مميزات نظام التّوريْث الإسلامي
د . جمعة محمد فراج
1- وقف الإسلام موقفـًا وسطـًا بين الاشتراكية الشيوعية ، وبين الرأسمالية والمذاهب التي تقوم بحرية التملك ، فالاشتراكية في أصولها الأولى ـ من عهد " كارل ماركس " ـ تنكر مبدأ الإرث ، وتعتبره ظلمـًا يتنافى مع مبادئ العدالة ، فلا تعطي أبناء الميت وأقرباءه شيئـًا مطلقـًا ، والرأسمالية وما شابهها من المذاهب الاقتصادية تترك الحرية كاملة للرجل يتصرف في ماله كما يشاء دون ضوابط ، فله أن يحرم أقرباءه كلهم من الميراث ، وله أن يوصي بماله إلى غريب من صديق أو خادم ، وله أن يوصي بماله إلى كلب أو قط لا يعقل أو إلى البغايا وأندية الميسر ، وما يشبه ذلك من الوصايا الغريبة .
أما الإسلام فقد أعطى للإنسان الحرية في أن يتصرف في ثلث ماله فقط ، فله أن يوصي أو يهب في حدود ثلث ، يوصي به لمن يشاء على أن يكون لجهة خير ، أو لمن ينتفعون به ، ولا تجوز الوصية إلى جهة محرمة ، ولا إلى مثل الكلاب والقطط والخيول ، أما الثلثان الآخران فهما لأقربائه ، أو من تربطه بهم صلة قوية كالأقرباء أو الموالي ، وهو حق طبيعي لهم لا يملك المورث التصرف فيه ولا منعهم منه ، وبذلك يكون الإسلام قد حفظ حق الورثة في حياة صاحب المال ، فبمجرد نزول مرض الموت بالإنسان فليس له أن يتصرف تصرفـًا يضر بالورثة أو يفوت عليهم حقهم .
عن عامر بن سعد عن أبيه قال : " اشتكيت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجة الوداع ، حتى إذا أدنفت فدخل عليَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعودني فقلت : يا رسول الله ما أراني إلا ألم بي ، وأنا ذو مالٍ كثير ، وإنما يرثني ابنة لي ، أفأتصدق بمالي كله ؟ قال : " لا " قلت : فنصفه ؟ قال : " لا " قلت : فالثلث ، قال : " الثلث والثلث كثير ، إنك إن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم فقراء يتكففون الناس بأيديهم ، وإنك لا تنفق نفقة إلا آجرك الله فيها حتى ما تجعل في فيِّ امرأتك " رواه أبوداود والدارمي .
واشترط الإسلام في صحة الوصية كذلك أن لا يقصد بها مضارَّة الورثة ، فقد روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ، ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار " ثم قرأ أبو هريرة : ( من بعد وصية يُوصى بها أو دَين غير مُضار وصية من الله والله عليم حليم * تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم )[النساء/12-13] والحديث أخرجه الترمذي وأبوداود .
ولذلك فالأولى بصاحب المال القليل أن لا يوصي بشيء من ماله حفظـًا لحق الورثة ، سيما إذا كان المال لا يسمح بقضاء حاجات الورثة ، وخاصة إذا كان الورثة صغارًا بحاجة إلى تربية ونفقة .
2 - تولى الخالق بنفسه بيان المستحقين لتركة الميت ، واستأثر بتوزيع التركة على هؤلاء المستحقين ، ولم يترك شيئـًا من هذا الأمر لصاحب المال ، فليس لصاحب المال حق في تعيين الوارثين ، ولا تحديد أنصبتهم ، بل كل ذلك لله تعالى لعلمه بأن الإنسان قد يغلب عليه الهوى ، أو يقع تحت تأثير عاطفة جامحة ، أو مؤثرات عارضة ، فيحيف في حكمه بحرمان بعض الورثة ، أو بإيثار بعضهم بزيادة على الآخرين مما تأباه الشريعة الغراء ، فالإرث في الشريعة الإسلامية إجباري بالنسبة إلى الوارث والمورث ، على الوارث أن يأخذ حقه ، وبعد ذلك هو حر التصرف فيه ، بالهبة أو الصدقة أو التنازل عنه لأي شخص ، أما المورث فيجب عليه أن يذعن لقسمة المولى العليم الخبير .
وبهذا يمتاز نظام الميراث في الإسلام عن بقية النظم الوضعية ، التي تجعل لصاحب المال الحق في تعيين المنتفعين بماله من بعده ، وحق تحديد نصيب كل وارث ، وهذه النظم لا تخلو دائمـًا من التأثر ببعض المؤثرات التي سبقت الإشارة إليها.
3 - جعل الإسلام الميراث محصورًا في دائرة الأسرة لا يتعداها ، فلا بد من نسب صحيح أو زوجية قائمة ، والولاء يشبه صلة النسب فكان ملحقـًا به ، وهؤلاء هم أكثر الناس صلة بالميت ، وأشدهم تعاونـًا معه ، وفي هذا صلاح الأسرة ، وإحكام الروابط بين أفرادها وتقوية أواصر المودة فيها ، وجعلها متعاونة على تحقيق الخير والسعادة في حياتها .
وفي دائرة الأسرة يفضل الإسلام في مقدار الأنصبة الأقرب فالأقرب بالنسبة للميت ، ممن يعتبر شخصه امتدادًا لشخص الميت كالأولاد والأب ، فالإسلام قد جعل الأساس في تقديم بعض الورثة على بعض قوة القرابة ، واتصال المنافع بين الوارث والمورث.
4- نظام الميراث الإسلامي قدر نصيب الوارثين بالفروض ـ السهام المقدرة ـ كالثُمن والربع والنصف والسدس والثلث والثلثين ، ما عدا العصبات حيث أنهم يرثون ما يفضل عن أصحاب الفروض ، ولا مثيل لهذا في الشرائع القديمة والحديثة ، بل هو نظام الإسلام الدقيق .
5- نظام الميراث في الإسلام يحول دون تجمع الثروة في يد واحدة على حساب الآخرين ، وهذا بدوره يؤدي إلى تفتيت الثروة وتوزيعها بين أكبر عدد ممكن من الناس المستحقين ، وبذلك يقضي على الرأسمالية الكبيرة القائمة على الاستبداد والتسلط ، والتي هي شر ما تبتلى به المجتمعات ، وتنزلق بها إلى مداخل الفساد والمذاهب الهدَّامة .
6-نظام الميراث الإسلامي عمل على حماية المستضعفين من النساء والأطفال ، وأولاهم من الرعاية ما هم أهل له ، فجعل للمرأة نصيبـًا في الإرث فالأم والبنت والزوجة والأخت، وغيرهنَّ لهنَّ نصيب من مال الميت، يحفظ حياتهنَّ وكرامتهنَّ ويحول بينهنَّ وبين ذل الحاجة والانزلاق في مهاوي الرذيلة .
وكذلك جعل للطفل الصغير والحمل في بطن أمه نصيبـًا مثل الكبير ، ولم يجعل للابن الأكبر أي ميزة يمتاز بها عن غيره من أفراد الأسرة ، على خلاف ما جرت عليه بعض النظم ، من جعل المال كله للابن الأكبر ، ولا شك أن نظام الشريعة الإسلامية في ذلك هو أحق وأعدل وأرحم نظرةً ، من حيث أن الصغار والنساء أولى بالرعاية ، وأحوج إلى مال أبيهم من الكبار الذين تربوا في حياة مورثهم ، وقد يكونون قد جمعوا من المال ما يكفيهم ، أو حصلوا من وسائل الكسب ما يؤمن حياتهم ، ويجعلهم في رغدٍ من العيش، بعكس الصغار.
7- جعل الإسلام الزوجية الصحيحة من أسباب الإرث ، فالزوجة ترث من زوجها ، والزوج يرث من زوجته ، وفي ذلك احترام للرابطة الزوجية ، وتقوية لأواصرها حتى تؤتي ثمارها ، وتظهر المودة والرحمة والتعاطف بين الزوجين .
8- نظام الميراث الإسلامي جعل الحاجة أساس التفاضل في الميراث ، ولهذا جعل نصيب البنت نصف نصيب أخيها الذكر ، لأن حاجته إلى المال أكثر من حاجتها إليه ، ومطالب الحياة وتبعاتها بالنسبة إليه أكثر منها بالنسبة للبنت ، فهي لا تكلف في الحياة ببعض ما يكلف به أخوها ، فنفقتها على أبيها ما دامت في بيته ، فإذا انتقلت إلى بيت زوجها فنفقتها عليه ، وهكذا نراها مكفولة النفقة في جميع مراحل حياتها ، فما تأخذه من مال من المهر أو الميراث يكون مالاً محفوظـًا لا يتعرض للنقصان إلا في بعض الحالات الاضطرارية ، ومن هذا المنطلق جعل الإسلام نصيب ابن الميت أكثر من نصيب أبيه ، لأن الابن يستقبل الحياة فهو أحوج إلى مال الميت من أبيه ، فالجد أصبح في نهاية عمره ، فليس له من مطالب الحياة كما للابن ، ولا حاجة له بالمال إلا بالمقدار الذي يحفظ عليه شيخوخته ، ويؤمنه من ذل الحاجة ، حين ضعفه وعدم قدرته على الكسب ، بخلاف الأبناء الذين تستقبلهم الحياة بمتطلباتها المتعددة ، وترهقهم بتكاليفها الباهظة *** فهذه المميزات جعلت نظام الميراث الإسلامي هو النظام الأمثل بين الأنظمة المختلفة ، من جميع النواحي الاجتماعية والاقتصادية ، يحفظ حق كل طرف دون إفراط ، وكيف لا يكون كذلك وهو شريعة رب العالمين الخاتمة لأهل الأرض أجمعين ( أفَحُكم الجاهلية يبغُون ومن أحسنُ من الله حكمـًا لقومٍ يوقنون )[المائدة/50] .
من موقع الشبكة الإسلامية
www.islamweb.net
التركة
تعريفها:
التركة هي ما يتركه الميت من الأموال مطلقاً . ويقرر هذا ابن حزم فيقول: "إن الله أوجب الميراث فيما يخلفه الإنسان بعد موته من مال لا فيما ليس بمال، وأما الحقوق فلا يورث منها إلا ما كان تابعاً للمال أو في معنى المال، مثل حقوق الارتفاق والتعلي وحق البقاء في الأرض المحتكرة للبناء والغرس وهي عند المالكية والشافعية والحنابلة تشمل جميع ما يتركه الميت من أموال وحقوق سواء أكانت الحقوق مالية أم غير مالية .
الحقوق المتعلقة بالتركة:
الحقوق المتعلقة بالتركة أربعة: وهي كلها ليست بمنزلة واحدة بل بعضها أقوى من بعض فيقدم على غيره في الإخراج من التركة على الترتيب الآتي:
1- الحق الأول: يبدأ من تركة الميت بتكفينه وتجهيزه على النحو الذي سبق ذكره في باب الجنائز .
2- الحق الثاني: قضاء ديونه . فابن حزم والشافعي يقدمون ديون الله كالزكاة والكفارات على ديون العباد .
والحنفية يسقطون ديون الله بالموت فلا يلزم الورثة اداؤها إلا إذا تبرعوا بها أو أوصى الميت بأدائها . وفي حالة الإيصاء بها تصير كالوصية لأجنبي يخرجها الوارث أو الوصي من ثلث الفاضل بعد التجهيز وبعد دين العباد. هذا إذا كان له وارث، فإذا لم يكن له وارث فتخرج من الكل . والحنابلة يسوون بينها ، كما نجد أنهم جميعاً اتفقوا على أن ديون العباد العينية مقدمة على ديونهم المطلقة .
3- الحق الثالث: تنفيذ وصيته من ثلث الباقي بعد قضاء الدين .
4- الحق الرابع: تقسيم ما بقي من ماله بين الورثة .
أركان الميراث:
الميراث يقتضي وجود ثلاثة أشياء:
1- الوارث: وهو الذي ينتمي إلى الميت بسبب من أسباب الميراث .
2- المورث: وهو الميت حقيقة أو حكماً مثل المفقود الذي حكم بموته .
3- الموروث: ويسمى تركة وميراثاً. وهو المال أو الحق المنقول من المورث إلى الوارث .
أسباب الإرث:
يستحق الإرث بأسباب ثلاثة:
1- النسب الحقيقي: لقول الله سبحانه: (وأُولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب الله) ، (سورة الأنفال) .
2- النسب الحكمي: لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [الولاء لحمة كلحمة النسب] ، [رواه ابن حبان والحاكم وصححه] .
3- الزواج الصحيح: لقول الله سبحانه: (ولكم نصفُ ما ترك أزواجكم) . (النساء)
شروط الميراث:
يشترط للإرث شروط ثلاثة:
1- موت المورث حقيقة أو موته حكماً كأن يحكم القاضي بموت المفقود فهذا الحكم يجعله كمن مات حقيقة ، أو موته تقديراً ، كأن يعتدي شخص على امرأة حامل بالضرب فتسقط جنيناً ميتاً فتقدر حياة هذا السقط وإن لم تتحقق بعد .
2- حياة الوارث بعد موت المورث ولو حكماً ، كالحمل ، فإنه حي في الحكم ليس إلا لجواز أن يكون الروح لم ينفخ فيه بعد ، فإذا لم تعلم حياة الوارث بعد موت المورث كالغرقى والحرقى والهدمى فإنه لا توارث بينهم إذا كانوا ممن يرث بعضهم بعضاً ويقسم مال كل منهم على ورثته الأحياء .
3- ألاّ يوجد مانع من موانع الإرث .
موانع الإرث:
الممنوع من الإرث هو الشخص الذي توفر له سبب الإرث ولكنه اتصف بصفة سلبت عنه أهلية الإرث . ويسمى هذا الشخص محروماً . والموانع أربعة:
1- الرق: سواء أكان تاماً أم ناقصاً .
2- القتل العمد المحرم: فإذا قتل الوارث مورثه ظلماً فإنه لا يرثه اتفاقاً لما رواه النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ليس للقاتل شيء] .
وما عدا القتل العمد العدوان فقد اختلف العلماء فيه ، فقال الشافعي: كل قتل يمنع من الميراث ولو من صغير أو مجنون ولو كان بحق كحد أو قصاص . وقالت المالكية: إن القتل المانع من الميراث هو القتل العمد العدوان سواء أكان مباشرة أم سبباً وأخذ القانون المصري بهذا المذهب في المادة الخامسة منه ونصها: "من موانع الإرث قتل المورث عمداً سواءً أكان القاتل فاعلاً أصلياً أم شريكاً أم كان شاهد زور أدت شهادته إلى الحكم بالقتل وتنفيذه إذا كان القتل بلا حق ولا عذر ، وكان القاتل عاقلاً بالغاً من العمر خمس عشرة سنة ويعد من الأعذار تجاوز حق الدفاع الشرعي
2- اختلاف الدين: فلا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم لما رواه الأربعة عن أُسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم] .
وحكي عن معاذ ومعاوية وابن المسيب ومسروق والنخعي: أن المسلم يرث الكافر ولا عكس ، كما يتزوج المسلم الكافرة ولا يتزوج الكافر المسلمة .
أما غير المسلمين فإن بعضهم يرث بعضاً . لأنهم يعتبرون أهل ملة واحدة .
4- اختلاف الدارين (أي الوطن): المراد بإختلاف الدارين اختلاف الجنسية واختلاف الدارين لا يكون مانعاً من التوارث بين المسلمين فالمسلم يرث المسلم مهما نأت الديار وتعددت الأقطار ، وأما اختلاف الدارين بين غير المسلمين فقد اختُلف فيه: هل هو مانع من التوارث بينهم أم لا؟ فالجمهور من العلماء على أنه لا يمنع من التوارث بين غير المسلمين، كما لا يمنع التوارث بين المسلمين . قال في المغني: وقياس المذهب عندي أن الملة الواحدة يتوارثون وإن اختلفت ديارهم ، لأن العمومات من النصوص تقتضي توريثهم ولم يرد بتخصيصهم نص ولا إجماع ، ولا يصح قياس فيجب العمل بعمومها .
وقد أخذ القانون المصري بهذ إلا في صورة واحدة أخذ فيها برأي أبي حنيفة وهي ما إذا كانت شريعة الدولة الأجنبية تمنع توريث غير رعاياها فمنع القانون توريث رعايا هذه الدولة الأجنبية المانعة ، فعامله بالمثل في التوريث، ففي المادة السادسة من القانون النص الآتي: "واختلاف الدارين لا يمنع من الإرث بين المسلمين ولا يمنع بين غير المسلمين إلا إذا كانت شريعة الدار الأجنبية تمنع من توريث الأجنبي عنها" .
المستحقون للتركة
المستحقون للتركة يرتبون على النحو التالي في المذهب الحنفي:
1- أصحاب الفروض .
2- العصبة النسبية .
3- العصبة السببية .
4- الرد على ذوي الفروض .
5- ذوو الأرحام .
6- مولى الموالاة .
7- المقر له بالنسب على الغير .
8- الموصى له بأكثر من الثلث .
9- بيت المال .
أما ترتيب المستحق للتركة في قانون المواريث المعمول به في مصر فعلى النحو التالي:
1- أصحاب الفروض .
2 العصبة النسبية .
3- الرد على ذوي الفروض .
4- ذوو الأرحام .
5- الرد على أحد الزوجين .
6- العصبة السببية .
7- المقر له بالنسب على الغير .
8- الموصى له بجميع المال .
9- بيت المال .
1- أصحاب الفروض:
أصحاب الفروض هم الذين لهم فرض -أي نصيب- من الفروض الستة المعينة لهم وهي: 1/2، 1/4، 1/8، 2/3، 1/3، 1/6 .
وأصحاب الفروض اثنا عشر: أربعة من الذكور وهم الأب والجد الصحيح وإن علا والأخ والأم والزوج .
وثمان من الإناث وهن الزوجة والبنت والأخت الشقيقة والأخت لأب والأخت لأم وبنت الابن والأم والجدة الصحيحة وإن علت .
أحوال الأب
يقول الله سبحانه وتعالى: (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث) . (النساء)
للأب ثلاثة أحوال: حالة يرث فيها بطريق الفرض وحالة يرث فيها بالتعصيب . وحالة يرث فيها بالفرض والتعصيب معاً .
الحالة الأولى: يرث فيها بطريق الفرض إذا كان معه فرع وارث مذكر منفرداً أو مع غيره، وفي هذه الحالة فرضه السدس .
الحالة الثانية: يرث فيها بطريق التعصيب إذا لم يكن مع الميت فرع وارث مذكراً كان أم مؤنثاً فيأخذ كل التركة إذا انفرد أو الباقي من أصحاب الفروض إن كان معه أحد منهم .
الحالة الثالثة: يرث فيها بطريق الفرض والتعصيب معاً، وذلك إذا كان معه فرع وارث مؤنث . وفي هذه الحال يأخذ السدس فرضاً ثم يأخذ الباقي من أصحاب الفروض تعصيباً .
أحوال الجد الصحيح : الجد منه صحيح ومنه جد فاسد . فالجد الصحيح هو الذي يمكن نسبته إلى الميت بدون دخول أنثى مثل أب الأب .
والجد الفاسد هو الذي لا ينسب إلى الميت إلا بدخول الأنثى كأب الأم .
والجد الصحيح إرثه ثابت بالإجماع، فعن عمران أن ابن حصين أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابن ابني مات فما لي من ميراثه؟ فقال: لك السدس. فلما أدبر دعاه فقال: لك سدس آخر. فلما أدبر دعاه فقال: إن السدس الآخر طعمة] [رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه] .
ويسقط إرث الجد الصحيح بالأب عند وجوده ، ويقوم مقامه عند فقده إلا في أربعة مسائل:
1- أُم الأب لا ترث مع وجود الأب لأنها تدلي به وترث مع وجود الجد .
2- إذا ترك الميت أبوين وأحد الزوجين فللأم ثلث ما يبقى بعد فرض أحد الزوجين ؛ أما إذا وجد مكان الأب جد فللأم ثلث الجميع ، وهذا تسمى بالمسألة العمرية لقضاء عمر فيها ، وتسمى أيضاً بالغرّائية لشهرتها كالكوكب الأغر . وخالف في ذلك ابن عباس فقال: إن الأم تأخذ ثلث الكل لقوله تعالى: (فلأمه الثلث) .
3- إذا وجد الأب حجب الإخوة والأخوات الأشقاء والإخوة والأخوات لأب ؛ أما الجد فإنهم لا يحجبون به . وهذا مذهب الشافعي وأبي يوسف ومحمد ومالك ؛
وقال أبو حنيفة: يحجبون بالجد كما يحجبون بالأب لا فرق بينهما .
وقد أخذ قانون المواريث المصري بالرأي الأول ففي مادة (22) النص الآتي:
"إذا اجتمع الجد مع الإخوة والأخوات لأبوين أو لأب كانت له حالتان:
الأولى: أن يقاسمهم كأخ إن كانوا ذكوراً فقط، أو ذكوراً وإناثاً أو إناثاً عُصّبنَ مع الفرع الوارث من الإناث .
الثانية: أن يأخذ الباقي بعد أصحاب الفروض بطريق التعصيب إذا كان مع أخوات لم يعصّبن بالذكور أو مع الفرع من الإناث . على أنه إذا كانت المقاسمة أو الإرث بالتعصيب على الوجه المتقدم تحرم الجد من الإرث أو تنقصه اعتبر صاحب فرض بالسدس ولا يعتبر في المقاسمة من كان محجوباً من الإخوة أو الأخوات لأب
حالات الأخ لأم
قال تعالى: (وإن كان رجل يورَث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكلِ واحدٍ منهما السُدُسَ فإن كانوا أكثرَ من ذلك فهم شركاء في الثلث) . (النساء)
فالكلالة من لا والد له ولا ولد ذكراً أو أُنثى والمقصود بالأخ أو الأخت هنا الأخوة لأم ويتبين من الآية أن لهم أحوالاً ثلاثة:
1- أن السدس للشخص الواحد سواء أكان ذكراً أم أنثى .
2- أن الثلث للاثنين فأكثر يستوي فيه الذكور والإناث .
3- لا يرثون شيئاً مع الفرع الوارث كالولد وولد الابن ولا مع الأصل الوارث المذكر كالأب والجد فلا يحجبون بالأم أو الجدة .
حالات الزوج
قال الله سبحانه: (ولكم نصفُ ما تركَ أزواجكم إن لم يكن لهنّ ولدٌ فإن كان لهنّ ولدٌ فلكم الربعُ مما تركنّ) . (النساء) ذكرت هذه الآية أن للزوج حالتين:
الحالة الأولى: يرث فيها النصف وذلك عند عدم وجود الفرع الوارث، وهو الابن وإن نزل. والبنت . وبنت الابن وإن نزل أبوها، سواءً أكان منه أم من غيره .
الحالة الثانية: يرث فيها الربع عند وجود الفرع الوارث .
أحوال الزوجة
قال الله تعالى: (ولهنّ الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولدٌ فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم) . بيّنت الآية أن للزوجة حالتين:
الحالة الأولى :
استحقاق الربع عند عدم وجود الفرع الوارث سواء أكان منها أم من غيرها .
الحالة الثانية: استحقاق الثمن عند وجود الفرع الوارث وإذا تعددت الزوجات اقتسمن الربع أو الثمن بينهن بالسوية .
الزوجة المطلّقة:
الزوجة المطلّقة طلاقاً رجعياً ترث من زوجها إذا مات قبل انتهاء عدتها ؛ ويرى الحنابلة توريث المطلقة قبل الدخول والخلوة من مطلقها في مرض الموت إذا مات في مرضه ما لم تتزوج ، وكذلك بعد الخلوة ما لم تتزوج وعليها عدة الوفاة .
والقانون المصري يعتبر المطلقة بائناً في مرض الموت في حكم الزوجة إذا لم ترض بالطلاق ومات المطلق في ذلك المرض وهي في عدته .
أحوال البنت الصلبية
يقول الله سبحانه: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فإن كن نساءً فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف) . (النساء)
أفادت الآية أن للبنت الصلبية ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى: أن لها النصف إذا كانت واحدة .
الحالة الثانية: أن الثلثين للاثنتين فأكثر إذا لم يكن معهن ابن أو أكثر. قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على أن فرض البنتين الثلثان إلا رواية شاذة عن ابن عباس . وقال ابن رشد: وقد قيل: إن المشهور عن ابن عباس مثل قول الجمهور .
الحالة الثالثة:
أن ترث بالتعصيب إذا كان معها ابن أو أكثر فيكون الإرث بالتعصيب ويكون للذكر مثل حظ الانثيين . وكذلك الحال عند تعددها أو تعدده .
حالات الأخت الشقيقة
يقول الله سبحانه: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظ الأنثيين) ، [سورة النساء:آخر آية] .
للأخت الشقيقة خمسة أحوال:
1- النصف للواحدة المنفردة إذا لم يكن معها ولد ولا ولد ابن ولا أب ولا جد
ولا أخ شقيق .
2- الثلثان للاثنتين فصاعداً عند عدم من ذكر .
3- إذا وجد معهن أخ شقيق مع عدم من تقدم ذكره فإنه يعصبهن ويكون للذكر
مثل حظ الانثيين .
4- يصرن عصبة مع البنات أو بنات الابن فيأخذن الباقي بعد نصيب البنات
أو بنات الابن .
5- يسقطن بالفرع الوارث المذكر كالابن وابنه وبالأصل الوارث المذكر كالأب
اتفاقاً وبالجد عند أبي حنيفة خلافاً لأبي يوسف ومحمد وقد تقدم بيان الخلاف
في ذلك .
أحوال الأخوات لأب الأخوات لأب لهن أحوال ستة:
1- النصف للواحدة المنفردة عن مثلها وعن الأخ لأب وعن الأخت الشقيقة.
2- الثلثان لاثنتين فصاعداً .
3- السدس مع الأخت الشقيقة المنفردة تكملة للثلثين .
4- أن يرثن بالتعصيب بالغير إذا كان مع الواحدة أو الأكثر أخ لأب يكون للذكر مثل حظ الانثيين .
5- يرثن بالتعصيب مع الغير إذا كان مع الواحدة أو الأكثر بنت أو بنت ابن ويكون لهن الباقي بعد فرض البنت أو بنت الابن .
6- سقوطهن بمن يأتي:
1- بالأصل أو الفرع الوارث المذكر .
2- بالأخ الشقيق .
3- بالأخت الشقيقة إذا صارت عصبة مع البنت أو بنت الابن لأنها في هذه
الحال تقوم مقام الأخ الشقيق ولهذا تُقدم على الأخ لأب والأخت لأب عندما
تصير عصبة بالغير .
4- بالأختين الشقيقتين: إلا إذا كان معهن في درجتهن أخ لأب فيعصبهن فيكون
الباقي للذكر مثل حظ الانثيين .
مثال : فإذا ترك الميت اختين شقيقتين وأخوات لأب وأخ لأب فللشقيقتين الثلثان والباقي يقسم بين الأخوات لأب والأخ لأب للذكر مثل حظ الانثيين .
أحوال بنات الابن
بنات الابن لهن خمسة أحوال:
1- النصف للواحدة عند عدم ولد الصلب .
2- الثلثان للإثنتين فصاعداً عند عدم ولد الصلب .
3- السدس للواحدة فأكثر مع الواحدة الصلبية تكملة للثلثين إلا إذا كان معهن
ابن في درجتهن فيعصبهن ويكون الباقي بعد نصيب البنت للذكر مثل حظ
الانثيين
4- لا يرثن مع وجود الابن .
5- لا يرثن مع وجود البنتين الصلبيتين فأكثر إلا إذا وجد معهن ابن ابن
بحذائهن أو أسفل منهن في الدرجة فيعصبهن .
أحوال الأم
يقول الله سبحانه: (ولأبويه لكل واحدٍ منهما السدس مما ترك إن كان له ولدٌ فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوةٌ فلأمه السدس) ، (سورة النساء:10) .
للأم ثلاثة أحوال:
1- تأخذ السدس إذا كان معها ولد أو ولد ابن أو اثنان من الإخوة أو الأخوات مطلقاً سواءً كانوا من جهة الأب والأم أو من جهة الأب فقط أو من جهة الأم فقط .
2- تأخذ ثلث جميع المال إذا لم يوجد أحد ممن تقدم ذكرهم .
3- تأخذ ثلث الباقي عند عدم من ذكر بعد فرض أحد الزوجين وذلك في مسألتين تسميان بالغرائية .
الأولى: في حالة ما إذا تركت زوجاً وأبوين .
الثانية: ما إذا ترك زوجة وأبوين .
أحوال الجدات
1- عن قبيصة بين ذؤيب قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر فسألته ميراثها فقال: ما لك في كتاب الله شيء . وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ، فارجعي حتى اسأل الناس. فسأل الناس .
فقال المغيرة بن شعبة: "حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس . فقال: [هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري، فقال مثل ما قال المغيرة بن شعبة . فأنفذه لها أبو بكر. قال: ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر، فسألته ميراثها . فقال: ما لكِ في كتاب الله شيء . ولكن هو ذاك السدس فإن اجتمعتما فهو بينكما . وأيتكما خلت به فهو لها] ، [رواه الخمسة إلا النسائي ، وصححه الترمذي] .
للجدات الصحيحات ثلاث حالات:
1- لهن السدس تستقل به الواحدة ويشترك فيه الأكثر بشرط التساوي في الدرجة كأم الأم وأم الأب .
2- القريبة من الجدات من أي جهة تحجب البعيدة كأم الأم تحجب أم أم الأم وتحجب أيضاً أم أبي الأب .
3- الجدات من أي جهة كانت يسقطن بالأم وتسقط من كانت من جهة الأب بالأب أيضاً ولا تسقط به من كانت من جهة الأم ويحجب الجد أمه أيضاً لأنها تدلي به .
العصبة
تعريفها:
العَصَبَة جمع عاصب كطالب وطلبة، وهم بنو الرجل وقرابته لأبيه ، وسموا بذلك لشدَ بعضهم أزر بعض .
وهذا اللفظ مأخوذ من قولهم: عَصَبَ القوم بفلان إذا أحاطوا به ؛ فالابن طرف والأب طرف آخر والأخ جانب والعم جانب آخر، والمقصود بهم هنا الذين يصرف لهم الباقي بعد أن يأخذ أصحاب الفروض أنصباءهم المقدرة لهم ؛ فإذا لم يفضل شيء منهم لم يأخذوا شيئاً إلا إذا كان العاصب ابناً فإنه لا يحرم بحال .
والعصبة كذلك هم الذين يستحقون التركة كلها إذا لا لم يوجد من أصحاب الفروض أحد ، لما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولي رجل ذكر] .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ما من مؤمن إلا أنا أولى به في الدنيا والآخرة. اقرأوا إن شئتم: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فأيما مؤمن مات وترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا ومن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني فأنا مولاه] .
أقسامها: تنقسم العصبة إلى قسمين: 1- عصبة نسبية . 2- عصبة سببية .
العصبة النسبية: العصبية النسبية أصناف ثلاثة:
1- عصبة بنفسه . 2- عصبة بغيره . 3- عصبة مع غيره .
العصبة بنفسه:
هي كل ذكر لا يدخل في نسبته إلى الميت أنثى وتنحصر في أصناف أربعة:
1- البنوة وتسمى جزء الميت .
2- الأبوة وتسمى بأصل الميت .
3- الأخوة وتسمى جزء أبيه .
4- العمومة وتسمى جزء الجد .
العصبة بغيره:
والعصبة بغيره هي الأنثى التي يكون فرضها النصف في حالة الانفراد والثلثين إذا كانت معها أخت لها فأكثر ؛ فإذا كان معها أو معهن أخ صار الجميع حينئذٍ عصبة به وهن أربع :
1- البنت أو البنات .
2- بنت أو بنات الابن .
3- الأخت أو الأخوات الشقيقات .
4- الأخت أو الأخوات لأب .
فكل صنف من هذه الأصناف الأربعة يكون عصبة بغيره وهو الأخ ويكون الإرث بينهم للذكر مثل حظ الانثيين .
العصبة مع الغير:
العصبة مع الغير هي كل أنثى تحتاج في كونها عاصبة ، إلى أنثى أخرى وتنحصر العصبة مع الغير في اثنتين فقط من الإناث وهي :
1- الأخت الشقيقة أو الأخوات الشقيقات مع البنت أو بنت الابن .
2- الأخت لأب أو الأخوات لأب مع البنت أو بنت الابن ، ويكون لهن الباقي من التركة بعد الفروض .
كيفية توريث العصبة بالنفس:
تقدم في الفصل السابق كيفية توريث العصبة بالغير وتوريث العصبة مع الغير .
أما كيفية توريث العصبة بالنفس فنذكرها فيما يلي :
العصبة بالنفس أصناف أربعة وترث حسب الترتيب الآتي :
1- البنوة وتشمل الأبناء وأبناء الإبن وإن نزل .
2- فإن لم توجد جهة البنوة انتقلت التركة أو ما يتبقى منها إلى جهة الابوة وتشمل الأب والجد الصحيح وإن علا .
3- فإن لم يكن أحد من جهة الأبوة حياً استحق التركة أو ما بقي منها الاخوة وتشمل الاخوة لأبوين والاخوة لأب وأبناء الأخ لأبوين وأبناء الأخ لأب وإن نزل كل منهما .
4- فإذا لم يكن أحد من هذه الجهة حياً انتقلت التركة أو الباقي منها إلى جهة العمومة من غير فرق بين عمومة الميت نفسه أو عمومة أبيه أو جده؛ إلا أن عمومة الميت نفسه تقدم على عمومة أبيه وعمومة أبيه تقدم على عمومة جده وهكذا .
فإن وجد أشخاص متعددون من مرتبة واحدة كان أحقهم بالإرث أقربهم إلى الميت .
وإن وجد أشخاص متعددون تساوت نسبتهم إلى الميت من حيث الجهة والدرجة كان أحقهم بالإرث أقواهم قرابة .
فإذا ترك الميت أشخاصاً متساوين في نسبتهم إليه من حيث الجهة والدرجة والقوة استحقوا على السواء بحسب رؤوسهم .
وهذا هو معنى ما يقول الفقهاء : إن التقديم في العصبات بالنفس يكون بالجهة فإن اتحدت فبالدرجة فإن تساوت فبالقوة فإن اتحدت في الدرجة والجهة والقوة استحقوا على السواء ووزعت التركة بينهم على عددهم .
العصبة السببية :
العاصب السببي هو المولى ذكراً كان أم أنثى. فإذا لم يوجد المعتق فالميراث لعصبته الذكور
الحجب والحرمان
معنى الحجب:
الحجب لغة المنع والمقصود به منع شخص معين من ميراثه كله أو بعضه لوجود شخص آخر .
الحرمان: أما الحرمان فالمقصود به منع شخص معين من ميراثه بسبب تحقق مانع من موانع الإرث كالقتل ونحوه من الموانع .
أقسام الحجب :
الحجب نوعان : 1- حجب نقصان . 2- حجب حرمان .
فحجب النقصان هو نقص ميراث أحد الورثة لوجود غيره، ويكون لخمسة أشخاص :
1- الزوج يحجب من النصف إلى الربع عند وجود الولد .
2- الزوجة تحجب من الربع إلى الثمن عند وجود الولد .
3- الأم تحجب من الثلث إلى السدس عند وجود الفرع الوارث .
4- بنت الابن .
5- الأخت لأب .
وأما حجب الحرمان : فهو منع جميع الميراث عن شخص لوجود غيره كمنع ميراث الأخ عنه عند وجود الابن ، وهذا النوع في ميراث ستة من الوارثين ، وإن جاز أن يحجبوا حجب نقصان، وهم :
1، 2- الأبوان: الأب والأم.
3، 4- الولدان: الابن والبنت .
5، 6- الزوجان .
ويدخل حجب الحرمان فيما عدا هؤلاء من الورثة .
وحجب الحرمان قائم على أساسين :
1- أن كل من ينتمي إلى الميت بشخص لا يرث مع وجود ذلك الشخص كإبن الابن فإنه لا يرث مع وجود الابن سوى أولاد الأم فإنهم يرثون معها مع أنهم ينتمون إلى الميت بها .
2- يقدم الأقرب على الأبعد فالابن يحجب ابن أخيه فإن تساووا في الدرجة يرجح بقوة القرابة كالأخ الشقيق يحجب الأخ الأب .
الفرق بين المحروم والمحجوب :
يظهر الفرق بين المحروم المحجوب في الأمرين الآتيين:
1- المحروم ليس أهلاً للإرث أصلاً كالقاتل ، بخلاف المحجوب فإنه أهل للإرث ، ولكن حجب لوجود شخص آخر أولى منه بالميراث .
2- المحروم من الميراث لا يؤثر في غيره فلا يحجبه أصلاً بل يجعل كالمعدوم ؛ فإذا مات شخص عن ابن كافر وأخ مسلم ، فالميراث كله للأخ ولا شيء للإبن .
أما المحجوب فإنه قد يؤثر في غيره فيحجبه سواءً أكان حجب حرمان أم حجب نقصان ، فالاثنان فأكثر من الاخوة مع وجود الأب والأم لا يرثان لوجود الأب ولكنهما يحجبان الأم من الثلث إلى السدس .
العول
تعريفه:
العول لغة الارتفاع . يقال: عال الميزان إذا ارتفع ، ويأتي أيضاً بمعنى الميل إلى الجور ومنه قول الله سبحانه: (ذلك أدنى ألا تعولوا) . (النساء)
وعند الفقهاء زيادة في سهام ذوي الفروض ونقصان من مقادير أنصبتهم في الإرث .
وروي أن أول فريضة عالت في الإسلام عرضت على عمر رضي الله عنه فحكم بالعول في زوج وأختين فقال لمن معه من الصحابة: إن بدأت بالزوج أو بالأختين لم يبق للآخر حقه فأشيروا عليَ ، فأشار عليه العباس بن عبد المطلب بالعول وقيل : علي ؛ وقيل: زيد بن ثابت .
من مسائل العول:
1- توفيت امرأة عن زوج وأختين شقيقتين وأختين لأم وأُم . تسمى هذه بالمسألة الشُّريحية لأن الزوج شنَّع على شريح القاضي المشهور حيث أعطاه بدَل النصف ثلاثة من عشرة فأخذ يدور في القبائل قائلاً : لم يعطني شريح النصف ولا الثلث فلما علم بذلك شريح جاء به وعزره قال له: أسأت القول وكتمت العول .
2- توفي رجل عن زوجة وبنتين وأب وأم .
تسمى هذه المسألة المنبرية لأن سيدنا عليّاً رضي الله عنه كان على منبر الكوفة يقول في خطبته : "الحمد لله الذي يحكم بالحق قطعاً . ويجزي كل نفس بما تسعى . وإليه المآب والرُّجعى . فسئل عنها فأجاب على قافية الخطبة - والمرأة صار ثمنها تسعاً - ثم مضى في خطبته .
والمسائل التي قد يدخلها العول هي المسائل التي يكون أصلها:6-12-24 .
فالستة قد تعول إلى سبعة أو ثمانية أو تسعة أو عشر والإثنا عشر قد تعول إلى ثلاثة عشر أو خمسة عشر أو سبعة عشر .
والأربعة والعشرون لا تعول إلا إلى سبعة وعشرين. والمسائل التي لا يدخلها العول أصلاً هي المسائل التي تكون أصولها 2-3-4-8. وأخذ بالعول قانون المواريث المصري في المادة (15) ونصها: "إذا زادت أنصباء أصحاب الفروض على التركة قسمت بينهم بنسبة أنصبائهم في الإرث" .
طريقة حل مسائل العول:
هي أن تعرف أصل المسألة، أي مخرجها وتعرف سهام كل ذي فرض وتهمل الأصل ثم تجمع فروضهم وتجعل المجموع أصلاً فتقسم التركة عليه وبذلك يدخل النقص على كل واحد بنسبة سهامه. فلا ظلم ولا حيف وذلك نحو زوج وشقيقتين، فأصل المسألة من ستة للزوج النصف وهو ثلاثة وللأختين الثلثان وهو أربعة فالمجموع سبعة وهو الذي تقسّم عليه التركة .
الرد
تعريفه:
يأتي الرد بمعنى الإعادة. يقال: رد عليه حقه أي أعاده إليه؛ ويأتي بمعنى الصرف، يقال: رد عنه كيد عدوه أي صرفه عنه. والمقصود به عند الفقهاء: دفع ما فضل من فروض ذوي الفروض النسبية إليهم بنسبة فروضهم عند عدم استحقاق الغير.
أركانه:
الرد لا يتحقق إلا بوجود أركانه الثلاثة:
1- وجود صاحب فرض.
2- بقاء فائض من التركة.
3- عدم العاصب.
رأي العلماء في الرد:
لم يرد في الرد نص يرجع إليه ولهذا اختلف العلماء فيه.
فمنهم من رأى عدم الرد على أحد من أصحاب الفروض؛ ويكون الباقي بعد أخذ أصحاب الفروض فروضهم لبيت المال حيث لا يوجد عاصب.
ومنهم من قال بالرد على أصحاب الفروض حتى الزوجين بنسبة فروضهم.
ومنهم من قال بالرد على جميع أصحاب الفروض ما عدا الزوجين والأب والجد، فيكون الرد على الثمانية الأصناف الآتية:
1- البنت، 2- بنت الابن، 3- الاخت الشقيقة، 4- الأخت لأب، 5- الأم، 6- الجدة، 7- الأخ لأم، 8- الأخت لأم.
وهذا هو الرأي المختار وهو مذهب عمر وعلي وجمهور الصحابة والتابعين، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد والمعتمد عند الشافعية وبعض أصحاب مالك عند فساد بيت المال.
قالوا: وإنما لا يرد على الزوجين لأن الرد إنما يستحق بالرحم ولا رحم لهما من حيث الزوجية؛ ولا يرد على الأب والجد لأن الرد لا يكون إلا عند عدم وجود عاصب وكل من الأب والجد عاصب فيأخذ الباقي بالتعصيب لا بالرد.
وقد أخذ القانون المصري بهذا الرأي إلا في مسألة واحدة أخذ فيها بمذهب عثمان، فحكم بالرد على أحد الزوجين وهي ما إذا مات أحد الزوجين ولم يترك وارثاً سواه، فإن الزوج الحي يأخذ التركة كلها بطريق الفرض والرد، فالرد على أحد الزوجين في القانون مؤخر عن ذوي الأرحام فجاء نص المادة 30 من القانون هكذا:
"إذا لم تستغرق الفروض التركة ولم توجد عصبة من النسب رد الباقي على غير الزوجين من أصحاب الفروض بنسبة فروضهم، ويرد باقي التركة إلى أحد الزوجين إذا لم يوجد عصبة من النسب أو أحد الفروض النسبية أو أحد ذوي الأرحام".
طريقة حل مسائل الرد:
هي أنه إذا وجد مع أصحاب الفروض من لا يرد عليه من أحد الزوجين فإنه يأخذ فرضه منسوباً إلى أصل التركة والباقي بعد فرض يكون لأصحاب الفروض بحسب رؤوسهم إن كانوا صنفاً واحداً سواء أكان الموجود منهم واحداً كبنت أو متعدداً كثلاث بنات. وإن كانوا أكثر من صنف واحد كأم وبنت فإن الباقي يقسم عليهم بنسبة فروضهم ويرد عليهم بنسبتها أيضاً.
وأما إذا لم يكن مع أصحاب الفروض أحد الزوجين فإن الباقي بعد فروضهم يرد عليهم بحسب رؤوسهم إن كانوا صنفاً واحداً، سواء أكان الموجود منهم واحداً أو متعدداً. وإن كانوا أكثر من صنف واحد فإن الباقي يرد عليهم بنسبة فروضهم، وبذلك يكون نصيب كل صاحب فرض قد زاد بنسبة فرضه واستحق جملته فرضاً ورداً
ذوو الأرحام
ذوو الأرحام هم كل قريب ليس بذي فرض ولا عصبة.
وقد اختلف الفقهاء في توريثهم.
فقال مالك والشافعي بعدم توريثهم، ويكون المال لبيت المال: وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وزيد والزهري والأوزاعي وداود ، وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى توريثهم وحكي ذلك عن علي وابن عباس وابن مسعود ، وذلك عند عدم وجود أصحاب الفروض والعصبات وعن سعيد بن المسيب : أن الخال يرث مع البنت، وقد أخذ القانون المصري بهذا الرأي فجاء في المواد من 31 - 38 إلى كيفية توريثهم كما هو مبين فيما يلي:
المادة 31 - إذا لم يوجد أحد من العصبة بالنسب ولا أحد من ذوي الفروض النسبية كانت التركة أو الباقي منها لذوي الأرحام . وذوو الأرحام أربعة أصناف مقدم بعضها على بعض في الإرث على الترتيب الآتي:
الصنف الأول: أولاد البنات وإن نزلوا ، وأولاد بنات الإبن وإن نزل .
الصنف الثاني: الجد غير الصحيح وإن علا ، والجدة غير الصحيحة وإن علت .
الصنف الثالث: أبناء الإخوة لأم وأولادهم وإن نزلوا ، وأولاد الأخوات لأبوين أو لأحدهما وإن نزلوا ، وبنات الأخوة لأبوين ، أو لأحدهما وأولادهن وإن نزلوا ، وبنات أبناء الإخوة لأبوين أو لأب وإن نزلوا ، وأولادهن وإن نزلوا .
الصنف الرابع:
يشمل ست طوائف مقدم بعضها على بعض في الإرث على الترتيب الآتي:
1- أعمام الميت لأم وعماته وأخواله وخالاته لأبوين أو لأحدهما.
2- أولاد من ذكروا في الفقرة السابقة وإن نزلوا ، وبنات أعمام الميت لأبوين أو لأب ، وبنات أبنائهم وإن نزلوا ، وأولاد من ذكرن وإن نزلوا .
3- أعمام أبي الميت لأم وعماته وأخواله وخالاته لأبوين أو لأحدهما ، وأعمام أم الميت وعماتها وأخوالها وخالاتها لأبوين أو لأحدهما .
4-أولاد من ذكروا في الفقرة السابقة وإن نزلوا .
وبنات أعمام أب الميت لأبوين أو لأب وبنات أبنائهم وإن نزلوا ، وأولاد من ذكرن وإن نزلوا .
5- أعمام أب أب الميت لأم ، وأعمام أب أم الميت وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما لأبوين أو لأحدهما .
وأعمام أم أم الميت وأم أبيه وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما لأبوين أو لأحدهما .
6- أولاد من ذكروا في الفقرة السابقة وإن نزلوا .
وبنات أعمام أب أب الميت لأبوين أو لأب وبنات أبنائهم وإن نزلوا ، وأولاد من ذكرن وإن نزلوا . وهكذا.
المادة 32 - الصنف الأول من ذوي الأرحام أولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت درجة. فإن استووا في الدرجة فولد صاحب الفرض أولى من ولد ذوي الرحم، فإن استووا في الدرجة ولم يكن فيهم ولد صاحب فرض . أو كانوا كلهم يدلون بصاحب فرض اشتركوا في الإرث .
المادة 33- الصنف الثاني من ذوي الأرحام أولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت درجة. فإن استووا في الدرجة قدّم من كان يدلي بصاحب فرض ، وإن استووا في الدرجة وليس فيهم من يدلي بصاحب فرض أو كانوا كلهم يدلون بصاحب فرض : فإن اتحدوا في حيز القرابة اشتركوا في الإرث ، وإن اختلفوا في الحيز فالثلثان لقرابة الأب . والثلث لقرابة الأم .
المادة 34 - الصنف الثالث من ذوي الأرحام أولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت درجة . فإن استووا في الدرجة وكان فيهم ولد عاصب فهو أولى من ولد ذوي الرحم . وإلا قدّم أقواهم قرابة للميت ، فمن كان أصله لأبوين فهو أولى بمن كان أصله لأب ، ومن كان أصله لأب فهو أولى ممن كان اصله لأم . فإن اتحدوا في الدرجة وقوة القرابة اشتركوا في الإرث .
المادة 35- في الطائفة الأولى من طوائف الصنف الرابع المبينة بالمادة (31) إذا انفرد فريق الأب وهم أعمام الميت لأم وعماته أو فريق الأم وهو أخواله وخالاته ، قّدم أقواهم قرابة: فمن كان لأبوين فهو أولى ممن كان لأب . ومن كان لأب فهو أولى ممن كان لأم ، وإن تساووا في القرابة اشتركوا في الإرث ، وعند اجتماع الفريقين يكون الثلثان لقرابة الأب والثلث لقرابة الأم . ويقسم نصيب كل فريق على النحو المتقدم وتطبق أحكام الفقرتين السابقتين على الطائفتين الثالثة والخامسة.
المادة 36- في الطائفة الثانية يقدم الأقرب منهم درجة على الأبعد ولو من غير حيزه ، وعند الاستواء واتحاد الحيز يقدم الأقوى في القرابة إن كانوا أولاد عاصب أو و أولاد ذوي رحم ، فإن كانوا مختلفين قدّم ولد العاصب على ولد ذوي الرحم ، وعند اختلاف الحيز يكون الثلثان لقرابة الأب ، والثلث لقرابة الأم ، وما أصاب كل فريق يقسم عليه بالطريقة المتقدمة وتطبق أحكام الفقرتين السابقتين على الطائفتين الرابعة والسادسة.
المادة 37 - لا اعتبار لتعدد جهات القرابة في وارث من ذوي الأرحام إلا عند اختلاف الحيز.
المادة 38 - في إرث ذوي الأرحام يكون للذكر مثل حظ الانثيين.
الوصية الواجبة
صدر قانون الوصية الواجبة رقم 71 لسنة 1365هـ وسنة 1946م وقد تضمن الأحكام الآتية :
1- إذا لم يوص الميت لفرع ولده الذي مات في حياته أو مات معه ولو حكماً بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثاً في تركته لو كان حياً عند موته ، وجبت للفرع وصية في التركة بقدر هذا النصيب في حدود الثلث ، بشرط أن يكون غير وارث ، وألاّ يكون الميت قد أعطاه بغير عوض من طريق تصرف آخر قدر ما يجب له ، وإن كان ما أعطاه له أقل منه وجبت له وصية بقدر ما يكمله .
وتكون هذه الوصية لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات ، ولأولاد الأبناء من أولاد الظهور (وهم من لا ينتسبون إلى الميت بأنثى ) وإن نزلوا ، على أن يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره ، وأن يقسم نصيب كل أصل على فرعه وإن نزل قسمة الميراث كما لو كان أصله أو أصوله الذين يُدلي بهم إلى الميت ماتوا بعده وكان موتهم مرتباً كترتيب الطبقات .
2- إذا أوصى الميت لمن وجبت له الوصية بأكثر من نصيبه كانت الزيادة وصية اختيارية ، وإن أوصى له بأقل من نصيبه وجب له ما يكمله ، وإن أوصى لبعض من وجبت لهم الوصية دون البعض الآخر وجب لمن لم يوص له قدر نصيبه ، ويؤخذ نصيب من لم يوص له ويوفَّى نصيب من أوصى له بأقل مما وجب من باقي الثلث ، فإن ضاق عن ذلك فمنه ومما هو مشغول بالوصية الاختيارية .
3- الوصية الواجبة مقدمة على غيرها من الوصايا ، فإذا لم يوص الميت لمن وجبت لهم الوصية وأوصى لغيرهم استحق كل من وجبت له الوصية قدر نصيبه من باقي ثلث التركة إن وفَّى وإلا فمنه ومما أوصى به لغيرهم .
طريقة حل المسائل التي تشتمل على الوصية الواجبة :
1- يفرض الولد الذي مات في حياة أحد أبويه حياً وارثاً ويقدر نصيبه كما لو كان موجوداً .
2- يخرج من التركة نصيب المتوفى ويعطى لفرعه المستحق للوصية الواجبة إن كان يساوي الثلث فأقل ، فإن زاد على الثلث رد إلى الثلث ثم يقسم على الأولاد للذكر مثل حظ الانثيين .
3- يقسم باقي التركة بين الورثة الحقيقيين على حسب فرائضهم الشرعية
بطحيش khofo1@hotmail.com