اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
احمدالريس
التاريخ
8/4/2010 3:41:16 AM
  مسـؤولية القاضي بين القانون والتطبيق      

مسـؤولية القاضي بين القانون والتطبيق

ملخص أحكام مسؤولية القاضي


إن القضاة هم الأمناء على حماية الحقوق والحريات ، ونشر العدالة، وتطبيق وتطوير القوانين التي على أساسها يبنى المجتمع وتقوم العلاقة بين الناس . لذلك ينبغي أن تكون تصرفاتهم وسلوكهم ، داخل المحاكم وخارجها فوق الشبهات وعلى مستوى الأمانة المودعة لديهم . وهذا يقودنا إلى موضوع اختيار القضاة ووجوب أن لا يتم تعيين أي شخص في منصب القضاء إلا إذا توافرت فيه صفات الكفاءة والاستقامة والأمانة والاستقلالية والنزاهة والشرف. لأن ارتكاب قاضٍ واحد لأي تصرف مشبوه أو سلوك شائن من شأنه المساس بسمعة الهيئة القضائية كاملة.
ومن المعلوم أن القانون يرتب على القضاة التزامات وواجبات عامة شأنهم في ذلك شأن باقي موظفي الدولة باعتبار أن القاضي كالموظف يقوم بإسداء خدمة عامة ، كما إن المنصب القضائي الذي يشغلونه يفرض عليهم التزامات وواجبات خاصة تهدف إلى ضمان دقة العمل والنزاهة وشرف مهنة القضاء المقدسة والحيدة في القضاء ، فلا يجوز للقاضي أن يحيد في إحقاق الحق بسوء نية لصالح أحد الخصوم ، وعليه أن يبذل العناية والاهتمام الكافيين لتجنب الخطأ ، فإن تخلى عن أداء التزامه كقاضي أو امتنع عن إحقاق الحق بين المتقاضين يكون عرضة للمساءلة.
فما هي أحكام هذه المسؤولية ؟؟؟
الطبيعة الخاصة لمسؤولية القضاة:
تعتبر المساءلة الجوهر الحقيقي لأي نظام قانوني ، فلا جدوى من القوانين ونصوصها إذا لم تتضمن وضع آلية محددة يتم على أساسها ملاحقة المخطئين ومساءلتهم إما بفرض العقاب أو باتخاذ إجراءات تأديبية. وفي دولة القانون فإن الجميع يخضعون لحكم القانون وإرادته ، بما فيهم أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية وسواها من مؤسسات الدولة . والسلطة القضائية ليست استثناء من ذلك ، بل هي أولى من غيرها بالخضوع لحكم القانون باعتبارها الأمينة على حسن تطبيقه وتنفيذه . إلا أنه ينبغي التنبيه إلى أن مساءلة القضاة تختلف كثيراً عن مساءلة أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية وذلك بسبب ما يجب أن يتمتع به هؤلاء القضاة من استقلال وحياد . وبالتالي فإن الآلية التي توضع لمساءلتهم عن الأخطاء التي يرتكبونها يجب ألا تؤدي بأي حال من الأحوال إلى المساس بهذا الاستقلال أو الحياد .
والملائمة بين مقتضيات المساءلة القانونية ومقتضيات استقلال القضاة يتطلب تضييق نطاق المسؤولية المدنية للقضاة عن الأخطاء التي يرتكبونها أثناء مزاولتهم للعمل القضائي . وهذا يقتضي أن يتمتع القضاة بالحصانة الشخصية ضد أي دعاوى مدنية بالتعويض النقدي عما قد يصدر عنهم أثناء ممارسة مهامهم القضائية من أفعال غير سليمة أو تقصير . والسبب في ذلك هو أن شعور القضاة وإدراكهم بانعدام الحصانة عن مسئوليتهم التقصيرية الناشئة عن الأخطاء التي ترتكب من قبلهم حال ممارستهم لمهامهم الوظيفة ستؤدي دون شك إلى إرباك القضاة والحيلولة دون إبداعهم واجتهادهم عند النظر في الدعاوى المرفوعة أمامهم . فالقاضي إذا ما كان عرضة للمساءلة والملاحقة القضائية عن أخطائه المهنية سيصاب بهاجس هذه الملاحقة والمساءلة وبالتالي سيلجأ دوما إلى إغفال سلطته التقديرية وتغييبها بشكل كلي لتحاشي الوقوع في الأخطاء أو العثرات التي قد تؤدي إلى مساءلته . ومن جانب آخر فإن إقرار القانون بفكرة ومبدأ المساءلة والرجوع على القاضي بالتعويض عن الضرر الناتج عن الخطأ المهني الذي يرتكبه سيترتب على الأخذ به تجريد القضاة من هيبتهم والانتقاص من مكانتهم أمام الأفراد جراء استغلال المتضرر منهم لهذه المساءلة كوسيلة للإضرار بالقضاة والإساءة إليهم.


أنواع مسؤولية القضاة:
إن حصانة القضاة السابقة ليست مطلقة ، إذ يحق للدولة عبر الجهات المختصة والمحددة بموجب القوانين،مساءلة القضاة تأديباً عن أفعال الإهمال والتقصير التي قد تقع منهم حال ممارستهم لوظائفهم وهذا بطبيعة الحال أمر ضروري لكون الغياب المطلق للمساءلة سيؤدي دون شك إلى التسيب وانحراف البعض ومجانبته للعدالة والإنصاف.
ويتعرض القاضي ، كذلك ، أسوة بغيره من الأفراد لحق المساءلة والملاحقة الجزائية لدى اقترافه لأي عمل من الأعمال المجرمة بمقتضى قانون العقوبات والقوانين الأخرى.
إذاً هناك نوعين لمسؤولية القضاة : المسؤولية التأديبية والمسؤولية الجزائية.
- مساءلة القاضي تأديبياً
من ضمانات إعمال القاضي لقيم النزاهة وضمان حسن قيامه بواجباته القضائية على الوجه المحدد بمقتضى أحكام وقواعد منظومة التشريعات القضائية ، تأكيد التشريعات القضائية على اختلافها لمبدأ المساءلة التأديبية للقضاة حال انتهاكهم وإخلالهم بواجباتهم الوظيفية ولسلوك وآداب مهنة القضاء.
وتعني المساءلة التأديبية تلك المسؤولية الناشئة عن إهمال وإخلال القاضي بمراعاة واحترام مقتضيات واجباته الوظيفية ، سواء تمثل ذلك الإخلال بامتناع القاضي عن القيام بأفعال وتصرفات نص القانون صراحة على وجوب قيام القاضي بها . أو جراء إقدام القاضي عن القيام بأفعال وتصرفات يحظر القانون على القاضي وجوب القيام بها ، كنشر المعلومات أو المداولات أو إفشاء الأسرار أو ممارسة العمل السياسي أو القيام بأعمال التجارة أو الانقطاع عن عمله بغير عذر وغيرها من المسائل التي نص القانون صراحة على حظر القيام بها.
وإذا كان القانون قد حدد على وجه الحصر الجرائم بمكوناتها (مخالفات، جنح، جنايات) ، بحيث لا يمكن مساءلة الشخص أو ملاحقته إلا عن فعل أو أفعال مجرمة صراحة بمقضى القانون إعمالا للقاعدة الجنائية " لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص " فالوضع يكاد أن يكون مختلف بشأن الجرائم التأديبية ، إذ أن هذه الجرائم قد تركت دون حصر لكون كل ما من شأنه المس بسلوك الموظف وواجباته الوظيفية أو بالأوامر الصادرة إليه قد يؤدي إلى إمكانية مساءلته تأديبا.
ولعل ما يمكن قوله بهذا الصدد أنه يجب العمل من قبل الجهات المختصة على تنظيم لوائح خاصة تحدد ماهية الأدبيات والمسلكيات الواجب على القاضي احترامها والتزام العمل بها لدى تقلده لمنصب القضاء ، لأن عدم تحديد طبيعة وأنواع التصرفات والأعمال التي قد تثير المساءلة التأديبية قد يفتح المجال واسعا أمام تعسف الهيئات القضائية العليا أو الجهات القضائية أو الرقابية المناط بها المراقبة على الأداء الوظيفي للقضاة في استعمال هذا الحق . ومن جانب آخر إن عدم حصر هذه الأفعال قد يضع القاضي تحت تأثير هاجس المساءلة والملاحقة التأديبية ، مما قد ينعكس بالسلب على سلوك القاضي وأدائه المهني بسبب الخشية من المساءلة والملاحقة.
ونظراً لخطورة موضوع المسؤولية التأديبية للقضاة ، والآثار السلبية التي يمكن أن تنتج عنه على صعيد استقلال القضاء وحياده. وذلك من خلال استغلال هذه المسؤولية - من قبل بعض الجهات – للتأثير على القضاة والحيلولة بينهم وبين أداء مهامهم بنزاهة وحياد. لذلك فإنه يتعين أن تحاط إجراءات مساءلة القضاة بضمانات حقيقية وفعالة تهدف إلى حماية القضاة من أي تأثيرات أو ضغوط، والحيلولة دون التعسف في استخدام هذه المساءلة أو استغلالها على وجه لا يتفق مع استقلال القاضي أو شعوره بالحصانة لدى ممارسته لوظيفته القضائية.
فهل راعى المشرع السوري ضرورة وجود مثل هذه الضمانات لحماية القضاة والحفاظ على استقلالهم؟ هذا ما سوف نتحقق منه أثناء دراستنا لأحكام المساءلة التأديبية للقضاة في التشريع السوري.
أحكام المساءلة التأديبية للقضاة:
تعريف المسؤولية التأديبية:
تنص المادة /108/ من قانون السلطة القضائية على أنه: " يحال إلى مجلس القضاء الأعلى القضاة الذين يخلون بواجباتهم أو يسيئون بقول أو عمل أو كتابة إلى كرامتهم الشخصية أو كرامة القضاء أو يخالفون القوانين والأنظمة العامة".ومن خلال هذا النص يمكننا بسهولة استخلاص تعريف المسؤولية التأديبية للقاضي، بأنها : تحمل القاضي تبعية أي فعل أو امتناع عن فعل يصدر عنه بأي وسيلة من الوسائل من شأنه أن يخل بواجباته المهنية أو أن يسيء إلى كرامته الشخصية أو كرامة القضاء أو أن ينطوي على مخالفة للقوانين والأنظمة العامة" .

الجهة المختصة بتأديب القضاة:
تنص المادة /107/ على أنه : " تفرض العقوبات المسلكية على القضاة من قبل مجلس القضاء الأعلى ، ويحالون عليه بمرسوم يصدر بناءً على اقتراح وزير العدل أو رئيس مجلس القضاء الأعلى لا ينشر في الجريدة الرسمية " . إذاً المجلس القضائي الأعلى هو الجهة المختصة بتأديب القضاة في التشريع السوري حسب ما تنص عليه المادة السابقة . لكن واقع الأمر خلاف ذلك ، إذ أن وزير العدل هو من يمارس فعلياً صلاحية تأديب القضاة وفرض العقوبات التأديبية عليهم . ويتبدى ذلك من خلال ما ذكرناه سابقاً من سيطرة وزير العدل وهيمنته على مجلس القضاء الأعلى بحيث لا يصدر أي قرار عن هذا المجلس إلا بإرادة وزير العدل أو موافقته . ويضاف هنا أن المادة السابقة ذكرت أن إحالة القضاة إلى مجلس القضاء الأعلى لتأديبهم يتم بناء على اقتراح من وزير العدل أو رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي هو رئيس الجمهورية وينوب عنه وزير العدل . مما يعني عملياً أنه لا يمكن إحالة أي قاضي إلى التأديب أمام مجلس القضاء الأعلى إلا بإرادة وزير العدل.

إجراءات التأديب:
التحقيق مع القاضي:
لا يجوز أن تقام الدعوى التأديبية دون إجراء تحقيق مع القاضي سواء قبل أو بعد إحالته للمجلس،وأن تراعى في هذا التحقيق الأصول القانونية الواجب مراعاتها والأخذ بها كدعوة القاضي وسؤاله ومواجهته بالتهم المنسوبة إليه وتمكينه من الدفاع عن نفسه وغيرها من الضمانات . لكن يلاحظ أن المشرع السوري اعتبر موضوع التحقيق مع القاضي أمراً جوازياً يعود تقديره لرئيس مجلس القضاء الأعلى (رئيس الجمهورية ينوب عنه وزير العدل) م/111/ ، مما يضعف من الضمانات اللازمة لحماية القاضي ومراعاة مقتضيات استقلاله وحياده.
حق الدفاع
يتمثل هذا الحق في وجوب تمكين القاضي من ممارسة كافة الضمانات المقررة للمتهم حال محاكمته تأديبيا ، حيث من حقه أن يعلم بماهية وطبيعة التهم الموجهة اليه ، فضلا عن حقه في تقديم دفاعه كتابة أو أن ينيب أحد القضاة أو أحد المحامين في الدفاع عنه.ومن الغريب أن المشرع السوري أجاز للقاضي المحال على مجلس القضاء الأعلى أن يستعين بأحد القضاة للدفاع عنه ولم يجز له الاستعانة بمحام م/110/.
سرية جلسات المحاكمة التأديبية:
في سبيل عدم التأثير على سمعة القاضي،أو عدم استغلال هذه المحاكمات للتشهير به ، يشترط كقاعدة عامة أن تكون جلسات المحاكم التأديبية سرية ولا يجوز أن تتم بشكل علني حتى ولو طلب القاضي ذلك م/111/ف2/.ونحن نرى أن كون جلسات تأديب القضاة سرية أو علنية يجب أن يتم بناء على إرادة القاضي،وأن تعقد جلسات المحاكمة بشكل علني إذا طلب هو ذلك.
تسبيب الحكم
يجب ان يشتمل القرار التأديبي على الأسباب الداعية لصدوره ، أي الأسباب التي بنى عليها القرار واستوجبت إصداره.
العقوبات التأديبية أو المسلكية:
العقوبات التي يمكن أن تفرض على القضاة هي:
1 ـ عقوبة اللوم ـ هي إخطار القاضي بكتاب يتضمن المخالفة المرتكبة ولفت النظر إلى اجتناب مثلها ويجوز أن يتضمن الحكم عدم تسجيل اللوم في سجل القاضي.
2 ـ عقوبة قطع الراتب ـ هي حسم مبلغ لا يتجاوز عشر راتب القاضي الشهري غير الصافي لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة.
3 ـ عقوبة تأخير الترفيع ـ هي حرمان القاضي من الترفيع لمدة لا تتجاوز السنتين.
4 ـ عقوبة العزل ـ هي إنهاء خدمة القاضي وتصفية حقوقه وفقاً لهذا القانون.
ونظراً لخطورة عقوبة العزل ، فإننا نعتقد أنه من الضروري أن يحدد القانون بشكل دقيق الحالات التي يجوز فيها فرض هذه العقوبة منعاً للتعسف باستعمالها على نحو يمس بنزاهة القضاة وحيادهم.
- المسؤولية الجزائية
إن ما قلناه سابقاً عن المسؤولية التأديبية ووجوب ملائمتها مع مقتضيات استقلال القاضي وحياده ، يصدق أيضاً على موضوع المسؤولية الجزائية . الأمر الذي يقتضي إحاطة إجراءات مساءلة القاضي جزائياً بضمانات قانونية تهدف إلى حماية القاضي من تعريضه لملاحقات كيدية أو غيرها من الممارسات التي تمس بهيبة القضاء واستقلاله .
وقد نصت على هذا الضمانات المادة 16 من وثيقة الأمم المتحدة الخاصة بالمبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية حيث ورد فيها أنه :
" ينبغي أن يتمتع القضاة بالحصانة الشخصية ضد أي دعاوى مدنية بالتعويض النقدي عما قد يصدر عنهم أثناء ممارسة مهامهم القضائية من أفعال غير سليمة أو تقصير، وذلك دون الإخلال بأي إجراء تأديبي أو بأي حق في الاستئناف أو الحصول على تعويض من الدولة وفقا للقانون الوطني " .
كذلك نصت المادة 17 من الوثيقة على :
" ينظر في التهمة الموجهة أو الشكوى المرفوعة ضد قاضٍ بصفته القضائية أو المهنية وذلك على نحو مستعجل وعادل بموجب إجراءات ملائمة ، وللقاضي الحق في الحصول على محاكمة عادلة ويكون فحص الموضوع في مرحلته الأولى سريا ما لم يطلب القاضي خلاف ذلك".
إجراءات مساءلة القضاة جزائياً:
لا تطبق على القضاة الأصول العامة سواء في التحقيق أو المحاكمة أو التنفيذ من أجل الجرائم التي يرتكبونها . فقد نص قانون الموظفين الأساسي وقانون السلطة القضائية على أصول خاصة بهم تتلخص فيما يلي:
تحريك دعوى الحق العام:
في الجرائم التي يرتكبها القضاة أثناء قيامهم بالوظيفة أو خارجها لا تقام دعوى الحق العام إلا من قبل النائب العام إما بإذن من لجنة تؤلف من رئيس محكمة النقض واثنين من أقدم مستشاريها أو بناءً على طلب مجلس القضاء الأعلى عندما يتبين أثناء المحاكمة المسلكية وجود جرم.
وليس للمدعي الشخصي أن يحرك دعوى الحق العام في جميع الجرائم المذكورة وإنما يترتب على النائب العام حين رفع الشكوى إليه أن يحيلها إلى اللجنة المشار إليها ويحق له قبل إحالتها أن يعمد لاستكمال التحقيق بواسطة إدارة التفتيش . وفي حالة الجرائم المشهودة يحق لأفراد الضابطة العدلية أن يباشروا بالتحقيق فوراً على أن يعلم أقرب قاضٍ ليرفع الأمر فوراً إلى النائب العام.
التحقيق :
يمثل النائب العام الحق العام في جميع الجرائم المرتكبة من قبل
القضاة سواء أثناء قيامهم بالوظيفة أو خارجها.
ويعين رئيس المحكمة أحد قضاتها للقيام بوظيفة قاضي التحقيق في المواد الجنائية وفي ما يستدعي التحقيق من المواد الجنحية . ويحق لقاضي التحقيق إنابة أحد قضاة الحكم على أن لا تتناول الإنابة القرار النهائي وعلى أن لا يكون القاضي المناب أقل درجة من القاضي المدعى عليه.
ويصدر قاضي التحقيق قراره بلزوم إحالة القاضي على المحاكمة أو بعدم محاكمته . وقرار قاضي التحقيق بلزوم المحاكمة غير تابع لأي طريق من طرق الطعن . أما قرار منع المحاكمة يحق الطعن فيه لكل من ممثل النيابة العامة والمدعي الشخصي . كما يحق لممثل النيابة العامة الطعن بقرار تخلية السبيل ، أما قرار رد طلب تخلية السبيل فإن من حق القاضي وحده الطعن فيه.
ويجري الطعن وفقاً للأصول القانونية وتفصل إحدى دوائر محكمة النقض غير الداخلة في تشكيل الهيئة العامة التي ستنظر في أساس القضية في هذه الطعون التي يجب أن تقدم ويفصل فيها وفقاً للأصول الجزائية ويكون قرارها غير تابع لطريق من طرق المراجعة.
المحاكمة:
يحال القاضي الذي تقررت إحالته على المحاكمة ، أمام محكمة النقض بهيئتها العامة المؤلفة للنظر في القضايا الجزائية.
ويحق للمتضرر من الجريمة أن يدخل في الدعوى بصفته مدعياً شخصياً وفقاً للأحكام العادية سواء أثناء التحقيق أوالمحاكمة.
إذا أقيمت الدعوى على قاض وكان له شركاء أو متدخلون من غير القضاة تجري محاكمتهم معاً أمام محكمة النقض وفاقاً لأحكام هذا الفصل.
يحق للهيئة العامة أن تقرر كف يد القاضي الملاحق أمامها ويعتبر القاضي مكفوف اليد حكماً بعد صدور مذكرة التوقيف بحقه أو من تاريخ تركه الوظيفة قبل صدور المذكرة . كما يحق للهيئة نفسها أن تقرر إنهاء مفعول كف اليد وأن تقرر أثناء المحاكمة إخلاء سبيل القاضي الموقوف.
لا يترتب على توقيف القاضي حرمانه من مرتبه مدة التوقيف ما لم تقرر المحكمة حرمانه من كله أو بعضه . ويجري توقيف القضاة في غرفة خاصة في قصر العدل.
وتعتبر الأحكام والقرارات التي تصدرها محكمة النقض مبرمة وغير تابعة لطريق من طرق المراجعة سوى الاعتراض على الأحكام الغيابية في ميعاد خمسة أيام تبدأ من اليوم الذي يلي تاريخ التبليغ.

تنفيذ الأحكام:
تنفذ عقوبات الحبس بحق المحكوم عليهم من القضاة في أماكن مستقلة عن الأماكن المخصصة لحبس السجناء الآخرين.

رؤيـة جديدة لمسؤولية القاضي

منطلق الرؤية :

1- المساواة :

كل المواطنين متساوون أمام القانون . ومن يرتكب منهم عملاً مخالفاً لحكم القانون يجب أن يتحمل مسؤولية عمله . لا يستثنى من ذلك أحد مهما كان منصبه . وعلى ذلك تنص المادة 25/ف3 من الدستور السوري حيث جاء فيها : " المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات " .

2- شرط الحصانة :

على الرغم من أن المساواة بين المواطنين أمام القانون هي حق أساسي مصون بموجب الدستور . إلا أن عوامل كثيرة لعبت دوراً هاماً في تكييف مفهوم مبدأ المساواة مع الاعتبارات العملية التي تفرضها الحياة على نحو أصبحت معه بعض فئات المواطنين تتمتع أمام القانون بامتيازات عديدة ، تسمى الحصانة ، لا تتمتع بها باقي الفئات ومن أمثال هؤلاء : القضاة . ونحن لن نجادل في صحة الاعتبارات التي تستوجب تحصين القضاة أو غيرهم . لكننا نذكر أن تمتع القاضي بالحصانة يجب أن يكون مشروطاً باحترام القاضي للمبادئ الأخلاقية والمهنية التي يقوم عليها عمله . لأن الحصانة ليست لحماية شخص القاضي وإنما لحماية منصب القضاء وهناك فرق شاسع بين الحالتين .

3- الثقة بالقضاء :

نعتقد أن الأحكام القانونية الناظمة لمسؤولية القضاة عما يرتكبونه من أفعال مخالفة للقانون وتطبيق هذه الأحكام بجدية وحكمة ، يلعب دوراً أساسياً في تأمين ثقة المواطنين عامة والمتقاضين خاصة بمؤسسة القضاء وما تمثله من قيم الحق والعدالة . لأن المواطن حين يرى القاضي يعاقب لارتكابه مخالفة قانونية سوف تتعزز ثقته بالقضاء ويترسخ إيمانه بعدالته . أما حين ينجو القاضي من عواقب ممارساته الخاطئة ويتملص من العقوبة التي تستوجبها هذه الممارسات لمجرد كونه قاضياً فإن ذلك يؤدي إلى انحسار الثقة بالقضاء لأن القائمين عليه غير ملتزمين أصلاً بحكم القانون فكيف يمكن الثقة بتطبيقهم لأحكام القانون على الآخرين ؟

من موقع سوريا للقضاء والمحاماة


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1958 / عدد الاعضاء 62