أمرت به المحكمة وكان سبباً فى وقف الدعوى أو الطعن جزائيا .
وقد نظر الطعن بجلسات دائرة توحيد المبادئ على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 3/5/2014 قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة 5/7/2014 حيث تقرر إعادة الدعوى إلى المرافعة لتغير التشكيل وأصدر الحكم فى نهاية الجلسة حيث أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
الــمحـكـمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما تنطق بها عيون الأوراق أنه بتاريخ 14 يناير سنة 1993 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 176 لسنة 21 ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة ضد السادة : –
1- محمد إبراهيم خليل المدرس بمدرسة إبراهيم أبو النجا الصناعية.
2- السيد حسن رزق خلف الله المدرس بمدرسة المنصورة الميكانيكية.
3- السيد عبد العزيز عبد الباري وكيل مدرسة ميت غمر المعمارية .
4- أحمد حسين محمود الموجه الأول بالتعليم الصناعي.
لأنهم بتاريخ 14/5/ 1989 لم يؤدوا عملهم المنوط بهم بدقة ولم يحافظوا على ممتلكات وأموال الجهة التي يعملون بها وخالفوا القواعد والأحكام المالية وآتوا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن :-
الأول : قاد السيارة رقم 38142 حكومة التابعة لمدرسة شربين الصناعية متوجهاً إلى محطة بنزين بناحية شربين لإحضار مواد بترولية رغم أنها مخصصة لتدريب الطلاب مصطحباً معه الطالب صلاح عزت رزق لمساعدته في إحضار تلك المواد دون تزويــــدها بوسائل الأمان ضد الحريق مما أدى إلى اشتعال النيران بها وإتلافها ووفاه الطالب المذكور بداخلها .
الثانى : استعمل السيارة سالفة البيان فى ذلك اليوم مصطحباً معه الطالب صلاح عزت رزق لمساعدته فى إحضار مواد بترولية دون تزويدها بوسائل الأمان مما أدى إلى اشتعال النيران بها وإتلافها ووفاه الطالب المذكور .
الثالث : قام بالتوقيع على أمر الشغل الخاص بالسيارة سالفة البيان بتكليف الأول بإحضار المواد البترولية والبنزين بها وبها الطالب المذكور بالمخالفة للتعليمات .
الرابع : قام باعتماد أمر تشغيل السيارة سالفة البيان وإهماله فى الإشراف على قسم السيارات بالمدرسة مما نتج عنه احتراق السيارة ووفاه الطالب المذكور .
وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم تأديبياً ومجازاتهم بإحدى العقوبات المنصوص عليها بنظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنه 1978 .
وبجلسة 29 / 3/ 1998 قضت المحكمة التأديبية بالمنصورة بمجازاة كل من المتهم الأول والثانى بخصم خمسة عشر يوماً من أجر كل منهما وببراءة المتهم الثالث والرابع مما أسند إليهما.
ولم يرتض المتهم الثاني هذا القضاء فطعن عليه بالطعن رقم 5345 لسنه 44 ق عليا.
كما لم ترتض هيئة النيابة الإدارية هذا القضاء فطعنت عليه بالطعن رقم 5569 لسنة 44 ق طالبة إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المتهم الثالث والرابع وبمجازاتهما بإحدى العقوبات المقررة قانوناً .
وقد نظر الطعنان بجلسات الدائرة الرابعة عليا موضوع على النحو المبين بمحاضرها، حيث كلفت النيابة الإدارية بإعلان المطعون ضدهما بتقرير الطعن رقم 5569 لسنة 44 ق عليا ، كما قررت تأجيل نظر هذا الطعن عدة جلسات لهذا السبب وإزاء تقاعس هيئة النيابة الإدارية عن تنفيذ قرار المحكمة فقد قضت بجلستها المعقودة بتاريخ 23/5 / 2009 بوقف الطعن جزائياً لمدة شهر، وأقامت المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت نص المادة ( 99 ) من قانون المرافعات على أنها كلفت النيابة الإدارية بجلسة 27/ 3/2004 بإعلان المطعون ضدهما بتقرير الطعن رقم 5569 لسنة 44 ق عليا وبالرغم من تأجيل نظر الطعن لهذا السبب عدة مرات فإن النيابة الإدارية لم تقم بتنفيذ ما كلفتها المحكمة بتنفيذه مما يتعين معه استعمال حقها المقرر بالمادة (99 ) من قانون المرافعات وتقضى بوقف نظر الطعن جزائياً لمدة شهر .
ومن حيث إنه بتاريخ 4/7/2009 قدمت هيئه النيابة الإدارية طلباً لتعجيل السير فى الطعن، وأرفقت به حافظة مستندات خلت مما يفيد قيامها بتنفيذ قرار المحكمة بإعلان المطعون ضدهم بتقرير الطعن وهو ذات السبب الذي أوقفت نظر الطعن من آجل .
وبجلسة 17/ 3/ 2012 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ وأقامت قرارها على أن المستقر عليه أن قانون المرافعات يسرى على الطعون على قرارات الجزاء وأن قانون الإجراءات الجنائية يسرى على الدعاوى التأديبية التي تقيمها هيئة النيابة الإدارية وعلى الطعون التي تقيمها أيضا في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية وأنه إذا تخلفت هيئة النيابة الإدارية عن تنفيذ قرار المحكمة بإعلان المطعون ضده فإن قانون الإجــــراءات الجنائية قد خلا من نص يقضى بمجازاتها لذلك أرتأت إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لتقرر مدى جواز وقف الطعن جزائيا في مثل هذه الحالة وما يترتب على ذلك من أثار باعتبار الخصومة فى الطعن كأن لم تكن إذا انقضى الميعاد المقرر بالمادة (99) مرافعات أو إذا لم تقم النيابة الإدارية بتنفيذ ما كلفتها به المحكمة .
وأودعت هيئه مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه جواز تطبيق نص المادة (99 ) من قانون المرافعات على الدعاوى التأديبية وعلى الطعون المقامة فى الأحكام الصادرة فيها مع ما يترتب على ذلك من أثار اخصها اعتبار الدعوى أو الطعن كأن لم تكن إذا لم يقم المدعى أو الطاعن بتعجيل نظر الدعوى أو الطعن خلال الميعاد المحدد قانوناً أو إذا لم ينفذ أى منهما ما أمرت به المحكمة وكان سبباً فى وقف الدعوى أو الطعن جزائياً .
ومن حيث إن المسألة المعروضة على هذه الدائرة تتعلق بمدي جواز وقف الطعون المقامة من هيئة النيابة الإدارية طعناً فى الأحكام الصادرة من المحاكم فى الدعاوى التأديبية المقامة منها جزائياً إذا تقاعست عن تنفيذ ما كلفتها به المحكمة من إعلان المطعون ضده بتقرير الطعن .
ومن حيث إن المشرع حينما أنشأ القضاء التأديبي بمقتضى القانون رقم 117 لسنة 1958 لم يفصل الإجراءات التي يتعين مراعاتها فى مختلف مراحل المحاكمات التأديبية . وحين صدر القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة نص المشرع فى المادة الثالثة فى قانون إصداره على أن : ” تطبق الإجراءات المنصوص عليها فى هذا القانون ، وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص ، وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي ” . وإذ خلا قانون مجلس الدولة من تنظيم قانوني للإجراءات المتبعة أمام المحاكم التأديبية لذلك وجد اتجاهين فى قضاء المحكمة الإدارية العليا . الاتجاه الأول يرى أن قانون الإجراءات الجنائية هو القانون الأصل الذي يتعين الالتجاء إليه فى حاله عدم وجود النص ، وذلك بالنظر إلى التشابه الكبير بين الدعوى الجنائية والدعوى التأديبية ، وأنه لا يمكن الاستناد إلى قواعد قانون المرافعات المدنية والتجارية فى كل مالم يرد بشأنه نص خاص فى مجال التأديب لأن الإجراءات المدنية وضعت لصالح خاص أما إجراءات المحاكمة التأديبية وهى أقرب إلى المحاكمة الجنائية فقد نظمت لصالح عام وروعي فيها سير المرفق العام . وأن المحاكمة التأديبية أقرب إلى المحاكمة الجنائية لأن القانون التأديبي ينتمي إلى أسرة قانون العقوبات وبالتالي يتعين الرجوع إلى قانون الإجراءات الجنائية بصورة تلقائية فى كل ما لم يرد بشأنه نص خاص .
أما الاتجاه الثاني فيرى أن القاضي التأديبي له أن يرجع إلى كل من القانونين – قانون المرافعات والإجراءات الجنائية – فى كل حالة يرى أن الحكم الوارد بهما ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي وأهدافه وله أن لا يتقيد بأي منهما إذا ما وجد أن الحكم المقرر بهما لا يستقيم مع النظام التأديبي.
ومن حيث إنه ولئن كانت المحاكمة التأديبية أقرب إلى المحاكمة الجنائية لأن القانون التأديبى ينتمي إلى أسرة قانون العقوبات ويتعين الرجوع إلى قانون الإجراءات الجنائية فى كل حالة يرى القاضي التأديبى أن الحكم الوارد به ينسجم مع طبيعة النظام التأديبى وأهدافه فإن المقرر أن قانون المرافعات يعتبر قانوناً عاماً بالنسبة لقانون الإجراءات الجنائية وبالتالى فإنه يتعين الرجوع إليه لسد ما يوجد فى القانون الأخير من نقص أو للإعـــــــــانة على تنفيذ
القواعد المنصوص عليها فيه شريطة أن يكون الحكم الوارد فى قانون المرافعات ينسجم أيضاً مع النظام التأديبى وأهدافه .
ومن حيث إن المشرع فى القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية نص فى المادة السابعة على أن تسرى على الشهود الأحكام المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية للتحقيق بمعرفة النيابة العامة بما فى ذلك الأمر بضبط الشاهد وإحضاره، ثم نص فى المادة (26) على إنه فى حالة وجود سبب من أسباب التنحي المنصوص عليها فى قانون المرافعات بالنسبة لرئيس المحكمة أو أحد أعضائها يجب عليه التنحي عن نظر الدعوى ومن ثم فإن المشرع نفسه يكون قد أوجب الرجوع إلى قانون الإجراءات الجنائية وإلى قانون المرافعات المدنية لسد النقص فى إجراءات المحاكمات التأديبية .
ومن حيث أن المادة (233) من قانون الإجراءات الجنائية ولئن نصت على أن تحال الدعوى إلى محكمة الجنح بناء على أمر يصدر من قاضى التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة أو بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل أحد أعضاء النيابة العامة .فقد خلا هذا القانون من بيان للإجراءات الخاصة بالإعلان وكان قانون المرافعات هو القانون العام للإجراءات القضائية وغير القضائية فإنه يتعين الرجوع إلى أحكام هذا القانون إذا شاب القوانين الإجرائية الأخرى نقص أو غموض أو إبهام متى كان الحكم الوارد به ينسجم مع طبيعة النظام التأديبى .
ومن حيث أن تقرير الاتهام أو تقرير الطعن فى الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية هى أوراق شكلية ويجب أن يراعى فى تحريرها الأوضاع التى قررها القانون لها ويجب إعلانها إعلاناً قانونياً صحيحاً ، وقد حدد المشرع فى قانون المرافعات أوراق التكليف بالحضور و التى يقصد بها دعوة المعلن إليه إلى الحضور أمام القضاء ، وأوجب المشرع على وكلاء النيابة العامة أن يقوموا بتوجيه هذه الإجراءات وتقديم أوراقها للمحضرين لإعلانها ، كما حدد المشرع البيانات التى يجب توافرها فى الإعلان وكيفية إعلان هذه الأوراق للمعلن إليه وتمكينه من الإطلاع عليها وتسليمه صورة منها ، كما بينت المادة (10) من قانون المرافعات كيفية الإعلان . فأوجب أن تسلم هذه الأوراق إما إلى الشخص نفسه أو فى موطنه ، فإذا لم يجد المحضر المراد إعلانه فقد أوجب المشرع تسليم الورقــــــة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل فى خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار .
وقد رتب المشرع على عدم مراعاة قواعد المرافعات جزاءات مختلفة ، وحرصاً منه على تأكيد سلطة المحكمة فى حمل الخصوم على تنفيذ أوامرها – بقصد تعجيل الفصل فى الدعوى – فقد نص فى المادة (99) على أن تحكم المحكمة على من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن القيام بأى إجراء من إجراءات المرافعات فى الميعاد الذى حـــــــددته له المحكمة بغرامة … ويجوز لها بدلاً من الحكم بالغرامة أن تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز شهراً بعد سماع أقوال المدعى عليه, وإذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعى السير فى دعواه……. أو لم ينفذ ما أمرت به المحكمة حكمت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن.
ومفاد ما تقدم أن المشرع وضع القوانين الإجرائية لخدمة العدالة ، وحتى ترسم على هديها إجراءات التقاضى ويلتزم بها الخصوم ويحترمها القضاة ، وهو فى هذا السبيل قد راعى التسوية بين جهات الإدارة وبين سلطة الاتهام وبين جميع المواطنين أيا كانت طبيعة منازعاتهم أو نوعها.
ومن حيث إن المادة (273) من قانون المرافعات تنص على أن :- ” تسرى على قضايا الطعون أمام محكمة النقض القواعد والإجراءات الخاصة بنظام الجلسات ، كما يسرى عليها القواعد الخاصة بالأحكام …” .
ومؤدى هذا النص أن الباب الخامس من قانون المرافعات المعنّون ” إجراءات الجلسات ونظامها ” والمكون من فصلين أولهما معنون ” إجراءات الجلسات ” والذى تضمن من بين مواده نص المادة (99) المشار إليها ، والفصل الثانى جاء بعنوان “نظام الجلسة” يسريان على الطعون المقامة أمام محكمة النقض نظير المحكمة الإدارية العليا ومن ثم فإن المادة (99) سالفة البيان تجد مجالاً للتطبيق على الطعون المقامة أمام المحكمة الإدارية العليا أيا كانت أنواعها ودون النظر إلى طبيعة الطعن وما إذا كان مقاماً على حكم صادر فى منازعة إدارية أو على حكم صدر فى منازعة تأديبية أو طعن تأديبى ، فجميعها طعون أمام هذه المحكمة ، تظلها وتحكمها قواعد وإجراءات واحدة ، لا ينال منها أو يغّير فيها اختلاف أو تعدد الإجراءات المرعية عند نظر المنازعة الأصلية المطعون على الحكم الصادر فيها .
ومن حيث إنه وابتناء على ما تقدم ، وإذ كان المشرع قد خول المحكمة الحق فى أن تحكم بوقف نظر الدعوى لمدة لا تجاوز شهراً متى تخلف أحد الخصوم عن القيام بأى إجراء من إجراءات المرافعات كلفته به وحددته له المحكمة ، وأوجب عليها الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يمتثل صاحب الشأن لتنفيذ ما أمرته به المحكمة ، وكانت الحكمـــــــة التى تغياها المشرع من كل هذه الإجراءات هى الحرص على تعجيل الفصل فى الدعاوى ، فإن هذه الحكمة تظل واجبة النفاذ على الطعون تحقيقاً لسرعة الفصل فيها ومن ثم فإنه لا يوجد ما يحول دون محكمة الطعن وتطبيق المادة (99) بجميع أشطارها إعمالاً لنص المادة (273) سالفة البيان .
” فلهـــذه الأسبـــــاب “
حكمت المحكمة بسريان نص المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على الطعون المقامة أمام المحكمة الإدارية العليا وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه فى ضوء ذلك .