اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
ثروت الخرباوي
التاريخ
1/20/2012 2:21:34 PM
  نقض جنائي في جنحة نصب ، وهل يجوز لمحكمة الاستئناف تعديل القيد والوصف      

محكمة النقض
الدائرة الجنائية
مذكرة بأسباب الطعن
مقدمة من
الأستاذ / ثروت عبد الباسط محمد الخرباوى المحامي والمقبول للمرافعة أمام محكمة النقض والدستورية العليا بصفته وكيلاً عن السيد/                   بموجب التوكيل الصادر منه والمقيد تحت رقم             شهر عقاري          بتاريخ   /   / 2011  والمودع أصله مع مذكرة الطعن حيث قام بإيداع هذه المذكرة في المواعيد المحددة قانونًا وذلك طعناً علي الحكم الصادر بتاريخ 24/11/2011حيث أصدرت محكمة مستأنف الدقي حكمها في قضية النيابة العامة رقم 2861 لسنة 2011جنح الدقي والمستأنفة برقم 8931 لسنة 2011 جنح مستأنف الدقي والقاضي منطوقه ..حكمت المحكمة :
بالنسبة لاستئناف النيابة العامة بأجماع الآراء قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بحبس المتهم شهرين مع الشغل والنفاذ والمصاريف .
بالنسبة لاستئناف المدعي بالحق المدني بأجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف في الشق المدني والقضاء مجدداً بالزام المتهم بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة الاف جنيه علي سبيل التعويض المدني و 100 جنيه اتعاب محاماة والمصاريف .
الاتهام..
أسندت النيابة العامة للمتهم أنه في غضون 18/8/2008 توصل إلي الاستيلاء علي النقود المملوكة لـلسيد / ......... وكان ذلك عن طريق استخدام طرق احتيالية من شانها إيهامه بوجود مشروع كاذب وحصل من المجني عليه علي النقود بناء علي هذا الايهام وطلبت النيابة العامة عقاب المتهم بنصوص المادة 336 من قانون العقوبات .
وتمت المرافعة أمام محكمة أول درجة علي نص الاتهام الوارد بالمادة 336 من قانون العقوبات وعليه قضت المحكمة بعد البحث في الاوراق وأركان الجريمة المنسوبة للمتهم الطاعن ببراءة  المتهم تأسيسا علي أن الواقعة لا تعدو أن تكون واقعة مدنية تدور حول النزاع علي عقد بيع  لعقار ومدي نفاذ البيع في مواجهة المدعي المدني من عدمه بوصفه بيعاً لملك الغير ولا تنتمي إلي جرائم انتهاك ملك الغير بصلة ، ووفقا لما سلف قضت المحكمة بجلسة 24/5/2011 ببراءة المتهم من التهمة المنسوبة اليه وعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوي المدنية والزمت رافعها مصاريفها وخمسين جنيها اتعاب المحاماة .
وبتاريخ 19/6/2011 طعنت النيابة العامة علي الحكم الصادر ببراءة الطاعن وغيرت القيد والوصف الصادر منها أمام محكمة أول درجة وطلبت معاقبة المتهم الطاعن علي أساس نص المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981 وطلبت في نهائية مذكرة الطعن المقيدة منها بتاريخ 30/6/2011 ما يلي :
تطلب النيابة العامة :-
إولا: قبول الاستئناف شكلاً .
ثانياً وفي موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم للخطأ في تطبيق القانون والاعادة للفصل فيها مجدداً و أعمال صحيح القانون .
وعلي هذا قامت محكمة الاستئناف fالتصدي للجريمة الجديدة والتي نص عليها القيد والوصف الجديد الوارد بمذكرة النيابة العامة وقررت إمهال المتهم الطاعن أجلاً لتحضر دفاعة بشأن الجريمة الجديدة وانتهت بعد ذلك بحكمها المطعون عليه.
موضوع الطعن
    كان من لزوميات القانون أن يرد بيان موضوع الدعوى في الحكم المطعون فيه ، إلا أن الحكم لم يسرد ولو طرفا من الموضوع ، لذلك بات لزاما علينا أن نطرح قدرا من الموضوع لكي نستعين به على تفسير أسباب نقضنا وإيضاح مبناها ومعناها .
الطاعن هو رئيس مجلس إدارة شركة مساهمة تعمل في مجال الاستثمار العقاري ولها عشرات المشروعات في كل أنحاء البلاد ، وحدث أن بدأت في تنفيذ مشروع عقاري بمدينة مرسى مطروح على شاطئ " عجيبة " وإذ أصبح لها الحق في البناء بعد أن أنهت الإجراءات الشكلية في المحافظة بدأت في عرض الشاليهات التي تزمع إنشاءها على الجمهور ، وعقب كل مرحلة من المراحل كانت تقوم بالوفاء بعقودها بتسليم الحاجزين وحداتهم .
وتقدم المدعي بالحق المدني مثله مثل العشرات بطلب لشراء شاليهين ، وتم الاتفاق بإيجاب وقبول صحيحين وصريحين ، وتم التوقيع بين الطرفين على عقدي البيع ، لم يكن البيع منجزا ولكنه كان مرتبطا بمواعيد مستقبلية ، منها ما يخص المشتري من التزامه بسداد الثمن على أقساط ومن الأقساط قسط " التسليم " ومنها ما يخص البائع من التزامه بتسليم الشاليهين للمشتري عندما يقوم هذا الأخير بسداد المستحق عليه ، فهذا مرتبط بذاك إرتباطا لا يقبل الفكاك .
وقبل موعد التسليم تقدم المشتري بطلب لإنهاء العقد ، هو أراد ذلك ، هذه هي مشيئته ، ولأن للعقد أحكام فقد تطلب الأمر أن يسدد المشتري للبائع ما اصطلح على تسميته بالمصاريف الإدارية والتي ورد بيانها تفصيلا بالعقدين ، إلا أن المشتري يريد أن يخرج من الأمر ، بلا أمر ، ولا غُرم ، فاتجه إلى قسم الشرطة يحرر فيه محضرا ضد الطاعن ويتهمه بالنصب ، وعلى عجالة ودون أن يكون هناك دليل على هذا الزعم قامت النيابة العامة بإحالة الطاعن لمحكمة الجنح وفقا للقيد والوصف الوارد في قرارها والذي زعم أن المتهم الطاعن تمكن من الاستيلاء على نقود المجني عليه بطرق احتيالية بأن أوهمه بمشروع كاذب !! ولأن المشروع لم يكن كاذبا ، وكان صحيحا فقد قضت محكمة أول درجة ببراءة المتهم لمدنية النزاع ، لم تقف النيابة العامة عند هذا الحد ، بل إنها عندما وجدت أن أوراق الدعوى بالفعل لا تكشف أبدا عن جريمة النصب بحثت في القوانين الجزائية واستخرجت من قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1981 نصا عقابيا هو المادة 23 الذي يعاقب على جريمة أخرى ترتبط بعقود الإيجار لا البيع هي الامتناع عن تسليم عين لمشتريها ،واستأنفت النيابة العامة للخطا في تطبيق القانون ، وقالت في مذكرة الاستئناف ـ الذي قُدم بعد الميعاد ـ أن محكمة أول درجة أخطات عندما لم تغير أساس الدعوى ، ولم تعدل وصفها ووقائعها ، وأمام محكمة الاستئناف غضت المحكمة الطرف عن كل الأخطاء الإجرائية والواقعية ، وقبلت استئناف النيابة شكلا رغم التقرير به بعد الميعاد ممن لا يملك صفة الاستئناف ، وقبلت تعديل أساس الدعوى وتغيير وقائعها وأنزلتها من حكم مادة جريمة النصب إلى حكم مادة أخرى هي المادة 23 ق 136 لسنة 1981 ، فكان أن صدر الحكم بحبس المتهم الطاعن أمام محكمة الاستئناف بشهرين مع الشغل والنفاذ !! ولله في خلقه شئون .
مدخل لفلسفة هذا الطعن
قد تشق مهمة الطاعن و تبدو في غاية الصعوبة و الدقة أمام محكمة النقض، وعلة ذلك – كما هو معلوم بالبديهة لقضائكم العادل – تكمن في أن محكمتكم العليا هي في المقام الأول محكمة قانون لا واقع تُحاكم الحكم المطعون فيه في شقة القانوني دون شقه الموضوعي، و هي تصم آذانها عن أي جدل موضوعي يثيره الطاعن.
إلا أن محكمة النقض – كما أطردت أحكامها- تعمل دائما و أبدا على تحقيق التوازن بين مصالح مختلف الأطراف فضلاً عن المصلحة العامة المتمثلة في كشف الحقيقة و إقرار حق الدولة في العقاب، ولذلك لا أخالني مغالياً إذا قلت أن مهمة محكمة النقض في هذا الصدد هي لعمري أشق المهام و بلغ الغايات ، ذلك أنه إذا كان القاضي في سبيل تحقيق العدالة الجنائية وهي جوهر المصلحة العامة مكلفا بالوصول إلى الحقيقة لضمان تطبيق قانون العقوبات و تعويض المضرور من الجريمة ، فإنه لا يجوز أن يسعى إلى الوصول إلى هذه الحقيقة إلا من خلال إجراءات قانونية منصفة، والقاضي في إدارته للدليل أو تقديره لقبول الدليل مقيدُ ُ بمراعاة ما تتطلبه هذه المحاكمة من ضمانات ويخضع في هذا كله لرقابة مستبصرة من محكمة النقض .
في هذا الطعن نتجه إلى العديد من الأخطاء التي وقع فيها الحكم ، لم نقف عند بعض الأخطاء التي يصلح الجدل فيها ، ولكننها وقفنا عند ما يؤدي إلى وجوب أن تتصدى محكمة النقض بنفسها للموضوع وصولا إلى حكم البراءة ، لا وجوب على محكمة النقض إلا ما أوجبت به نفسها ، ولا إلزام إلا ما ألزمت هي نفسها به ، وكان من أهم الأسباب هو ما يتعلق  بمبدأ التقاضي علي درجتي ذلك أن " الكشف عن الحقيقة إحقاقا للحق أمر في غاية الصعوبة لاسيما حين تزدحم القضايا علي القاضي وتتلاحق ولا يلتقط انفاسه بعد فراغه من أحدها ،وأخري تجثم علي صدره وتفرض ذاتها علي ذهنه المكدود "[1]
لذلك شُرِّع نظام الاستئناف أملا في أن تُصلح الدرجة الثانية للقضاء ما عسى أن تكون قد أفسدته الدرجة الاولي ، وهذا الاعتبار يصدق علي القضاء الجنائي كما يصدق علي القضاء المدني.
كانت هذه هي مقدمة الطعن، التي ننفذ منها إلي الطعن موضوعياً لنبين منها مدي الخطأ الوارد في الحكم في تطبيق القانون والذي جرَّه إلي فسادٍ في الاستدلال مما جعله يعتدي علي حق الطاعن في الدفاع الذي أخل به إخلالا جسمياً يكفي في حد ذاته لنقض الحكم و التصدي للموضوع دون الإحالة. 
منـهـج البـحث
يقوم منهجي البحثي في طعون ومذكرات النقض على الاكتفاء بذكر المبادئ التي استقرت عليها محكمة النقض دون أن أذكر بيان هذه المبادئ من حيث رقم حكم النقض الذي أقرها أو تاريخه ، إذ أرى أن الاستدلال الكامل بهذه المبادئ من حيث فحواها ورقمها وتاريخها لا يكون إلا أمام المحاكم الأدنى من محكمة النقض ، أو أمام المحاكم النظيرة لها كالإدارية العليا مثلا ، وسبب هذا عندي هو أنه ليس من اللائق في تصوري أن أضع بيانات ما في مذكراتي أمام محكمتنا العليا تكون هي صاحبتها ومُنشئتها ، فالعارف لا يُعرّف ، وصاحب العلم أولى بعلمه ، وأما عن ذكر المبدأ فقط فهو من باب الاستدلال مني على صحة فكرتي ، أما أمام المحاكم الأدنى فحيث تختصم الفكرةُ مع الفكرةِ فلا تثريب علينا إن قمنا بذكر تفصيلات أحكام محكمة النقض التي تؤيد فكرتنا بفحواها وأرقامها وتواريخها حتى تعود هذه المحاكم إليها فتستقر بذلك المبادئ القانونية التي تُقرها محكمتنا العليا ، فعند الاختلاف لا يكون الاحتكام إلا لتفسير وتأويل محكمة النقض ـ بجهدها الفقهي ـ لمواد القانون حيث أن الدور الرئيسي لمحكمة النقض هو توحيد الاجتهاد وضمان أن يكون تفسير القانون واحدا في كل المحاكم ، وحين يذهب القلم إلى الاستدلال برأي فقيه من الفقهاء فمن باب الأمانة العلمية أن نذكر بيانه تفصيليا... فآراء الفقهاء تظل حيرا تدور في حيز الرأي ، تتشابك وتختلف حتى تجد قبولا وتأصيلا من محكمة النقض فتصبح مبدأ ً .
 
 
أسبـــاب الطعن
السبب الأول:
الخطأ في تطبيق القانون والقصور في البيان من عدة أوجه:
أولا ـ لأن الحكم المطعون فيه لم يورد في مدوناته المادة العقابية التي قضى وفقا لها بالإدانة كما لم يورد نصها .
ثانيا ـ لأن الحكم اعتراه الغموض والإبهام والتجهيل فلم يورد واقعة الدعوى في بيان مفصل جلي
ثالثا ـ ولم يورد أدلة الإدانة بشكل تفصيلي بما يبطله .
رابعا ـ قضى وفقا "لأمارة" لا وفقا لدليل على حد قوله
وذلك كله بالمخالفة لنص المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية.
لا ينبغي أن يقوم الحكمُ القضائي على الإبهام والغموض بل يجب أن يفصح عن ذاته ، يكشف عن مكنونه وحقائقه ودقائقه ، يورد الواقعة المستوجبة للعقاب بتفصيلاتها بلا اختزال ، والظروف التى وقعت فيها ، يستعرض أدلة الإدانةِ بشكلٍ تفصيلي فى بيان جلى مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، ليعرف أطرافُ الخصومةِ سندَ الإدانة الذي اتكأت عليه المحكمة عن بينة ، ليس هذا فحسب وإنما لكي تتمكن أيضا محكمة النقض من مراقبة الحكم مراقبة مستبصرة ،لا يقف الأمرُ عند هذا وكفى ولكن لكي تستطيع العدالة المجتمعية مراقبة وظيفة القضاء التي لا تقوم إلا على العدل ، فإن أصاب أسبابَ الحكم ِ تجهيلُ ُ أو إبهامُ ُ سقطت عدليتُه ، وتقوضت أسبابُه ، واختل ميزانه ، إذ قد يكون هذا الخلل راجعا إلى أن المحكمة التي أصدرت الحكم لم تقف على واقعة الدعوى وظروفها وأدلتها ومواد العقاب فيها عن بصر وبصيرة " وفقا للتعبير البليغ الذي استخدمته محكمة النقض في العديد من أحكامها " أما أسباب الحكم المطعون فيه فقد صارت وسارت على وتيرةٍ واحدة ، فلم يقف الحكمُ على موضوع الدعوى بشكل مفصل جلي ، ولم يرد بالحكم بيان تفصيلي بأدلة الإدانة ، ولم يرد بالحكم نص مادة العقاب ، فكان التجهيل هو السمة البارزة في الحكم كله بحيث لا نستطيع أن نقف على معرفة ماهي الجريمة وما هي الأدلة ، وما هو نص مادة العقاب .
أولا ـ أما عن تجهيل نص مادة العقاب فلا تعقيب لنا عليه إلا بما جاء في الحكم ذاته ، فرغم أن الحكم المطعون فيه قد أورد رقم مادة الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها في مذكرة استئنافها علي الواقعة المطروحة وهي المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981 بدلاً من نص المادة 336 من قانون العقوبات التي وردت بأمر الاحالة أمام محكمة أول درجة ، إلا أن المحكمة لم تُضمن حكمها الطعين عبارات صريحة تفيد أنها عاقبت الطاعن بموجب نص عقابي معين سواء نص المادة 336 أو المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981 أو غيره من النصوص العقابية .
ففي صدر الحكم الطعين أوردت المحكمة أنها (طالعت أسباب استئناف النيابة العامة ... فقامت بتعديل القيد والوصف كطلب النيابة العامة التي طلبت عقاب المتهم على أساس نص المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981 ) كان هذا الجزء من التسبيب هو مجرد إخبار بإجراءٍ اتخذته المحكمة ، مثله مثل أن تذكر المحكمة في حكمها وهي في معرض شرح الوقائع " أن النيابة العامة طلبت عقاب المتهم بالمادة كذا أو كذا " فإن هذا لا يغني عن وجوب ذكر مادة العقاب ونصها وهي بصدد الإدانة ، فهذا هو ما استقرت عليه مبادئ محكمة النقض التي قررت في نطاق تسبيب الأحكام " أنه لا يعصم الحكم المطعون فيه من أن يمتد إليه عيب هذا البطلان أن يكون قد اشار في ديباجته إلى مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ما دام أنه لم يفصح عن مادة العقاب وهو بصدد الإدانة " وقد أصبحت هذه الأحكام في هذا السياق من المعلوم من القانون بالضرورة .
    وآية ذلك أنه بعد أن استعرضت المحكمة واقعة الدعوى بشكل مبهم غامض ، واتجهت إلى إدانة المتهم لم تكلف نفسها أن تقوم بجهد المُقِل فتذكر ما هي مادة العقاب التي استقرت عليها بل اكتفت فقط بأن ذكرت " ولما كان ذلك وكانت العقوبة المنصوص عليها هي الحبس فالمحكمة رأت أخذ المتهم بعين من الرأفة فاكتفت بحبسه شهرين مع الشغل " .
هكذا جاء الحكم ، العقوبة المنصوص عليها !! فقط !! ولكن العقوبة المنصوص عليها أين ؟ وفي أي قانون ؟ وأي مادة عقابية ؟ لم يرد بالحكم ما يشفي غليل التسبيب الصحيح ، ولم يرد بمدونات الحكم بيان مادة العقاب التي أنزل الحكم بموجبها العقوبة ضد الطاعن بالمخالفة لنص المادة 310 إجراءات جنائية التي أوجبت علي كل حكم صادر بالإدانة ضرورة بيان مادة العقاب التي أنزل بموجبها العقوبة المقضي بها ضد المتهم وإلا كان باطلاً نزولا علي قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات والتي نص عليها الدستور في المادة 66 والتي تقضي بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون .
وإذ أغفل الحكم الاستئنافي المطعون فيه إغفالاً تاماً ذكر نص القانون الذي حكم علي الطاعن بموجبه ، وكما أوردنا في صدر هذا السبب فإنه لا يعصم الحكم من عوار البطلان أن يكون قد أورد بصدر مدوناته مادة الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ما دام أنه لم يفصح عن أنه وهو يُنزل العقوبة على المتهم أخذ بها واكتفى بأن الفعل المنسوب للمتهم معاقب عليه بالحبس ! وأن العقوبة المنصوص عليها هي الحبس دون أن يذكر المنصوص عليها أين ؟ وهو ما يصم الحكم بالبطلان لعدم بيان نص القانون الذي عاقبت الطاعن بمقتضاه.
وغني عن البيان أن قضاء النقض قد جرى علي أن:
"المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية تنص علي وجوب إشارة الحكم إلي نص القانون الذي حكم بموجبه وهو بيان جوهري اقتضته قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات ، فإذا كان الثابت أن الحكم أغفل ذكر نص القانون الذي حكم بموجبه فأنه يكون باطلاً – ولا يعصمه من عيب هذا البطلان أنه أشار في ديباجته إلي المادة التي طلبت النيابة العامة تطبقيها ما دام لم يفصح عن إخذه بها في حق الطاعن " .
وفى عموم ما استوجبته المادة /310 أ .ج ، قضت محكمة النقض فى الكثرة الكثيرة من أحكامها بأنه :
" يجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التى بنى عليها ، وكل حكم بالإدانة يجب إن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التى وقعت فيها ، وأن يشير الى نص القانون الذى حكم بموجبه " .
وجرى قضاؤكم أيضا على أنه "يجب ان يكون الحكم مشتملا بذاته على شروط صحته ومقومات وجوده فلا يقبل تكملة ما تنقص فيه من بيانات جوهرية بأي دليل غير مستمد منه أو باي طريق آخر من طرق الإثبات " .
واذا كان القانون قد نظم الإطار العام في تسبيب الأحكام علي الوجه المبين بنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية بحيث يمتنع القول أن تسبيب الأحكام منفك عن كل قيد ، أو أنه يقوم فقط على مبدأ حرية القاضي في الاقتناع طليقا من أي شرط ، فإنه ولطالما قد خلا الحكم من بيان مادة الاتهام وهو بصدد توقيع العقوبة على المتهم فإنه يكون قد وقع في مخالفة صريحة لأصول التسبيب القويم مما أوقع الحكم في وهدة الخطأ في تطبيق القانون ويصمه بالقصور في البيان .
    ثانيا ـ أما عن أن مدونات الحكم لم يرد بها بيان واقعة الدعوى بشكل مفصل جلي فإنه يدل على أن الواقعة لم تستقر في وجدان المحكمة على وجهها الصحيح ، فحين بدأت المحكمة في استعراض موضوع الدعوى قالت ( فوفقا للعقد المقدم كان يتعين على المتهم تسليم الوحدة للمدعي بالحق المدني في 1/6/2010 إلا أن المتهم تقاعس عن تسليم الوحدة دون مقتضى وهو الثابيت من طلب الاسترداد المقدم من المدعي بالحق المدني في 3/7/2011 والذي أثبت فيه طلبه باسترداد المبلغ النقدي الذي قام بسداده لعدم تسليمه الشقة ورد الشركة على الطلب بالموافقة على الاسترداد الأمر الذي يعد إقرار ضمني من الشركة أنها لم تسلم الوحدة في المدة المحددة كل هذه الأمارات أدخلت اليقين في وجدان المحكمة أن المتهم ارتكب وتقاعس عن تسليم الوحدة في المدة المحددة دون مقتضى ومن ثم يتعين معاقبته جزاء لفعله ) .
هذه هي واقعة الدعوى التي استقرت في يقين المحكمة !! شركة تقاعست عن تسليم وحدة !! أما ما هي هذه الشركة ؟ وما صلتها بالمتهم ، ومدى مسئوليته وحده عن أفعالها ؟ سواء كانت المسئولية جنائية أو مدنية ، وما هي تلك الوحدة التي تحدث عنها الحكم ، وما هي مواصفاتها ؟ وكم يبلغ ثمنها ؟ وما هو العقد الذي أشار الحكم إليه إشارة مقتضبة ، وما هي شروطه ؟ وهل كانت هذه الوحدة شقة ـ كما جاء في الحكم ـ أم أنها كانت شاليها ؟ وهل كانت وحدة واحدة أو وحدتين ، انتظمت في عقد واحد أو عقدين ؟ وهل الشركة امتنعت عن التسليم أم أنها تقاعست فقط ، فالامتناع شيء والتقاعس شيء آخر ، وهل هذه الوحدة مؤجرة أم مباعة ؟ وما قيمة العقد ، وما هي الوسائل التي اتبعها المدعي بالحق المدني لكي يستلم الوحدة ؟ .
كل هذا لم يرد له أي بيان بالحكم حتى أن محكمة النقض وهو تُعمل رقابتها على الحكم لن تستطيع ذلك إلا إذا خرجت من نطاق الأسباب القاصرة لتستمد قدرا كبيرا من موضوع الدعوى من خلال أوراق ومستندات لم يرد بيانها بالحكم .
وفي هذا الصدد ذهب قضاء محكمة النقض إلى أنه :-
"لما كان نص المادة 71 من القانون رقم 49 لسنة 1977 قد جري علي أن " يحظر علي كل من تعاقد علي تمليك أو تأجير وحدات سكنية قبل العمل بهذا القانون أو يتعاقد علي ذلك بعد العمل به ، أن يتراخي عمدا عن استكمال الوحدات المبيعة أو المؤجرة في المواعيد المتفق عليها أو يعمد إلى تعطيل الانتفاع بها واستعمالها فيما أعدت له من أغراض ، ونصت الفقرة الأولي من المادة 80 من القانون المشار إليه علي أن يعاقب علي مخالفة أحكام المواد 3 / 1 و 69 و 70 / 1 و 71 بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وإذ صدر القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن تنظيم بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ونص الفقرة الأولي من المادة 24 منه علي أنه " فيما عدا العقوبة المقررة لجريمة خلو الرجل تلغي جميع العقوبات المقيدة للحرية المنصوص عليها في القوانين المنظمة لتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وذلك دون إخلال بأحكام المادة السابقة " كما نص في المادة 23 منه علي أنه " يعاقب بعقوبة جريمة النصب المنصوص عليها في قانون العقوبات المالك الذي يتقاضي بأية صورة من الصور بذاته أو بالوساطة أكثر من مقدم عن ذات الوحدة ..... الخ ، ويعاقب بذات العقوبة المالك الذي يتخلف دون مقتض عن تسليم الوحدة في الموعد المحدد ، فضلا عن إلزامه بأن يؤدي إلى الطرف الآخر مثلي مقدار المقدم ، وذلك دون إخلال بالتعاقد وبحق المستأجر في استكمال الأعمال الناقصة وفقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 13 من القانون رقم 49 لسنة 1977 " ، ومفاد ما تقدم أنه يشترط لتوافر جريمة تخلف المالك عن تسليم الوحدة المؤجرة أو المباعة في الموعد المحدد اتفاق الطرفين علي ميعاد للتسليم وتخلف المالك عن تسليم العين دون مقتض في الموعد المحدد وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أطلق القول بثبوت الجريمة في حق الطاعن دون أن يبين الواقعة أو يستظهر توافر شروط تطبيق نص المادة 23 آنفة البيان رغم أنه ضمن مدوناته أن المجني عليه تسلم الشقة من الطاعن وهو ما قد تنقضي معه الجريمة فان الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن ويعجز محكمة النقض عن أن تقول كلمتها فيما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ، ويتعيّن معه نقض الحكم المطعون فيه "
والشيء بالشيء يذكر ، ففي نطاق الدعوى موضوع الطعن ورد بالحكم أن المجني عليه طلب بنفسه استرداد الثمن وأن المتهم وافق على ذلك وهو ما تنقضي معه الجريمة ، وبالرغم من ذلك فإن الحكم المطعون فيه قد أطلق القول بثبوت الجريمة في حق الطاعن دون أن يبين الواقعة .
وذهبت محكمة النقض أيضا في نطاق التسبيب إلى أنه :
    " كيما يتحقق الغرض من التسبيب فإنه يجب أن يكون فى بيان جلى مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات معماة أو وضعه فى صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذى قصه الشارع من إستيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على وجهها الصحيح ومن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار اثباتها بالحكم " .
ويقينا فإن كل ضمانات المحاكمة المنصفة لا يمكن أن يقوم الدليل عليها إلا من خلال أسباب الحكم ، فلا حكم ولا قضاء بغير أسباب ، ولا أسباب بغير إيضاح ، ولا إيضاح بغير أن يكون الحكم قائما بذاته معبرا عن تفصيلات النزاع وأدلة الدعوى ، سواء أدلة الإدانة أو أدلة البراءة ،  وما استلزمت قواعد العدالة وجوب تسبيب الأحكام تسبيبا كافيا إلا للكشف عن مدى التزام المحكمة بمراعاة ضمانات المحاكمة وحقوق الدفاع ، والإجراءات التي نص عليها القانون ، ومدى احترام الضمانات التي أوجبها ، ومدى حسن تطبيق المحكمة للقانون ، ومن خلال هذا التسبيب تتحقق حماية أطراف الدعوى من تحكم القاضي ، إذ أنه مكلف أن يكشف في أسباب حكمه عن علة قضائه ، والإجراءات التي انتهت به إلي هذا القضاء ، كما يبين طريقته المنطقية في الاستدلال القضائي التي قام بها في التبرير المنطقي للحكم ، ومن خلال هذا التسبيب تظهر سائر العيوب التي تكشف عن عدم توافر المحاكمة المنصفة ، فبدون الأسباب الواضحة الكاشفة لا يمكن التحقق من قيام محاكمة منصفة ، فما قيمة الضمانات التي أوجبها الدستور وأكدها القانون ما لم يكفل القانون أداة ما تكشف مدى احترام هذه الضمانات ... بل ما قيمة اشتراط  وجود أسباب للحكم من أصله إذا لم تكن أسباب الحكم جزءا جوهرياً فيه تكون كاشفة لمنطوقه ودعامة لصحيح بنيانه ؟.
فإذا كان الحكم الطعين قد اعتراه الإجمال المخل ، وخلا من بيان مفصل جلي لواقعة الدعوى وتفصيلات النزاع وطبيعته ، بل إنه لم يرد به بيان وجه النزاع على الإطلاق وما هي الوحدة محل النزاع وعنوانها وثمنها أو إيجارها وما هي صلة المتهم الطاعن بالشركة التي أشار لها الحكم دون أن يشير إلى اسمها وطبيعتها القانونية وشرعيتها مما جعل الموضوع مبهما غامضا بما ينال منه ويبطله للقصور الفادح .
ثالثا ـ ورغم أن أياً من الوجهيين السابقين كافيا بذاته لنقض الحكم إلا أن الحكم وكأنه صمم على أن يقع في كل مآخذ التسبيب فإذا به لم يورد في مدوناته أدلة الإدانة بشكل تفصيلي بما يبطله ، فالواقعة في حد ذاتها حتى ولو كانت غامضة ، مبهمة ، مشوشة ، متهاترة في ضمير المحكمة إلا أنها مهما غمضت يجب أن تكون مؤيدة بأدلة ما ، أي أدلة ، حتى ولو تعسفت المحكمة في فهمها وتؤيلها ، ولكن أن تكون دعوى ولا أدلة !! أن يكون اتهامُ ُ ولا إثبات !! فهذا ما يتجافى مع "شرعية العقاب" فلا عقاب إلا إذا كان هناك دليل يثبت أولا أن هناك جريمة ، ثم أن هناك دليلا على أن هذا المتهم بشخصه قد ارتكب هذه الجريمة بعينها ، فوفقا للقاعدة الأصولية المستقر عليها فإن الأصل في الإنسان البراءة ، يذهب أي متهم إلى المحكمة وهو يصحب معه قرينة البراءة ، بحيث لا ينقض هذه البراءة إلا دليل يقيني لاشك فيه تم طرحه على المحكمة بشكل إجرائي صحيح ، أما إذا لم يكن هذا فلا عقاب .
نأتي إلى أسباب الحكم المطعون فيه لنخضعه لتلك القاعدة فنجد أن الحكم لم يرد به أي دليل يثبت الإتهام من قريب أو بعيد اللهم إلا أنه قال نصا أن الجريمة قد ثبتت من خلال ( طلب استرداد المبلغ النقدي الذي قام بسداده لعدم تسليمه الشقة ورد الشركة على الطلب بالموافقة على الاسترداد الأمر الذي يعد معه إقرار ضمني من الشركة أنها لم تسلم الوحدة في المدة المحددة دون مقتضى ) !! أما ما هو هذا الطلب وما فحواه وطبيعته ونصه فإن هذا ما لم يرد بالأسباب ، ومن أسف فإن هذا هو ما اعتبرته المحكمة دليل إدانة يُعاقب متهم بمقتضاه دون أن تُسبر غوره وتعرف دقائقه ، ودون أن نعرف كيفية استنباط المحكمةِ الإدانة من خلاله ، وإذا كان من حق الطاعن أن ينعي على الحكم استدلاله بهذه الورقة التي هي من صنع المدعي بالحق المدني وحده ، إلا أنه لا يقدر على هذا فالقدرة لا تتعلق بالمستحيل ، وبما أن الحكم لم يرد به بيان تفصيلي لهذه الورقة فإن الطاعن لا يستطيع أن يعرف كيف استدلت المحكم به على الإدانة ، فإن هذا لعمري وكأنه استدلال بمجهول على صحة واقعة مجهولة ، هذا التجهيل في حد ذاته يعجز قدرتنا على مراقبة قياس الحكم واستدلاله .
كان هذا فقط هو ما اعتبرته المحكمة دليل ! وقضت بالإدانة وفقا له ! لم يرد بالحكم غيره على واقعة نعرف بالتقريب وإعمال الذهن أنها تَقَاعُس عن تسليم وحدة عقارية مجهولة الكم والكيف ، فكأنما قضت المحكمة بصدد واقعة مجهولة وفقا لدليل مجهول بعقاب المتهم الطاعن بنص عقابي مجهول !! .
محكمة النقض لم تترك الأحكام تهيم في أودية التجهيل والإبهام بلا ضابط يحددها فقد أرست عشرات المبادئ التي تؤسس لكيفية التسبيب حتى يستقيم الحكم ، وكـان مـن قضائها في هذا الصدد :
"يجب أن تكون مدونات الحكم كافية بذاتها لإيضاح أن المحكمة حين قضت في الدعوي بالإدانة قد ألمت إلماما صحيحا بمبنى الادلة القائمة فيها ، والأساس الذى تقوم عليه شهادة كل شاهد ويقوم عليه كل دليل "
وقضت أيضا بأنه
" يجب ألا يجهل الحكم أدلة الثبوت في الدعوى بل عليه أن يبينها بوضوح بأن يورد مؤداها في بيان متصل يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الإحكام وتتمكن معه محكمة النقض من إعمال رقابتها علي تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً "
    كما قضت محكمة النقض أيضا بأنه :
 " من المقرر أن القانون يوجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها و الأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، و أن تلتزم بإيراد مضمون كل دليل من أدلة الثبوت التي استندت إليها و ذكر مؤداه في بيان جلى مفصل ، فلا تكفي مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل و ذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة و مبلغ اتساقه مع باقي الأدلة التي أخذت بها ، و إلا كان الحكم قاصراً . لما كان ذلك ، و كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد غفل كلية عن بيان واقعة الدعوى و اكتفي في بيان الدليل بالإحالة على الأوراق دون بيان مضمونها و وجه استدلاله بها على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة ، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه و الإعادة بالنسبة للطاعنين و كذلك بالنسبة لباقي المحكوم عليهم الذين لم يقبل طعنهم شكلاً لاتصال وجه النعي الذى بنى عليه النقض بهم و لوحدة الواقعة و حسن سير العدالة و ذلك عملاً بنص المادة 42 من قانون حالات و إجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الإشارة . "
    فإذا كان الحكم قد خالف هذا النهج ولم يذكر ثمة دليل قام عليه قضاؤه اللهم إلا مجرد أن أشار إشارة اعتورها التجهيل عن ورقة قال أنها طلب قدمه المدعي للشركة !! دون أن يذكر تفصيل هذه الورقة وطبيعتها وكنهها ومن الذي قدمها في الدعوى فإنه يكون قد صدر قاصرا في تسبيبه بما يبطله لهذا الوجه من هذا السبب .
رابعا ـ هل كان بالدعوى دليل ؟ هذا ما كشف عنه الحكم ، لم يقض القاض حين قضى مستندا غلى دليل لأن الدعوى خلت من الأدلة ، ولكنه قضى وفقا لأمارة على حد قوله ، والأمارة هي العلامة التي قد يستنتجها القاضي تخمينا وظنا ، وقد جاء بالحكم في مجال سرد الشيء الوحيد الذي أثبتت به المحكمة التهمة على المتهم الطاعن أنه :
" فإن رد الشركة على الطلب بالموافقة على الاسترداد الأمر الذي يعد معه إقرار ضمني من الشركة أنها لم تسلم الوحدة في المدة المحددة كل هذه الأمارات أدخلت اليقين في وجدان المحكمة أن المتهم ارتكب الواقعة ."
والأمارة لغة وفقا لما جاء بالقاموس المحيط هي العلامة ، فيقولون ظهرت على وجهه أمارات الفرح ، اي علامات ، والأمارة تُستنتج ويُختلف في شأنها .
فإذا كانت الدعوى لا يوجد بها غلا أمارة فما كان ينبغي للحكم أن يستند إليها غلا إذا كان هناك دليل معها والدعوى بلا دليل ، فيكون الحكم قد أخطا في تطبيق القانون ويتعين نقضه .
السبب الثاني
مخالفة القانون مما أدى إلى  بطلان الحكم المطعون فيه لعدم قيام أحد أعضاء الدائرة بوضع تقرير يشمل ملخص وقائع الدعوى وهو الأمر الذي أوجبته المادة 411 إجراءات جنائية
على حد تعبير محكمة النقض فإن القانون قد أوجب فى المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية أن يضع أحد أعضاء الدائرة المنوط بها الحكم فى الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه يشمل ملخص وقائع الدعوى وظروفها و أدلة الإثبات والنفى وجميع المسائل الفرعية التى رُفعت والإجراءات التى تمت ، وأوجبت هذه المادة تلاوة هذا التقرير قبل أى إجراء آخر ، حتى يُلم القضاة بما هو مدون بأوراق الدعوى تهيئةً لفهم ما يُدلى به الخصوم من أقوال قبل إصدار الحكم ، ورغم أن القانون لم يتطلب أن يكون هذا الإجراء قد تم إفراغه في شكل معين ، أو بطريقة معينة ، كما أن المستقر عليه في أحكام محكمة النقض أنه لا يشترط لصحة الإجراء أن يقوم العضو ــ الذي وضع التقرير ــ بالتوقيع عليه ، ولكن غاية ما ذهبت إليه محكمة النقض في هذا الشأن هو وجوب أن يضع أحد أعضاء الدائرة تقريرا يشتمل على ملخص للواقعة وأدلة الإثبات والنفي والإجراءات التي تمت ، ثم أن يقوم أحد الأعضاء بتلاوة هذا التقرير ، فإذا كان العضو الذي وضع التقرير مجهولا لم يتم تحديده في الحكم ولا في محضر الجلسة ، وكان العضو الذي تلا التقرير مجهولا لم يتم تحديده في الحكم ولا في محضر الجلسة سقط الإجراء ولم يحقق غايته ، أما إذا لم يكن هناك تقرير من الأصل فإن الإجراء يصبح منعدما .
ولأن هذا الإجراء كان منعدما لا وجود له في واقع الاستئناف لذلك كان إيراده في الحكم الطعين مبهما ، إذ اكتفى الحكم بأن أورد في نموذجه المطبوع عبارة ( بعد تلاوة تقرير التلخيص بمعرفة السيد .... ) ثم وضع مساحة خالية أمام كلمة السيد ، كانت هذه المساحة الخالية هي الخانة التي يجب أن يتم كتابة صفة العضو الذي وضع التقرير أو العضو الذي تلاه ، هل هو عضو اليمين أو اليسار أو رئيس الدائرة ؟ ولم يكن هذا الاستلزام تزيدا ولكنه كان ملزما حتى تستطيع محكمة النقض إعمال رقابتها في هذا الشأن والتحقق مما إذا كان هناك تقرير من عدمه ، أما اكتفاء الحكم بهذه العبارة الناقصة المخلة فإنه لا يحقق الغرض من الإجراء .
وللحق فإننا لا ننعي على الحكم ـ فقط ـ أنه قام بتجهيل العضو الذي تلا التقرير ، ولكننا ننعي على إجراءات الدعوى نفسها بالبطلان لأنها في المقام الأول خلت من التقرير بالكلية ، ولأن أحدا من أعضاء الدائرة لم يضع التقرير ، فإن أحدا لم يتله ، ولا ينال من سببنا هذا أن ملف الدعوى وردت على أحد جوانبه عبارة مبتسرة هي : موضوع الدعوى نصب  ، إذ لم يظهر من هذه العبارة أنها تقرير تلخيص ، كما أن هذه العبارة ذاتها لو فرض جدلا أنها ـ من باب الشبه ـ تقرير ، فإنها لا يمكن أن تكون هي التلخيص الذي استلزمته المادة 411 إجراءات ، فلفظ ( نصب ) لا يمكن أن يستدل منه بحال عن مضمون تلك الواقعة وكافة عناصرها الجوهرية ، فضلاً عن أن الجريمة كانت بهذا الوصف أمام محكمة أول درجة ولكنها تغيرت أمام محكمة الاستئناف حين أصبحت خاضعة لنص المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981 فهذه جريمة وتلك أخرى ، وهذه واقعة وتلك غيرها ، وطالما أن الموضوع تغير أمام الاستئناف من حيث الوصف والقيد فإن التقرير المعوّل عليه هو الذي يرد به كل الإجراءات التي تمت بما فيه تغيير القيد والوصف ، لأن كلمة "نصب" لا يستبين منها عناصر التهمة الموجهة للطاعن والتي قضت محكمة أول درجة بالبراءة استنادا إلي عدم توافر عناصرها التي تطلبها المشرع بنص المادة 336 من قانون العقوبات ، ولا يبين من اللفظ المذكور ظروف الواقعة المنسوب للطاعن ارتكابها والأدلة عليها ، هذا الغموض يمكن معه القول بأن الأوراق قد خلت كلية من تقرير التلخيص الذي أوجب القانون وضعه وتلاوته قبل نظر الدعوي أمام محكمة الاستئناف ، هذا لو افترضنا أن هذه العبارة هي التقرير المنصوص عليه في القانون ، أما باقي مفردات الدعوى الأخرى فلا يوجد بها أي ورقة تدل على أنها "تقرير التلخيص" .
محكمة النقض بدورها استخلصت في أحكامها " الحكمة من هذا الإجراء " فقالت أنه وجوبي :
"حتى يُلم القضاة بما هو مدون بأوراق الدعوى تهيئة لفهم ما يدلى به الخصوم من أقوال و لتيسير مراجعة الأوراق قبل إصدار الحكم ، وإلا فإن المحكمة تكون قد أغفلت إجراءً من الإجراءات الجوهرية اللازمة لصحة حكمها "
    وفي خصوص التقرير ذهبت محكمتنا العليا إلى أنه :
"من المقرر فى قضاء النقض أن المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية إذ أوجبت أن يضع أحد أعضاء الدائرة المنوط بها الحكم فى الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه وأن يشتمل هذا التقرير على ملخص وقائع الدعوى و ظروفها و أدلة الثبوت و النفى و جميع المسائل الفرعية التى رفعت و الإجراءات التى تمت و أن يتلى هذا التقرير ، فقد دلت بذلك دلالة واضحة على أن هذا التقرير يكون موضوعاً بالكتابة وأنه ورقة من أوراق الدعوى الواجب وجودها بملفها ، فعدم وضع هذا التقرير بالكتابة يكون تقصيراً فى إجراء من الإجراءات الجوهرية يعيب الحكم و يبطله ، و لا يغنى عن هذا التقرير أن يقرأ أحد الأعضاء صيغة التهمة و نص الحكم الإبتدائى فإن هذا عمل غير جدى لا يغنى عن وجوب تنفيذ القانون بوضع تقرير كتابى يصح أن يعول عليه القاضيان الآخران فى تفهم الدعوى "
وذهبت إلى أنه :
"لما كان ذلك ، و كان البين من مطالعة المفردات بعد ضمها أن أوراق الدعوى قد خلت من تقرير التلخيص ، فقد وجب القول بأن المحكمة الاستئنافية قد قصرت فى اتخاذ إجراء من الإجراءات الجوهرية مما يعيب حكمها بما يبطله ".
    وذهبت أيضا إلى أنه :
"لما كانت ورقة التقرير غير موجودة فعلاً فلا يصح فى هذا المقام الاعتراض بمفهوم نص الفقرة الأخيرة من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات و إجراءات الطعن بالنقض قولاً بأن الحكم ما دام ثابتاً فيه أن هذا الإجراء قد أستوفى فلا سبيل لجحده إلا بالطعن بالتزوير ما دام أن ورقة التقرير غير موجودة فعلاً . لما كان ذلك ، و كان البين من مطالعة المفردات بعد ضمها أن أوراق الدعوى قد خلت من تقرير التلخيص فقد وجب القول بأن المحكمة الاستئنافية قد قصرت فى اتخاذ إجراء من الإجراءات الجوهرية مما يعيب حكمها و يبطله وهو له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون" .
فإذا كانت مفردات الدعوى قد خلت من تقرير التلخيص فإن إجراءات المحاكمة تكون قد خالفت صحيح القانون بما يبطل الحكم الطعين لهذا السبب .
السبب الثالث
الخطأ في تطبيق القانون لقيام المحكمة بمعاقبة المتهم الطاعن وفقا لنص المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981 التي لا يمتد نطاقها إلى واقعة الدعوى من حيث الزمان ومن حيث الموضوع :
الوجه الأول لهذا السبب وهو عدم سريان نص مادة العقاب من حيث الزمان على الفعل المنسوب للطاعن:
لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ، ولا يجوز معاقبة إنسان بمقتضى قانون لا يمتد إليه نطاقه من حيث الزمان أو من حيث الموضوع ، فإذا حدث هذا فإن العقوبة آنذاك يكون قد تم تطبيقها على فعل مباح أو على " لا جريمة " ، والواقعة موضوع الدعوى كانت في بادئ الأمر وفقا لتوصيف وتحصيل النيابة العامة هي أن ( المتهم في يوم 18/8/2008 توصل إلى الاستيلاء على النقود المملوكة لهشام الدين عبد الجابر وكان ذلك بالاحتيال وباستخدام طرق احتيالية من شأنها إيهامه بوجود مشروع كاذب وحصل من المجني عليه على النقود بناء على هذا الإيهام ) .
وإذ لم تكن هذه الواقعة صحيحة ولم يقم في الدعوى أيُ دليلٍ عليها ، وكانت الواقعة لا تعدو أن تكون واقعة مدنية بحت تدور حول ملكية عقار ومدى نفاذ هذا البيع وبطلانه أو فسخه أو تفاسخه فقد قضت المحكمة الابتدائية بالبراءة لمدنية النزاع .
لم يكن أمام النيابة إلا أن تدافع عما تعتقد أنه حق ، لذلك كان من حقها أن تستأنف هذا الحكم ، لا تثريب عليها إن هي فعلت ، إما للثبوت ، وإما للخطأ في تطبيق القانون ، ونظرا لأن الدعوى قد خلت من أي دليل يثبت أن هذا المشروع كان كاذبا أو أن المتهم استخدم طرقا احتيالية ، فضلا عن استحالة أن يكون هناك أي دليل يدور داخل هذا النطاق فقد خلعت النيابة هذا الاتهام وهذا التوصيف عن الدعوى وسارت في ركابٍ آخر هو الخطأ في تطبيق القانون، هذا المسار ينضح بأن النيابة العامة تكون قد أقرت بأن دعوى النصب بلا دليل يقيمها وإلا لكانت قد استأنفت للثبوت وللخطأ في تطبيق القانون في آن واحد ، أما وقد سكتت عن " الثبوت " فإنما يكون سكوتها هنا هو ما أطلق عليه الفقه " السكوت المُلابس أو السكوت الموصوف " الذي يعني أن ليس في الدعوى دليل .
وتغيرت الوقائع في استئناف النيابة ، وتم النعي على حكم البراءة بالخطأ في تطبيق القانون على خلفية أنه لم يقم بتغيير أساس الدعوى ، ولم يقم بتغيير موضوعها !! ولم يخرجها من إطار النصب إلى إطار واقعةٍ أخرى مستجدة ، مستمدة من خارج الدعوى نفسها !! هي واقعة أن المتهم الطاعن( بتاريخ 1/6/2010 لم يقم بتسليم وحدة سكنية للمدعي بالحق المدني)!!.
واقعة النصب المدعى بها على زعم النيابة في وصفها الأول قامت في 18/8/2008 ، وواقعة التقاعس عن تسليم وحدة سكنية قامت على زعم النيابة في 1/6/2010 وبين التاريخين عامين كاملين ، أي أن المتهم تم تقديمه للمحاكمة أمام المحكمة الابتدائية عن واقعة، وأمام الاستئناف تمت محاكمته عن واقعة حدثت بعد الواقعة الأولى بعامين !! .
في سببنا هذا سنفترض جدلا أن الطاعن لم يقم بتسليم وحدة عقارية ما للمدعي بالحق المدني في الموعد المتفق عليها عقدا ، إلا أن هذا الافتراض سيتبعه حتما بحث مادة الاتهام الجديدة لمعرفة مجال تطبيقها ونطاقه خاصة وأننا انتقلنا من نطاق قانون العقوبات إلى نطاق قانون إيجار الأماكن !! .
مادة الاتهام الجديدة هي المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981 ، وقد جاء نص هذه المادة كالآتي :
(يعاقب بعقوبة جريمة النصب المنصوص عليها في قانون العقوبات المالك الذى يتقاضى بأية صورة من الصور بذاته أو بالوساطة أكثر من مقدم عن ذات الوحدة أو يؤجرها لاكثر من مستأجر أو يبيعها لغير من تعاقد معه على شرائها ويبطل كل تصرف بالبيع لاحق لهذا التاريخ ولو كان مسجلا . ويعاقب بذات العقوبة الذى يتخلف دون مقتضى عن تسليم الوحدة فى الموعد المحدد فضلا عن إلزامه بأن يؤدى الى الطرف الاخر مثلى مقدار المقدم وذلك دون إخلال بالتعاقد وبحق المستأجر فى استكمال الاعمال الناقصة لحكم الفقرة الاخيرة من المادة 13 من القانون رقم 49 لسنة 1977 . ويكون ممثل الشخص الإعتبارى مسئولا عما يقع منه من مخالفات لاحكام هذه المادة .) 
وإذ صدر القانون 4 لسنة 1996 والذي يبدأ نطاق سريانه اعتبارا من 31 يناير 1996 بما يعني أن نطاقه الزمني يسري على العقود التي تنشأ في ظله ويخرج من نطاق تطبيق أحكامه العقود المبرمة قبل هذا التاريخ ، وقد حددت نصوص القانون المذكور حالات تطبيقه فجاءت على النحو التالي :
المادة الأولى :   لاتسرى أحكام القانونين رقمى 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر و136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والقوانين الخاصة بإيجار الأماكن الصادرة قبلهما على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها ولا على الأماكن التى انتهت عقود ايجارها قبل العمل بهذا القانون أو تنتهى بعده لأى سبب من الأسباب دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها طبقا للقانون  .
 المادة الثانية :تطبق أحكام القانون المدنى في شأن تأجير الأماكن المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون خالية أو مفروشة أو في شأن استغلالها أو التصرف فيها .
 المادة الثالثة : يلغى كل نص في أى قانون آخر يتعارض مع أحكام هذا القانون .
مفاد هذه النصوص جميعها أنه اعتبارا من 31 يناير 1996 لا يسري أي نص من نصوص القانونين 49 لسنة 1977 ، 136 لسنة 1981 على أي علاقة إيجار أو استغلال أو تصرف تنشأ في ظل هذا القانون ، وتخضع كل العلائق السابقة بدءً من هذا التاريخ لأحكام القانون المدني وحده دون غيره ، سواء كانت هذه التعاقدات والعلاقات هي عقود إيجار ـ بصوره المختلفة ـ أو عقود استغلال أو انتفاع ، أو عقود تصرف مثل البيع والهبة والوصية .
فإذا كان العقد موضوع الدعوى هو عقد بيع تم إبرامه وفقا لقرار الاتهام في 18/8/2008 فإنه لذلك يخضع لأحكام القانون المدني في كل تفصيلاته ودقائقه وبنوده والتزاماته وتنحسر عنه أحكام القانون 136 لسنة 1981 والمادة 23 منه ، فبصدور القانون 4 لسنة 1996 انتهى تجريم أي فعل مَنشأه قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية بيعا كان أم إيجارا ، طالما أن هذه الافعال تمت في ظل هذا القانون ، أما وأن الفعل الذي نسبته النيابة العامة في مذكرة استئنافها للمتهم الطاعن وأخذت به المحكمة الاستئنافية قد حدث في ظل القانون 4 السالف ، فإن مادة الاتهام تكون منبتة الصلة عن الواقعة ، ويكون ما نسبته النيابة ، ومن بعدها محكمة الاستئناف للمتهم هو من الأفعال المباحة التي لا تخضع للتأثيم والتجريم وإنما تخضع لقواعد وأحكام القانون المدني .
الهيئة العامة لمحكمة النقض وضعت فاصلا جامعا مانعا للنطاق الزمني للقانون 4 لسنة 1996 لتميط بذلك اللثام عن القاعدة القانونية المنضبطة التي تحكم هذا الأمر بعد أن ثار جدل قانوني قضائي بشأنها ولأهمية هذا الحكم فإننا خروجا عن منهجنا سنورده بتفصيلاته وبياناته إلا أننا سنورده في الهامش كي نستفيد من فكرته في شرح هذا النعي على الحكم الطعين .[2]
ومن هذا الحكم الصادر من الهيئة العامة للمواد الجنائية لمحكمتنا العليا ينضبط الواقع مع القانون وتظل الجرائم التي أرتكبها أصحابها في ظل القانون 49 لسنة 1977 والقانون136 لسنة 1981  قائمة ولها أساسها في القانون أما ما عدا ذلك فلا يدخل في نطاق التطبيق ويكون القانون 4 لسنة 1996 أصلح من حيث التطبيق لكون الفعل وفقاً لنص هذا القانون قد تم الغائه والغاء ما يترتب عليه من أثار وأهم هذا الآثار "التأثيم الجنائي للأفعال التي جرمتها تلك القوانين" هذا المفهوم القويم يتعلق بالشرعية الجنائية والتي تهدف إلي حماية الفرد والمجتمع من تغوّل السلطة عليه وتطبيق القاعدة الذهبية ( لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص ) التي تأبى أن يُدان شخص دون نص قانوني .
واقع الدعوى يشف عن أن المتهم الطاعن قد عوقب على واقعةٍ مباحةٍ لا تخضع للتأثيم الجنائي كما أنه عوقب بمقتضى نص لا ينصرف إلى الواقعة من حيث النطاق الزمني فالواقعة حدثت برمتها بعد صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 وذلك لكون عقد البيع المقدم من المدعي بالحق المدني إنعقد بين الطرفين بتاريخ 18/8/2008 .
فإذا كان الحكم الطعين قد عاقب المتهم على قانون لا يمتد إلى الواقعة من حيث الزمان وكان قد تم إلغائه بصدور القانون 4 لسنة 1996 الذي جرت نصوصه على إنهاء العمل بقوانين إيجار الأماكن على كل العلائق التي تنشأ بعد صدور هذا القانون فإنه يكون قد صدر ـ لا أقول باطلا ـ بل منعدما مما يتعين نقضه لهذا الوجه من السبب .
الوجه الثاني لهذا السبب وهو الخطأ في تطبيق القانون إذ قام الحكم بتطبيق مادة عقابية في قانون إيجار الأماكن تنصرف فحسب إلى عقود الإيجار رغم أن موضوع الدعوى يقوم على عقد بيع  
تقوم جريمة التخلف ـ أي الامتناع ـ عن تسليم وحدة سكنية على ما يتعلق بعقود الإيجار دون عقود البيع ، فالنص محل التجريم ـ على فرض سريانه جدلا من حيث الزمان ـ يواجه عدة وقائع مختلفة ، كلها تتعلق بعقود الإيجار إلا فعل واحد يتعلق بعقود البيع  ، الفعل الذي يتعلق بعقود البيع هو بيع وحدة سكنية واحدة لأكثر من مشتري وفقا لما ورد بالنص من أنه (يعاقب بعقوبة جريمة النصب المنصوص عليها في قانون العقوبات المالك الذى .......... يبيعها لغير من تعاقد معه على شرائها ...)
باقي الجرائم ترتبط بعقود الإيجار وقد جاءت في القانون كالتالي :
( يعاقب بعقوبة جريمة النصب المنصوص عليها في قانون العقوبات المالك الذى يتقاضى بأية صورة من الصور بذاته أو بالوساطة أكثر من مقدم عن ذات الوحدة أو يؤجرها لاكثر من مستأجر ...... ويعاقب بذات العقوبة الذى يتخلف دون مقتضى عن تسليم الوحدة فى الموعد المحدد فضلا عن إلزامه بأن يؤدى الى الطرف الاخر مثلى مقدار المقدم وذلك دون إخلال بالتعاقد وبحق المستأجر فى استكمال الاعمال الناقصة لحكم الفقرة الاخيرة من المادة 13 من القانون رقم 49 لسنة 1977 .)
جرائم عقود الإيجار وفقا لصريح نص مادة الاتهام هي جرائم "تقاضي أكثر من مقدم عن ذات الوحدة " و " تأجيرها لأكثر من مستأجر " و " تخلفه عن التسليم الوحدة محل الإيجار في الموعد المحدد " وأضاف المشرع للجريمة الأخيرة عقوبة تكميلية هي أن يسدد المالك للطرف الآخر مثلي مقدار مقدم الإيجار الذي تقاضاه .
ورغم وضوح النص ووضوح عباراته إلا أن ترتيب فقراته من حيث المراوحة بين الإيجار ثم البيع ثم العودة للإيجار مرة أخرى أثار قدرا من الغموض في قصد المشرع فذهب جانبُ ُ من الفقه  إلى أن جريمة الامتناع ـ التخلف ـ عن تسليم وحدة سكنية تنصرف أيضا إلى عقود البيع ، فورود كلمة " يبيعها " في النص في موضع واحد هو بيع وحدة لأكثر من شخص ، جعل هذا الجانب من الفقه يضع كل الأفعال مع تباينها في سلة تجريمية واحدة وكأن النص يعاقب على جريمة واحدة لا عدة جرائم  ، فما كان ينصرف للإيجار بوضوح اختلط عند البعض بما ينصرف للبيع .
فإذا افترضنا أن النص لم يكشف بشكل مُبين عن إرادة المشرع ، أو أنه كان غامضا أو مبهما فإنه لا يكون أمامنا وقتئذ إلا أن نلجأ لتفسير النص وفقا للقواعد المستقر عليها ، سواء من خلال طرق التفسير الداخلية أو طرق التفسير الخارجية ، فإذا كان النصُ مرتبطا بتجريم وقائع ما فإننا حينئذ يجب أن لا نتوسع في التفسير وأن نخرج من نطاق القياس ، فالتفسير الواسع للنص الجنائى يؤدى فى النهايه الى ذات النهايه التى يصل اليها القياس من حيث تجريم القاضى لأفعال لا تشملها عبارات النص التى جاءت معبره عن إرادة الشارع الواجبه الاحترام ، وبغير ذلك سنجد أن النص قد يشمل الامتناع عن تسليم وحدة سكنية قام المالك بهبتها لموهوب إليه ، أو تخصيصها لعامل وفقا لأحكام عقد العمل ، أو غير ذلك من طرق التعامل ، وهذا ما لا تقبله قواعد التفسير العادلة التي استقرت على عدم التوسع في تفسير النصوص الجزائية .
تفسير نص المادة 23 ق 136 لسنة 1981 لُغويا عن طريق تتبع العبارات وتأويلها وفقا لقواعد الاستنتاج ، فضلا عن المقاربة مع نصوص قانونية أخرى مُحال إليها ، يدل على أن جريمة الامتناع عن تسليم وحدة سكنية هي خاصة بالوحدات المؤجرة دون المبيعة .
لا ريب أن المشرع أورد فقرة " التخلف عن تسليم وحدة " بشكل مُجمل مُبهم ، فقد جاءت الفقرة المعنية على أنه ( الذى يتخلف دون مقتضى عن تسليم الوحدة فى الموعد المحدد ) ولم يرد عقب كلمة " الوحدة " توصيفا لها ... هل هي وحدة مؤجرة أم وحدة مبيعة ؟ وكون أنها جاءت مطلقة بلا تحديد هو الذي أثار هذا اللبس ، إلا أن النص سرعان ما تدارك هذا الإجمال ، وهذا الإطلاق ، وتلك العمومية ، عندما قام بتقييد المعنى المطلق وجَعَلهُ مُحددا عندما أورد عقوبة تكميلية لهذه الجريمة هي ( فضلا عن إلزامه بأن يؤدى الى الطرف الاخر مثلى مقدار المقدم ) .
العقوبة التبعية هنا هي عقوبة ملزمة وليست تخييرية ، فالمحكمة وهي بصدد العقوبة يجب أن تقضي على المتهم الذي تخلف عن تسليم الوحدة بإلزامه بأن يسدد للطرف الآخر مثلي مقدار مقدم الإيجار ، العقوبة المالية هنا قيدت المعنى العام وجعلته محددا إذ أن مقدم الإيجار الذي يتقاضاه المالك لا يتقاضاه بطبيعة الحال إلا في خصوص الوحدات المؤجرة وبالتالي يكون التجريم في هذه الحالة لا ينصرف إلا إلى الوحدات المؤجرة دون المبيعة ، ويؤكد هذا التحديد ما جاء في عُجز المادة بخصوص الوحدات التي لم يتم تسليمها في الموعد إذ أوردت (وذلك دون إخلال بالتعاقد وبحق المستأجر فى استكمال الاعمال الناقصة لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 13 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ) جاءت الفقرة الأخيرة لكي تضعنا في إطار أكثر تحديدا إذ أننا بالإحالة إلى المادة المحال إليها والتي يكتمل بها هذا النص نجدها لا تتحدث إلا عن عقود الإيجار بقولها :
( ويلتزم المالك بتسليم العين المؤجرة صالحة للاستعمال فى المواعيد المتفق عليها والا جاز للمستأجر - بعد إعذار المالك - استكمال الأعمال الناقصة بترخيص من قاضى الأمور المستعجلة مع خصم التكاليف من الأجرة).
التفسير عن طريق المُقاربة والإحالة هنا يقطع بأن المعني بهذه الجريمة هو التخلف عن تسليم وحدة مؤجرة دون أن تنسحب هذه الجريمة إلى أي صور أخرى كالبيع أو الهبة أو الانتفاع .
    المقصود إذن هو تسليم العين المؤجرة " والايجار في اللغة هو إسم للأجرة وهو ما يستحق علي الخير ولذا يُدعي به ويقال أعظم اللهُ أجرَك ، والاجارة وإن كانت في الاصل مصدر أجر أي صار أجيراً إلا أنها في الأغلب تستعمل بمعني الايجار فيقوم بعضها مقام بعض فيقال أجرت إجاره أي أكريتها ولم يأت من الفاعل بهذا المعني علي ماهو الحق " [3]
وقد جاء بالمذكرة الايضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني تعليقا علي هذا التعريف " أن مزية هذا التعريف أنه يُبَيْن أن التزام المؤجر إيجابي لا سلبي فهو ملزم بأن يُمَكْن المستأجر من الانتفاع لا بأن يقتصر علي تركه ينتفع بالعين المؤجرة"[4]
وبإعمال قواعد المقاربة بين النصوص للوصول إلى قصد المشرع فإننا نحيل إلى نص المادة  الأولى من القانون 49 لسنة 1977 والتي جاءت كالتالي :-
"فيما عدا الأراضي الفضاء تسري أحكام هذا الباب علي الأماكن وأجزاء الاماكن علي اختلاف انواعها المعدة للسكني او لغير ذلك من الاغراض سواء كانت مفروشة أو غير مفروشة مؤجرة من المالك أو من غيره وذلك في عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدنا بالتطبيق لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي ( الادارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 حاليا ) والقوانين المعدلة له ، ويجوز بقرار من وزير الاسكان والتعمير مد نطاق سريان احكامه كلها او بعضها علي القرار بناء علي اقتراح المجلس المحلي المشار اليه ولا يكون لهذا القرار أثر علي الأجرة المتعاقد عليها قبل صدوره ."
فهذا النص لم يرد فيه من قريب أو بعيد أي أشاره إلي بيع أو علاقة بين مشتري وبائع لوحدات ليس الغرض من التعامل عليها إيجار ، وإذا كانت قوانين الإيجار الإستثنائية التي اعتنى فيها المشرع بتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر وإيجاد توازن بين طوائف معينة من الشعب في فترات كان يجب علي الدولة متمثلة في السلطة التشريعية أن تنظم تلك الأمور ، فلا يجوز بغير قانون أو تشريع أن ينضم إليها طوائف أخري من العلائق بين البشر بعضهم البعض ، واذا فرضنا أن المشرع حين نظم العلائق بين المالك والمستأجر أقر بلفظ " بيع " فهذا ينصب بلا مراء علي "بيع الوحدات الإيجارية" فيما بين المالك والمستأجر أو بين المستأجرين بعضهما البعض بموافقة المالك ، ولم يتطرق إلى ذهن أحد  أن هذا البيع هو البيع المعروف والمنصوص عليه بالقانون المدني والذي يُعد من العقود المسماة التي أفرد المشرع لها بابا خاصا ينظم طرق التعاقد وأركان العقد وآثاره وطرق الفسخ فيه ، هذا العقد بهذه المثابة لايتصور أبدا أن يدخل في نطاق عقد الايجار.
وعلي هذا قضت محكمة النقض بأنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل وانه متى كانت عبارات القانون واضحة الدلالة على مراد الشارع منها فإنه يتعين قصر تطبيقها على ما يتأدى مع تصريح نص القانون الواجب تطبيقه .
محكمة النقض تبنت في العديد من أحكامها وجوب عدم التوسع في تفسير المواد الجزائية فذهبت إلى أنه  :-
"لما كانت الفقرة الأولى من المادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 نصت على انه "يعاقب بعقوبة جريمة النصب المنصوص عليها في قانون العقوبات المالك الذي يتقاضى بأية صورة من الصور بالذات او بالوساطة أكثر من مقدم عن ذات الوحدة أو يؤجرها لأكثر من مستأجر او يبيعها لغير من تعاقد معه على شرائها ويبطل كل تصرف بالبيع لاحق لهذا التاريخ ولو كان مسجلاً "بما مفاده أن المناط في قيام جريمة البيع على خلاف مقتضى عقد سابق هو أن يكون العقار المبيع وحده معينة مهيأة للانتفاع بها في الغرض الذي اعدت من أجله وهو ما تفصح عنه في جلاء الدلالة اللغوية للفظة "وحدة" ـ وهي تفيد الإفراد ـ التي جرت بها عبارة النص المتقدم وإذ كان الأصل انه ـ يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عبارتها فوق ما تحتمل وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة الدلالة على مراد الشارع منها فإنه يتعين قصر تطبيقها على ما يتأدى مع تصريح نص القانون الواجب تطبيقه ، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية رُفعت على الطاعن بوصف أنه باع حصة شائعة في عقار سبق بيعها إلى المدعيات بالحق المدني وكانت الحصة الشائعة مما لا ينطبق عليها قانوناً في لغة وصف الوحدة اذ انها لا تخول صاحبها قبل القسمة الحق في مكان مفرز محدد كما أنه ازاء صراحة نص القانون سالف الذكر فإنه لا يجوز التوسع في تفسير الوحدة ليشمل الحصة الشائعة لأن القياس محظور في مجال التأثيم ومن ثم فإن صورة الدعوى بما تضمنته من اعادة بيع حصة شائعة في عقار ـ لا تتوفر بها في حق الطاعن جريمة البيع لأكثر من شخص المسندة اليه ـ وتكون الواقعة المنسوبة الى الطاعن بمنأى عن التأثيم لما كان ذلك وكان مناط اختصاص المحكمة الجنائية بالدعوى المدنية أن يكون الضرر ناشئاً عن الجريمة التي رفعت عنها الدعوى الجنائية امامها فإذا نشأ الضرر عن فعل لا يعد جريمة ـ كما هو الحال في الدعوى الماثلة ـ فإن المطالبة بالتعويض عنه يخرج عن ولاية المحاكم الجنائية لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فقضى بادانة الطاعن والزامه بالتعويض وكان مبنى الطعن الخطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين اعمالاً لنص المادة 39/1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات واجراءات الطعن امام محكمة النقض أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون وهو ما يوجب نقض الحكم المطعون فيه والغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن مما اسند اليه عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى المدنية ."
فالبين من هذا القضاء أن البيع المقصود هو البيع علي البيع أو بيع المالك ما لايملكه الذي يشكل بلا شك جريمة النصب أما الامتناع دون مقتضي التي حوكم الطاعن بشأنها فإنها تدخل في تسليم الوحدات الإيجارية لمن تعاقد معه المالك أو خلفه أو أي شخص اعتباري .
أما عقود البيع فقد تدخل المشرع بتجريمها إذا قام المالك ببيع الوحدة لأكثر من شخص فهنا تكون الافعال المكونة لهذه الجريمة قد وقعت وأهم أركانها قد تحقق وهو  أن هذا البيع الثاني يقلل الثقة بين الناس مما يكون له آثار ضارة علي التعاملات المادية فيما بينهما .
وإذا كان الأمر كذلك فإن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بأن جعل الواقعة التي دار الاتهام حولها واقعة إيجار ينطبق عليها قانون الايجارات رقم 136 لسنة 1981 فيما يتعلق بالمادة 23 منه وأنشأ لنفسه وقائع أخري غير التي حددتها النيابة العامة أمام محكمة أول درجة وخلط بين البيع الذي ينطبق عليه القانون المدني وبين الايجار الذي ينطبق عليه قانون الايجارات مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه لهذا الوجه من السبب .
الوجه الثالث : تطبيق مادة اتهام خاص بالتخلف عن تسليم وحدة مرتبطة بعقد بيع منجز أوفى فيه المشتري كافة التزاماته على عقد غير منجز لم ينفذ فيه المشتري التزاماته :
لن نقف عند التعبيرات اللغوية التي استخدمها الحكم لتوصيف الفعل رغم أن هذه التعبيرات المستخدمة من الحكم ينحسر عنها الاتهام ، فالحكم قال أن المتهم الطاعن " تقاعس عن التسليم " في حين أن الجريمة في مادة العقاب هي جريمة " تخلف عن التسليم " والتقاعس لغة من " قعس " أي تأخر وتكاسل ، في حين أن التخلف لغة تعني الامتناع ، وهذه غير تلك .
ومع ذلك فإننا سندخل إلى أصل الحق ولن نتوقف عند اللغة ودلالاتها ، وسنفترض جدلا أن عقد البيع هو من العقود التي تمتد إليها مادة الاتهام ، إلا أنه بالرغم من ذلك فإن مادة الاتهام ذاتها لا تنطبق على عقد البيع سند الدعوى ، فعقد البيع المعني به والذي يرتب حقا للمشتري بالاستلام هو عقد البيع المنجز الذي أنجز ونفذ فيه المشتري كل التزاماته وبقي أن ينتظر ثمار ما فعل بأن يقوم البائع بتسليمه العين المبيعة ، فإذا لم يقم المشتري بتنفيذ التزاماته سقط حقه في الاستلام لأنه وقتئذ يقوم للبائع الحق في حبس المبيع عن المشتري حتى يسدد الثمن ، فإذا كان الحكم الطعين وقد تبين له أن المشتري لم يقم بسداد دفعة التسليم وأنه طلب استرداد الثمن وفسخ العقد قد قضى بالعقوبة ، وانزل العقد الناقص على مادة الاتهام يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقض الحكم لهذا السبب
السبب الرابع :
مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه حينما قامت محكمة الاستئناف بتعديل التهمة المسندة إلى المتهم وأقامتها على أساس من وقائع غير التي رفعت بها الدعوى وتبعا لذلك قامت بتغيير القيد والوصف القانوني للواقعة مما ترتب عليه حرمان الطاعن من درجة من درجات التقاضي وأخل بحقه في الدفاع.
كان لموضوع التهمة الأولى وقائع وعناصر وأحداث وتواريخ ، وللتهمة الثانية وقائع وعناصر وأحداث وتواريخ ، وكلاهما يختلفان في المبنى والمعنى ويسيران في خطين مختلفين.
موضوع التهمة الأولى هو جريمة نصب المنصوص عليها بالمادة 336 عقوبات ، والوقائع التي نسبتها النيابة للمتهم الطاعن أنه في يوم 18/8/2008 توصل إلى الاستيلاء على نقود مملوكة للمجني عليه وكان ذلك بالاحتيال وباستخدام طرق احتيالية من شأنها إيهامه بوجود مشروع كاذب .
أساس التهمةِ الأولى يقوم على إنكار المشروع بالكلية ، فليس له في عرف الاتهام وجود ، وبالتالي يكون يوم وقوع الجريمة هو اليوم الذي تقاضى فيه الطاعن المبالغ محل الاتهام ، وتبعا لذلك فإن الكيان القانوني للشركة التي يرأس مجلس إدارتها المتهم الطاعن ـ وهي شركة مساهمة مصرية ـ يكون مجرد طريقة من طرق الاحتيال للإيهام بالمشروع الكاذب ، ومقر الشركة هو استكمال للطرق الاحتيالية ، وأرض المشروع ـ بمرسى مطروح ـ ومبانيه وشاليهاته هي الأخرى وسيلة من وسائل الإيهام بالمشروع الكاذب .
معنى ذلك أن كل الطرق الاحتيالية حدثت قبل 18/8/2008 ثم تم أثر الجريمة في هذا التاريخ الذي استولى فيه المتهم على أموال المجني عليه ، هذه جريمة وقعت في تاريخ يترتب عليه آثار واقعية من حيث إثبات الاتهام ومدى صحته ، ويترتب عليه آثار قانونية من حيث مدد التقادم والانقضاء .
دفاع المتهم الطاعن في التهمة الأولى قام على إثبات صحة المشروع ، وجديته ، فالشركة التي يترأس المتهم الطاعن مجلس إدارتها هي من كبرى الشركات العاملة في مجال الاستثمار والتنمية العقارية ، ولها عشرات المشروعات التي تشهد لها ، وملكيتها للأرض محل المشروع صحيحة ، وإقامتها الشاليهات على أرض المشروع لا مراء فيه ، والمستندات التي تم تقديمها تثبت كل ذلك ، والخلاف في حقيقته مدني إذ أن المدعي بالحق المدني يريد أن يفسخ العقد بإرادته دون أن تكون هناك تبعات مالية عليه وفقا لما ورد بعقد البيع ، وإذ تبين من خلال المستندات والأدلة أن جريمة النصب لا وجود لها على الإطلاق قضت بالبراءة وأشارت إلى مدنية النزاع .
النيابة العامة لم تجادل في شأن أدلة البراءة ، فالواقعة في الحقيقة لم يكن بها أدلة إدانة من الأصل ، ليس فيها أي دليل ثبوت ، فالجنحة حركتها النيابة العامة على محضر شرطة ، ولم يقم أي مأمور ضبط بجمع استدلالات ، والنيابة من بعده لم تأمر باتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق ، والمدعي بالحق المدني لم يقدم شيئا ذي بال اللهم إلا مجرد "عقدا البيع" عن الوحدتين موضوع الخلاف .
أدركت النيابة العامة أن المتهم الطاعن قدم أدلة نفي على اتهام ليس فيه أدلة ثبوت ، لذلك لم تستأنف للثبوت ، ولكنها بحثت في كل القوانين الجزائية على اتهام آخر ، لا لكي تقدم به المتهم الطاعن أمام محكمة الجنح الابتدائية ، ولكن لكي تقدم المتهم به أمام محكمة الجنح المستأنفة ، لكي تستأنف به حكم البراءة ، فكان استئنافها قائما على تغيير أساس الواقعة وتغيير عناصرها ، وأطلقت على هذا الاستئناف أنه استئناف للخطأ في تطبيق القانون !! .
وكان الاستئناف بواقعته الجديدة وتوصيفه الجديد ومادة العقاب الجديدة ، موضوع آخر غير الموضوع الأول ، وتاريخ جديد للجريمة غير تاريخ الجريمة الأولى ، مادة العقاب الجديدة هي مادة ملغية من القانون محذوفة الأثر ، المادة 23 ق 136 لسنة 1981 ، والتهمة هي الامتناع ـ أو التخلف ـ عن تسليم وحدة سكنية للمجني عليه دون مقتضى ، تاريخ ارتكاب الجريمة هو 1/6/2010 ، وفي هذه الجريمة ليس هناك استيلاء على مال ، فالمشتري ـ المجني عليه ـ وفقا لتعديل الواقعة طلب من المتهم استرداد المبالغ التي دفعها ، ووفقا للواقعة الجديدة أيضا وافق المتهم على رد المبلغ وفسخ العقد .
التهمة الجديدة ترتكن إلى وقائع مغايرة للتهمة الأولى ، وإلى تاريخ آخر ، يترتب عليه مدد جديدة للانقضاء والتقادم ، كل الآثار القانونية والواقعية على التهمة الجديدة تنشأ بعد تاريخ 1/6/2010 ، الواقعة الجديدة بعناصرها وأركانها تستأهل دفاعا مختلفا لأننا أمام واقعة مختلفة.
لذلك قام دفاع الطاعن أمام محكمة الاستئناف على أن العقد الذي نظم العلاقة بين الطرفين ألقى على عاتق كل طرف التزامات ، وبعض الالتزامات يترتب على الآخر ، الالتزام الذي قام عليه النزاع الجديد أمام محكمة الاستئناف هو تسليم الوحدة ـ أو بالأحرى الوحدتين ـ والعقد الذي نظم العلاقة بين الطرفين نص على أن المشتري ـ المدعي المدني ـ يلتزم بسداد دفعة الاستلام أولا ، فإذا قام بسدادها تلتزم الشركة بتسليمه الوحدة ، إلا أن المدعي المدني لم يقم بسداد دفعة الاستلام ، ولم يزعم ذلك ، ولكنه طلب فسخ العقد ورد الدفعات التي قام بسدادها ، لذلك فمن المنطقي والبدهي والعقدي والقانوني والشرعي فإنه ليس للبائع أن يسلم الوحدتين موضوع البيع لمن لم يلتزم بسداد دفعة الاستلام ، فهذا التزام يترتب عليه التزام !! ومن نافلة القول أنه لا يمكن أن يقوم بتسليم الوحدتين لمن رغب في فسخ العقد .. كان هذا هو دفاع الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية .
الطاعن بهذه المثابة وفي حقيقة الأمر حوكم مرتين أمام درجتين مختلفتين عن واقعتين متباينتين ، فتكون محكمة الاستئناف قد أسقطت حقه الدستوري في درجة من درجات التقاضي .
"ضرورة عدلية" أن يُنظر النزاع الواحد أمام محكمتين أو أكثر علي التوالي ، وليست هذه " الضرورة العدلية " جديدة أو مستحدثة بل إنها قديمة وجدت جذورها منذ أن عرف الناس التقاضي ، وهو المبدأ الذي تأخذ به أغلب التشريعات الحديثة [5].
هذه قاعدة استقرت منذ فترة طويلة في القانون الروماني ، وفي القانون الفرنسي القديم حيث كانت هذه القاعدة هي الأصل العام الذي لا يجوز مخالفته بأي حال من الأحوال ، فلم يكن من الجائز أو المسموح به إبداء أي طلب جديد لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ، وللحق فإن هذا الأمر ورد عليه استثناء طفيف ،إذ كان يجوز طلب الفوائد والتعويضات اللاحقة على أصل الحق محل النزاع ، وفي تقديري فإن هذا الأمر لا يعد استثناءً إذ أنه مرتبط بطبيعة المنازعة نفسها إذ لا يقبل أن يطالب إنسان ما بحقه ثم يذهب أمام محكمة أخرى للمطالبة بالفوائد القانونية لهذا الحق ، ولم يرد بالتشريعات الفرنسية مغايرة لهذا فقد جاءت مجموعة نابليون لسنة 1806 ونصت صراحة في المادة 464 علي مبدأ تحريم إبداء الطلبات الجديدة أمام محكمة الدرجة الثانية ، ولكنها استثنت من ذلك طلب المقاصة القضائية والطلبات التي من شأنها دعم الدفاع في الدعوي الأصلية .
ولأن التقاضي على درجات هو أحكم قواعد العدالة فقد استقرت عليه محكمة النقض ولم تخالفه قيد أنملة ، فذهبت في بعض أحكامها إلى أنه :
 الشرط الذي تتقيد به المحكمة حين تغير الوصف القانوني للواقعة هو ألا تسند إلى المتهم فعلا غير الذي رفعت به الدعوى وإلا كانت مجاوزة الحدود العينية للدعوى "
    وذهبت أيضا إلى أنه
"إذا أدانت المحكمة الاستئنافية المتهم عن واقعة لم ترفع بها الدعوى فإن هذا فيه تجاوز منها لسلطتها كما أن فيه حرمانا للمتهم من درجة من درجات التقاضي وإخلالا خطيرا بحق الدفاع "
    وأكدت محكمة النقض هذه المعاني حين قضت بأنه
"المحكمة الاستئنافية ممنوعة منعا باتا من أن تعدل التهمة المسندة إلى المتهم وتقيمها على أساس من وقائع غير التي رفعت بها الدعوى " [6]
 
أما الفقه فقد نافح عن هذا المبدأ وتشدد في وجوب تطبيقه فذهب إلى أنه :
" لا يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تنظر فيما لم تكن محكمة الدرجة الأولى أن تنظر فيه " [7]
وفي تفصيل هذه القاعدة قال الدكتور محمود نجيب حسني أنه
" وتجمل هذه القاعدة في عدم قبول طلبات جديدة أمام المحكمة الاستئنافية وتسري هذه القاعدة على الدعوى الجنائية والدعوى المدنية على السواء " [8]
يمكن القول إذن بأن الطلبات الجديدة والتكييفات الجديدة للواقعة التي يترتب عليها تغيير أساس الدعوى محظورة أمام الاستئناف وفقا للقاعدة التي اقرتها محكمة النقض في أحكامها بقولها
"وذلك التزاما بالأصل المقرر بأن يكون التقاضي علي درجتين وتجنباً لاتخاذ الاستئناف وسيلة لمباغتة الخصم بطلب لم يسبق عرضه علي محكمة أول درجة " .
الطلبات الجديدة إذن محظورة في الاستئناف والكل في ذلك سواء ، سواء كان ذلك من النيابة العامة أو المدعي بالحقوق المدنية ، وسواء كانت هذه الطلبات في الدعوى المدنية أو الدعوى الجنائية ، فالطلب الجديد في الاستئناف "هو طلب لم تسبقه خصومة أول درجة وقبوله يعني إلغاء الدرجة الاولي للتقاضي وهو أمر غير مقبول" [9] .
فليس للمحكمة أن تغير القيد أو الوصف الصادر من النيابة العامة إلا أمام محكمة الدرجة الاولي ، لأن في ذلك إهدار لمبدأ التقاضي علي درجتين كما أسلفنا .
وبالتطبيق علي الحكم المطعون عليه نجد الاتي :-
" وحيث عن موضوع الاستئناف فتجدر الاشارة إلي أن المحكمة قد طالعت اسباب استئناف النيابة العامة وتبين لها أن النيابة العامة طعنت علي الحكم الصادر من محكمة أول درجة للخطأ في تطبيق القانون والمحكمة قامت بتعديل القيد والوصف كطلب النيابة العامة التي طلبت عقاب المتهم علي اساس نص المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981 وذلك علي أساس أن المتهم تخلف دون مقتضي عن تسليم الوحدة المخصصة للمدعي بالحق المدني في الواعيد المحددة ونبهت المحكمة المتهم لذلك وأمهله أجلاً لتحضير دفاعه " [10]
ومن دلالات هذا الخلط الذي لابس تغيير أساس الواقعة أن قضت المحكمة بنفاذ العقوبة " شهرين مع الشغل والنفاذ " رغم أن أحكام المحاكم الاستئنافية واجبة النفاذ فور صدورها ، ودلالة هذا التزيد هو أن صدور الحكم بهذه الطريقة يعنى أن المحكمة اختلط فى ذهنها أنها محكمة استئناف فقضت بهذا الأمر على اعتبار أنها محكمة أول درجة وهذا يُخَطّىء الحكم لأن التزيد فى الأحكام وإن كان يؤكد خطأ الحكم فإنه يؤكد أيضا اختلاط الأمر لدى المحكمة عند قضائها .
ولما كان الحكم المطعون عليه قد أخطا بأن تصدي لتغيير القيد والوصف للواقعة المعروضة عليه بأن جعل الطاعن يعاقب علي واقعة عدم التسليم المنصوص عليها بمادة العقاب 23 من القانون 136 لسنة 1981 وهي واقعة تختلف عن واقعة النصب التي قضت محكمة أول درجة ببراءته منها مما ترتب عليه تغيير اساس الدعوى كله وتغيير وقائعها وأسانيدها ووضفها بحيث أن بهذا التغيير يكون قد حوكم أمام محكمة الأستئناف عن فعل منبت الصلة عن الواقعة التي حوكم بمقتضاها أمام محكمة الدرجة الأولى الأمر الذي يعد مخالفة لصحيح القانون وخطأَ جسيما في تطبيقه مما يستوجب نقضه  . 
السبب الخامس:
الفساد في الاستدلال والقصور في البيان..
 إذ عندما خلت الدعوى من ثمة دليل قامت المحكمة بالاستدلال على صحة الاتهام من خلال ورقة اصطنعها المدعي بالحق المدني لنفسه هي "طلب فسخ العقد واسترداد المبالغ التي دفعها" وقد أخذت المحكمة من موافقة المتهم على رد المبلغ قرينة على صحة الاتهام رغم أن الإدانة لا تُبنى على قرينة وفي ذات الوقت فإن الاستدلال فاسدُ ُ لأن هذه الورقة تنفي الاتهام .
 
"يستصحب المتهم معه في المحكمة قرينة البراءة بحيث لا ينقضها إلا دليل يقيني ، وقد كان يحدونا الأمل عندما عُرضت هذه الدعوى على القضاء الجنائي أن يمد يده إلى أدلتها ليضعها على بساط البحث ـ إن كان هناك أدلة جدلا ـ لعلمنا اليقينى أن القضاء العادل لا يقوم إلا على أدلة عادلة ، مضمونا وإجراءً ، وقتئذ يستطيع قاضي الموضوع أن يقرأ ما بين السطور بل ويستطيع بما له من خبرة أن يكشف الحقيقة ، وله من السلطات والإمكانيات أن يستدعى إلى واقع الدعوى كلَ دليل غاب عنها أو غُيِّب منها ،ولكننا فوجئنا بقيام محكمة الموضوع بمخالفة القانون فيما يتعلق بأدلة الإثبات الجنائي إذ عندما خلت الدعوى من الأدلة لم يكن أمام المحكمة إلا أن قامت باستدلال فاسد لتستنطق أحد المستندات ما لايجوز استنطاقها به وهي بصدد الإدانة "[11] .
في سببٍ سابق بهذه المذكرة نعينا على الحكم أنه لم يورد بيان الأدلة التي تساند إليها ، وللحق فإنه لم يكن في إمكانه أن يورد مضمون هذه الأدلة لأن هذه الأدلة غير موجودة أصلا ، فالإمكانية لا تتعلق بالمستحيل !! .
إلا أننا ننعي على الحكم في هذا السبب الاستدلال الفاسد ، إذ عندما أعيته الأوراق ولم تسعفه وقد بيَّت النية على الإدانة ذهب إلى ورقة لم يورد تاريخها ولا بيانها ولا مضمونها ، بل اكتفى بإشارة مخلة عنها حين قال في حيثياته ما نصه :
" وفقاً للعقد المقدم فإنه يتعين علي المتهم تسليم الوحدة للمدعي بالحق المدني في 1/6/2010 إلا أن المتهم تقاعس علي تسليم الوحدة دون مقتضي وهو الثابت من طلب الاسترداد المقدم من المدعي المدني في 3/7/2010 والذى أثبت فيه طلبه باسترداد المبلغ النقدى الذى قام بسداده لعدم تسليمه الشقة وردت الشركة على الطلب بالموافقة على الاسترداد ، الأمر الذى يعد اقرار ضمنى من الشركة أنها لم تسلم الوحدة فى المدة المحددة فكل هذه الإمارات أدخلت اليقين فى وجدان المحكمة أن المتهم ارتكب الواقعة وتقاعس عن تسليم الوحدة فى المدة المحددة دون مقتضى ).[12]
ومن خلال هذا التسبيب يتبين أن المحكمة استنبطت من طلب الاسترداد المقدم من المدعى بالحق المدنى دليلا على ارتكاب الجريمة !! وافترضت أن هذا الطلب بمثابة دليل قاطع ودامغ على أن المتهم امتنع دون مقتضى عن تسليم الوحدة المبيعة للمدعى بالحق المدني !!  واتخذت منه أساساً في قضائها رغم أنه لايصلح لهذا القضاء لأن الافتراض والتخيل والتخمين والتفسير لا يصلح في التأثيم الجنائى وإدانة المتهم ، فالأحكام كما هو مستقر في محكمة النقض لاتبنى الا على الجزم واليقين ، ولا تبنى أبدا على الشك والتخمين والافتراض ، لذلك فإن ما ساقته المحكمة يخالف القواعد الأصولية في الإثبات في القوانين الجنائية ، ذلك أنها بدأت بافتراض وانتهت بادانة واتخذت من موافقة الشركة على طلب الاسترداد المقدم لها من المدعى بالحق المدنى دليلا على أن المتهم الطاعن تخلف عن التسليم دون مقتضى ، رغم أن واقع المستندات وواقع العقود يجيز لكلا الطرفين العدول عن هذا البيع والرجوع فيه بشروط ومنها أنه يحق للشركة خصم 15% من الإجمالى المدفوع من المدعى بالحق المدنى اذا أخل بالعقد وأخل بشروطه وليس في عقود البيع المقدمة للمحكمة أو طلب الاسترداد المقدم من المدعى بالحق المدنى أية شرط يمنع أن يعدل أي طرف من طرفى التعاقد عن هذا البيع ولكن المحكمة أغفلت كل هذا وأنشأت من عندها دليلا لاوجود له في الأوراق وافترضته على واقع الدعوى واتخذته سندا لقضائها وقضت بقضائها المعيب.
الورقة التي استدل بها الحكم على الإدانة لا تصلح للاستدلال بل إنها تدل على عكس ما ذهبت إليه المحكمة ، فطلب استرداد ما تم دفعه هو في حقيقته طلب بالعدول عن العقد وفسخه ، وتاريخ هذا الطلب كما ورد بالحكم هو 3/7/2010 ، وقد تم تقديمه قبل موعد التسليم المنصوص عليه في العقد ، إذ أن موعد التسليم وفقا لما ورد بالعقد وإن كان في 1/6/2010 إلا أن العقد أعطى البائع مهلة قدرها ستين يوما من هذا التاريخ تنتهي في آخر يوليو ، فتاريخ التسليم إذن له فترة ابتداء وفترة انتهاء ، أما عن فترة الابتداء فهي أول يونيو وفترة الانتهاء هي آخر يوليو ، وطلب الاسترداد قُدم في أول يوليو أي قبل تاريخ الاستلام ، فكيف يُستدل بهذه الورقة على أن المتهم الطاعن لم يقم بتسليم العين المبيعة في حين أنه وقت تقديمها لم يكون مو عد التسليم النهائي قد حل بعد !! .
في خصوص الاستدلال الصحيح وطرقه ووسائله ذهبت محكمة النقض إلى أنه :
" ومن اللازم في أصول الاستدلال إن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم مؤديا التي ما رتبه عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر في حكم العقل والمنطق ".
وقضت محكمة النقض أيضا بأن :-
"الحكم يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال اذا انطوت أسبابه على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو في حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها بناء على العناصر التى ثبتت لديها ".
أما استنطاق المحكمة لأوراق الدعوى بما لم تقله أو تفصح عنه فهذا هو عين التعسف فى الاستنباط وبالتالى فما يبنى على هذا الدليل غير المشروع يبطل ويبطل اثاره المترتبة عليه .
وهديا علي ما سلف بيانه يتبين أن المحكمة مسخت فحوى المستند المقدم لها وأوردته بما يخالف حقيقته وحمَّلت تلك الورقة ما لا تطيقه لتتفق مع ما انتهى إليه حكمها الطعين فأوردت أنها استندت إلى طلب الاسترداد ليكون عونا لها فى هذا القضاء الباطل وافترضت أنه دليل على امتناع المتهم دون مقتضى عن تسليم الوحدة المتعاقد عليها في الوقت الذي لم تفحص باقى الأوراق التى تؤكد أن المدعى بالحق المدنى هو الذى رفض إكمال التعاقد واستلام الوحدة المتعاقد عليها وهو الأمر الذي ثبت بعدم سداده الأقساط المستحقة عليه مما يتعين معه نقض الحكم لهذا السبب.  
السبب السادس :
الخطأ في تطبيق القانون ...
   لتناقض صارخ وقع في الحكم بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر و لا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمةعندما أحال إلى حكم أول درجة في خصوص الواقعة والنصوص الواجبة التطبيق ، وعلى الوجه الآخر قام بتغيير الواقعة وعَدَلَ عن النصوص الواجبة التطبيق الورادة بحكم محكمة أول درجة  بما يبطله   
      
جاء بأسباب الحكم المطعون فيه
: "وحيث أنه من المقرر قانونا وعلى ما جرى به قضاء النقض أنه يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تحيل إلى الحكم المطعون فيه في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وفي بيان النصوص الواجبة التطبيق ,,,, ولما كان ذلك وكانت الواقعة المستوجبة للعقوبة والنصوص الواجبة التطبيق سبق وأن حصلها تفصيلات الحكم المطعون فيه فمن ثم تأخذ به المحكمة في هذا الشأن وتحيل إليه منعا للتكرار "
الواقعة المستوجبة للعقوبة التي حصّلها الحكم الأول هي واقعة نصب عن طريق الإيهام بمشروع كاذب !! والنص الواجب التطبيق عليها هو نص المادة 336 من قانون العقوبات ، هذا البيان في الحكم يعني أن المحكمة استقر في وجدانها أنها تحاكم متهما ارتكب جريمة نصب معاقب على فعله في قانون العقوبات ، وافقت المحكمة على هذا الوصف وإلا ما كانت قد أحالت ، بل إن المحكمة أوردت صراحة أنها تأخذ بهذا الوصف وهذا النص وهذه الجريمة .
وفي موضع آخر من الحكم جاء فيه
" فتجدر الاشار إلي أن المحكمة قد طالعت أسباب استئناف النيابة العامة وتبن لها أن النيابة العامة طعنت علي الحكم الصادر من محكمة أول درجة للخطأ في تطبيق القانون والمحكمة قامت بتعديل القيد والوصف كطلب النيابة العامة التي طلبت عقاب المتهم علي أساس نص المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981 "
ثم يورد التناقض بين هذا الذي قرره  ووقر في وجدانه حيث قضت  :
" وبالنسبة لاستئناف النيابة العامة بأجماع الآراء قبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء المحكمة المستأنف والقضاء مجدداً بحبس المتهم شهرين مع الشغل والنفاذ والمصاريف "
 
وبالتطبيق على وقائع الطعن الماثل والحكم المطعون عليه يتبين
أن المحكمة أغفلت ماتضمنته المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981 والتى تقضى بأن تشمل هذه العقوبة عقوبة الرد لمثلى مقدم الايجار ولكون الواقعة تخلو من إيجار أو عقد إيجار فجمعت بين قانونين لانعلم أي منهما أخذت به المحكمة ، هل طبقت المادة 336 من قانون العقوبات ؟ أم المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981م .
 
ومع هذا التناقض الذي يُبطل الحكم قضت المحكمة بالإدانة دون أن تكون المحكمة قد اتكأت على منهج عقابي واحد مستقيم لاشية فيه .
وفي هذا السياق قضت محكمة النقض بأنه :
 
" من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم و يبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لكيفية وقوع الحادث و حاصلها أن الطاعنين اتفقوا على ارتكاب الحادث و أن الأول و الثاني هما اللذان قاما بالاعتداء على المجني عليه و أن الثالث قد حاول إفلاتهما من قبضة رجال الشرطة ، ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التي أستمد منها عقيدته و من بينها اعتراف الطاعن الثالث الذي أورده في مدوناته كاملاً غير أنه في بيان حاصل واقعة الدعوى التي أعتنقها جزأ هذا الاعتراف فأخذ منه ما أطمأنت إليه المحكمة من وقوع الحادث من الطاعنين على الصورة التي اعتنقتها المحكمة ."
ومن خلال ما أسلفناه نجد أن المحكمة الاستئنافية وقعت في رحى التناقض بحيث وقفت الأسباب على طرفي نقيض  مما يستحيل معه أن يستقيم قضاؤها الأمر الذي يترتب عليه نقض الحكم لهذا السبب .
السبب الثامن : الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع...
حينما قضت محكمة الاستئناف بقبول استئناف النيابة شكلاً رغم التقرير به بعد المواعيد المحددة بقانون الاجراءات الجنائية بالمخالفة لنص المادة 406 منه.
علاقة المشروعية بين الحكم بالإدانة والإجراءات التي بني عليها تعد أساساً قانونياً لهذا الحكم ، والمواعيد التي حددها القانون إجرائيا يجب أن يتم مراعاتها ، ودون أن نثير جدلا حول أهمية الإجراء وشرعيته فإننا سندلف إلى خطأ إجراء الاستئناف الذي قامت به النيابة العامة ، إذ أن هذا الإجراء قد تم بعد المواعيد التي حددها القانون الأمر الذي كان يترتب عليه وجوب أن تقضي محكمة الإستئناف بعدم قبول هذا الاستئناف خاصة وأنها أوردت في حكمها موعد الحكم ، وموعد الاستئناف ، وبينهما شهر إلا خمسة أيام ، وكان الذي استأنف هو أحد رؤساء النيابة العامة .
المادة 406 من قانون الإجراءات الجنائية أعطت للنيابة العامة موعدا لا يجوز تجاوزه هو عشرة أيام من تاريخ صدور الحكم ، وأعطت للنائب العام الحق في أن يستأنف في خلال ثلاثين يوما ،
 وتضمنت المادة 1263 من التعليمات العامة للنيابات فى شأن ميعاد الاستئناف للنائب العام أو المحامى العام ثلاثين يوما من وقت صدور الحكم وله أن يقرر بالإستئناف فى قلم الكتاب بالمحكمة المختصة بنظر الاستئناف عن طريق توكيل رئيس النيابة بالمحكمة الابتدائية المختصة بذلك ، وبهذا نظمت النيابة العامة طرق الطعن والإجراءات التى تتبع حيال قيام النيابة بالطعن فى الأحكام الصادرة من محكمة الجنح ، وحيث خلت أوراق الدعوى من التوكيل المنوه عنه فى تلك التعليمات ، كما أن تقرير الاستئناف لم يرد به بيان هذا التوكيل ، الأمر الذي يضحى معه الاستئناف غير مقبول للتقرير به بعد الميعاد من رئيس نيابة لا يملك سلطة الاستئناف لأنه قرر به بعد العشرة ايام ، وقبل الشهر ، دون أن يكون معه توكيلا بهذا الإجراء من النائب العام .
 فضلا عن هذا فإن رئيس النيابة العامة لم يشر فى مذكرة الاستئناف إلى أنه أودع التوكيل الصادر له من مكتب النائب العام للقيام بهذا الإجراء ـ إن كان هناك توكيل ـ  إذ أن هذا التوكيل هو من الاجراءات الجوهرية لا يتم الاستئناف إلا به بعد موعد العشرة أيام ، ويترتب على تخلفه فى الأوراق أن يصبح الطعن صادرا من غير ذى صفة .
،وفوق هذا فإن دفاع الطاعن دفع أمام المحكمة الاستئنافية بعدم قبول الاستئناف لهذا السبب إلا أن الحكم لم يقم بالرد عليه بل لم يقم بالرد على اي دفاع ابداه مما أخل بحق الطاعن في الدفاع .
القاعدة المرتبطة بموعد استئناف النيابة العامة جرت في العديد من أحكام محكمة النقض ، إذ ذهبت إلى أنه :
" لما كان الحكم الابتدائي قد صدر بتاريخ 29 يناير وتم التقرير بالطعن فيه بالاستئناف في 12 فبراير ، وكان الثابت أن الذي قرر بالاستئناف هو وكيل النيابة العامة بغير توكيل من النائب العام أو المحامي العام المختص فإن استئناف النيابة العامة يكون قد تم بعد الميعاد المقرر قانونا ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الاستئناف شكلا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون "
وعن علة التوكيل الخاص في هذا الشأن ذهبت محكمة النقض إلى أنه :
التوكيل العام في العلاقة بين النائب العام وأعضاء النيابة لا يصلح سندا للاستئناف في هذا الميعاد
الاستثنائي " 
كما ذهبت إلى أنه :
" ميعاد الاستئناف من النظام العام ، جواز إثارة أي دفع بشأنه في اية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام محكمة النقض ، حد ذلك أن يكون مستندا إلى وقائع أثبتها الحكم "
فإذا كان الحكم قد خالف هذا النظر وقبل الاستئناف رغم أنه تم التقرير به بعد موعد العشرة ايام ومن رئيس نيابة ليس معه توكيل خاص من النائب العام بهذا الإجراء فإنه يكون قد أخطا في تطبيق القانون متعينا نقضه لهذا السبب .
السبب الثامن :
القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ..
لعدم رد المحكمة على الدفوع الجوهرية التي أثبتها الطاعن في محاضر جلسات المحكمة والمستندات المقدمة في الجنحة المطعون علي حكمها
دفع الطاعن بالعديد من الدفوع الجوهرية التي لو فطنت إليها المحكمة لتغير وجه الرأي في الدعوى فقد دفع الدفاع  بالاتي :
1.     دفع بعدم قبول الاستئناف لمخالفته نص المادة 406 من قانون الاجراءات الجنائية وأورد شرحا تفصيليا فى المذكرة المقدمة بجلسة 20/10/2011.
2.     كما دفع بعدول المدعى بالحق المدنى عن إتمام التعاقد وإنهاء العلاقة التعاقدية وذلك من خلال المستندات المقدمة والمتمثلة فى طلب الاسترداد المقدم من المدعى بالحق المدنى بتاريخ 3/7/2010م   والمنصوص عــليه فــــى البند الثامن مــــن عقد البيـع المـؤرخ 1/8//2010 وكذا الانذار الموجه من المدعى بالحق المدنى للشركة والمقيد برقم 3852 محضرين دقى بتاريخ 1/3/2011م والموضح به طلبه برد المبالغ المدفوعة لإنهاء التعاقد وكذا الانذار الموجه من الشركة للمدعى بالحق المدنى والمقيد تحت رقم 3604 محضرين المعادى بتاريخ 15/3/2011 والموضح فيه عرض المبالغ التى طلبها المدعى بالحق المدنى.
3.     كما دفع بعدم جواز قبول تعديل القيد والوصف أمام المحكمة الاستئنافية إستنادا الى نص المادة 307 من قانون الاجراءات الجنائية.
4.     كما دفع بانتفاء أركان الجريمة المنصوص عليها بالمادة 23من القانون 136لسنة 1981م.
5.     كما دفع بعدم اختصاص القاضى الجنائى بنظر الدعوى لمدنية النزاع.
6.     كما دفع بخلو الأوراق من ثمة دليل تؤكد ادعاءات ومزاعم المدعى بالحق المدنى.
7.     كما دفع بالتراخى فى الابلاغ والكيدية فى الاتهام وتلفيقه.
وعلى الرغم من أن الدفوع التي ساقها وكيل الطاعن وأثبتها في محاضر الجلسات والمذكرات التحريرية المؤيدة بالمستندات دامغة في الوصول إلى عين الحق في هذا النزاع ، إلا أن المحكمة لم تقم بالرد عليها أو إيرادها فى حيثيات حكمها ، فإن كان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة فى أن تعوِّل في قضائها بإدانة الطاعن علي أى دليل يُقدم أمامها ، كما أن لها مطلق السلطة التقديرية في الأخذ به أو طرحه أو اجتزائه إلا أن هذا مشروط بألا تأتى من عندياتها بما لم تقل به الأوراق ، وإذا كان لها الحق في إطراح دفاع المتهم إلا أنها يجب أن تبين في أسباب حكمها لما قامت بإطراح هذا الدفاع ، أو على اقل تقدير ان تذكر أن هناك ثمة دفاع قيل أمامها وأن ثمة مستندات قدمت أمامها ، إذ من شأن هذا الدفاع وهذه المستندان أن تغير وجه الرأي في الدعوى إن التففت إليهم المحكمة ، أو نظرت إليهم عن بصر وبصيرة ، وقد أخرجت محكمة النقض مئات من الأحكام التي تؤكد هذه المعاني بحيث أصبحت هذه الأحكام معلومة لكل المشتغلين بالقانون ، فلا يجدينا في هذا الطعن أن نسرد بعضها وقد أصبحت هذه الأحكام عنونا للمحاكمة الجنائية المنصفة  
ومن خلال هذا السبب يتضح أن المحكمة أغفلت الرد على كل الدفوع والدفاع التي أبداها الطاعن ولم ترد عليها إيرادا أو ردا وظلت عالقة في سقف الدعوى دون أن تجد من يلتفت إليها ، كما أن المحكمة لم تقم بالرد على مستندات المتهم الطاعن التي قدمها بجلسات المحاكمة مما يعد إخلالا منها بحق المتهم في الدفاع يستوجب نقض الحكم .
السبب التاسع :القصور في التسبب...
لعدم إظهار محكمة الاستئناف الاركان المادية والمعنوية لجريمة المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981 .
لا تستقيم المشروعية الجنائية فى نسبة الاتهام إلى فاعله إلا إذا توافرت أركانه المنصوص عليها فى القانون فإذا توافر النموذج القانونى وتطابق مع الفعل فى أوجهه المادية وتخلف فى أوجهه المعنوية فلا يجوز معاقبته على ارتكاب الفعل ، إذ يجب أن يخلو الفعل المعاقب عليه قانوناً من كل أسباب الإباحة وأن تتكامل له أركانه المادية والمعنوية ، فلا يصح اعتبار المتهم مسئولاً جنائياً عن فعلٍ ما إلا إذا ثبت بيقين وبدليل لا يأتيه الشك أن هذا الشخص أراد هذا الفعل واتجهت نيته إلى إحداثه ، فلو أن شخصاً ارتكب جريمة قتل وتوافرت في حقه أسباب الدفاع الشرعى فإن هذا يعد مانعاً من موانع العقاب ، فكل موانع العقاب المنصوص عليها فى القانون تكاد تتفق إن لم تكن قد تطابقت فى أنها تصب فى الركن المعنوى للجريمة ، ونحن أمام محكمة النقض لا نجادل جدالاً موضوعياً ولا نعيد طرح الموضوع عليها ، فمحكمة النقض تعلو عن أى جدل موضوعى يتعلق بوقائع الدعوى ، ولكن لأن الأمر يتعلق بتطبيق القانون ، وخطأ الحكم الاستئنافي عند تطبيق القانون فإننا سنتعرض للخطأ في تطبيق القانون عندما لم تستظهر المحكمة أركان الجريمة التي عاقبت المتهم بمقتضاها  .
فإذا كانت الجريمة تتكون من أركان أهمها على الإطلاق الركن المعنوي للجريمة والذى يتكون بدوره من عنصرين أساسيين هما :
 
الأول : العلم بماهية الفعل المرتكب وأنه منهي عنه قانوناً .
الثانى : الإرادة الحرة الواعية والتى تتجه مباشرة لإتيان هذا الفعل .
فإذا غاب عن لشخص المرتكب للنموذج الإجرامى أحد العنصرين السالفين أو كلاهما فإن فعله لا يمكن العقاب عليه حتى ولو سبب ضرراً للغير ، إذ آنذاك يكون مرجعه إلى القضاء المدنى دون القضاء الجنائى وعلى هذا سارت أحكام النقض المتواترة وقضت بنقض العديد من الأحكام لقعود محكمة الموضوع عن استظهار الركن المعنوى للجريمة بعناصره .
فقضت محكمة النقض بأنه :
"القصد الجنائي في جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً و بنية إستعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة . و إذ كان الحكم المطعون فيه قد نفي عن المطعون ضده تعمد تغيير الحقيقة في البيان الذي أثبته في صحيفة إفتتاح الدعوي المدنية و في محضر الحجز ، و إستظهر أن ثمة مبررات سائغة دعته إلي الإعتقاد بصحة ذلك البيان ، فقد إنتفي القصد الجنائي في جريمة التزوير كما هو معرف به في القانون و إمتنع القول بإشتراك المطعون ضده مع المحضر في تزوير الإعلان أو إستعمال محرر مزور ، و هو ما يكفي وحده لحمل النتيجة التي إنتهي إليها القرار المطعون به ."
وحيث أن محكمة الموضوع لم تبين فى حيثيات حكمها أن المتهم الطاعن كان على علم يقيني بأن عدم التسليم الذي افتراضه الحكم مشروع إجرامي كما أنه لم يبين أن الطاعن أراد هذا الفعل بإرادة حرة وواعية ومستبصرة لما يترتب عليه من نتائج مما يعد قصوراً فى التسبيب يستوجب نقض الحكم  .
طلـب وقف التنفيذ
لا جدال في أن القانون 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1962 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض هو الأصل فى التطبيق على ما يعرض على المحكمة فقد تضمن القانون السالف الذكر المادة 36 مكرر نصاً على أنه يجوز للطاعن في حكم صادر من محكمة الجنح بعقوبة مقيدة أو سالبة للحرية أن يطلب فى مذكرة أسباب الطعن وقف تنفيذ الحكم الصادر ضده مؤقتاً لحين الفصل في الطعن ويحدد رئيس المحكمة على وجه السرعة جلسة لنظر هذا الطلب تعلن بها النيابة .
ولما كان تنفيذ العقوبة المقضى بها وفقاً للحكم الطعين ستعصف بمستقبل الطاعن وبأسرته فضلاً عن أن الطاعن رئيس مجلس أدارة شركة مساهمة تعمل في مجال المقاولات ولديه العديد من الموظفين والاداريين ويترتب على حبسه إضاعة سمعته وهز مركزه المالى أمام عملاءه فضلا عن أنه يرتب آثارا سيئة للمعاملات المالية وعلى وجه العموم للاقتصاد العقارى في مصر.
طلب التصدي للموضوع
إذ أن الأسباب الرئيسية في الطعن تقوم على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفقا لنص الفقرة الأولى من المادة 30 ، والفقرة الأولى من المادة 39 من القانون 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون 106 لسنة 1962 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
بناء عليه
يلتمس الطاعن :
أولاً :- بصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون عليه لحين الفصل في الطعن الماثل .
ثانياً :- في الموضوع بقبول الطعن شكلاً للتقرير به في الميعاد وايداع الأسباب وفقا لنصوص القانون وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه
الفهرس
السبب الأول: البطلان في الحكم المطعون عليه
ذلك أنه وعلي ما بُين من مطالعة مدونات الحكم الاستئنافي المطعون فيه فإن المحكمة الاستئنافية أنشأت لنفسها قضاء مستقلاً عن حكم محكمة أول درجة وأسبابه سواء فيما تعلق بوقائع الدعوي أو أدلة الثبوت التي ساقها والتي أقامت عليها قضاءها بتعديل الحكم المستأنف من البراءة إلي الاكتفاء بحبس الطاعن شهرين مع الشغل بالمخالفة لنص المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية لكونها لم ترد في حيثيات الحكم نص المادة العقابي الذي تبنته المحكمة وقضت وفقاً له ..........
السبب الثاني:- بطلان أخر بالحكم المطعون فيه
ذلك أنه لم يبين فى تقرير التلخيص المرفق بالأوراق - والمحرر بمعرفة أحد أعضاء الدائرة الاستئنافية التي أصدرت الحكم المطعون فيه - أنه جاء قاصراً في بيان وقائع الدعوي علي مجرد القول بأنه ( نصب )
      مقدمة لسيادتكم
                                                            ثروت عبد الباسط الخرباوي
                                                                         المحامي بالنقض
هوامش

[1]- أبو عامر – ص 156 ،157 وأنظر فتحي ولي الوسيط من 710،711
[2]- نص الحكم الطعن رقم 11838 لسنة 60 قضائية بتاريخ 13/4 /1997 :
" ومن حيث أن مبني الاحكام السابقة المراد العدول عن المبدأ القانوني الذي قررته هو أن القانون رقم 4 لسنة 1996 المشار إليه إذ أخرج عقود تأجير الاماكن واستغلالها والتصرف فيها من نطاق تطبيق أحكام قوانين ايجار الاماكن المشار اليها وأخضعها لأحكام القانون المدني يكون قد أسقط صفة التجريم عن الافعال التي جرمتها قوانين الايجار السالف ذكرها ومنها الجريمة محل الطعن وأن القول بغير ذلك يؤدي إلي تعطيل تطبيق نص الفقرة الاولي من المادة الخامسة من قانون العقوبات الخاص بتطبيق القانون الاصلح للمتهم ، وتزياه مقتضيات العدالة إذ يظل مدانا من أرتكب الفعل في حين أن من يرتكبه في ظل القانون رقم 4 لسنة 1996 يكون بمنأى عن العقاب .
ومن حيث أنه بتاريخ 22 فبرابر سنة 1997 صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 48 لسنة 17 قضائية " دستورية " بعدم قبول الدعوي المقامة للحكم بعدم دستورية المادتين 26،77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار اليه والمادتين 6،23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه ، تأسيسا علي انتفاء المصلحة ف الدعوي لما كان المصلحة في الدعوي لما كان ذلك وكانت الحجية المطلقة قبل الكافة للأحكام الصادرة في الدعوي الدستورية والتي تلزم بها جميع سلطات الدولة هي – فحسب- للأحكام التي انتهت إلي عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أو إلي دستوريته ورفض الدعوي علي هذا الاساس . ذلك أن علة عينية الدعوي الدستورية والحجية المطلقة للحكم الصادر في موضوعها والتزام الجميع به ، لا تتحقق إلا في هذا النطاق باعتبار أن قوامه مقابلة النصوص التشريعية المدعي في مخالفتها للدستور بالقيود التي فرضها لضمان النزول اليها ، والكشف عن مدي دستورية النصوص التشريعية، سواء بتقرير سلامتها من جميع العيوب الشكلية والموضوعية والدستورية فلا يكون لاحد من بعد زن يدعي خلاف ما قررته ، ببطلانه فلا يجوز من بعد تطبيقها . وإذ اقتصر حكم المحكمة الدستورية في الطعن رقم 48 لسنة 17 قضائية دستورية المشار اليه علي القضاء بعدم قبول الدعوي . دون أن تفصل في موضوعها بدستورية أو بعدم دستورية المادتين 26و77 من القانون 49 لسنة 1977 والمادتين 6و23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وكان الاصل في النصوص التشريعية هو حملها علي قرينة الدستورية ,فإبطلها لا يكون إلا بقضاء من المحكمة الدستورية العليا إذا ما قام الدليل ولازم ذلك أن النصوص التشريعية التي لا تبطلها المحكمة الدستورية العليا لا يجوز بحال وقف سريانها لما كان ذلك ، وكان اختصاص المحكمة الدستورية العليا بتفسير النصوص التشريعية – وعلي ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانونها وجري عليه قضاؤها - لا يصادر حق جهات القضاء الاخري في تفسير القوانين وإنزال تفسيرها علي الواقعة المعروضة عليها ما دام لم يصدر بشأن النص المطروح أمامها تفسير ملزم من السلطة التشريعية أو من المحكمة الدستورية صدر طبقاً للأوضاع المقررة في قانونها بشأن طلبات التقسير ، ولا يغير من ذلك أن تكون التفسيرات والتقريرات القانونية قد وردت في مدونات حكم المحكمة الدستورية العليا ما دام أن الحكم لم ينته إلي دستورية أو عدم دستورية النصوص المطعون عليها ، ومن ثم يقيد هذه المحكمة أو غيرها ما ورد في مدونات حكم المحكمة الدستورية المشار اليه من تقريرات قانونية بشأن تفسير الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات وانطباقها علي الافعال المؤثمة بمقتضي نصوص القانونين رقم 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981 ويكون الاختصاص للهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض في تفسير هذه النصوص وتطبيها علي الوجه الصحيح ، وذلك بعد أن أحالت اليها أحدي دوائر المحكمة الطعن الماثل – طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 4 من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1973 – كي تؤدي محكمة النقض بهذا وظيفها في توحيد تفسير الوانين وسلامة تطبيقها واستقرار المبادئ القانونية بما يكفل تقاربا في الحلول القضائية التي تخلص اليها محاكم الموضوع ، ويحق إجتماعاً علي قواعد واحدة وتلك هي وظيفة المحكمة التي أقتضت ألا توجد في الدولة إلا محكمة نقض واحد علي قمة النظام القضائي فلا تعلوها محكمة ، ولا تخضع أحكمها لرقابة جهة بها . 
ومن حيث أنه لما مقتضي قاعدة شرعية الجريمة والعقاب أو القانون الجنائي بحكم ما يقع في ظله من جرائم ما لم يصدر تشريع لا حق أصلح للمتهم ، وكان مناطق أعمال الاثر الرجعي للقانون الجنائي – بحسبانه أصلح للمتهم – أن يكون القانون الجديد قد الغي القانون السابق صراحة أو ضمناً ، باعتبار أن هذه القاعدة تتصل بفض التنازع بين القوانين من حيث الزمان ، فلا مجال لأعمالها إلا إذا الغي تشريع تشريعاً أخر وكان المقر أنه لا يجوز الغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق له أعلي منه أو مسار له في مدراج التشريع ينص صراحة علي هذا الالغاء أو يشتمل علي نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع ، وكان المادة الاولي من القانون رقم 4 لسنة 1996 – المشار اليه- علي أنه لا تسري أحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الاماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر و136 لسنة 1981 في شأن بعض الاحكام الخاصة بتأجير وبيع الاماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والقوانين الخاصة بإيجار الاماكن الصادر قبلها علي الاماكن التي لم يسبق تأجيرها ولا علي الاماكن التي انتهت عقود إيجارها قبل العمل بهذا القانون أو تنتهي بعده لأي سبب من الاسباب دون أن يكون لاحد حق البقاء فيها طبقاً للقانون ونص المادة الثانية منه علي أنه تطبق أحكام القانون المدني في شأن تأجير الاماكن المنصوص عليها في المادة الاولي من هذا القانون خالية أو مفروشة أو في شأن أستغلالها أو التصرف فيها تدلان في صريح لفظهما وواضح دلالتهما ، علي أن المشرع حدد نطاق تطبيق القانون رقم 4 لسنة 1996 ، وقصر استبعاد سريان القانونين رقمي 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981 علي الاماكن التي لم يسبق تأجيرها والاماكن التي إنتهت عقود إيجارها قبل العمل بهذا القانون أو تنتهي بعده بما مفاده أنه أستثني الاماكن الخالية من المستأجر وقت نفاذة أو تخلو بعد نفاذة من تطبيق أحكام قانوني أيجار الاماكن المشار اليهما وأخضع العلاقات الايجارية الجديدة وعقود الاستغلال التي تتم بشأنها بعد نفاذه لاحكام القانون المدني ولازم ذلك أن أحكام القانونين رقمي 49لسنة 1977 و 136 لسنة 1981 تظل سارية بجميع نصوصها المدينة والجنائية علي العلاقات الايجارية القائمة والتي أبرمت في ظل هذين القانونين قبل العمل بأحكام القانون رقم 4 لسنة 1996 ومن بينها النصوص التي أثمت تقاضي مقدم ايجار يزيد عن المقرر قانوناً ، ذلك أن القانون الاخير إذ يؤكد استمرار سريان أحكام القانونين المذكورين علي تلك العلاقات الايجارية ، لم يتضمن نصا بإلغاء أي نصوص التجريم فيهما أو يعدل في حمها ولا يقدح في ذلك ما نصت عليه المادة الثانية من القانون 4 لسنة 1996 بإلغاء كل نص في أي قانون أخر يتعارض مع أحكامه ، إذ أن أحكامه لا تنطبق إلا علي عقود ايجار الاماكن الخالية أو التي تخلو بعد نفاذه ، وهي التي أخضعها دون غيرها لأحكام القانون المدني وحده فالغي تطبيق أي قانون أخر في شأنها ومن ثم فإن الجرائم التي وقعت طبقاً لنصوص القانونين رقمي 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981 تظل قائمة خاضعة لاحكامها حتي بعد صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 والعمل بأحكامه ولا يمتد اليها أحكام هذا القانون بأثر رجعي لتخلف مناط إعمال هذا الاثر علي ما سلف بيانه . لما كان ذلك وازاء صراحة نص القانون رقم 4 لسنة 1996 في وجوب سريان أحكام قانون ايجار الاماكن رقمي 49 لسنة 1977 و 136 لسنة 1981 علي العلاقات الايجارية السابقة علي نفاذ فإن سائر الاعتبارات الأخرى وإن صلحت كي يستهدي بها المشرع عند النظر في ملاءمة الغاء بعض النصوص التجريم في القانوني المشار اليهما إلا أنها لا تصلح سنداً لتأويل النصوص مع صراحتها .
ومن حيث ما تقدم فإن الهيئة العامة تنتهي بالأغلبية المنصوص عليها في المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية في العدول عن الاحكام التي صدرت خلاف هذا النظر .
[3]- مجمع الانهر – ج 2 – ص 367 . والايجار في اصطلاح فقهاء المسلمين عند الحنفية الاجارة بأنها منفعة معلومة بأجرة معلومة وعرفت عندهم أيضا بأنها " عقد علي المنافع بعوض – وعرفها المالكية بأنها بيع منفعة ما أمكن نقلع غير سفنيه ولا حيوان لا يعقل بعوض غير ناشئ عنها بتعض بتبعضها – وعند الشافعية الاجار عقد منفعة مقصودة معلومة قابلة للبذل والاباحة بعوض معلوم – أما الحنابلة فالإيجار عندهم عقد منفعة مباحة معلومة مدة من عين معنية أو موصوفة في الذمة أو عمل معلوم بعوض معلوم .
أم تعريف الايجار في القانون المدني فقد عرفته المادة 558 منه " عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معنية لقاء أجر معلوم " 
[4]- مجموعة الاعمال التحضرية –ج4 ص 470 وقد قضت محكمة النقض بأن المقرر في المادتين 558 و571 من القانون المدني أن الايجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشئ معين ويلتزم المؤجر بالامنتاع عن ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يجوز أن يحدث بالعين أو ملحقاتها أى تغير يخل بهذا الانتفاع
[5]- واستئناف الحكم برفعه إلي قاضي أعلي درجة فكرة لها أصولها في القضاء الاسلامي فالخليفة الثاني عمر ابن الخطاب الذي كان ذا عقل قضائي ممتاز وكان بارعا في الاجتهاد موفقا في الرأي بعث في رسالته إلي موسى الاشعري قاضي الكوفه " لا يمنعك قضاء قضيته فراجعت فيه رأيك فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق فإن الحق قديم لا يبطله شيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل " وحدث أن جاء رجل إلي عمر بن الخطاب وعرض عليه مسألته وقال أن زيدا وعليا قضيا له فيها بكذا فقال عمر " لو عرضت عليَّ لقضيتُ فيها بكذا فقال الرجل وما يمنعك أن تقضي فيها بهذا الرأي فقال عمر " لو كنت أردك إلي كتاب الله وسنة رسوله لفعلت ولكني أردك إلي رأي مشترك ، فلم ينقض ما قاله علي وزيد معني ذلك أن عمر رضي الله عنه يؤكد أن قضاء زيد وعلي جاء متمشيا مع حكم الشريعة وفقا لقاعدة تعدد الصواب وتعدد الاجتهادات ، أما اذا كان هذا القضاء قد خالف حكم القانون ( كتاب الله وسنة الرسول صلي الله عليه وسلم ) فإن عمر كان سينقضه ويصدر حكما أخر ، أي أن ذلك تأكيد لمبدأ التقاضي علي درجتي ، فعمر قد نظر القضية مرة ثانية ووجد الحكم متمشياً مع القانون فأكده .
وحدث أن قضي علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالدية لاهل بعض القتلي ، فلم يرتح هؤلاء لهذا الحكم وذهبوا للرسول صلي الله عليه وسلم وعرضوا عليه قضاء علي فأمره وقال : هو ما قضي بينكم ( أنظر في ذلك أحمد السيد صاوي الوسيط 1987 – ص 63,64 وأنظر كذلك انور العمروسي – أصول المرافعات الشرعية 1989 طبعة سابعة ص 11,وص 34 و44 )
هذه بعض اللمحات عن مبدأ التقاضي علي درجتين في القضاء الاسلامي ولكن لا يمكن القول أنه كانت توجد طرق شكلية محددة يستطيع الخصم باتباعها أن يصل إلي الغاء الحكم الخاطئ أو المخالف للشريعة فالخصم المحكوم عليه كان يستطيع أن يتقدم ببعض الدفوع بعد صدور حكم إذا لم يكن باستطاعته أن يتقدم بها قبل صدوره ومن ناحية أخري كان الخصم يستطيع أن يرفض احترام الحكم المخالف لمبدأ أو قاعدة شرعية ليست محل خلاف أو اجتهاد من الفقهاء وكان البعض يحصل علي فتوي من كبار العلماء بأن الحكم يستحق النقض لمخالفة لمبادئ الشريعة ( محمد عبد الخالق عمر – النظام القضائي المدني – المبادئ العامة 1976 طبعة أولي ص- 47 )
[6] لأن هذا الحكم يتضمن معنى قريب من دفاعنا في هذا السبب فإننا سنورد بيانه وهو حكم النقض الصادر في 4/10/1971 مجموعة أحكام محكمة النقض س 22 رقم 127 صـ 524
[7] د. محمود نجيب حسني شرح قانون الإجراءات الجنائية طبعة 1988 صـ 1029
[8]  المرجع السابق صـ 1093
[9]- أنظر جلاسون تيسيه – موريل – الشرح- جزء 3- ص 343 رقم 883 وايضا جارسونية وسيزاربري – المطول – جزء 6 – ص 188 رقم 103 ةكذلك ابو الوفا – المرافعات 1990 – ص 894 رقم 621 فتحي والي – الوسيط – 1986 – ص 738 رقم 368 وجدي راغب المبادئ – 1978 ص 644
[10]- نقلا من الحكم محل الطعن ص1و2
[11]-من كتاب مذكرات في النقض الجنائي أ/ ثروت الخرباوي
[12]- من حيثيات الحكم المطعون عليه صــ2 .
 



  ثروت الخرباوي    عدد المشاركات   >>  27              التاريخ   >>  25/1/2012



أعتذر لسوء التنسيق ، وامتداد الصفحة ، أرجو من الإدارة إعادة التنسيق ، ولكم الشكر والتقدير


  محمد محمد    عدد المشاركات   >>  185              التاريخ   >>  28/1/2012



مذكرة رائعة..
 
قطَّعَت أوصال الحكم المطعون فيه، ونالت منه شكلاً، وموضوعاً، ولم تبق فيه موضعاً إلا ورمته بسهم الحجة، ومزقته بسيف المنطق.

شكراً لكم أستاذنا الكبير


  طه محمود عبد الجليل    عدد المشاركات   >>  339              التاريخ   >>  7/2/2012



مذكرة رائعة أكرمك الله يا أستاذنا وبارك فيك وأعزك وإن كان من شيئ أقوله تعليقاً وحتى لا يضيع جهدك هو مراعاة الحضور أمام دائرة نقض الجنح التى سينظر أمامها الطعن والمرافعة امامها فعدد منها للأسف ليسوا كدوائر النقض الأصليين فى الدقة والعمق والالتزام بمبادئ النقض المستقر عليها رغم أن القانون يلزمهم بذلك وقد عانينا كثيراً من دوائر منها لا تقرأ حتى أننا فى طعنين متشابهين متطابقين المحكوم عليه فيهما (الطاعن) واحد والموضوع واحد والمحكمة التى أصدرت الحكمين المطعون فيهما واحدة والحكمين المطعون فيهما كتبا بصيغة واحدة والعيوب التى شابتهما واحدة وأسباب الطعن التى كتبناها فيهما واحدة لكن قدر الله أن أحدهما تنظره محكمة النقض الأصلية وتقضى فيه بالنقض والاعادة والآخر جاء من نصيب دائرة من دوائر استئناف القاهرة التى اختصت بنظر طعون نقض الجنح تطبيقاً للقانون المعدل فكان للأسف أن صدر فيه حكم بعدم القبول موضوعاً هكذا ولله فى خلقه شئون

 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1996 / عدد الاعضاء 62