|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
التاريخ 6/13/2010 11:44:43 AM
|
خرافة تجريم التعليق على أحكام القضاء ... مرة أخرى!!!!
|
سبق أن كتبت مفنداً تلك الخرافة مقالاً على الرابط ( محذوف بمعرفتي إحتراماً لقواعد الكتابة بالمنتدى)
وها انا أعود مرة أخرى بمناسبة ما يستجد من أحداث جسام بين جناحي العدالة او هكذا يقال ، تنبىء عن تصديق البعض لما يتردد من خرافات
أما سندي في هذا الحديث ، فهو من حسن الحظ أحكاماً (قضائية) للمحكمة الدستورية العليا ، تمحو فيها آثار تلك الخرافة وتجتثها من جذورها ، إذ تعلي من شأن حرية التعبير بلا استثناء او تقييد لم يأت به دستور أو شرع ، وتقول القول الفصل : لا لتكميم الأفواه ، لا لتكميم الأفواه ولا حتى بقانون!!!
فالقانون الذي ينحو الى تكميم الأفواه باي حجة - بفرض وجوده -هو قانون فاسد باطل مناقض للدستور لا يؤبه له ولا به!، والحال أنه لا يوجد أي قانون بالتقييد وإنما أقوال مرسلة أطلقها البعض وصدقها البعض الآخر
تقرر المحكمة الدستورية العليا:
إن حرية التعبير التى تؤمنها المادة 47 من الدستور أبلغ ما تكون أثراً فى مجال اتصالها بالشئون العامة وعرض أوضاعها ؛ وكان حق الفرد فى التعبير عن الآراء التى يريد إعلانها ، ليس معلقاً على صحتها ، ولا مرتبطاص بتمشيها مع الاتجاه العام فى بيئة بذاتها ، ولا بالفائدة العملية التى يمكن أن تنتجها ؛ وإنما أراد الدستور بضمان حرية التعبير أن تهيمن مفاهيمها على مظاهر الحياة فى أعماق منابتها بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها على العقل العام Public Mind فلا تكون معاييرها مرجعاً لتقييم الآراء التى تتصل بتكوينه ولا عائقاً دون تدفقها . وكذلك فإن الذين يعتصمون بنص المادة 47 من الدستور لا يملكون مجرد الدفاع عن القضايا التى يؤمنون بها بل كذلك اختيار الوسائل التى يقدرون مناسبتها وفعاليتها سواء فى مجال عرضها أو نشرها ولو كان بوسعهم إحلال غيرها من البدائل لترويجها . -------------------------
إن حرية التعبير التى تؤمنها المادة 47 من الدستور أبلغ ما تكون أثراً فى مجال اتصالها بالشئون العامة وعرض أوضاعها ؛ وكان حق الفرد فى التعبير عن الآراء التى يريد إعلانها ، ليس معلقاً على صحتها ، ولا مرتبطاص بتمشيها مع الاتجاه العام فى بيئة بذاتها ، ولا بالفائدة العملية التى يمكن أن تنتجها ؛ وإنما أراد الدستور بضمان حرية التعبير أن تهيمن مفاهيمها على مظاهر الحياة فى أعماق منابتها بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها على العقل العام Public Mind فلا تكون معاييرها مرجعاً لتقييم الآراء التى تتصل بتكوينه ولا عائقاً دون تدفقها . وكذلك فإن الذين يعتصمون بنص المادة 47 من الدستور لا يملكون مجرد الدفاع عن القضايا التى يؤمنون بها بل كذلك اختيار الوسائل التى يقدرون مناسبتها وفعاليتها سواء فى مجال عرضها أو نشرها ولو كان بوسعهم إحلال غيرها من البدائل لترويجها . -----------------------
ولعل أكثر ما يهدد حرية التعبير أن يكون الايمان بها شكلياً أو سلبياً بل يتعين أن يكون الاصرار عليها قبولاً بتبعاتها وألا يفرض أحد على غيره صمتاً ولو بقوة القانون Enforced Silence .
--- 6 ---
إن حرية التعبير التى كفلها الدستور على ما تقدم ، هى القاعدة فى كل تنظيم ديمقراطى ـ لا يقوم إلا بها ، ولا يعدو الإخلال بها أن يكون إنكاراً لحقيقة أن حرية التعبير لا يجوز فصلها عن أدواتها وأن وسائل مباشرتها يجب أن ترتبط بغاياتها فلا يعطل مضمونها أحد ولا يناقض الأغراض المقصودة من إرسائها [الطعن رقم 2 - لسنــة 16 ق - تاريخ الجلسة 03 / 02 / 1996]
--------------------------
--- 1 ---
إن الدستور حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما أرتاه كفيلا بصون الحقوق والحريات العامة على اختلافها، كى لا تقتحم إحداهما المنطقة التى يحميها الحق، أو الحرية، أو تتداخل معها، بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة. ولقد كان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنماؤها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة، مطلبا أساسياً، توكيدا لقيمتها الاجتماعية، وتقديراً لدورها فو مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها، ولردع كل محاولة للعدوان عليها، وفى هذا الاطار، تزايد الاهتمام بالشئون العامة فى مجالاتها المختلفة، وغدا عرض الآراء المتصلة بأوضاعها، وانتقاد أعمال القائمين عليها، مشمولا بالحماية الدستورية، تغليبا لحقيقة أن الشئون العامة، وقواعد تنظيمها وطريقة إدارتها، ووسائل النهوض بها، وثيقة الصلة بالمصالح المباشرة للجماعة، وهى تؤثر بالضرورة فى تقدمها، وقد تنتكس بأهدافها القومية، متراجعة بطموحاتها إلى الوراء.
--- 2 ---
يجب أن يكون انتقاد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير وأدواته، حقاً مكفولاً لكل مواطن، وأن يتم التمكين لحرية عرض الآراء وتداولها بما يحول - كأصل عام - دون إعاقتها، أو فرض قيود مسبقة على نشرها وهى حرية يقتضيها النظام الديموقراطي، وليس مقصوداً بها مجرد أن يعبر الناقد عن ذاته ولكن غايتها النهائية للوصول إلى الحقيقة من خلال ضمان تدفق المعلومات من مصادرها المتنوعة، وعبر الحدود المختلفة، وعرضها في آفاق مفتوحة، تتوافق فيها الآراء فى بعض جوانبها، أو تتصادم فى جوهرها، ليظهر ضوء الحقيقة جليا من خلال مقابلتها ببعض وقوفا على ما يكون منها زائفاً أو صائبا، منطويا على مخاطر واضحة، أو محققا لمصلحة مبتغاة. Seuiun debat" vigoureux et ouvert a tous" ou le libre echange " des idees sur la place publique" feront surgir la verite. Or, dans ce cas precis ,cest la divulgation elle - nocive meme qui est censee se reveler nocive.
--- 3 ---
من غير المحتمل أن يكون انتقاد الأوضاع المتصلة بالعمل العام تبصيراً بنواحي التقصير فيه، مؤدياً إلى الأضرار بأية مصلحة مشروعة وليس جائزاً بالتالي أن يكون القانون أداة تعوق حرية التعبير عن مظاهر الإخلال بأمانة الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة أو مواطن الخلل فى أداء واجباتها ذلك أن ما يميز الوثيقة الدستورية، ويحدد ملامحها الرئيسية، هو أن الحكومة خاضعة لمواطنيها، ولا يفرضها إلا الناخبون وكلما نكل القائمون بالعمل العام تخاذلا أو انحرافا. عن حقيقة واجباتهم، مهدرين الثقة العامة المودعة فيهم، كان تقويم اعوجاجهم حقا وواجبا، مرتبطاً ارتباطاً عميقاً بالمباشرة الفعالة للحقوق التى ترتكز فى أساسها على المفهوم الديمقراطي لنظام الحكم، ويندرج تحتها محاسبة الحكومة ومساءلتها، وإلزامها مراعاة الحدود، والخضوع للضوابط التى فرضها الدستور عليها.
--- 4 ---
لا يعدو إجراء الحوار المفتوح حول المسائل العامة، أن يكون ضمانا لتبادل الآراء على اختلافها، كى ينقل المواطنون علانية تلك الأفكار التى تجول فى عقولهم - ولو كانت السلطة العامة تعارضها- إحداثا من جانبهم وبالوسائل السلمية - لتغيير قد يكون مطلوباً.
--- 5 ---
لئن صح القول بأن النتائج الصائبة هي حصيلة الموازنة بين آراء متعددة جرى التعبير عنها فى حرية كاملة، وأنها فى كل حال لا تمثل انتقاء من السلطة العامة لحلول بذاتها تستقل بتقديرها وتفرضها عنوة، فإن من الصحيح كذلك أن الطبيعة الزاجرة للعقوبة التى توقعها الدولة على من يخلون بنظامها، لا تقدم ضمانا كافياً لصونه، وأن من الخطر فرض قيود ترهق حرية التعبير بما يصد المواطنين عن ممارستها، وأن الطريق إلى السلامة القومية إنما يكمن فى ضمان الفرص المتكافئة للحوار المفتوح، لمواجهة أشكال من المعاناة. متباينة فى أبعادها، وتقرير ما يناسبها من الحلول التابعة من الإرادة العامة.
--- 6 ---
كان منطقياً، بل وأمرا محتوما، أن ينحاز الدستور إلى حرية النقاش والحوار فى كل أمر يتصل بالشئون العامة، ولو تضمن انتقادا حادا للقائمين بالعمل العام إذ لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتاً ولو كان معززاً بالقانون، ولأن حوار القوة إهدار لسلطان العقل، ولحرية الإبداع والأمل والخيال. وهو فى كل حال يولد رهبة تحول بين المواطن والتعبير عن آرائه، بما يدعم الرغبة فى قمعها، ويكرس عدوان السلطة العامة المناوئة لها، مما يهدد فى النهاية أمن الوطن واستقراره.
--- 7 ---
انتقاد القائمين بالعمل العام - وإن كان مريراً - يظل متمتعاً بالحماية التى كفلها الدستور لحرية التعبير عن الآراء، بما لا يخل بالمضمون الحق لهذه الحرية، أو يجاوز الأغراض المقصودة من إرسائها.
--- 8 ---
حرص الدستور القائم على النص فى المادة 47، على ضمان حرية الرأى، وكفل لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون، وكان الدستور قد أقام بهذا النص حرية التعبير عن الرأي بمدلول جاء عاما ليشمل التعبير عن الآراء فى مجالاتها المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أن الدستور - مع ذلك - عنى بإبراز الحق فى النقد الذاتى، والنقد البناء، باعتبارهما ضمانين لسلامة البناء الوطنى، مستهدفاً بذلك توكيد أن النقد - وإن كان نوعاً من حرية التعبير - وهى الحرية الأصل التى يرتد النقد إليها ويندرج تحتها - إلا أن أكثر ما يميز حرية النقد - إذا كان بناء - أنه فى تقدير واضعى الدستور ضرورة لازمة لا يقوم بدونها العمل الوطنى سوياً على قدميه. وما ذلك إلا لأن الحق فى النقد. وخاصة جوانبه السياسية - يعتبر إسهاما مباشرا فى صون نظام الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وضرورة لازمة للسلوك المنضبط فى الدول الديموقراطى، وحائلا دون الإخلال بحرية المواطن فى أن " يعلم " وأن يكون - فى ظل التنظيم بالغ التعقيد للعمل الحكومى - قادراً على النفاذ إلي الحقائق الكاملة المتعلقة بكيفية تصريفه.
--- 9 ---
ينبغي أن يكون مفهوما أن الطبيعة البناءة للنقد - التى حرص الدستور على توكيدها - لا يراد بها أن ترصد السلطة التنفيذية الآراء التى تعارضها لتحدد ما يكون منها فى تقديرها موضوعياً، إذ لو صح ذلك لكان بيد هذه السلطة أن تصادر الحق فى الحوار العام. وهو حق يتعين أن يكون مكفولا لكل مواطن، وعلى قدم المساواة الكاملة وما تغياه الدستور فى هذا المجال، هو ألا يكون النقد منطوياً على أراء تنعدم قيمها الاجتماعية، كتلك التى تكون غايتها الوحيدة شفاء الأحقاد والضغائن الشخصية، أو التى تكون منطوية على مجرد الفحش أو محض التعريض بالسمعة. كما لا تمتد الحماية الدستورية إلى آراء تكون لها بعض القيمة الاجتماعية، ولكن جرى التعبير عنها على نحو يصادر حرية النقاش أو الحوار، كتلك التى تتضمن الحض على أعمال غير مشروعة تلابسها مخاطر واضحة ، تتعرض لها مصلحة حيوية.
--- 10 ---
الطبيعة البناءة للنقد، لا تفيد لزوما رصد كل عبارة احتواها مطبوع، وتقيمها - منفصلة عن سياقها - بمقاييس صارمة ذلك أن ما قد يراه إنسان صوابا فى جزئية بذاتها، قد يكون هو الخطأ بعينه عند آخرين ولا شبهة فى أن المدافعين عن أرائهم ومعتقادتهم كثيرا ما يلجأون الى المغالاة، وأنه إذا أريد لحرية التعبير أن تتنفس فى المجال الذى لا يمكن أن تحيا بدونه، فإن قدرا من التجاوز يتعين التسامح فيه ولا يسوغ بحال أن يكون الشطط فى بعض الآراء مستوجبا إعاقة تداولها.
--- 11 ---
الحماية الدستورية لحرية التعبير - فى مجال انتقاد القائمين بالعمل العام - غايتها أن يكون نفاذ الكافة الى الحقائق المتصلة بالشئون العامة، والى المعلومات الضرورية الكاشفة عنها، متاحا، وألا يحال بينهم وبينها اتقاء الشبهة التعويض بالسمعة ذلك أن ما نضيفه الى دائرة التعريض بالسمعة - فى غير مجالاتها الحقيقية - لتزول عنه الحماية الدستورية، لابد أن يقتطع من دائرة الحوار المفتوح المكفول بهذه الحماية، مما يخل فى النهاية بالحق فى تدفق المعلومات، وانتقاد الشخصيات العامة بمراجعة سلوكها وتقييمه. وهو حق متفرع من الرقابة الشعبية التابعة من يقظة المواطنين المعنيين بالشئون العامة، الحريصين على متابعة جوانبها السلبية، وتقرير موقفهم منها، ومؤدى إنكاره أن حرية النقد لن يزاولها، أو يلتمس طرقها إلا أكثر الناس اندفاعا وتهورا، أو أقواهم عزما.
[الطعن رقم 42 - لسنــة 16 ق - تاريخ الجلسة 20 / 05 / 1995]
-----------------------------------
المشرع- بالإباحة التى قدرها فى مجال انتقاد القائمين بالعمل العام تبيانا لحقيقة الأمر فى شأن الكيفية التى يصرفون بها الشئون العامة - قد وازن بين مصلحة هؤلاء فى طمس انحرفاتهم و إخفاء أدلتها توقيا لخدش شرفهم أو التعريض بسمعتهم من ناحية ، و بين مصلحة أولى بالرعاية و أحق بالحماية هى تلك النابعة من ضرورة أن يكون العمل العام واقعا فى إطار القانون و بمراعاة حدوده، و كان المشرع - على ضوء مقتضيات هذه الموازنة و فى حدود ضوابطها - قد حسر عن القائم بالعمل العام الرعاية التى يتطلبها صون اعتباره كلما كان الإسناد العلنى- المتضمن قذفا فى حقه - واقعا فى حدود النقد المباح الذى بين قانون العقوبات شروطه فى الفقرة الثانية من المادة 302 منه ، و كان من المقرر أن توافر الشروط التى يتطلبها القانون فى النقد المباح إنما يزيل عن الفعل صفة الإجرامية ، و يرده إلى دائرة المشروعية بعد أن كان خارجا عن محيطها لخضوعه ابتداء لنص بالتجريم ، و كان البين من الدعوى الموضوعية أن المدعى - فى الدعوى الماثلة - قد ركن فى مجال إثباته انتفاء الركن الشرعى للجريمة ، إلى أن ما تضمنه المطبوع الصادر منه من وقائع نسبها إلى أحد القائمين بالعمل العام - و المدعى بأنها تعتبر قذفا فى حقه- لا يعدو أن يكون استعمالا من جانبه للحق فى النقد المباح، و هو حق كفل المشرع أصله محدداً شرائطة و مقررا بموجبه شرعية استثنائية لفعل أضحى بها مباحا بعد أن كان معاقبا عليه قانونا فقد تعين على المدعى - إذ يتذرع باستعمال حق مقرر قانونا أن يقيم الدليل على ثبوته ، و أنه توخى - فى مجال مباشرته- المصلحة الاجتماعية التى قصد المشرع إلى بلوغها من وراء تقريره، فإن هو أخفق فى برهانه، دل ذلك على أن الشروط التى لا يقوم الحق فى النقد المباح إلا بإكتمالها ، متخلفة بتمامها أو فى بعض جوانبها، ليرتد الفعل بالتالى إلى صورته الأصلية و هى الجريمة التى لا تجوز إدانتة بارتكابها إلا بعد قيام النيابة العامة بإثباتها فى كل ركن من أركانها ، و بالنسبة إلى كل واقعة ضرورية لقيامها، بما فى ذلك القصد الجنائى الذى تطلبه المشرع فيها. و لا مخالفة فى ذلك لافتراض البراءة الذى كفله الدستور فى المادة 67 منه، ليعكس بمقتضاه قاعدة مبدئية تعتبر فى ذاتها مستعصية على الجدل، و تقتضيها الشرعية الإجرائية.
--- 8 ---
حرص الدستور على أن يفرض على السلطتين التشريعية و التنفيذية من القيود ما ارتآه كفيلا بصون الحقوق و الحريات العامة على اختلافها كى لا تقتحم إحداها المنطقة التى يحميها الحق أو الحرية أو تتداخل معها بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة. و لقد كان تطوير هذه الحقوق و الحريات و إنمائها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة، مطلبا أساسيا توكيدا لقيمتها الاجتماعية ، و تقديرا لدورها فى مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها، و لردع كل محاولة للعدوان عليها. و فى هذا الإطار تزايد الاهتمام بالشئون العامة فى مجالاتها المختلفة ، و غدا عرض الآراء المتصلة بأوضاعها ، و انتقاد أعمال القائمين عليها مشمولا بالحماية الدستورية تغليبا لحقيقة أن الشئون العامة، و قواعد تنظيمها و طريقة إدارتها، و وسائل النهوض بها ، وثيقة الصلة بالمصالح المباشرة للجماعة ، و هى تؤثر بالضرورة فى تقدمها، و قد تنتكس بأهدافها القومية متراجعة بطموحاتها إلى الوراء. و تعين بالتالى أن يكون انتقاد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير و أدواته حقا مكفولا لكل مواطن، و أن يتم التمكين لحرية عرض الأراء و تداولها بما يحول- كأصل عام- دون إعاقتها أو فرض قيود مسبقة على نشرها. و هى حرية يقتضيها النظام الديمقراطى، و ليس مقصودا بها مجرد أن يعبر الناقد عن ذاته، و لكن غايتها النهائية الوصول إلى الحقيقة من خلال ضمان تدفق المعلومات من مصادرها المتنوعة، و عبر الحدود المختلفة ، و عرضها فى آفاق مفتوحة تتوافق فيها الآراء فى بعض جوانبها أو تتصادم فى جوهرها ليظهر ضوء لحقيقة جليا من خلال مقابلتها ببعض، وقوفا على ما يكون منها زائفا أو صائبا، منطويا على مخاطر واضحة أو محققا لمصلحة مبتغاه. ومن غير المحتمل المحتمل أن يكون انتقاد الأوضاع المتصلة بالعمل العام تبصيرا بنواحى التقصير فيه، مؤديا إلى الإضرار بأية مصلحة مشروعة .
--- 10 ---
لئن صح القول القول بأن النتائج الصائبة هى حصيلة الموازنة بين آراء متعددة جرى التعبير عنها فى حرية كاملة ، و أنها فى كل حال لا تمثل انتفاء من السلطة العامة لحلول بذاتها تستقل بتقديرها و تفرضها عنوة، فإن من الصحيح كذلك أن الطبيعة الزاجرة للعقوبة التى توقعها الدولة على من يخلون بنظامها، لا تقدم ضمانا كافيا لصونة ، و إن من الخطر فرض قيود ترهق حرية التعبير بما يصد المواطنين عن ممارستها، و أن الطريق إلى السلامة القومية إنما يكمن فى ضمان الفرص المتكافئة للحوار المفتوح لمواجهة أشكال من المعاناة - متباينة فى أبعادها- و تقرير ما يناسبها من الحلول النابعة من الارادة العامة . و من ثم كان منطقيا، بل و أمرا محتوما ، أن ينحاز الدستور إلى حرية النقاش و الحوار فى كل أمر يتصل بالشئون العامة، و لو تضمن انتقادا حادا إلى للقائمين بالعمل العام، إذ لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتا و لو كان معززا بالقانون، ولأن حوار القوة اهدار لسلطان العقل، و لحرية الابداع والامل و الخيال ، و هو فى كل حال يولد رهبة تحول بين المواطن و التعبير عن آرائه، بما يعزز الرغبة فى قمعها، و يكرس عدوان السلطة العامة المناوئة لها، مما يهدد فى النهاية أمن الوطن و استقراره.
--- 11 ---
انقاد القائمين بالعمل العام - و إن كان مريرا - يظل متمتعا بالحماية التى كفلها الدستور لحرية التعبير عن الآراء بما لا يخل بالمضمون الحق لهذه الحرية ، أو يجاوز الأغرض المقصودة من إرسائها . و ليس جائزا بالتالى أن تفترض فى كل واقعة جرى إسنادها إلى أحد القائمين بالعمل العام، إنها واقعة زائفة ، أو أن سوء القصد قد خالطها. كذلك فإن الآراء التى تم نشرها فى حق أحد ممن يباشرون جانبا من إختصاص الدولة، لا يجوز تقييمها منفصلة عما توجبه المصلحة العامة فى أعلى درجاتها من عرض انحرافاتهم، و أن يكون المواطنون على بينة من دخائلها، و يتعين دوما أن تتاح لمل مواطن فرصة مناقشتها، و استظهار وجه الحق فيها .
--- 12 ---
إذ كان الدستور القائم قد نص فى المادة 47 منه على أن حرية الرأى مكفولة، و أن لكل إنسان حق التعبير عن رأية و نشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون ، و كان الدستور قد كفل بهذا النص حرية التعبير عن الرأى بمدلول جاء عاما ليشمل حرية التعبير عن الآراء فى مجالاتها المختلفة السياسية و الأقتصادية و الاجتماعية ، إلا أن الدستور - مع ذلك - عنى بإبراز الحق فى النقد الذاتى و النقد البناء باعتبارهما ضمانات لسلامة البناء الوطنى، مستهدفا بذلك توكيد أن النقد- و إن كان فرعا من حرية التعبير- و هى الحرية الأصل الذى يرتد النقد إليها و يندرج تحتها ، إلا أن أكثر ما يميز حرية النقد - إذا كان بناء - إنه فى تقدير واضعى الدستور ضرورة لازمة لا يقوم بدونها العمل الوطنى سويا على قدميه. و ما ذلك إلا لأن الحق فى النقد- و خاصة فى جوانبه السياسية - يعتبر إسهاما مباشراً فى صون نظام الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية و التنفيذية ، و ضرورة لازمة للسلوك المنضبط فى الدول الديمقراطية ، و عائقا دون الإخلال بحرية المواطن فى أن يعلم، و أن يكون فى ظل التنظيم البالغ التعقيد للعمل الحكومى ، قادراً على النفاذ إلى الحقائق الكاملة المتعلقة بكيفية تصريفه، على أن يكون مفهوما أن الطبيعة البناءة للنقد التى حرص الدستور على توكيدها - لايراد بها أن ترصد السلطة التنفيذية الآراء التى تعارضها لتحدد ما يكون منها فى تقديرها موضوعيا، إذ لو صح ذلك لكان بيد هذه السلطة أن تصادر الحق فى الحوار العام، و هو حق يتعين أن يكون مكفولا لكل مواطن، و على قدم المساواة الكاملة . و ما رمى إليه الدستور فى هذا المجال هو ألا يكون النقد منطويا على آراء تنعدم قيمتها الاجتماعية كتلك التى تكون غايتها الوحيدة شفاء الأحقاد و الضغائن الشخصية ، أو التى تكون منطوية على الفحش أو محض التعريض بالسمعة كما لا تمتد الحماية الدستورية إلى آراء تكون لها بعض القيمة الاجتماعية، و لكن جرى التعبير عنها على نحو يصادر حرية النقاش أو الحوار كتلك التى تتضمن الحض على أعمال غير مشروعة تلابسها مخاطر واضحة تتعرض لها مصلحة حيوية . إذ كان ذلك، فإن الطبيعة البناءة لا تفيد لزوما رصد كل عبارة احتواها مطبوع ، و تقيمها- منفصلة عن سياقها- بماقييس صارمة ، ذلك أن ما قد يراه إنسان صوابا فى جزئية بذاتها، قد يكون هو الخطأ بعينه عند آخرين. و لا شبهة فى أن المدافعين عن آرائهم و معتقداتهم كثيرا ما يلجأوون إلى المغالاة ، و إنه إذا أريد أريد لحرية التعبير أن تتنفس فى المجال الذى لا يمكن أن تحيا بدونه ، فإن قدرا من التجاوز يتعين التسامح فيه، و لا يسوغ بحال أن يكون الشطط فى بعض الآراء مستوجبا إعاقة تداولها.
--- 14 ---
تقتضى الحماية الدستورية لحرية التعبير ، بل و غايتها النهائية فى مجال انتقاد العاملين بالعمل العام، أن يكون نفاذ الكافة إلى الحقائق المتصلة بالشئون العامة، و إلى المعلومات الضرورية الكاشفة عنها متاحا، و ألا يحال بينهم و بينها اتقاء لشبهة التعريض بالسمعة ، ذلك أن ما نضيفه إلى دائرة التعريض بالسمع- فى غير مجالاتها الحقيقية - لتزول عنها الحماية الدستورية، لابد أن يقتطع من دائرة الحوار المفتوح المكفول بهذه الحماية، مما يخل فى النهاية بالحق فى تدفق المعلومات ، و انتقاد الشخصيات العامة بمراجعة سلوكها و تقييمه، و هو حق متفرع من الرقابة الشعبية النابعة من يقظة المواطنين المعنيين بالشئون العامة الحريصين على متابعة جوانبها السلبية و تقرير مواقفهم منها. و مؤدى إنكاره أن حرية النقد لن يزاولها أو يلتمس طرقها إلا أكثر الناس اندفاعا أو أقواهم عزما.
[الطعن رقم 37 - لسنــة 11 ق - تاريخ الجلسة 06 / 02 / 1992 [
الأستاذ الفاضل هشام
رغم كل ما أوردته من أحكام للمحكمة الدستورية العليا وهذا عهدنا بكم دائماً أن يكون ردكم موثقاً بالدليل القانوني والمنطقي لا قولاً مرسلاً يحكمه الهوى ورغم أن هذه الأحكام تنم بادئ ذي بدء عن وعي بالحق الإنساني وبالكيان الذي وجدت لأجله الدساتير والقوانين لكنني وربما من وجهة نظر محبطة أو بتسمية أخف غير متفائلة أقول لكم في بلادنا الأبية تبقى جملة / حرية التعبير والرأي / فوبيا تثير الذعر وتزلزل كل سلطة وتستدعي أن تقوم السلطة التي تستشعر أن من يتلقون الأوامر والقرارات يفكرون بهذا البعبع تستدعي تجنيد كل الوسائل لقمع هذا العدو المرعب / حرية التعبير / وهذه الوسائل تختلف بين الفينة و الأخرى حسب المكان وحسب المطلوب مواجهته وتتراوح بين القمع الجسدي بأشكاله المتنوعة والمخيفة من سجن وتنكيل و الذي قد يصل لحد التصفية الجسدية إلى الوسائل الأدبية والاجتماعية من تشهير وتشويه للسمعة واستعداء الرأي العام على من يجرؤ على اختراق هذه الحصون التي صنعوها من الوهم والترديد المستمر وأخيراً ابتدعوا الوسائل القانونية وباسم القانون لأنها تبقى الوسائل الأكثر ( شياكة ) وتصنعاً بالحضارة وتجنباً للتدخل الخارجي وبعيداً عن العنف المباشر ولكن خلاصة القول :
تعددت الأسباب والموت واحد
ففي النهاية جميع الوسائل من أعنفها ـ التصفية الجسدية ـ حتى أرقاها ـ الادعاء باسم القانون والمصلحة العامة ـ تبقى جميعها وسائل تصب في خانة قمع حرية التعبير والرأي وكما ذكرت جميع السلطات تمارس ذلك بدءاً من السلطة الأسرية حيث يعتبر الطفل الذي يسأل ويعمل تفكيره ويرفض ما لا يفهمه يعتبر طفلاً عنيداً مشاكساً غير مرغوب فيه بخلاف أخيه الوديع الهادئ ومروراً بالسلطة المدرسية وعصا المدرس واعتبار الطالب الذي يستفسر ويستوضح قد شق عصا الطاعة ويستوجب التحجيم والقمع ثم انتهاء بالحياة العملية و مدير العمل والمسؤول الوزاري وهكذا نرتقي بسلم إلغاء ما يسمى حرية التعبير حتى نصل لأجلنا المحتوم .
عذراً إنها ليست نظرة قاتمة ولكنها من منظور ما نعيشه ونراه
وللحديث بقية إنشاء الله
للجميع خالص التحية
المحامية مجد عابدين
فأنا هنا جرح الهوى ...وهناك في وطني جراح
وعليك عيني يا دمشق .... فمنك ينهمر الصباح
|
|
|
|
|
|
|
الانتقال السريع
|
|
|
عدد الزوار 373 / عدد الاعضاء 62 |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
| |